إضراب المعلمين: وفق التعريف والتفسير القانوني الى اين ؟؟؟ والى متى ؟؟؟ ومن ينقذ المسيره التعليميه من الانهيار

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله.jpg
  • المحامي علي ابوحبله

 توفر منظومة حقوق الإنسان الدولية ما يمكن أن يشكل أساسا لحسم هذا الجدل الوطني بخصوص إضراب المعلمين

وبغض النظر عن الاعتبارات السياسية أو ألمصلحيه أو الأخلاقية التي يقدمها هذا الطرف أو ذاك كلا بحسب وجهة نظره ويبقى القانون هو الفيصل في الحكم حول قانونية أو عدم قانونية الإضراب مع أن نص المادة (25 ) من القانون الأساس  الفلسطيني واضحة لا لبس فيها

 1- العمل حق لكل مواطن وهو واجب وشرف وتسعى السلطة الوطنية إلى توفيره لكل قادر عليه

 بند 4 – الحق في الإضراب يمارس في حدود القانون وهنا لا بد وان تستوقفنا كلمة في حدود القانون معناها وتفسيرها وهل الحق للجهات ذات العلاقة الإضراب المفتوح إلى ما شاء الله أم أن هناك حدود حددها القانون للإضراب ووضع ضوابط وقيود وفواصل لهذا الإضراب بكيفية الإعلان عنه ومسبباته وإنهائه والمرجع في النهايه يعود لمحكمة العدل العليا وهناك سوابق قانونيه في هذا المضمار

لقد تطرق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي نشر في الجريدة الرسمية عام 2006، ومن ثم أصبح جزءا من منظومة القانون الوطنية إلى أن الحق في الإضراب في المادة الثامنة التي تنص على أن" تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي ... (د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني".

ويلاحظ على هذه المادة أنها أقرت الحق في الإضراب، ولكنها تركت للدولة تنظيم ممارسته وإمكانية تقييده وفقا للقانون المحلي، ولكن بالتأكيد أي عملية تقييد لهذا الحق يتوجب أن تراعي ما هو متعارف عليه من شروط وارده في متن العهد، وأهمها:_

 الا يؤدي التقييد إلى إهدار الحق، وان يكون هذا التقييد في ضوء المبادئ المتعارف عليها بين الأمم، وهدفها الوحيد تعزيز الرفاه العام في مجتمع ديمقراطي. ويلاحظ على صيغة النص الوارد في العهد المذكور أنها صيغة عامة، ولا يستشف منها الحالات التي يجوز فيها تقييد الحق في الإضراب، ولذلك عملت لجنة الحريات النقابية في منظمة العمل الدولية على بناء مجموعة من السوابق المتعلقة بممارسة الحريات النقابية، ومنها الحالات التي يجوز فيها تقييد الحق الإضراب، حيث أقرت إمكانية تقييد هذا الحق في حالتين هما:_

 إضراب الموظفين الحكوميين الذين يمارسون السلطة باسم الدولة (العاملين في القوات المسلحة والشرطة بالإضافة إلى الموظفين العموميين في المستويات الإدارية العليا التي ترسم السياسة والإدارة التوجيهية) كون ممارسة هذه الفئات لحق الإضراب يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأمن العام للمجتمع. علما بان العهد المذكور أشار صراحة في الفقرة الثانية من المادة الثامنة إلى انه "لا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة أو رجال الشرطة أو موظفي الإدارات الحكومية لقيود قانونية على ممارستهم لهذه الحقوق".

أما الحالة الثانية التي حظرت فيها لجنة الحريات النقابية الإضراب فهي في مجال الخدمات العامة الأساسية فقط، علما بان الممارسات الحكومية في اغلب أقطار العالم تكشف عن الرغبة في اعتبار أي نوع من الأعمال بأنه "خدمات أساسية"..

وعودا على بدء، يكشف الجدل الوطني حول إضراب المعلمين حاجة الدولة والمجتمع معا إلى ضرورة سن تشريع ينظم الحق في الإضراب وكيفية ممارسته في المرافق العامة لموظفي القطاع العام بشكل خاص، وبما يؤدي إلى أعمال فكرة التوازن ما بين مختلف الحقوق الإنسانية الأخرى كحق التقاضي والتعليم والصحة والغذاء، لا سيما وان هناك الكثير من القطاعات التي يشكو فيها العاملين ويبدون تظلمات مختلفة، وقد يستخدمون هذه الأداة كوسيلة ضد الحكومة والمجتمع، وخصوصا أن الإضراب عادة ما يتم اللجوء إليه إثر فشل أو تعثر التفاوض الجماعي كوسيلة ضغط على أصحاب العمل أو الدولة.

ان الاصرار على  الإضراب في ظل عدم تمكن الحكومه من تنفيذ وعودها بموجب اتفاقها مع المعلمين وان العجز في  ايجاد حلول تسكينيه والايفاء بالتعهدات التي سبق وأن تعهدات بها الحكومه بموجب الاتفاق مع المعلمين واستحقت التنفيذ ،   بات الامر في استمرار الاضراب وغياب الطلاب القسري عن مقاعد الدراسه   بغاية الحساسيه  والتعقيد  ، وكان بامكان الحكومه فيما لو اتبعت سياسة ترشيد الانفاق وتعاملت بقضية الخصومات من رواتب الموظفين بتخطيط ورؤيا   بنسبة وتناسب  مع عملية تصنيف الرواتب في حدها  لخصم الرواتب بحدها الادنى ٣٠٠٠ شيقل لامكن  الخروج من الازمه قبل حصولها  ، وبالرغم من الحاله الطارئه التي تعيشها الحكومه بفعل ثقل المديونيه وحالة العجز في ظل عملية الخصومات من ضريبة المقاصه ، رغم اقدام الحكومه على فرض زيادة على الضرائب المباشره وغير المباشره وزيادة مدخولات الحكومه حسب تقرير صندوق النقد الدولي وتقريره وتوصياته

استمرار الإضراب بالحاله التي بات عليهاالوضع الراهن  واغلاق المدارس امر يلحق اشد الضرر بالعملية التربويه ويضر بالمسيره التعليميه وكذلك يقود للانزلاق بسياسة التجهيل وتشريد الطلاب ويعفيهم من مسؤولية الاهتمام بواجباتهم التعليميه وهو امر يثير الجدل و التساؤل من يتحمل المسؤوليه وهذا ما دعا وزير التربيه والتعليم لتمديد العام الدراسي

من يتحمل المسؤوليه ؟؟؟

الجسم التربوي للمعلمين  يلقي بالمسؤوليه على الحكومه والحكومه تتذرع بالازمه الماليه وهذه معضله لا بد من التوقف عندها والخروج بحلول تقود لاستمرار المسيره التعليميه وهي تؤرق اولياء امور الطلبه الذين باتوا يخشون على مستقبل ابنائهم وهي بلا شك تستحوذ على اهتمام صانع القرار الفلسطيني

والسؤال الى متى سيستمر الاضراب في ظل انغلاق افق التوصل الى حل

أصبح من اللازم التوصل لحلول مرضيه للمعلمين  تفضي الى  إنهاء الإضراب وفق مقتضيات المصلحة العامة

في حالتنا الفلسطينيه ووضعنا الفلسطيني واستمرار الاضراب وعدم تلبية الحكومه والالتزام بما تعهدت به للمعلمين بحيث باتت الخشية   أن يستغل  الإضراب ليحمل أبعاد سياسيه تصبح  ابعد من المطالب لتحسين الوضع الاقتصادي للمعلمين وهو امر لم تاخذه الحكومه بالحسبان في ظل ازمتها  الماليه والمديونيه التي تثقل كاهل الحكومه لغياب سياسة التخطيط والرؤيا الاستراتجيه لابعاد ما وصلت اليه الحكومه خاصة في ظل سياسات الحكومات الاسرائيليه ومحاصرتها للسلطه الفلسطينيه والاقتطاعات من ضريبة المقاصه بهدف النيل من صمود الشعب الفلسطيني وصولا لتدمير المؤسسات الفلسطينيه وفي مقدمتها التربيه والتعليم وقطاع الصحه وهو امر كان يتطلب من الحكومه ان تاخذه بعين الاعتبار منذ اليوم الاول لاستلام مهامها واضعة في نصب اعينها الخشية للانزلاق للفوضى في ظل عجز الحكومه عن الايفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه مواطنيها

تدرك الحكومه ذلك وكان عليها الحذر قبل توقيعها للاتفاقات والتعهدات والوعود مع المعلمين والنقابات للمهن الاخرى  بحيث الزمت نفسها بشروط لاتفاقيات  والتعهدات وبات  صعب تحقيقها  في ظل الازمه الماليه وثقل المديونيه التي تتذرع فيها الحكومه

 و في ظل حالة الإجماع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من ضائقة اقتصاديه ومحاصره ماليه   ولها مساس بالحقوق الوطنية الفلسطينيه  والقضية الفلسطينية وتتطلب ثبات وصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار وممارسات الاحتلال   التي  يتعرض لها الشعب الفلسطيني بكافة فئاته مما يتطلب منذ البداية باعتماد سياسة ترشيد النفقات واعتماد سياسة التقشف وهو امر لم تأخذه الحكومه بالحسبان ،  علما ومن باب الشفافيه وفي ظل غياب سلطة المجلس التشريعي كان من المفروض ان تنشر الحكومه ميزانيتها واطلاع المواطنين عليها

لا احد ينكر المطالب المحقة للمعلمين وباقي الشرائح الفلسطينية في الوظيفة العمومية ونحن نعيش  حالة استثناء ومرحلة تحرر وتحرير وحق تقرير مصير يقودها الرئيس محمود عباس ويخوض صراع واشتباك سياسي مع الاحتلال بحيث يتصدى لممارسات وقرارات حكومة اليمين الفاشيه التي تنتهك ابسط حقوقنا الوطنيه وحقنا في ارضنا ،

ازمة وقضية المعلمين تؤرق المجتمع الفلسطيني وهناك تذمر في الشارع  للخشية من التداعيات  و نتمنى على المعلمين والحكومة  أن يسلكوا الطرق القانونية للوصول الى طريق مسدود في تنفيذ الاتفاق الموقع بين الحكومه وممثلي المعلمين   ،   ولا  بد  في المحصلة  من تغليب المصلحة ألعامه دون الإضرار بمستقبل العملية التربوية والإضرار بمستقبل أبنائنا ألطلبه لأننا بتنا نخشى الدخول في نفق مظلم يقودنا إلى ما لا تحمد عقباه لننزلق في مزالق خطرة تهدد وحدة بنيانا الاجتماعي وتهدد مستقبل جيل كامل في حال استمر الاضراب واستمرت حالة التعنت والجدل البيزنطي الذي بات يقود الجميع للمجهول الامر الذي يترتب عليه الوصول لحلول عملية  تفضي لاعادة المسيره التعليميه وانهاء الاضراب وعدم التعسف باستعمال  الحق  ، بحيث بات  يقع على كاهل الحكومه بصفتها السلطه التنفيذيه  سرعة التوصل لانهاء اضراب الموظفين بما يكفل الالتزام بالحقوق ووفق الانظمه والقوانين المرعيه والعمل بها  ،   وهذا لا يعفي المعلمين من مراعاة الانظمه والقوانين باضرابهم الذي نظمه القانون الذي لا يعطيهم الحق بالاضراب المفتوح وشل مسيرة التعليم

وفي المحصله  وفي حال عجزت الحكومه عن الايفاء بالتزاماتها وتعهداتها ووصلت لطريق مسدود   ان ترفع للسيد الرئيس محمود عباس تقرير بالحاله التي باتت عليها الحكومه ،و للسيد الرئيس  اتخاذ المقتضى الدستوري بشان الحكومه وهي حكومته وفق ما نص عليه القانون الاساس الفلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت