لماذا يتغاضى رئيس لجنة القدس عن انتقاد الاحتلال الإسرائيلي؟

بقلم: محمود خضر

محمود خضر.jfif
  • محمود خضر
  • ماجستير علوم سياسية

منذ قيام دولة الاحتلال، عملت الحكومات الإسرائيلية على جعل القدس عاصمة إسرائيل الأبدية من أجل تهويد القدس، واخضاع جميع المتواجدين إلى القوانين والسياسات الإسرائيلية، وتم عزل المدينة بجدار الضم والتوسع غن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة لتشهد القدس زيادة كبيرة في عملية الإستيطان ومحاولات الإستيلاء على الأرض والممتلكات، وتضييق الخناق بكافة السبل، من خلال انتهاك الحقوق والحريات للفلسطينيين في مدينة القدس، في حين أن القدس هي أرض محتلة تخضع لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة، والتي تعتبر إسرائيل قوة غريبة محتلة، ولا يحق لها ضم الأقاليم المحتلة إلى أراضيها والتعامل معها على أنها جزء من إقليمها، أو انتهاك حق الفلسطينيين بها، حيث نصت مبادئ القانون الدولي بأنه لا يجوز إخضاع إقليم أية دولة لاحتلال عسكري ناجم عن استعمال القوة.

دعا عاهل المغرب الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحية الملتزمة بالسلام والمؤمنة بقيم التسامح والتعايش، من أجل إنقاذ مدينة القدس، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك. وأبرز ذلك في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر رفيع المستوى لدعم مدينة القدس، الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالقاهرة، مشيراً إلى أن مدينة القدس تحظى بمكانة متميزة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية، مؤكداً على ضرورة تضافر الجهود العربية والإسلامية، من أجل الانخراط في مسار حماية ودعم مدينة القدس الشريف. كما جدد التأكيد على التزام المملكة الثابت، بدعم القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس بشكل خاص، مبرزاً أن القضية الفلسطينية هي مفتاح الحل الدائم والشامل من أجل إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مشدداً على أنه يتعين على هذا الأساس، إيجاد تسوية عادلة لها في إطار الشرعية الدولية، ووفق مبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي.

تنتهج سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال على نحو شبه يومي ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، إذ اعتقلت خلال عام 2021 مجموعه 2879 فلسطينيًا، وكثيرًا ما يرافق هذه الاعتقالات حالات دهم لمنازل الأشخاص المراد اعتقالهم، ونادراً ما يتم إظهار إذن بالتفتيش، والضرب والتنكيل، مما يخالف القواعد الإجرائية في القوانين الجزائية، وخلال عام 2022 تم ارتقاء 19 شهيدًا وإصابة 2486 مقدسيا، واقتحام 60,089 مستوطنًا المسجد الأقصى المبارك، واعتقال 3504 مقدسيا ومقدسية، وإبعاد 871 مواطنًا، و306 عمليات هدم وتجريف، و70 مشروعا استيطانيا جديدا، خلال العام المنصرم.

ومع أداء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة اليمين في 29 ديسمبر، ووصول بن غفير للحكم بدا جليا الانسياق وراء عمليات هدم وتطهير عرقي وطرد وتهجير وإقتلاع مستمرة بدون توقف في مدينة القدس، وتوسيع المستوطنات اليهودية، على الأراضي الفلسطينية، وصعدت الاستفزازات عندما اقتحم بن غفير المسجد الأقصى المبارك، وأمر الشرطة بحصار البلدات الفلسطينية في القدس الشرقية. وأعربت المصادر الأمنية في إسرائيل من أن هذا السلوك، خاصة في شهر رمضان، سيؤدي إلى إحراق المنطقة ليس فقط في القدس وانما في الضفة الغربية وربما حتى في غزة، ولكن بن غفير لم يلتفت إلى التحذيرات، وأمر الشرطة بتشديد الخناق على المدن في القدس من خلال نشر الحواجز وإجراءات التفتيش المشدد على مداخلها إضافة إلى الاعتقالات، وقرر وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت فرض عقوبات مالية على 87 أسيراً مقدسيا وعائلاتهم بذريعة تلقيهم مخصصات من السلطة الفلسطينية، وسيتم تنفيذ العقوبات من خلال الحجز على الحسابات البنكية لأسرى لا يزالون معتقلين وعائلاتهم. كما شدد جيش الاحتلال خناقه وحملات التضييق على المقدسيين، وأغلق حاجز شعفاط بشكل متعمد لعرقلة حركة الموظفين والعمل والطلاب في ساعات الصباح، من خلال التفتيش المهين والاعتداءات والاعتقالات.

في ظل هذه الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال في القدس، يصمت العالم العربي والمسلمين بمن فيهم لجنة القدس، التي أنشأت للتصدي إلى طمس الطابع العربي الإسلامي للقدس، وبتحليل أسباب صمت اللجنة، نجد أن ملك المغرب محمد السادس يرأس هذه اللجنة، التي اقتصر نشاطها على الإدانة فقط، من الممكن أن يكون ذلك سبب صمت لجنة القدس لا سيما بعد تطبيع المغرب مع إسرائيل منذ حوالي سنة ونصف، حيث إن علاقته بإسرائيل أصبحت أقوى وأهم، وتحكمها مصالح عسكرية واقتصادية، ونبرهن على ذلك تشجيع الملك الدائم للشركات المغربية على إقامة علاقات مع الإسرائيليين، بحجة أن العديد منهم ذو أصل مغربي، ولكنه منذ تولي ملك المغرب الحكم يكتفي كغبره من قادة العرب بالإدانة والاستنكار.

كان يفترض بالمغرب أن تكف عن الصمت وتدعو الى وقف إجراءات الاحتلال التصعيدية التي ستؤدي الى تغيير الوضع، وأن يكون أكثر واقعية، حيث إن عملية إنقاد القدس لايمكن أن تأتي على حساب حق الفلسطينيين في مدينة القدس، كما أن حديث العاهل المغربي عن حل الدولتين لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع في ظل الاستيطان والانقسام والعقوبات التي يفرضها الاحتلال على المقدسيين، وانتهاكه قواعد القانون الدولي، وبنود إتفاقية أوسلو.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت