- أشرف صالح – فلسطين – غزة - كاتب وإعلامي ومختص بالشأن السياسي
في الأيام الماضية بدأ الآلاف في إسرائيل بالتظاهر ضد خطة نتنياهو للسيطرة على القضاء وإضعافه , وإستمرت المظاهرات لأيام عدة ولا زالت تتزايد من حيث عدد المتظاهرين , وأيضاً من حيث سلوكهم الذي يتزايد بالعنف , وخاصة أن نتنياهو أصبح يقيل كل من يعارضه أو حتى ينتقده من الوزراء , مثلما فعل مع وزير الأمن , وإمتدت المظاهرات الى مناطق عدة داخل إسرائيل ولا زالت تمتد , وذلك لأن اليهود يعتبرون أن القضاء هو منطقة حساسة في الدولة التي يعتبرونها بأنها هي البقعه الوحيدة التي تنعم بالديمقراطية من بين المحيط العربي , وخاصة المحيط الأقرب والأحق بهذه الديمقراطيه , وهو فلسطين والتي تتعطش للديمقراطية منذ زمن بعيد (...) , وإذا سقط القضاء من وجهة نظر المتظاهرين من أنصار القضاء , فستسقط راية الديمقراطية في إسرائيل , حتى ولو كانت مزعومة كما تقول الأحزاب السياسية الفلسطينية .
والسؤال هنا , هل ستتحول إسرائيل الى دولة دكتاتورية مثل العرب ؟ وإذا تحولت فما هو السبب , وماذا سيحدث في إسرائيل , والإجابة على هذا السؤال يعتمد على معرفة تركيبة إسرائيل السياسيه , فالتركيبة السياسية في إسرائيل تعتمد على أربعة أساسيات وقواعد "التاريخ – والأيديولوجية – والأشخاص – والأحداث" فالقاعدتين الأولى والثانية التاريخ والأيديولوجية قد تتناقض مع الثالثة والرابعة الأشخاص والأحداث , بمعنى أن التاريخ والأيديولوجية في إسرائيل تتحدثان عن أن إسرائيل دولة دينية ولن تستمر وتعمر إلا بتطبيق تعاليم التوراة وعلى رأسها العدل كما يقولون , وفي المقابل الأشخاص اللذين يحكمون ويتفقون مع الأحداث والتي تساعدهم على الحكم , هم من يهددون بقاء الدولة الدينية والتي هي قائمة على العدل كما يقولون , ومن هنا فالتغيرات السريعة في إسرائيل والتي من الممكن أن تسبب في الفوضى وعدم الإستقرار , والتي من الممكن أن تسبب في الحرب الأهلية بين رجال الدين الذين يسيطرون على مفاصل الدولة , وهم يتعمدون على التاريخ والأيدلوجية , وبين رجال العلمانية والليبرالية وهم يعتمدون على الأحداث والمتغيرات وعلى الأشخاص , وبالطبع فالشخص الذي يقف على رأس التغيرات في إسرائيل هو نتنياهو , لأنه كشخصية سياسية أصبح لا يؤمن إلا بمصلحته الشخصية كمعظم حكام العرب ,
وبعد معرفة التركيبة المعقدة في المجتمع الإسرائيلي , نستطيع أن نقول أن إسرائيل في هذا الوقت في صراع بين أنصار الأيدلوجية والتاريخ والدين , وبين أنصار الأشخاص الذين يستغلون الأحداث والمتغيرات الدولية لحسابهم الخاص , أمثال نتنياهو ومن يؤيده , وهذا بجد ذاته مؤشر قوي بأن إسرائيل تمر في أزمة قد تغير من ملامح الدولة والى الأبد , وها هي الآن إسرائيل تتحول شيئاً فشيئاً الى دولة دكتاتورية يقودها أشخاص معينين , وتبعد شيئاً فشيئاً عن حكم الأيديولوجيات والدولة الدينية والتي تدعو الى النزاهة والعدل بحسب زعمهم , وأنا من وجهة نظري ككاتب أن إسرائيل الآن هي الأقرب للتحول الخطير والسريع , وستكون السنوات القادمة تحمل عنوان الدكتاتورية في إسرائيل , كما حملتها دول عربية كثيرة ولا زالت تؤمن بها ضد شعوبها...
أشرف صالح – فلسطين – غزة - كاتب وإعلامي ومختص بالشأن السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت