توقعت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن يكون للأحداث الميدانية على الأرض تأثير على السيناريو المخالف الذي حاولت الأطراف المختلفة رسمه في "قمة العقبة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية قولهم، إن "حتى لو كان هناك شك في أن الاجتماع يمكن أن يكون فاتحة لأي تفاهمات، فإن الأحداث الكارثية في حوارة حطمت بالفعل أي احتمال لذلك".
وتقول الصحيفة إن مكتب الرئيس محمود عباس حاول عرض الاجتماع على أنه فرصة للحد من الإجراءات الإسرائيلية، إلى درجة منع إراقة الدماء، لكن الجمهور الفلسطيني يتعامل مع هذا باستنكار من منطلق إدراك أن إسرائيل لا ترغب في التهدئة، بل على العكس تمامًا.
وتضيف الصحيفة: من وجهة نظر فلسطينية، ما حدث في حوارة ليس "خللا" أو "عدم سيطرة" من قبل الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بل هو تحرك يتم تحت إشراف الجيش.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم أن حوالي 400 مستوطن شاركوا في المجزرة، إلا أنه حتى يوم أمس تم اعتقال مشتبه واحد فقط، وتم إرساله إلى الإقامة الجبرية في منزله، مشيرةً إلى أن المستوطنين المشاركين تلقوا دعمًا من قبل بعض أحزاب الائتلاف الحكومي.
وتشير إلى أن هناك من داخل القيادة الفلسطينية من ينتقد مسار المشاركة في الاجتماع الأمني، بل ويدفع باتجاه مقاطعة الاجتماع المقبل المقرر في شرم الشيخ بعد أسبوعين في حال لم يكن هناك أي تقدم، في حين أن المحيطين بالرئيس عباس ليسوا في عجلة من أمرهم لإعلان إلغاء الاجتماع المقبل، ويؤكدون أن مجرد المشاركة فيه لا يعني الموافقة على الخطوات التي تتخذها إسرائيل على الأرض.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، صبري صيدم، للصحيفة العبرية، إن قرار المشاركة في مؤتمر العقبة جاء بعد تلقي قيادة السلطة ضمانات من الولايات المتحدة ومصر والأردن بأن إسرائيل ستوقف الإجراءات الأحادية الجانب، بما في ذلك البناء في المستوطنات.
وأضاف صيدم: "المتطلبات واضحة تمامًا فيما يتعلق بالإجراءات أحادية الجانب، ولكن إذا استمرت إسرائيل في انتهاك أي اتفاق، فمن واجب الدول التي أعطت تلك الضمانات أن تتحرك فورًا .. نحن نتابع ونعلم أنه يوجد في إسرائيل من يتحدث بتصريحات جوفاء حول احترام الاتفاقات، وهناك من يدفع لخرقها كل يوم، مثل وزير تيك توك إيتامار بن غفير".
ونفى صيدم أن تكون السلطة الفلسطينية أبدت موافقتها خلال قمة العقبة على الخطوات التي اتخذتها إسرائيل قبيل الاجتماع بما في ذلك شرعنة البؤر الاستيطانية وبناء آلاف الوحدات، مؤكدًا على أن هذا انتهاك للاتفاقيات القائمة والقانون الدولي، وأن المشروع الاستيطاني برمته غير شرعي.
وأكد على أن الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين بشأن اهتمام إسرائيل الفعلي بتعزيز أي نوع من الأفق، لأن ما حدث في حوارة والشرعية والدعم الذي تلقاه المستوطنون لا يبشر بالخير في هذا الصدد.
وقال صيدم: القيادة الفلسطينية تتوقع أن تنتقل الإدارة الأميركية من التصريحات إلى الإجراءات التنفيذية لكبح إسرائيل وحكومتها المتطرفة برئاسة نتنياهو قبل فوات الأوان.
وفي الوقت ذاته- كما تشير الصحيفة العبرية - يقول نشطاء من "فتح" والفصائل الأخرى في الضفة، أن من يملي جدول الأعمال على الواقع ليس الفصائل أو الأجهزة الأمنية، بل عشرات الشبان المسلحين الذين يتخذون القرارات بأنفسهم ويخرجون لتنفيذ الهجمات.
وقال قيادي في "فتح" بمدينة نابلس: "نرى شبان يائسين، فقدوا كل الاهتمام بالعملية السياسية أو المفاوضات، لهذا السباب نرى الآلاف ينزلون إلى الشوارع ويستجيبون لنداء عرين الأسود، كما جرى قبل أيام، وهو ما لم تنجح وتكون قادرة على فعله فصائل منذ فترة طويلة".
وتقول الصحيفة: "إن الضغط لإلغاء الاجتماع المقبل زاد أيضًا في الأيام الأخيرة من الموقف القائل بأن كل التصريحات التي خرجت من إسرائيل بعد اجتماع العقبة توضح أنه لا توجد رغبة حقيقية في التهدئة".