- محمود خضر
- ماجستير علوم سياسية
على الرغم من معاناة قطاع غزة من الحصارالإسرائيلي منذ عام 2007، وسوء الأحوال الإقتصادية التي تسببت في دمار البنية التحتية وارتفاع الأسعار وانتشار الفقر والبطالة وتدهور الوضع الصحي، شارك العشرات من المواطنين في قطاع غزة في حملة تبرع بالدم، لصالح مصابي الزلزال في تركيا وسوريا، حيث أطلقت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حملة للتبرع بالدم في قطاع غزة، لصالح جرحى الزلزال، ونظّمت الجمعية هذه الحملة في مقر مستشفى الأمل التابع لها بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
أظهرت هذه الحملة حجم التعاطف والتضامن مع كل من تركيا وسوريا، هادفة إلى توطيد العلاقة الممتدة عبر التاريخ مع تلك الدول الشقيقة خاصة في ظل الفترة العصيبة التي تمر بها. وتعتبر رداً للجميل لسوريا وتركيا اللذين يبديان تعاطفًا كبيرًا مع الشعب الفلسطيني وقضاياه في كافة المحافل الدولية، ودعم ومساندة الفلسطينيين خلال الحروب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة.
تمثل أوقات الأزمات والكوارث تحدياً هاماً يظهر أفضل ما لدى البشر من استجابات، بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا أظهرت معظم ردود الفعل المتعاطف مع الضحايا في البلدين. في قطاع غزة خصصت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة للحديث عن الزلزال المدمر وإرسال رسائل تضامن لتركيا وسوريا، وأعلن وكيل الوزارة عبد الهادي الآغا أن الغزيين لن ينسوا ما قدمته تركيا لهم، كما لن ينسوا تضامن الشعب السوري معهم، وإن الوزارة تجري الآن ترتيبات للنظر في إمكانية إطلاق حملة تبرعات من غزة رغم ضيق حال أهلها.
أطلقت جمعية معهد الأمل للأيتام، حملة "جسد واحد" في قطاع غزة، بهدف جمع المساعدات والهدايا لدعم الأطفال المتضررين جراء زلازل تركيا وسوريا، ولاقت حملة التبرعات إقبالاً من الشركات الخاصة والأيتام الذين تبرعوا بهدايا وألعاب لنظرائهم المتضررين من الزلزال في البلدين، وعكف الأطفال على تغليف الألعاب التي سيقدّمونها لأطفال تركيا وسوريا بألوان زاهية لبثّ الفرحة وزرع الابتسامة على وجوههم، كما ثبّتوا ملصقات وردية اللون على الهدايا المرسلة، كُتب عليها "من أطفال غزة إلى أطفال تركيا" مع اسم الطفل المتبرع بالهدية.
تعتبر هذه أول حملة لجمع المساعدات تنطلق في قطاع غزة رغم واقع سكانه الصعب، في ظلّ وقفات وأنشطة تضامنية تنظّمها جمعيات ومؤسسات رسمية في القطاع تضامناً مع تركيا وسوريا، وتستمر لمدة شهر كامل لرسم البسمة على وجوه الأطفال بعد معاناتهم من التشرد وتداعيات الزلزال، واستقبل المعهد عشرات من أمهات الأيتام للتبرع بهدايا ومساعدات عينية للأطفال المتضررين من الزلازل في البلدين.
كما قام الفريق الفلسطيني بالتدخل والاستجابة العاجلة إلى سوريا وتركيا، بعمل جهود إغاثية استثنائية في ظروف صعبة ومعقدة، حيث غادر فريق فلسطيني مكون من 73 شخصا غادر الضفة الغربية، وانقسم إلى مجموعتين الأولى مكونة من 30 شخصا وصل إلى تركيا في نفس اليوم، كما وصل 43 آخرين إلى سوريا لدعم جهود الإغاثة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، وجمعت حملة التبرعات في المساجد بعد صلاة يوم الجمعة لصالح المتضررين جراء الزلزال في سوريا وتركيا 1.2 مليون دولار.
أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية أن حصيلة التبرعات التي جمعت بعد صلاة الجمعة في المساجد بلغت قرابة مليون دولار أميركي بعد إطلاق حملة "أغيثوهم" التي دعا إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ورفض المقدسيين أن يقفوا مكتوفي الأيدي رغم الأوضاع المعيشية الصعبة وتصنيف نحو 80% من المقدسيين تحت خط الفقر أمام كارثة الزلزال التي قلبت الحياة في الشمال السوري والجنوب التركي رأسا على عقب، وانطلقت حملات تبرعات، أبرزها في بلدة بيت حنيناً شمالي المدينة، وجمع أهالي البلدة خلال يومين فقط 200 ألف دولار أميركي في حملة استمرت لمدة 3 أيام. وفي بلدة "صور باهر" جنوب المدينة انطلقت حملة تبرعات بُعيد صلاة الجمعة لصالح المتضررين من الزلزال في سوريا، وتبرع أهالي البلدة بـ35 ألف دولار أميركي، وعملت المعونات على توفير الأغطية والمواد الغذائية والمساكن المؤقتة والأدوية، وبناء وحدات سكنية إضافية مع ارتفاع عدد اللاجئين جراء الزلزال الأخير، وبنيت في مناطق الشمال السوري 100 وحدة سكنية للاجئين السوريين في قرية حملت اسم بيت حنين، وضمت القرية مسجداً ومدرسة وسوقاً، ومن المفترض أن تنتقل 100 عائلة لاجئة للسكن في هذه الوحدات.
وهنا يمكن القول بأن فاقد الشئ يعطيه وبكثرة، فعلى الرغم من معاناة قطاع غزة كثيراً خلال الحروب والحصار، حيث عاش معنى وشعور الفقد والهدم والدمار، يشعر الفلسطينيون بغيرهم، ويسعوا إلى التخفيف عن الشعب التركي والسوري من كارثة الزلزال بإمكانياتهم البسيطة والمتواضعة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت