- معتز خليل
خلال الفترة الأخيرة تصاعدت حدة الاحتجاجات المدنية في بعض من المناطق بالقدس الشرقية ، وهي الاحتجاجات التي امتدت بدورها إلى الكثير من مدن الضفة الغربية وبعض من ضواحيها المترامية أيضا، وفي هذا الإطار وضع الكثير من المحتجين الحواجز والإطارات من جل التعبير عن غضبهم وإرسال رسالة لقوات الاحتلال تتعلق بغضبهم ورفضهم للكثير من سياسات الاحتلال.
ما الذي يجري؟
مع التصعيد الأمني الحاصل في الكثير من المناطق والأراضي الفلسطينية قرر عدد من المحتجين الفلسطينيين الإعلان عن حالة من العصيان المدني ، مستخدمين الحواجز الحديدية وحرق الإطارات الجلدية والكاوتشوك من أجل تحقيق بعض من الأهداف ، ومنها:
1- محاوله التصعيد ومواجهة قوات الاحتلال بوسيلة ضغط قوية ضدهم .
2- محاولة جذب أكبر قدر ممكن من المؤيدين لهذا الاحتجاج ، خاصة في ظل تواصل المواجهات العسكرية والأمنية بين الفلسطينيين وقوات جيش الاحتلال ، وتصعيد هذه المواجهات خاصة بين قوات الاحتلال من جهة وبين بعض من العناصر والجماعات المسلحة الفلسطينية مثل عرين الأسود أو كتيبة جنين من جهة أخرى .
ومع توالي هذه الاحتجاجات بات من الواضح أن واقعها الفعلي على الأرض تمثل في :
1- إغلاق الكثير من المرافق والمؤسسات الخدماتية في داخل المخيمات والمدن الفلسطينية.
2- منع دخول الكثير من العمال الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية إلى الداخل الإسرائيلي.
3- محاولة خلق رأي عام فلسطيني داخلي يتمثل في أن الحواجز أو حرق الإطارات ينعكس سلبا على المواطن الفلسطيني.
وتصاعدت حدة ردود الفعل الناجمة عن هذا الواقع مع بعض من التقارير الغربية التي تحدث فيها المواطنين الفلسطينيين ، حيث أعربوا عن رفضهم لأي خطوة يقوم بها أي فصيل يمكن أن تؤثر على عملهم أو عملهم اليومي.
ويشير تحليل مضمون الكثير من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية إلى أن حالة الرفض التي سيطرت على عدد كبير من الفلسطينيين تأتي لشعور المواطن الفلسطيني إنه بالفعل مهدد اقتصاديا ، سواء بسبب نشاط بعض الفصائل أو سياسات الاحتلال ، وهو ما يزيد من دقة هذه النقطة.
الدور الأمريكي
الواضح إن كافة عوامل استمرار الأزمات تتواصل ، خاصة مع عدم الاكتراث الأميركي ووجود ضغوط من واشنطن على السلطة الفلسطينية من أجل القبول بخطة وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن لعودة التهدئة، والتي تتضمن استعادة السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية على مدينتي جنين ونابلس، من خلال تدريب قوة فلسطينية خاصة ونشرها في المدينتين لمواجهة مقاتلي المقاومة هناك، مقابل تحييد الجيش الإسرائيلي عن خوض جولات قتالٍ في المحافظتين، وعودة التنسيق الأمني لكي يطال المدينتين ولاحقًا مدنًا أخرى من بينها مدينة الخليل، وذلك في مقابل تحويل بعض الرواتب وإلغاء العقوبات المالية الإسرائيلية؛ أي الالتزام بمقاربة الأمن مقابل الاقتصاد دون التعهد بأي أفق سياسي فلسطيني.
السلطة بدورها أعلنت عن وقف التنسيق الأمني ، وهو قرار تم اتخاذه في السابق أكثر من مرة ، وسبق وأن اتخذ المجلسان المركزي والوطني منذ عام 2015 قرارات مشابهة له، أملًا في الخروج عن قيود أوسلو، إلا أنه سرعان ما كان يتم التراجع عنه، نتيجة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، وصعوبة الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.
عموما تشير بعض الأوراق البحثية إلى أن تكرر التراجع عن قرار التنسيق الأمني، وعدم تفعيله بوضوح لصالح الشعب الفلسطيني، في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ القضية، سوف يفرض أزمة جديدة أمام السلطة، في وقت يُعد وجودها متماسكة وقوية مع وجود حاضنة شعبية لها مصلحة حيوية للقضية من أجل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، والخروج من المأزق الراهن، وتفعيل المقاومة الرسمية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت