تشعر نجاح نبهان بالقلق حيال مستقبلها وعشرات من أقاربها الذين اضطروا لترك منازلهم جراء القصف الإسرائيلي الكثيف خلال خمسة أيام من تبادل النيران بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة في قطاع غزة المحاصر.
وتقول نبهان وهي تقف بجانب كتل إسمنتية وألواح خرسانية هي ما تبقى من المبنى السكني الذي كانت تقطنه و45 فردا آخرين "تم قصف المنزل بمجرد وصولي إلى الشارع".
وكانت المواجهات الأخيرة الأعنف بين غزة وإسرائيل بدأت الأسبوع الماضي بضربات جوية أسفرت عن استشهاد ثلاثة قادة عسكريين في حركة الجهاد الإسلامي، واستمرت خمسة أيام.
وتسببت جولة التصعيد الأخيرة بدمار عشرات المنازل بينما نقلت الأمم المتحدة عن مسؤولين في القطاع أن 103 منازل دمرت بشكل كامل بينما لحقت أضرار بالغة بـ140 آخرين.
وساعد الجيران نبهان (56 عاما) في إجلاء خمسة من بناتها وهن من ذوي الاحتياجات الخاصة ولسن قادرات على المشي، من المبنى قبيل قصفه.
واليوم، أصبحت نجاح وعائلاتها دون مأوى.
وتقول "آمل أن يتحقق حلمي بتوفير منزل أجمع فيه أولادي وبناتي ... سآخذهم الآن إلى منزل الجيران ليستحموا وأستعير الملابس من الناس". وتستدرك "لم آخذ شيئا معي".
ويقول ابنها بلال الذي يقطن في نفس المبنى إن شقيقه تلقى اتصالا هاتفيا من الجانب الإسرائيلي يطلب منهم الخروج.
لكن بلال يؤكد عدم قصف المنزل بصاروخ تحذيري الذي عادة ما يكون صغيرا ويسبق قصف المبنى بشكل كامل.
ولم يرد الجيش على استفسار وكالة فرانس برس حول سبب استهداف المنزل.
ويؤكد بلال أنه "لا يزال يعيش الصدمة".
ويضيف الشاب "نحن نبيع البقدونس في السوق مقابل عشرة شواكل (2.70 دولارا أميركيا) في اليوم".
ويتابع "نحن 45 شخصا في هذا البيت ... الناس كانت تصرخ، أنا أطلب مأوى لـ45 شخصا".
ويشير بلال إلى الأنقاض ويقول "الآن ينامون هنا (إلى جانب الأنقاض)".
ولطالما خاضت إسرائيل والفصائل المسلحة في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس الإسلامية حروبا عديدة في السنوات الأخيرة.
وأسفر التصعيد الأخير عن استشهاد 35 شخصا، بينهم 33 فلسطينيا في قطاع غزة.
وفي آب/أغسطس 2022، أدت ثلاثة أيام من الاشتباكات بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى استشهاد 49 فلسطينياً، بينهم 12 من أعضاء الجهاد الإسلامي، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا، وفقا للأمم المتحدة.
ولا يستطيع سوى عدد قليل من الذين دمرت منازلهم في غزة من إعادة بنائها في القطاع الذي وصلت نسبة الفقر فيه إلى نحو 53 في المئة وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة حيث يقطن 2,3 مليون نسمة جوا وبرا وبحرا.
- "أحلامي تحطمت" -
في دير البلح وسط قطاع غزة تسلق الأطفال أكواما ضخمة من الخرسانة التي خلفها القصف الإسرائيلي.
وفي أحد الأحياء السكنية شديدة الاكتظاظ، نجا منزل محمد زيدان من قصف مباشر لكن قوة القصف كانت كافية لتدمير جدرانه.
ويقول زيدان (29 عاما) "عندما تريد استهداف شخص واحد لا داعي لتدمير مجمع سكني بأكمله".
ويضيف "أنا شاب أعيش في بيتي مع أطفالي، جل تركيزي في عملي، ما ذنبي أن تجعلني أدفع الفاتورة".
ويتساءل "لماذا؟ تكتب لي نكبة مدى حياتي لأني فلسطيني؟".
وفي الوقت الذي كان زيدان يمشي فوق بقايا غرفة نومه الإثنين، كان الفلسطينيون في مدن أخرى يحيون الذكرى 75 للنكبة التي وقعت في العام 1948 عندما هُجّر أكثر من 760,000 فلسطيني من ديارهم خلال الحرب التي تلت إعلان قيام إسرائيل.
ويوضح زيدان الذي ينام في الشارع خلف المبنى منذ أربع أيام "يذكرني ذلك بأن الشعب الفلسطيني منكوب ويتعرض للانتهاكات هنا أو في الضفة أو القدس.... كل الدول الغربية والعربية تتعامل معك على أنك مجرم إرهابي".
ولم يرد الجيش الإسرائيلي فورا على استفسار فرانس برس حول استهداف الحي.
عندما علمت بتدمير منزلها تعرضت حنين نبهان ابنة نجاح للإغماء.
وتقول حنين التي تستخدم كرسيا متحركا "كل الأوجاع كانت بداخلي" وتشير إلى أن أحلامها "تحطمت".
وتضيف "الدواء الذي أحتاجه أصبح وسط الركام، كل أحلامي كانت في البيت والآن ذهبت".