ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية بأن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" تقدر بأن احتمالات خوض إسرائيل حرب خلال السنة القريبة قد ازدادت، خلال الأشهر الأخيرة، وأن المستوى الساسي والقيادة العسكرية في إسرائيل مطلعة على هذه التقديرات.
وفيما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية العدوانية ضد الفلسطينيين، وخاصة في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، التي ترفع مستوى التوتر في المنطقة، وكذلك في سورية ولبنان، إلا أن "أمان" اعتبر أن ارتفاع احتمالات الحرب ليست مرتفعة، وذلك لأن إيران وحزب الله وحماس ليسوا معنيين بالضرورة بمواجهة مباشرة وشاملة مع إسرائيل.
واعتبر "أمان" أنه "يلاحظ بوضوح أن هذه الجهات الثلاث مستعدة للمخاطرة والرهان بعمليات هجومية"، بادعاء أنها "تعتقد أن إسرائيل ضعفت في أعقاب الأزمة الداخلية التي تشتد، والتي قلصت حيز مناورتها الإستراتيجية". وتشير "أمان" بذلك إلى الأزمة التي تسببت بها خطة الحكومة الإسرائيلية لإضعاف جهاز القضاء والاحتجاجات الواسعة ضدها.
وبحسب الصحيفة، فإن "أمان" تتحدث، منذ أشهر، عن تصعيد "متعدد الجبهات"، وقالت إنه تحقق قسم منه الأسبوع الماضي، عندما تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وبين قطاع غزة ولبنان وإطلاق قذائف صاروخية من الأراضي السورية، على إثر الاعتداءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى.
وأضافت "أمان" أن المسجد الأقصى سيبقى في مركز الاهتمام مع حلول نهاية شهر رمضان، بسبب تزامنه مع عيد الفصح اليهودي، الذي ينظم المستوطنون واليمين المتطرف الإسرائيلي خلاله مسيرات استيطانية لتوسيع الاستيطان وطقوس دينية استفزازية في المسجد الأقصى ومحيطه.
واعتبرت "أمان" أن التصعيد خلال شهر رمضان يندمج في ثلاثة تطورات مركزية تؤدي إلى تغييرات في بيئة إسرائيل الإستراتيجية، وهي تراجع الاهتمام الأميركي بما يحدث في الشرق الأوسط، زيادة ثقة إيران بنفسها من خلال محاولات لتحدي إسرائيل مباشرة، وتزايد انعدام الاستقرار في الحلبة الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالرغم من تباهي الجيش الإسرائيلي بتوثيق علاقاته مع القيادة الوسطى للجيش الأميركي (سنتكوم)، في السنتين الأخيرتين، إلا أنه "نشأ الانطباع أن الأميركيين أقل حماسة لمشاركة إسرائيل بمعلومات استخباراتية وخطط عملياتية". كذلك فإن زيارات قيادة سنتكوم لإسرائيل ليست ودية بالضرورة، وإنما تهدف بالأساس إلى التأكد من أن إسرائيل "لا تنفذ خطوات تافهة ولا تشعل الشرق الأوسط".
وشددت الصحيفة في هذا السياق على أنه "يفضل عدم طمس ذلك: يوجد فتور معين تجاه إسرائيل، في المستويات المهنية (العسكرية والاستخباراتية) في واشنطن". ولا يزال الرئيس الأميركي، جو بايدن، يمتنع عن دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لزيارة البيت الأبيض، منذ عودة الأخيرة إلى رئاسة الحكومة. كذلك عبّرت بايدن عن قلقه من خطة نتنياهو لإضعاف القضاء وعبرت إدارته عن تأييدها للاحتجاجات ضد الخطة، وطالبت بالتوصل إلى اتفاق واسع حولها.
وأضافت الصحيفة أن "الأميركيين قلقون من إمكانية أن تتصرف إسرائيل بشكل عديم المسؤولية في المناطق (المحتلة)، أو تستدرجهم إلى تبادل ضربات (أي مواجهة عسكرية) مع إيران. وكشف المخططات الإيرانية لاستهداف مسؤولين في المؤسسة الأمنية الأميركية أثارت قلقا في واشنطن".
وازداد القلق الإسرائيلي في أعقاب تقارب بين إيران ودول في الخليج. وإلى جانب ذلك، "يرصدون في جهاز الأمن الإسرائيلي تغيرا تدريجيا في توجه طهران نحو إسرائيل. فقد انتقلت إيران إلى حالة خصومة إستراتيجية مباشرة مع إسرائيل، وعزمها على استهدافها يحتل مرتبة أهم في سلم أفضلياتها الإستراتيجية. والاعتقاد في جهاز الأمن الإسرائيلي هو أن الزعيم الروحي الإيراني، علي خامنئي، أصدر توجيها مباشرا بزيادة الجهود من أجل استهداف غايات إسرائيلية داخل الخط الأخضر والمناطق (المحتلة) وتعزيز الدعم للمنظمات للفصائل الفلسطينية التي تنفذ ذلك".
وينبع تغيير التوجهات الإيرانية، وفقا للصحيفة، من تزايد الهجمات الإسرائيلية في الأراضي الإيرانية ضد البرنامج النووي، والهجمات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سورية.
ونفت "أمان" ما تردد في إسرائيل بأن إطلاق القذائف الصاروخية من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل الغربي، لم يكن سينفذ من دون مصادقة حزب الله. وذكرت الصحيفة في هذا السياق أن ضباط "أمان" قالوا خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، يوم الخميس الماضي، إن إطلاق هذه القذائف الصاروخية هو "مبادرة لحماس"، وأن قادة حماس في الخارج، صالح العاروري وخالد مشعل، "صادقا على هذه الخطوة على ما يبدو"، وأن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، "لم يكن على ما يبدو في الصورة مسبقا"، وأن "ثمة شكا إذا كانت القيادة في غزة، يحيى السنوار ومحمد ضيف، على علم بذلك".
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو وافق على موقف الجيش الإسرائيلي، وقال إن "الذي يعاني من ذبحة لا يذهب للجري في ماراثون"، وذلك بسبب الوضع الإقليمي بشكل عام والأزمة الإسرائيلية الداخلية. ووافق على ذلك الوزيران المتطرفان، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، "اللذان باتا يتعرفان على قيود القوة".