ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية بأن واشنطن أحبطت قرارا لمجلس الأمن يدين التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ويطالب بوقفه.
ونقلت "بوليتيكو" عن دبلوماسيين: "واشنطن أقنعت إسرائيل والفلسطينيين بتجميد تفعيل أي قرار أحادي الجانب لمدة 6 أشهر".
و أكد مصدر دبلوماسي، مساء أمس، أن مجلس الأمن الدولي سيعقد، اليوم، جلسة من دون التصويت على مشروع قرار يطالب إسرائيل "بوقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وسيعتمد بياناً رئاسياً بديلاً عن التصويت يتلى ويعتمد في الجلسة، ويكون له رقم كوثيقة رسمية للمجلس.
وذكر المصدر "أنه يكون مضمون الاجتماع مستوحى من مشروع القرار الذي لم يعترض على نصوصه ١٤ عضواً، ولم تشارك أميركا في التعليق على النص؛ لأنها كانت معترضة على صدور قرار، ولكن موافقة على بيان رئاسي".
وأضاف: "بهذا يبقى العالم موحداً ضد الاستيطان والبؤر الاستيطانية المدانة وكافة الأعمال الأحادية غير القانونية، وبالتالي الاستمرار في عزل اسرائيل في هذه الجولة، والاستعداد الجماعي للتصدي للجولات القادمة".
وكشفت مصادر دبلوماسية النقاب عن أن الولايات المتحدة الأميركية عرضت على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، خلال اليومين الماضيين، رزمة خطوات توقف بموجبها إسرائيل إجراءاتها أحادية الجانب في الأراضي الفلسطينية المحتلة لعدة أشهر، يرجئ خلالها الطرف الفلسطيني تقديم طلبه إلى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان، وتدعم واشنطن صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن يؤكد التمسك بحلّ الدولتين، ورفض كل الإجراءات التي تقوّض هذا الحل، بما فيها الاستيطان وهدم وإخلاء المنازل الفلسطينية.
وذكرت المصادر الدبلوماسية، التي فضّلت عدم الكشف عن اسمها، لصحيفة "الأيام" الفلسطينية بأن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عرض رزمة الخطوات في اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس محمود عباس، قبل الاتصال هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت المصادر: "الرزمة التي عرضها الجانب الأميركي تنص على وقف القرارات الاستيطانية وهدم وإخلاء المنازل لعدة أشهر، مقابل إرجاء تقديم الطلب الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي بشأن إدانة الاستيطان، على أن يدعم الجانب الأميركي صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي، يتضمن التأكيد على التمسك بحلّ الدولتين، والدعوة إلى الامتناع عن كل الإجراءات الأحادية التي تقوّض هذا الحل، بما فيها الاستيطان وهدم وإخلاء المنازل، والدعوة إلى التهدئة على الأرض من خلال وقف الاقتحامات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية، والامتناع عن الخطوات التي تقوّض الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية".
وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أنه إثر هذا التقدم، فقد أبلغت الإمارات، الدولة التي تمثل العرب في مجلس الأمن، المجلس أنه لن يجري في هذه المرحلة التصويت على قرار تم توزيعه على الدول الأعضاء في الأيام القليلة الماضية، وإنما سيتم الاكتفاء ببيان رئاسي.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الولايات المتحدة الأميركية مارست ضغوطاً شديدة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للقبول برزمة الخطوات، وذلك لسببين: أولاً، رغبة واشنطن بتهدئة الأجواء قبل حلول شهر رمضان. وثانياً، الرزمة تأتي في سياق الخطوات التي أعلن عنها بلينكن في ختام جولته الأخيرة في المنطقة لمحاولة نزع فتيل التوتر.
وقالت: "تشعر الولايات المتحدة الأميركية بالإحراج من استخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار يؤكد على ذات القضايا التي تنادي بها واشنطن حتى في بياناتها العلنية، وهي الالتزام بحلّ الدولتين، ومعارضة الإجراءات الأحادية بما فيها الاستيطان وهدم وإخلاء المنازل، ومعارضة تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة بالقدس، وأيضاً الدعوة إلى التهدئة".
وأضافت: "أدركت واشنطن أن البنود الواردة في مسودة القرار، الذي تم تقديمه إلى أعضاء مجلس الأمن، تحظى بالدعم المطلوب في مجلس الأمن وهو أكثر من 9 أعضاء، وهو ما كان سيضع الولايات المتحدة الأميركية أمام امتحان الامتناع عن معارضته كما فعلت في العام 2016 عند التصويت على قرار الاستيطان، لأن معارضتها لمشروع القرار كان سيعني التناقض مع ما تقوله علناً".
وتابعت: "اختارت واشنطن الوساطة الفاعلة من خلال الضغط على الطرفين للقبول بحل وسط، بما في ذلك صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن سيكون الأول منذ سنوات الذي يدين إسرائيل".
كما أشارت المصادر لـ"الأيام" إلى أن بلينكن كان أبلغ الرئيس عباس، في اتصالهما الهاتفي، أن واشنطن تمضي قدماً في الطلب من إسرائيل منح اعتمادات دبلوماسية لموظفي القنصلية الأميركية العامة في القدس، بما يسمح لها بعودة العمل.
ولم تعلّق السلطة الفلسطينية رسمياً على هذا التطور، كما لم تعلّق عليه إسرائيل بالنفي أو التأكيد.
وفي وقت سابق من امس، نفى مسؤول إسرائيلي أن تكون هناك أيّ تفاهمات مع الجانب الفلسطيني من أجل التهدئة خلال الشهور القادمة.
وقال: إن المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في الضفة (تابع لجيش الاحتلال ووزارة الدفاع) اجتمع، الأسبوع الماضي، وصادق على جميع المخططات الاستيطانية التي أعدتها الحكومة الإسرائيلية للفترة الحالية، وليس هناك أي خطط لدعوة المجلس إلى الاجتماع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.