رضوانيات الحلقة الـ49 ...القدس حكاية التاريخ .....

بقلم: رضوان عبد الله

رضوان عبد الله.jpg
  • بقلم سفير الاعلام العربي عن دولة فلسطين ، الكاتب والاديب العربي الفلسطيني الاعلامي د. رضوان عبد الله*

   قال تعالى في سورة الإسراء: ﴿فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا﴾
      بعد حوالى ثلاثة أعوام اي في الواحد و العشرين من أب من العام 2022 ، في ذكرى احراق المسجد الاقصى ، أنجزنا هذا الكتاب، الدراسة البحثية. بعون الله تعالى، ولكن لماذا ينجز " القدس...حكاية التاريخ" بالتحديد وراء كتابين مهمَّين أيضًا هما: "شعب أكبر من المجازر" و"اللاجئون، حقوقهم، أوضاعهم ومعاناتهم"؟
   هذا الكتاب تم إعداده من أجل الكثير من الأمور . قمنا بإعداده ، من أجل إظهار الحقيقة ، حقيقة بيت المقدس، حقيقة الصراع على المدينة المقدسة، حقيقة أحقية المدينة المقدسة خصوصًا وفلسطين عمومًا للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين، منعًا لتزوير التاريخ والجغرافيا الفلسطينيّين ومنعًا لتهويد القدس الشريف من قبل العصابات الصهيونية المحتلة المارقة، ومن أجل تبيان مواقف العرب والغرب، سلبية كانت أم إيجابية، تجاه قضية القدس بدءًا من قرار التقسيم الدولي رقم 181، الجائر والظالم، مرورًا بالقرارات الاحتلالية القاضية بضم القدس وسرقتها تحت مسمّيات صهيونية وتوراتية كاذبة، أبرزها قرار الكنيست الصهيوني باعتبار أن (القدس الموحدة عاصمة إسرائيل) والتغييرات الجغرافية والحضارية والأثرية والدينية للمدينة، من قبل الصهاينة وصولًا إلى حرق المسجد الأقصى ومحاولات تدنيسه وتدميره لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه من قبل من لم يمكن ائتمانهم على أي شيء أبدًا.
   من أجل الكثير الكثير، كان يجب إعداد هذا الكتاب، الدراسة البحثية عن القدس، مدينة الأنبياء والرسل والقداسة والطهارة أجمعين، ومدينة تشهد على النفاق والإجرام الصليبي الماضيين وعلى الخداع والقتل الصهيوني الحاليين، مدينة الوعد الإلهي كي يجتمع اليهود هنا، وتكون نهايتهم على أيدي كرام بررة مرابطين لقوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا﴾، في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس كما بشرنا رسولنا الكريم منذ أربعة عشرة قرنًا ويزيد، فقد جاء في الحديث الشريف: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله، قالوا: أين هم يا رسول الله، قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس)).
      ففي فضائل بيت المقدس ما رواه البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولًا؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: ثم المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة)، ومن فضله أن الرحال تُشد إليه. قال: (لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا). أخرجه البخاري ومسلم. ويكفي شرفًا لبيت المقدس أنه إليه أسري نبينا ومنه كان المعراج حيث صعد إلى السماء.
      وفي بيت المقدس الصخرة المشرفة وحائط البراق فيه الحلقة التي ربط بها البراق وبمسجدها صلى إماما بالأنبياء والمرسلين روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله: (من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس)، وقال عبد الله بن عمر: (بيت المقدس بنته الأنبياء وعمرته، وما فيه موضع شبر إلا وقد سجد عليه نبي أو قام عليه ملك).
      وفي بيت المقدس بشر الله زكريا بيحيى عليهما السلام، وسخر الله لداود الجبال والطير في بيت المقدس، وولد سيدنا عيسى عليه السلام في بيت المقدس، وأنزلت عليه المائدة فيها ورفعه الله إلى السماء منها. وصلى نبينا إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرًا قبل أن يتوجه إلى الكعبة المشرفة.
      جريمة إحراق الأقصى: بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية استطاعت الحركة الصهيونية أن تنتزع بأسلحتها المختلفة أرض فلسطين وتحقق نصرًا عسكريًّا على الجيوش العربية المتفرقة عام 1948، وأقامت كيانها العنصري الإرهابي في قلب العالم العربي. وفي حزيران عام 1967 قامت "إسرائيل" بالاعتداء على الدول العربية وخسر العرب المعركة وخسروا معها كثيرًا من أراضيهم وعلى رأسها القدس الشريف والأقصى المبارك وكان هذا كله بمساندة أميركا وحلفائها.
   إن احتلال القدس جزء من الحلم الصهيوني حيث يقول رئيس وزراء العدو الأسبق بن جوريون: ( لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس إلا بالهيكل). إذن بناء الهيكل المزعوم هو الأساس الأول للصهيونية، فهم يريدون إزالة المسجد الأقصى عن مكانه لبناء هيكلهم المزعوم، لذلك، قامت إسرائيل بمحاولات كثيرة للنيل من المسجد الأقصى فدمَّرت المنطقة الواقعة أمام مربط البراق (وهو المكان الذي يسميه اليهود حائط المبكى). وفي يوم الخميس 8 جمادى الثانية 1389هـ الموافق له 21 آب 1969م أحرقت إسرائيل المسجد الأقصى، وقد دمر الحريق القسم الجنوبي الشرقي منه كما أتى على المنبر- منبر صلاح الدين الأيوبي - وقد ادعت "إسرائيل" أن ماسًا كهربائيًّا سبب الحادث، ثم تراجعت وزعمت أن شابًا مجنونًا أضرم النار في المسجد.
      هذا المجرم ( دينيس مايكل) صرح لدى اعتقاله أنه ما قام به كان بموجب نبوءة في سفر زكريا، مؤكدًا أن ما فعله هو واجب ديني كان ينبغي عليه فعله، وأعلن أنه قد نفذ ما فعله كمبعوث من الله. لذلك، قامت المحاكم الصهيونية بتبرئة ساحة المجرم بحجة أنه (مجنون) ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة. ماذا فعل العرب والمسلمون آنذاك أمام هذه الجريمة البشعة، لقد قامت منظمة المؤتمر الإسلامي وما يُسمى بلجنة القدس والجامعة العربية بالاستنكار والشجب وكفى الله المؤمنين القتال بعد أن رمموا ما سببه الحريق. أمام هذا التقاعس العربي عن نصرة الأقصى وفلسطين نشطت الحاخامية الصهيونية لترويج الفرية الكبرى التى اخترعها اليهود وصدقوا أنفسهم بأن هيكل سليمان هو مكان المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
   لقد استخدمت" إسرائيل" كل الوسائل للبحث عن الهيكل المزعوم، وحفر علماؤهم في مواقع متعددة تحت أو حول المسجد الأقصى، ولم يعثروا على أي نمط أثري أو تاريخي يعود للهيكل، ولذلك، نقبوا في الأنفاق وبحثوا في القنوات السفلى ولم يوفقوا، فعمدوا إلى تغيير المسميات والمصطلحات لكي يسوقوا القدس عبر نمط ديني وثقافي مرجعيته العمارة والهندسة التوراتية المزعومة. يقول البروفسور اليهودي (بنيامين مازار) الذي لخص تخبط الحاخامات العلمي بجملة واحدة: (لا أحد يعرف المكان الذي فيه الهيكل). أما حفيدته الباحثة الأثرية فتوصلت إلى نتيجة مهمة: (ببساطة ليس هناك أثر للهيكل).
   ستكون النهاية بحجارة، بأبسط أنواع الأسلحة يحملها: ﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾. تلك الحجارة هي أشد قوة وأمكن من أساطيل بحرية وأسراب جوية وجحافل أرضية. تلك المعركة الحاسمة التي تنهي جبروت المحتل الغاصب وتشهد عليه كل مخلوقات الله، كما جاء في روايات الحديث الشريف.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت