بعد نحو خمسة أشهر من انتخابه أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، فاز شي جين بينغ بفترة ولاية ثالثة كرئيس للصين، وذلك خلال الدورة السنوية للهيئة التشريعية الوطنية الصينية التي اختتمت أعمالها يوم الاثنين المنصرم.
وفي الدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني، تم انتخاب شي أيضا رئيسا للجنة العسكرية المركزية في البلاد. ومع توليه المناصب الأعلى في الحزب والدولة والقوات المسلحة، يقود شي البلاد التي تضم 1.4 مليار شخص في رحلة جديدة نحو التحديث.
وخلال الجلسة الختامية للدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني، ألقى شي خطابا، حظي بمتابعة وثيقة، أمام تجمع ضم ما يقرب من 3000 مشرع. وقال شي: "ثقة الشعب هي أكبر دافع لي للمضي قدما وهي أيضا مسؤولية ثقيلة على كتفي".
وأعلن شي أن المهمة المركزية للحزب بأكمله وجميع أبناء الشعب الصيني، من ذلك اليوم وحتى منتصف القرن الحالي، هي بناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة قوية في شتى النواحي والمضي قدما في إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية على جميع الجبهات.
في هذا السياق، قال شي: "لقد انتقل عصا التتابع إلى جيلنا".
وقبل عقد من الزمان، عندما تم انتخاب شي رئيسا للصين لأول مرة، شرح "الحلم الصيني"، قائلا إن الحلم يتعلق بجعل البلاد مزدهرة وقوية، وإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية وتوفير حياة سعيدة لشعبها.
ومثل تحديث الصين سعيا مستمرا للصينيين منذ حربي الأفيون. وعلى مدار قرن من الزمان، رسم أجيال من الصينيين، بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، مسارا صينيا مميزا نحو هذا الهدف.
ولد شي في عام 1953، وبدأ حياته السياسية كأمين لفرع الحزب في قرية صغيرة في شمال غربي الصين. ومن هناك، وعلى مدى نصف القرن الماضي، شق شي طريقه عبر كل مستويات التسلسل الهرمي للحزب تقريبا، وجمع خبرة واسعة وحقق إنجازات جديرة بالملاحظة طوال حياته المهنية.
تم انتخاب شي لأول مرة لتولي أعلى منصب في الحزب الشيوعي الصيني في أواخر عام 2012. وتلك هي المرة الأولى التي يشغل فيها هذا المنصب شخص ولد بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949.
ومنذ ذلك الحين، أخذ الأمة على طريق طموح لإحياء نهضتها، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الدولية، التي أكدت أن شي لديه رؤية واضحة بالنسبة للصين لرؤيتها دولة قوية في العالم.
- النواة
في عام 1969، غادر شي بكين متوجها إلى قرية صغيرة على هضبة اللوس ليعيش كمزارع، وليتقاسم نفس مصير ملايين الشباب الذين بلغوا سن الرشد خلال فترة "الثورة الثقافية".
وبالنسبة لشخص مثل شي الذي نشأ في مدينة بكين، كانت الحياة في الريف صعبة للغاية في البداية. وغالبا لم يكن القرويون يتناولون اللحم لعدة أشهر. وعلى الرغم من المصاعب، نظر شي إلى هذه التجربة باعتبارها الوقت الذي فهم فيه حقا صعوبات عامة الناس والمجتمع.
وعززت هذه التجربة الفريدة عزم شي جين بينغ على القيام دائما بشيء لتحسين حياة الشعب.
وفي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، عندما اختار العديد من زملائه الجامعيين السفر إلى الخارج، تقدم شي للعمل في محافظة فقيرة تسمى تشنغدينغ في مقاطعة خبي في شمالي الصين.
وفي عام 2012، وبعد فترة وجيزة من توليه منصب الأمين العام، زار شي أسرا ريفية فقيرة في خبي. وفي منزل قو تشنغ هو، جلس شي على سرير من الطوب تتم تدفئته من أسفل، وتحدث إليه.
وقال شي: "أنا جئت إلى هنا للتحقق من ظروف معيشتك ومعرفة المزيد من الأشياء التي يمكن أن تفعلها قيادة الحزب لصالحك ولصالح أشخاص مثلك".
ورفع شي كم ثوب قو وعرضه للمسؤولين من حوله قائلا: "انظروا، معطفه مهترئ".
وفي ذلك الوقت، كان هناك حوالي 100 مليون صيني من سكان الريف يعيشون تحت خط الفقر المتمثل في كسب دخل سنوي قدره 2300 يوان (حوالي 366 دولارا أمريكيا).
وفي أقل من عام، طرح شي استراتيجية "التخفيف المستهدف من حدة الفقر"، وعلى مدى حوالي ثماني سنوات أرسل 255 ألف فريق عمل و3 ملايين كادر إلى القرى، ووفر المساعدات حسب احتياجات كل واحد من المزارعين الفقراء.
وأجرى شي نفسه أكثر من 50 عملية تفتيش ودراسة بحثية حول التخفيف من حدة الفقر، وهو ما شمل زياراته إلى جميع المناطق الـ14 التي تعاني من تركيزات عالية من الفقر المدقع.
وفي 25 فبراير عام 2021، أعلن شي جين بينغ أنه تم القضاء على الفقر المدقع في الصين.
وكان معدل الحد من الفقر في الصين أسرع بشكل ملحوظ من المتوسط العالمي، مما جعلها الدولة ذات العدد الأكبر من الأشخاص الذين تم انتشالهم من براثن الفقر في جميع أنحاء العالم.
ومن جانبه، قال تسنغ شو فو، الذي عمل ذات مرة ككادر لتخفيف حدة الفقر في قرية في مقاطعة فوجيان شرقي الصين: "لولا دفعة شي الشخصية، لكان الحد من الفقر أكثر صعوبة واستغرق وقتا أطول".
وكان ثمة تحد آخر هو الفساد. وعند توليه أعلى منصب في الحزب في أواخر عام 2012، حذر شي من أنه "إذا سمح للفساد بالانتشار، فسيؤدي ذلك في النهاية إلى انهيار الحزب وسقوط الدولة".
وبعد أقل من شهر على توليه المنصب، أطلق الطلقة الأولى في حربه ضد الفساد. وعلى مدار عشر سنوات، تم القضاء على "نمور" رفيعة المستوى، بما في ذلك عضو سابق في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
وتم التحقيق مع أكثر من 500 من المسؤولين الذين تتم إدارتهم مركزيا، حيث كان معظمهم على المستوى الوزاري أو فوقه. وتمت إعادة مسؤولين فاسدين كانوا قد فروا إلى الخارج، من خلال عمليات مكافحة الفساد التي بدأها شي.
وفي عام 2018، أعلن أنه تم تحقيق "انتصار ساحق" ضد الفساد. لكن الحملة لم تنته عند هذا الحد. وبعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، تم التحقيق مع ما يقرب من 20 من كبار المسؤولين أو معاقبتهم بتهمة الفساد.
وفي وقت سابق من هذا العام، وخلال الجلسة الكاملة للجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب الشيوعي الصيني، وهي أعلى هيئة لمكافحة الفساد، حث شي على ملاحقة الفساد المتعلق بقضايا سياسية واقتصادية. وشدد على ضرورة منع الكوادر القيادية من أن تصبح متحدثا رسميا أو وكيلا لجماعات المصالح وزمر السلطة.
وقد عمل نجاح تخفيف حدة الفقر ومكافحة الفساد على إكساب شي دعما شعبيا، لكن هذا ليس السبب الوحيد لانتخابه بالإجماع لتولي أعلى منصب في الحزب والدولة. ففي العقد الماضي، وتحت قيادته تم حل العديد من المشاكل التي ظلت مستعصية لفترة طويلة في البلاد.
وقد تطورت الصين بشكل مطرد وأصبحت أقوى بشكل عام، بمتوسط نمو اقتصادي سنوي بلغ 6.2 في المائة خلال العقد الماضي، وهو ما يزيد على ضعفي المتوسط العالمي. وتضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 12000 دولار أمريكي.
وارتفعت حصة الصين في الاقتصاد العالمي من 11.3 في المائة في عام 2012 إلى 18.5 في المائة في الوقت الحاضر. وظل إنتاج الحبوب وفيرا باستمرار.
وفي الماضي، كان يشار إلى الصناعة التحويلية في الصين على أنها "كبيرة ولكنها ليست قوية". وقال البعض إن إنتاج مليار زوج من الجوارب يعادل شراء طائرة بوينغ واحدة. واليوم، طورت الصين طائرة ركاب كبيرة خاصة بها، ويساهم التقدم التكنولوجي بأكثر من 60 في المائة من النمو الاقتصادي للبلاد.
ويعد الاقتصاد الرقمي للصين ثاني أكبر اقتصاد رقمي في العالم، ويحتل إنتاج البلاد ومبيعاتها من سيارات الطاقة الجديدة المرتبة الأولى عالميا لمدة ثماني سنوات متتالية.
ويتذكر شان تسنغ هاي، وهو فني في شركة "إكس سي إم جي" المصنعة لآلات البناء، كيف قام شي في عام 2017 بجولة في ورشة الشركة وصعد إلى رافعة مناسبة للعمل في جميع التضاريس.
وقال شان: "لقد شجعنا كثيرا، قائلا إنه لا ينبغي أبدا تهميش الاقتصاد الحقيقي .... وقال أيضا إن الاقتصاد الصيني يجب أن ينتقل من النمو عالي السرعة إلى التنمية عالية الجودة".
وخلال اجتماع مداولات في الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لهذا العام، جلس شان مع شي مرة أخرى وأبلغه أن جميع مكونات الرافعة التي صعد على متنها ذات مرة يتم تصنيعها الآن في الصين.
وسأله شي قائلا: "هل الرقائق الموجودة في رافعات شركتك مصنوعة محليا؟"
وأجابه شان: "نعم. كلها مصنوعة في الصين".
وفي السنوات العشر الماضية، ومع قضاء الصين على الفقر المدقع، بنت البلاد أكبر أنظمة للتعليم والضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والصحية في العالم. وتعتمد الصين تدابير لتوفير خدمات طبية وخدمات رعاية صحية أكثر سهولة واستدامة للمزارعين. وارتفع متوسط العمر المتوقع للصينيين العاديين إلى 78.2 سنة في عام 2021، وهو ما يزيد بنحو عامين عن متوسط العمر الأمريكي في ذلك العام.
وقال مراقبون إنه لولا شي، لما تمكنت حماية البيئة الإيكولوجية في الصين من تحقيق تحسينات تاريخية. وانخفض متوسط تركيز الجسيمات الصغيرة، PM2.5 ، في الهواء على مدار تسع سنوات متتالية في المدن الكبرى، مع انخفاض تراكمي بنسبة 57 في المائة. وأصبح حدوث الضباب الدخاني، الذي كان شائعا في سماء شمالي الصين، نادرا الآن.
ودفع شي من أجل التنمية الخضراء في الوقت الذي عالج فيه التلوث في جميع المجالات. وأعلن أن الصين تهدف إلى بلوغ ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. كما دفع من أجل التصديق على اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ.
وبفضل جهوده أيضا، كانت الصين من بين أوائل الدول الموقعة على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة - أكبر اتفاقية تجارة حرة في العالم - ووسعت مناطقها التجريبية للتجارة الحرة من منطقة واحدة إلى 21 منطقة. وتم تحويل جزيرة هاينان بأكملها إلى ميناء للتجارة الحرة.
ويعد شي مدافعا قويا عن روح الاعتماد على الذات وتحسين الذات. وقد شدد على الحاجة إلى تعزيز الثقة والفخر بالهوية الصينية، وأهمية تعزيز الثقافة التقليدية الممتازة للصين، مشيرا إلى أن اتباع الآخرين بشكل أعمى ليس هو الطريق إلى الأمام.
وقال: "ألا تستند أفلام هوليوود مثل "كونغ فو باندا" و "مولان" إلى مواردنا الثقافية؟".
وحققت إجراءات شي الإصلاحية "تغييرات تاريخية، وإعادة تشكيل منهجية، وإعادة بناء شاملة" في العديد من المجالات، بدءا من أنظمة الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والحماية الايكولوجية، إلى الدفاع الوطني ومؤسسات الحزب.
وقد اتخذ شي قرارا بحفظ بيان "السماح للسوق بلعب دور حاسم في تخصيص الموارد والسماح للحكومة بلعب دور أفضل" في وثائق الحزب، وقاد إنشاء لجنة الرقابة الوطنية، وهي هيئة قوية لمكافحة الفساد والرقابة على كل شخص في المناصب العامة.
وفي أواخر عام 2012، أصدر شي قرارا من ثماني نقاط بشأن تحسين السلوك. ويعتبر هذا حلا مؤسسيا دائما لعلل مثل التبذير واللهو والإسراف. ومن خلال هذه الخطوة، نجح شي في الحد من الممارسات التي كانت تعتبر في السابق خارجة عن السيطرة.
وفي جوانب أخرى من التنمية المؤسسية، أشرف شي على إصلاح نظام المواهب لتمكين الباحثين في طليعة العلوم للاستفادة من حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم.
وينص قرار تاريخي للحزب الشيوعي الصيني تم اعتماده عام 2021 على أن الحزب أكد مكانة شي الجوهرية في اللجنة المركزية للحزب وفي الحزب بأكمله، وأكد على الدور التوجيهي لفكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.
ويعكس هذا، وفقا للقرار، الإرادة المشتركة للحزب والقوات المسلحة والشعب الصيني من جميع المجموعات الإثنية، ويتمتع بأهمية حاسمة في دفع قضية الحزب والبلاد في العصر الجديد وفي دفع العملية التاريخية لإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية قدما.
ويعتبر شي تأكيد مكانته الجوهرية مسؤولية ثقيلة. وعلى حد تعبيره: "وفاء لثقة الحزب والشعب، سأكرس نفسي إلى أقصى حد وسأكون على استعداد لتحمل أي مشقة دون تردد".
ويقول منظرو الحزب إن قيادة شي المستمرة في الحزب وجهاز الدولة توفر التوجيه والاستقرار والاستمرارية لتنمية الصين. وقالوا إن هذا يسهم بشكل إيجابي في تعزيز القيادة الشاملة للحزب وهو مظهر مهم للمزايا السياسية والمؤسسية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
وقال لو مان، وهو نائب بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ورئيس تعاونية زراعية في مقاطعة جيانغسو، إن التصويت بالإجماع على انتخاب شي رئيسا للصين هو نتيجة رئيسية لـ"الدورتين" لهذا العام، مضيفا أن النتيجة هي ما كان الشعب يأمله وهي مطلب من أجل المضي قدما في قضايا الحزب والدولة.
ومن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني إلى "الدورتين" لهذا العام، تولت مجموعة جديدة من المسؤولين مواقع الحكم، بما في ذلك الأعضاء والأعضاء الاحتياطيين في اللجنة المركزية للحزب والوزراء وأمناء لجان الحزب على مستوى المقاطعات. وحثهم شي على السعي بجد وتجنب خذلان توقعات الشعب.
ووفقا لمصادر مطلعة على هذا الأمر، فإن هؤلاء المسؤولين الجدد "يتحلون ببعض السمات المشتركة"، بما في ذلك قدراتهم القوية من حيث الحكم والفهم والتنفيذ سياسيا.
وفي الوقت نفسه، أكمل الجيش أيضا تغيير قيادته مع فريق جديد للجنة العسكرية المركزية ووزير دفاع جديد.
وفي أوائل نوفمبر الماضي، زار شي مركز قيادة العمليات المشتركة للجيش ودعا إلى "تعزيز التدريب والاستعداد العسكريين بشكل شامل". وشدد عدة مرات على "قيادة الحزب المطلقة للجيش الشعبي".
ويعتقد شي أن قيادة الحزب تحدد الطبيعة الأساسية للتحديث الصيني النمط.
وقال شي إنه بالنظر للحجم الهائل للحزب والبلاد، من المستحيل تحقيق أي شيء دون سلطة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وقيادتها المركزية والموحدة، فضلا عن توافق الأمة.
وقال تساي هونغ شينغ، رئيس جامعة يانبيان، وهو أيضا نائب بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، إن الأمين العام شي لديه الموهبة القيادية اللازمة لتوحيد الحزب بأسره وإنه "العمود الفقري لنا مع مضي الأمة في مسيرة جديدة نحو التحديث".
- بداية جديدة
ويعد المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني منصة رئيسية لتحويل مقترحات الحزب إلى إرادة للأمة. وهذا يعني أن الاستراتيجيات العظيمة للتحديث الصيني النمط التي وُضعت في المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، يتم ترجمتها إلى خطط ملموسة خلال "الدورتين".
وفي عام 1979، طرح القائد الصيني الراحل دنغ شياو بينغ مصطلح "التحديث الصيني النمط" في بداية الإصلاح والانفتاح بالإشارة إلى "شياوكانغ"، أو المجتمع الميسور. وبعد تحقيق هذا الهدف، اقترح الحزب الشيوعي الصيني هدف مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي.
ووفقاً لتقارير إعلامية، استخدم شي للمرة الأولى مصطلح "التحديث الصيني النمط" في خطاب عام ألقاه خلال ديسمبر عام 2015 بينما كان يقود جهود صياغة مخطط تنمية يهدف إلى دفع الأمة قدماً نحو مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي.
وبعد ست سنوات، وخلال الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، أعلن شي أن الهدف قد تحقق.
وواصل شي تحسين التخطيط الاستراتيجي للتحديث الصيني النمط، بالانتقال من بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي إلى إطلاق مسيرة جديدة للتحديث.
وفي المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، وضع شي "جدولاً زمنياً" لتحقيق التحديث. وبعد خمس سنوات، وخلال المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، قدم شي "خارطة طريق" لتحقيق هذا الهدف.
ولخّص شي خمس سمات رئيسية للتحديث الصيني النمط تتمثل بـ: عدد السكان الضخم، والرخاء المشترك للجميع، وتنسيق التقدم المادي والثقافي الأخلاقي، والتناغم بين البشرية والطبيعة، والتنمية السلمية. وأصبح هذا الرسم التخطيطي للتحديث الصيني النمط الآن أكثر دقة وأفضل تصورا وأعظم جدوى.
وقال ديفيد فيرجسون، الذي حرر أربعة مجلدات من النسخة الإنجليزية لـ"شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة"، قال: "لقد قدّم شي الكثير من الأفكار للتحديث ووضعها قيد التنفيذ. كما عمل طوال مسيرته، من المناطق الداخلية إلى المناطق الساحلية ومن المستويات المحلية إلى المستويات المركزية. وبغض النظر عن مكان عمله، كان شي مصلحاً فعالاً وفتح آفاقاً جديدة في دفع التحديث".
تتمثل الأهداف المخططة للعام 2023 بإرساء أرضية صلبة لبناء دولة اشتراكية حديثة، فيما تعتبر الخمس سنوات التي تبدأ من عام 2023 مرحلة حاسمة لذلك.
ووافقت الهيئة التشريعية الوطنية الصينية على هدف النمو الحكومي بتسجيل نحو 5 بالمائة لعام 2023، أعلى بنقطتين مئويتين عن النمو الفعلي المسجل للعام المنصرم. وهذا يعني أن النمو الاقتصادي الصيني في عام واحد يعادل إجمالي الناتج المحلي لدولة أوروبية متقدمة متوسطة الحجم.
ولكن في الصين التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة، يقلُّ تصنيف مستوى تنمية البلاد من حيث أرقام نصيب الفرد. وفي معرض شرحه لهدف النمو البالغ 5 بالمائة، قال شي إنه إذا ما كانت الصين سترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى نظيره في دولة متقدمة متوسطة المستوى بحلول عام 2035، فإن من الضروري الحفاظ على نمو معقول على أساس تحسين الجودة والكفاءة، وإن لدى الصين القدرة على تحقيق ذلك.
وقال شي: "التنمية عالية الجودة هي المهمة الأولية لبناء دولة اشتراكية حديثة".
وحددت جميع المقاطعات، والمناطق ذاتية الحكم، والبلديات البالغ عددها 31 في البر الرئيسي الصيني تقريباً أهدافاً أعلى للنمو، حيث حددت شانغهاي هدفها عند 5.5 بالمائة، بينما حددت شينجيانغ والتبت هدفيهما عند حوالي 7 بالمائة وأكثر من 8 بالمائة، على التوالي.
وقال وانغ شيانغ مينغ، الباحث في جامعة رنمين الصينية، إن تغيراً ملحوظاً سُجّل في المجتمع الصيني بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب وتمثّل في أن الناس شعروا بإحساس أقوى بتطوير الاقتصاد، مضيفاً: "بدون قاعدة مادية صلبة، يستحيل إنجاز التحديث الاشتراكي."
وتمثل التغيير الكبير بالتحول في الاستجابة لمواجهة كوفيد-19. فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، اتخذت الصين إجراءات استجابة صارمة ساهمت بفعالية في حماية حياة الشعب وصحته. وفي شهر نوفمبر الماضي، ترأس شي اجتماعاً لقيادة الحزب حول تعديل إجراءات الاستجابة لكوفيد-19. وبعد ثلاثة أشهر، تم الإعلان عن تحقيق الصين انتصاراً في الخروج من الوباء.
من جهتها، قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إنه سيكون تحسين الصين لسياساتها في مواجهة كوفيد-19 على الأرجح العامل الوحيد الأكثر أهمية للنمو العالمي في عام 2023.
وقام شي برحلته الأولى خارج المدينة بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب متوجهاً إلى الريف. وزار بستان فواكه في نانقو بمقاطعة شنشي، حيث سأل بصراحة مزارعي الفاكهة عما يمكنهم أن يكسبوا في يوم واحد، وكيف أحوال مداخيلهم، وما هي أحوال أسرهم.
وسأل شي "ما هي تقنيات قطف التفاح؟"، وقطف بنفسه تفاحة حمراء كبيرة كما شرح المزارع تشاو يونغ دونغ.
وخارج ورشة لفرز التفاح في القرية، تجمع الناس حول شي. وقال تشانغ قوانغ هونغ، أحد الكوادر بالقرية: " يتمثل أكبر همّ للرئيس شي في معيشة الشعب".
وقبل حلول عيد الربيع، تحدث شي عبر مكالمات فيديو إلى كوادر ومواطنين في مناطق مختلفة من أنحاء البلاد . وسأل كادراً من قرية لقومية تشيانغ في مقاطعة سيتشوان عن عدد السياح ودخلهم. وبعد معرفة شي بأن دخل الفرد في القرية بأكملها تجاوز 40 ألف يوان العام الماضي، ابتهج قائلاً: "هذا جيد!"
وحدّثت وي تشوه، وهي سائحة، حدّثت شي عن تجربتها في القرية. وعلى وجه الخصوص، قالت إن لحم الخنزير المُدخّن المحلي بأسلوب سيتشوان كان لذيذاً. وقالت: "طلب الأمين العام مني أن أتناول المزيد"، مضيفة: "أشعر أنه يهتم كثيراً بالتنمية الريفية وتعزيز دخل عامة الناس".
وقال شي للكوادر المرافقة له: "إن المهمة الأكثر مشقة وإلحاحاً لبناء دولة اشتراكية حديثة لا تزال تكمن في الريف". وفي مؤتمر العمل الريفي المركزي الذي انعقد في أواخر عام 2022، قال شي إنه ومن أجل تقوية الدولة، يتوجب أولاً أن تكون الزراعة قوية، مشدداً على أن ضمان إمدادات مستقرة وآمنة من الحبوب والمنتجات الزراعية المهمة يعد دائماً أولوية قصوى.
إن السعي وراء استخلاص الحقيقة من الوقائع هو مبدأ يعتز به الشيوعيون الصينيون. ولطالما كان شي نفسه قدوة حسنة. فعلى مدار العقد الماضي، قام بأكثر من 100 جولة تفقدية إلى الوحدات القاعدية للحصول على خبرة مباشرة على الأرض.
ذات مرة، غادر بكين في الصباح الباكر ووصل في المساء إلى منطقة جبلية في تشونغتشينغ بجنوب غربي الصين. وفيما كان جالساً في الفناء مع السكان المحليين، قال لهم: " ركبت طائرة، وقطاراً، وسيارة، وقمت بالتبديل بين ثلاث وسائل نقل للوصول إلى هنا حتى أقابلكم وأسمع ما تودون أن تقولوا لنا".
وفي مرة أخرى، وخلال مناقشة جماعية لـ "الدورتين"، قال شي: "أيها المسؤولون، لا يمكنكم أن تخدعوني، لقد أتيت من منطقة فقيرة، وأنا أعرف تماماً الوضع هناك."
تعطي "فلسفة التنمية الجديدة"، التي قدمها شي في عام 2015، الأولوية للابتكار، والتنسيق، والتنمية الخضراء، والانفتاح، والمشاركة. ومن المتوقع أن ترشد عملية التحديث للصين.
يعد الابتكار العلمي والتكنولوجي أولوية، وقد حثّ شي على تسريع وتيرة الاعتماد على النفس وتقوية الذات في هذا الصدد.
واستذكر تشانغ جين، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب، رئيس شركة شينسونغ للروبوتات، زيارة شي للشركة قبل بضعة أشهر.
وقال تشانغ: "في ورشة العمل، توقف تقريباً عند كل خطوة وطرح أسئلة على طول الطريق، مظهراً اهتماماً شديداً، وخاصة في منتجات الشركة المطورة ذاتياً مثل الروبوتات المتنقلة المستخدمة في خطوط إنتاج لتجميع السيارات والأذرع الروبوتية في صناعة تصنيع الرقائق.
وخلال محادثة مع مهندسين شباب، شدد شي على أن الابتكار المستقل أمر حاسم لتحول أي بلد إلى قوة تصنيعية. وطرح سؤالاً عما إذا كان لا يزال هناك الكثير من التحديات التقنية التي تحتاج إلى معالجة عاجلة، مشيراً إلى أن من الضروري دفع التقوية الذاتية العلمية والتكنولوجية قدماً لحل مشاكل "عنق الزجاجة"، التي ينتج بعضها عن الحصار التكنولوجي الغربي.
وأكد شي مراراً أن الإصلاح يجب أن يلتزم باتجاه اقتصاد السوق الاشتراكي. وفي شهر يناير الماضي، أرسل شي نائبا لرئيس مجلس الدولة إلى الاجتماع السنوي لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي، حيث أعلن المسؤول أن الصين لن تعود أبداً إلى السعي وراء الاقتصاد المخطط.
وفي شهر فبراير الماضي، تم إدخال إصلاح كبير يتعلق بسوق رأس المال بأكمله، حيث تم تعميم النظام القائم على التسجيل إلى السوق بأكمله والإصدارات العامة المختلفة للأسهم، وهو أمر مفيد لتوزيع الموارد على نحو أفضل وفقاً لآليات السوق.
وفي الوقت نفسه، وضع شي تدابير لمنع المخاطر النظامية في القطاع المالي، والعقارات، وديون الحكومات المحلية.
وشدد شي في مناسبات مختلفة على أن، ومن ناحية، يجب على الصين أن تعمق إصلاح الأصول والمؤسسات المملوكة للدولة، ومن ناحية أخرى، ينبغي أن تستمر في تحسين بيئة الأعمال التجارية للقطاع الخاص.
وخلال "الدورتين" هذا العام، قال شي لرجال الأعمال من القطاع الخاص إن الحزب "ينظر على الدوام إلى المؤسسات الخاصة ورجال الأعمال بالقطاع الخاص كأفراد عائلته"، وشجعهم على التخلي عن مخاوفهم وأعبائهم، والمضي قدما في عملية التنمية بجرأة.
وقال شي، الذي عمل لأكثر من 20 عاما في مقاطعتي فوجيان وتشجيانغ المعروفتين بقطاعهما الخاص النشط: "لطالما دعمت دائما المؤسسات الخاصة".
واستمرت المؤسسات الخاصة الصينية في النمو. ووفقا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في عام 2012، شكلت المؤسسات غير العامة حوالي 10 بالمائة فقط من إجمالي القيمة السوقية لأكبر 100 شركة صينية مدرجة. ومع ذلك، وبحلول نهاية عام 2022، ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 40 بالمائة.
وقال شي إنه يخطط لبدء جولة جديدة من إجراءات الإصلاح الشاملة هذا العام، كما سيتم تسريع الانفتاح عالي المستوى على الخارج، بما في ذلك التعزيز الفعال للانضمام إلى الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية ذات المعايير العالية مثل اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ واتفاق شراكة الاقتصاد الرقمي.
وفي عام 2021، انخفض مستوى التعريفة الجمركية الإجمالية للصين إلى 7.4 في المائة، أي أقل من التزام منظمة التجارة العالمية البالغ 9.8 في المائة. وتخطط الصين لتحقيق مزيد من خفض معدلات التعريفة الجمركية على 62 منتجا من منتجات تكنولوجيا المعلومات، كما سيتم تخفيض مستوى التعريفة الجمركية الإجمالية بمقدار 0.1 نقطة مئوية أخرى.
وهناك إشارات واضحة على أن الانتعاش الاقتصادي يكتسب زخما. ففي فبراير الماضي، بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الصناعات التحويلية في الصين 52.6 في المائة، وهو مستوى مرتفع جديد منذ ما يقرب من 11 عاما. ومن المتوقع أن يستقر وينتعش الاقتصاد في الربع الأول هذا العام، حيث تظل توقعات الاستثمار الأجنبي إيجابية.
ويخطط معرض كانتون لزيادة عدد أكشاك العرض إلى ما يقرب من 70 ألفا هذا العام. ومن المتوقع أن يشهد معرض الصين الدولي للاستيراد، ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات، ومعرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية، وجميعها تحظى بدعم قوي من قبل شي، توسعا في نطاقاتها.
من بناء ريف اشتراكي جديد إلى بناء الصين الجميلة، ومن الإبداع الفني إلى التقدم الثقافي والأخلاقي، اتخذ شي ترتيبات جديدة تغطي جميع المجالات المهمة.
وأكد شي أن تحقيق إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية يتطلب إعادة التوحيد الكامل للوطن الأم، وهو أمر ضروري وقابل للتحقيق على حد سواء، وقد صاغ منهجا شاملا لحل مسألة تايوان.
وفي خطابه الذي ألقاه قبل اختتام "الدورتين" هذا العام، قال شي إنه يجب معارضة التدخل الخارجي والأنشطة الانفصالية الساعية إلى "استقلال تايوان" بحزم، مشددا على دفع عملية إعادة توحيد الوطن الأم بثبات لا يتزعزع.
وقال كادر عمل مع شي في مقاطعة تشجيانغ في أوائل القرن الحادي والعشرين: "شي شخص مثالي وعملي. إنه رصين وعملي وحاسم ولديه رؤية واسعة ونظرة منهجية". و"إنه جيد في تحويل الأزمات إلى فرص، ويمكنه وضع تصور لمخطط شامل من الألف إلى الياء".
- قائد الشعب
شي ليس يعمل لأجل الشعب فقط، بل يأتي منهم أيضا.
عندما عمل جنبا إلى جنب مع المزارعين الريفيين، تعلم أن يتحمل المشقة عند العمل لنقل الأسمدة ولم يأبه لآلام الجوع المستمرة أثناء العمل في الحقل. علمته هذه السنوات التكوينية القيمة الحقيقية لهؤلاء الأفراد المهملين دائما في المجتمع، مما منحه قدرة طبيعية على التواصل والاستماع إلى الناس العاديين ليساعد في حل مشاكلهم.
ربما يكون قد غادر الحقول منذ عقود، لكن حتى وهو في منصب الأمين العام، لم ينس أولئك الذين يكدحون هناك ولا أولئك الذين يشغلون الصناعات الأساسية للبلاد، من ورشات العمل إلى الأسواق. وما برح شي يحافظ على تواصل مباشر مع الجماهير سواء من خلال الزيارات الشخصية أو الرد على رسائل المواطنين.
في زيارة إلى إحدى الأزقة السكنية التقليدية في بكين، والمعروفة أيضا باسم "هوتونغ"، شمر شي عن ساعديه لصنع الفطائر المحشوة مع أحد الأسر، أثناء إجراء المحادثات معهم. وقبل مغادرته، أكد شي أنه يستمد القوة من مثل هذه التفاعلات.
على الرغم من جدول أعماله المشغول، يولي شي دائما الأولوية لسعادة الشعب باعتبارها واجبا. وفي أكثر من مناسبة، قال إنه "ينبغي أن تفيد التنمية جميع الأفراد بشكل أكثر إنصافا وشمولا، وتعزز التنمية الشاملة للشعب باستمرار".
في بداية العام الجاري، تم التصويت لشي بالإجماع كنائب للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب من خلال انتخاب تنافسي في جيانغسو. كان واحدا من أكثر من 2900 نائب منتخب على مستوى الدولة، ليمثل التنوع الاجتماعي والاقتصادي الحيوي في البلاد، من العمال إلى المزارعين، والمتخصصين المهنيين إلى العمال المهاجرين.
في يوم 5 مارس، شارك شي زملائه النواب من وفد مقاطعة جيانغسو في دورة المجلس الوطني لنواب الشعب لمداولة تقرير عمل الحكومة ومناقشة شؤون الدولة.
إن المداولة في جيانغسو ليست الاجتماع الوحيد الذي حضره شي أثناء "الدورتين" هذا العام، بل ولا المرة الوحيدة التي تعامل فيها مع المشرعين والمستشارين السياسيين.
بين عامي 2013 و2022 ، حضر شي 53 مداولة وجلسة مناقشة، ليتحدث بشكل مباشر إلى حوالي 400 مشرع ومستشار سياسي. من السؤال عن معدل الزواج في قرية بسيطة بوسط الصين إلى متابعة التفاصيل حول صناعة السياحة الشتوية في مقاطعة جيلين بشمال شرقي الصين، تكون أسئلة شي دائما مؤثرة ومستهدفة.
ينظر المطَّلعون على السياسة الصينية إلى مثل هذه التفاعلات كمظهر من مظاهر الديمقراطية الصينية. وبناء على ذلك، ليس من المستغرب أن شي قد اكتسب سمعة طيبة لدعم تمكين الجماهير في إدارة شؤونها الخاصة وتشجيعها على المشاركة في الشؤون السياسية.
قال شي في كلمته بمناسبة استقبال العام الجديد 2023 إن "الصين دولة كبيرة. من الطبيعي أن يكون لدى مختلف الأشخاص اهتمامات أو وجهات نظر مختلفة حول نفس القضية. ما يهم هو أن نتوصل إلى توافق في الآراء من خلال التواصل والتشاور".
في يونيو عام 2022 ، أكملت الصين انتخاب مجالس نواب الشعب على مستوى المحافظة والبلدة، بمشاركة 1.064 مليار ناخب في الانتخاب. فكان واحدا من أكبر الانتخابات الديمقراطية الشعبية في العالم.
يعد مجلس نواب الشعب حجر الأساس للنظام السياسي بالصين، حيث يضطلع نواب المجلس الوطني لنواب الشعب بمجموعة واسعة من المسؤوليات، من بينها صياغة القوانين والإشراف على الحكومة والمؤسسات القضائية وانتخاب قادة الدولة.
ويتم تمثيل جميع الأقليات الإثنية الـ55 في البلاد في الهيئة التشريعية الوطنية. فعلى سبيل المثال، دونغ تساي يون عضوة من قومية باوآن الإثنية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة فقط.
أثناء "الدورتين" في عام 2019، اقترحت إنشاء طريق سريع جديد سيحفز تطور محافظتها في مقاطعة قانسو بشمال غربي الصين. أشاد النواب الآخرون باقتراحها، ورد شي، الذي كان حاضرا في الاجتماع، بمطالبة الإدارات المعنية بدراسة الاقتراح.
وبعد جولات من البحوث ودراسات الجدوى، بدأت أعمال البناء. ومن المقرر انتهاء الأعمال هذا العام.
قالت دونغ إن "هذا الطريق يمثل تطلعات الناس في مسقط رأسي لحياة حديثة".
قد أكملت تشيوان تاي تشي، التي تعمل في محطة حافلات في ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو في شرقي الصين، ولايتها الثانية كنائب في الهيئة التشريعية الوطنية. وصوتت لشي ليكون الرئيس الصيني قبل 5 سنوات.
قالت: "انتخبته كرئيس لأني واثقة بأنه قائد جدير بالثقة يهتم حقا بالشعب".
واستذكرت أن شي كان حاضرا خلال مداولة قبل سنوات عندما طرحت قضية حول الركاب الأطفال بدون تذاكر على الحافلات، الذين قد يتسببون في تخطي الحافلات لعدد الركاب المسموح. تحدث شي فورا، ليدهش تشيوان، حيث رأت أن الموضوع محدد للغاية وصغير بالنسبة لزعيم الدولة. ولم يتحدث شي فقط، بل طلب مراجعة الممارسة على القطارات أيضا. وبعد الاجتماع، بدأت مراجعة القضية بسرعة، لتشكل خطة عملية.
تقول تشيوان إنه عندما تحدث شي إلينا، نحن النواب الشعبيين، لم يكن متعاليا. وكان يسألنا "هل الأمر هكذا؟" "هل هذا جيد أم لا؟".
أثناء "الدورتين" في عام 2021 ، قابلت تشيوان شي مرة ثانية. وذهبت إليه وذكرت تفاعلاتهما السابقة. على الرغم من أن الممر كان مزدحما، فعند مغادرته، قال شي "لنتحدث لاحقا". رأت تشيوان أن ذلك سيكون نهاية المحادثة، غير أنه في حوالي الساعة الـ11 تلك الليلة، تلقت مكالمة من فريق شي يسألون عما إذا كان لديها أي اقتراحات أو مشاكل للطرح.
ويعتقد شي أن الديمقراطية مطلب للدول الحديثة، لكنها يجب أن تتماشى مع الظروف الوطنية، ولا ينبغي للديمقراطية الصينية بأي حال من الأحوال أن تكون هي نفسها الديمقراطية على النمط الغربي. ويصف شي الديمقراطية الصينية بأنها "ديمقراطية شعبية كاملة العملية" تغطي جميع جوانب العملية الديمقراطية وجميع قطاعات المجتمع.
وقال "الغرض من الديمقراطية هو معالجة القضايا الملحة لدى الشعب". ولا يتسامح مع الانتهاكات التي قد تشكل تحديا للعملية الديمقراطية في البلاد.
ووفقا لأحد الشهود، خلال جلسة كاملة للجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب في عام 2014، ناقش شي باستفاضة قضية شراء الأصوات في انتخاب المشرعين المحليين في هونان. وبغضب واضح، أطلق شي أسئلة متكررة: أين أعضاء الحزب؟ أين مفاهيمهم عن الانضباط الحزبي والقانون؟ أين ضميرهم؟
وبعد ذلك، ذكر شي هذه القضية في مناسبتين أخريين على الأقل. وفي نهاية المطاف، تمت محاسبة 467 شخصا.
وكثيرا ما يعتقد المراقبون أن ممارسة التحديث الصيني النمط عملية صعبة، خاصة بالنظر إلى العدد الهائل لسكان الصين - وهو أمر غير مسبوق منذ الثورة الصناعية في أوروبا. وذكر شي أنه حتى إطعام أكثر من 1.4 مليار شخص يمثل تحديا كبيرا. ولا ينبغي الاستهانة بقضايا مثل التوظيف والتوزيع والتعليم والرعاية الصحية والإسكان ورعاية المسنين ورعاية الأطفال، خاصة بالنظر إلى حجم السكان.
ووفقا لشي، فإن دفع التحديث الصيني النمط يتطلب رحلة جديدة من الحوكمة القائمة على القانون. وقال شي إن قضية سيادة القانون مقابل حكم الإنسان مسألة أساسية وقضية رئيسية يتعين على جميع الدول معالجتها في عملية التحديث.
وفي مقال موقع بمناسبة الذكرى الـ40 لإصدار الدستور الحالي وتنفيذه، أكد شي على دور الدستور في بناء دولة اشتراكية حديثة وإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية.
وفي يوم الاثنين، صوت شي ونواب آخرون في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لتعديل قانون التشريع، من أجل زيادة محتوى لتعزيز تنفيذ الدستور. وفي عام 2018، كان شي أول رئيس صيني يتعهد بالولاء للدستور. وفي الأسبوع الماضي، وبعد انتخابه، تعهد شي مرة أخرى بالولاء للدستور، وتبعه أعضاء من فريق الحكم.
- دعم السلام والتنمية
في النصف الثاني من العام الماضي، عاد شي إلى الأنشطة الدبلوماسية "غير الافتراضية" بعد "الدبلوماسية السحابية" التي ميزت عامين ونصف من الجائحة.
وخلال الأشهر الأربعة الماضية وحدها، حضر شي قمة مجموعة الـ20 في بالي، واجتماع القادة الاقتصاديين لأبيك في بانكوك، والقمة الصينية العربية الأولى، وقمة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في الرياض.
وعلى هامش الفعاليات متعددة الأطراف، عقد شي أيضا اجتماعات ثنائية مع قادة من عشرات الدول، بما في ذلك فرنسا وهولندا وأستراليا وجمهورية كوريا واليابان وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية ومصر والعراق.
وفي داخل البلاد، استضاف شي عديدا من القادة والشخصيات الأجنبية الرفيعة في بكين بعد المؤتمر الوطني العشرين للحزب. وكان من بين الضيوف قادة من فيتنام وباكستان وتنزانيا وألمانيا وكوبا ومنغوليا ولاوس وروسيا والفلبين وإيران وبيلاروسيا. وبالنسبة لبعض الضيوف، كانت هذه أول زيارة لهم إلى الصين، بينما كان آخرون "أصدقاء قدامى".
وعلى مدى العقد الماضي، قد أوضح شي جليا أن الصين ستخلق فرصا جديدة من خلال التنمية وتضيف المزيد من الاستقرار واليقين إلى مثل هذا العالم المتقلب.
وقال شي "مع تطورها، ستقدم الصين إسهامات أكبر للرخاء المشترك للعالم".
وخلال اجتماعه مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الرياض في ديسمبر الماضي، أشار شي إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها قطر، قائلا إن الحدث ضخ طاقة جديدة وإيجابية في عالم اليوم الذي يكتنفه عدم اليقين. وشكر الشيخ تميم الصين على مساهماتها في كأس العالم، مشيرا إلى أن الشركات الصينية قامت ببناء الاستاد الرئيسي، وأن وصول اثنين من دببة الباندا أضاف إلى الأجواء الاحتفالية للبطولة.
والاستاد الذي أشار إليه أمير قطر هو استاد لوسيل في قطر، حيث أقيمت المباراة النهائية لكأس العالم بين الأرجنتين وفرنسا، وهو ما يعتبره كثيرون إنجازا بارزا لمبادرة الحزام والطريق.
كما ساعدت مبادرة الحزام والطريق، التي اقترحها شي في عام 2013، إندونيسيا في بناء أول خط سكة حديد فائق السرعة. وبعد قمة مجموعة الـ20 في بالي، شاهد شي والرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو التشغيل التجريبي للسكة الحديدية فائقة السرعة بين جاكرتا وباندونغ من خلال رابط فيديو. ومن المتوقع أن تسهل السكة الحديدية، التي بناها البلدان بشكل مشترك، حركة البضائع والأشخاص فضلا عن زيادة دخل السكان المحليين.
وحتى الوقت الحالي، وقعت 151 دولة و32 منظمة دولية وثائق في إطار مبادرة الحزام والطريق، ما عاد بالنفع على الدول المشاركة.
وقد تطور ميناء بيرايوس اليوناني ليصبح واحدا من أسرع موانئ الحاويات نموا في العالم منذ انضمام شركة صينية إلى عملياته.
وطرح شي مقترحا مهما آخر في عام 2013، وهو مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وقد تم تضمينه في دستور كل من الحزب والدولة وأدرج في وثائق هامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية وفي آليات متعددة الأطراف.
وقال شي لقمة مجموعة الـ20 إنه يتعين على جميع الدول أن تتبنى رؤية مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وتدعو للسلام والتنمية وتعاون الكسب المشترك.
وأوضح شي في الخطاب أنه "يتعين على جميع الدول استبدال الانقسام والمجابهة والإقصاء بالوحدة والتعاون والشمول".
كما وعد العالم رسميا بأنه "بغض النظر عن مرحلة التنمية التي تصل إليها الصين، فإن البلاد لن تسعى أبدا إلى الهيمنة أو الانخراط في التوسع".
ويعتقد شي أنه طالما حافظت الدول الكبرى على التواصل والتعامل مع بعضها البعض بإخلاص، فإنه يمكن تجنب "فخ ثوسيديدس".
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مقال مذيل بتوقيعه نُشر قبل زيارته للصين في فبراير الماضي، إن الصين أظهرت للعالم أن أي دولة يمكن أن تتطور وتتقدم دون الانخراط في التوسع، ويمكنها مساعدة الدول الأخرى على التطور في نفس الوقت.
واستجابة لمبادرة من شي، عقد وفدا المملكة العربية السعودية وإيران محادثات في وقت سابق من هذا الشهر في بكين. وتوصل البلدان إلى اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتي البلدين وبعثاتهما الدبلوماسية في غضون شهرين.
وكان أحد أبرز اجتماعات شي الدبلوماسية الرفيعة خلال الأشهر الماضية هو لقاءه الأول وجها لوجه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ تولي الأخير الرئاسة. وخلال الحديث الذي استمر أكثر من ثلاث ساعات في بالي في 14 نوفمبر الماضي، قال شي لنظيره الأمريكي إن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة لا ينبغي أن تكون لعبة محصلتها الصفر حيث يتغلب أحد الطرفين أو يزدهر على حساب الطرف الآخر، وإن نجاحات الصين والولايات المتحدة تمثل فرصا وليست تحديات لكل منهما.
وذكر شي أن "الصين لا تسعى إلى تغيير النظام الدولي القائم أو التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة وليس لديها نية لتحدي الولايات المتحدة أو لتحل محلها".
وقال بايدن إن الولايات المتحدة تحترم النظام الصيني ولا تسعى لتغييره، مضيفا أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة ولا تسعى إلى إحياء التحالفات ضد الصين. وقال بايدن أيضا إن الولايات المتحدة لا تدعم "استقلال تايوان"، ولا تدعم "صينين" أو "صين واحدة، تايوان واحدة"، وليس لديها نية للدخول في صراع مع الصين.
وفي اجتماعاته مع القادة الأوروبيين، أكد شي أنه فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، تدعم الصين وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع وإجراء محادثات سلام.
وفي فبراير الماضي، أصدرت الصين خطة سلام مكونة من 12 نقطة بشأن الأزمة الأوكرانية، تنص على ضرورة الحفاظ على سيادة جميع الدول واستقلالها وسلامة أراضيها بشكل فعال، والالتزام الصارم بالقانون الدولي المعترف به عالميا، بما في ذلك مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. كما أشارت خطة السلام إلى أنه "يجب عدم استخدام الأسلحة النووية وعدم خوض الحروب النووية".
وقال كيث بينيت، المتخصص المخضرم في الشؤون الصينية ونائب رئيس مؤسسة "نادي مجموعة 48" البريطانية، إن شي زعيم يقدم رؤية وخططا لدفع حل المشاكل الرئيسية التي تواجه البشرية.
-ريادة التقدم البشري
عندما ألقى شي خطابه بمناسبة حلول عام 2023، لاحظ الناس المجلدات الموجودة على أرفف الكتب خلفه في مكتبه، من بينها، ((تاريخ الصين العام))، و((القصائد الكاملة لأسرة تانغ))، و((التاريخ العالمي))، و((الأعمال الكاملة لويليام شكسبير)). وباعتبار القراءة هوايته المفضلة، فمن المعروف أن شي يستمد الحكمة من الكلمات المكتوبة لحكم البلاد.
وبعد مؤتمر الحزب، توجه شي إلى مقاطعة خنان بوسط الصين وزار أطلال ينشيوي، وكان هذا الموقع، الذي يبلغ عمره 3300 عام، هو عاصمة أواخر عهد أسرة شانغ (ين)، وهي أول أطلال مسجلة من هذه الفترة. وأثناء سيره ببطء في متحف ينشيوي، أخذ شي يتفحص المعروضات بعناية شديدة، والتي تشمل الأواني البرونزية وأدوات اليشم والنقوش على العظام وغيرها من الآثار.
وقال شي: "أردت زيارة هذا المكان منذ فترة طويلة." "لقد جئت إلى هنا متعطشا لفهم أعمق للحضارة الصينية حتى نتمكن من جعل الماضي يخدم الحاضر ويستمد الإلهام لبناء حضارة صينية حديثة بشكل أفضل."
وأضاف شي أن الحضارة الصينية، ذات التاريخ الطويل والمتواصل، قد شكلت أمتنا العظيمة، وستظل هذه الأمة عظيمة، وحث على بذل جهود لتعزيز الثقافة التقليدية، التي يعتبرها الزعيم "أصل" نظريات الحزب الجديدة.
واقترح شي الجمع بين المبادئ الأساسية للماركسية والثقافة التقليدية، إيمانا بأنه لا يمكن لأي دولة أن تزدهر وتدوم إلا عندما تكون عملية تحديثها متجذرة في التربة الخصبة لتاريخها وثقافتها.
وفي عام 2014، قال شي أثناء زيارته لجامعة بكين للمعلمين إنه يمانع فكرة إلغاء القصائد والمقالات الصينية الكلاسيكية القديمة من الكتب المدرسية. وفي نوفمبر 2013، زار تشيويفو، مسقط رأس كونفوشيوس، وفي العام التالي، ألقى كلمة في احتفال دولي لذكرى الفيلسوف الصيني القديم. وفي عام 2021، عندما زار حديقة مخصصة لـ تشو شي، وهو فيلسوف صيني شهير عاش في القرن الـ12، في مقاطعة فوجيان شرقي الصين، توقف شي لفترة طويلة أمام كلماته، حيث قال تشو إن الأمة تقوم على شعبها، والمجتمع يتأسس أيضا لصالح شعبه. واستشهد شي، في جلسة دراسة جماعية سابقة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بكلمات تشو، مؤكدا أنه لا يوجد أي اعتبارات سياسية أهم من الشعب.
وأعرب شي مرارا وتكرارا عن أسفه للإذلال والهزيمة التي عانت منها الأمة الصينية، على الرغم من مكانتها في طليعة العالم على مدار الـ5000 عام الماضية.
وعلى وجه الخصوص، شعر شي أن التحديث الصيني النمط قد حقق نتائج مهمة بـ"تكلفة كبيرة وبمصاعب كبيرة". وشدد على أن الصين يجب أن تشق طريقها نحو التحديث. ويعتقد الخبراء أن التحديث الصيني النمط، الذي يقدم شكلا جديدا من أشكال التقدم البشري، يبدد الأسطورة القائلة بأن "التحديث يساوي التغريب". وقال شي إنه يجب بذل الجهود لتحقيق كفاءة أعلى من الرأسمالية مع الحفاظ على العدالة في المجتمع بشكل أكثر فعالية.
وقال تشنغ يونغ نيان، الأستاذ في جامعة هونغ كونغ الصينية (شنتشن)، إن التحديث الصيني النمط هو وسيلة للتعامل مع المشاكل التي تواجهها جميع البلدان، مؤكدا أن مصدر حيويته قبل كل شيء هو التنمية الاقتصادية المستدامة بشكل أساسي.
ويعتقد الباحث البريطاني مارتن جاك أنه إذا تمكنت الصين من معالجة عدم المساواة بنجاح كما فعلت في التغلب على الفقر المدقع، فإن مثل هذا التحديث الأكثر عدلاً وشمولية سيكون له تأثير عالمي كبير.
إن شي فخور وواثق من إنجازات وآفاق عملية التحديث. قال ذات مرة: "لقد باتت الصين قادرة على النظر للعالم في عينه"، في إشارة إلى صعود قوة البلاد. لكن هذا لا يعني السعي إلى الهيمنة الأحادية، ولا صداما بين الحضارات. واستشهد بالتشبيه الشهير للصين "الأسد النائم"، مشيرا إلى أن "لقد استيقظ الأسد، لكنه أسد مسالم وودود ومتحضر".
وشدد على أن الصين لن تحذو حذو بعض الدول التي حققت التحديث من خلال الحرب والاستعمار والنهب، وأن الصين تتمسك بالسلام والتنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة، التي يحددها النظام الصيني والثقافة الصينية.
هذا وكُتبت عبارة "تعزيز القيم المشتركة للإنسانية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية" في دستور الحزب للعام الماضي.
كما اقترح شي بتواضع أن الاشتراكية في المرحلة الأولية يجب أن تدرس بدقة الإنجازات المفيدة للحضارة التي خلقتها الرأسمالية وتستفيد منها. وقال شي: "إن قضية تعزيز التحديث الصيني النمط، وهي مشروع غير مسبوق ورائد، ستواجه حتما مختلف أنواع المخاطر والتحديات والصعوبات، وحتى العواصف الخطيرة، التي يمكن أن نتوقع بعضها والبعض الآخر لا يمكننا توقعه". وأردف قائلا: "دعونا نسخر روحنا القتالية التي لا تقهر لفتح آفاق جديدة لقضيتنا".
وقال شي: "أولئك الذين يعملون سينالون النجاح، والساعون سيبلغون مرادهم. والمتفاني سيترك سمعة حسنة في التاريخ".