انطلقت، يوم الثلاثاء، أعمال المؤتمر العام لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، "مؤتمر الشهيدة شيرين أبو عاقلة"، في قاعات الهلال الأحمر الفلسطيني بالتزامن بين الضفة وغزة.
واستهل المؤتمر الذي حضره رئيس الوزراء محمد اشتية، ممثلا عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، وأعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة "فتح"، والمجلس الثوري، وقيادات وطنية، ووزراء، وممثلون عن فصائل العمل الوطني، وشخصيات رسمية واعتبارية، وكتاب ومثقفون، وممثلون عن مؤسسات القطاعين العام والخاص، والاتحاد الدولي للصحفيين، وصحفيون عرب وأجانب، بالنشيد الوطني الفلسطيني، والوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، قبل أن يعلن نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر عن اكتمال النصاب القانوني للمؤتمر، بحضور 1974 من غزة والضفة.
اشتية: شكلنا لجنة لدراسة أوضاع الصحفيين لحمايتهم وتوفير أفضل الظروف لعملهم
قال رئيس الوزراء محمد اشتية، إن مجلس الوزراء شكل لجنة لدراسة أوضاع الصحفيين العاملين في مهنة البحث عن المتاعب، وحمايتهم، وتوفير أفضل الظروف لعملهم لأداء رسالتهم بمهنية ومسؤولية تمليها عليهم قوانين المهنة.
وأكد اشتية في كلمته ممثلا عن الرئيس محمود عباس،أن الصحفيات والصحفيين جنود الحقيقة وشهود التاريخ والحاضر أمام محاكم الضمير الدولي ومحاكم التاريخ، والصحافة هي عين الحقيقة في فلسطين، وهي في مواجهة مع من يريدون أن يطفئوا نور الحقيقة.
وتابع: أن الصحافة هي إحدى أهم أدوات تفعيل الديمقراطية في أي مجتمع، وماعون لصيانة الأطر الديمقراطية ورافعة التغيير في المجتمعات وصانعة الرأي العام، مشددا على التزام الحكومة بحرية الصحافة وحرية الرأي والتفكير وحق الصحافة في الاستقصاء والوصول إلى المعلومات.
ولفت اشتية إلى أن فلسطين تعيش ظروفا غير طبيعية، ورغم ذلك تتعدد المشارب الإعلامية التي تعكس تعددية سياسية، مشيرا إلى أنه من غير المعقول أن تُجري إسرائيل 5 انتخابات في أربع سنوات وأن تحرمنا من حقنا في الانتخاب بحرماننا من حقنا الانتخابي في مدينة القدس، ورغم ذلك أجرينا انتخابات طلابية ونقابية واتحادات وانتخابات بلدية.
وأكد اشتية باسم الصحفيين ضرورة القتال من أجل الحق الديمقراطي مثلما نقاتل من أجل إنهاء الاحتلال وأدواته الاستعمارية، وأن الحكومة تعمل على إنجاز الوحدة الوطنية على أساس وحدة الهدف ووحدة أدوات النضال، مستندة إلى برنامج نضالي وسياسي متفق عليه.
وأشار إلى أن القناص الإسرائيلي الذي قتل شيرين أبو عاقلة أراد أن يردي شاهدة لتصبح شهيدة، ولتنضم إلى 50 صحفيا سبقوها إلى العلى، بما فيهم الشهيد ياسر مرتجى، مؤكدا أن الحكومة ستبقى وفية لدم الشهداء وأنها ستتابع ملف المحكمة بكل الوسائل.
أبو بكر: المرحلة المقبلة هي مرحلة الانتقال إلى مأسسة العمل النقابي وتطويره
قال نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، "إن المرحلة المقبلة هي مرحلة الانتقال من التصويب والتأسيس إلى مأسسة العمل النقابي وتطويره، وفق معايير الاتحاد الدولي للصحفيين، وتكريس وحدة الصحفيين، وتطوير البناء الإداري، وتكريس الشفافية وتطوير البنية الضامنة لحقوق الصحفيين، والمواءمة القانونية لقانون الخدمة المدنية بما يحقق المصالح والمطالب للصحفيين العاملين في الإعلام الرسمي".
وأضاف أبو بكر، أن مأسسة العمل النقابي تأتي في سياق ضمان حقوق الصحفيين المعيشية والمهنية، وإقامة تحالفات أوسع مع مختلف المؤسسات والنقابات، إضافة إلى إنشاء المركز الوطني للسلامة المهنية، وللتدريب، وتأسيس صندوق الزمالة المهنية للصحفيين.
وأوضح أن هذا المؤتمر ينعقد بعد نحو أربعة أشهر من المؤتمر الاستثنائي للنقابة الذي عُقد مطلع العام الجاري، والذي حضره حينها 1780 صحفيا في الضفة وقطاع غزة، حيث أُقر فيه النظام الداخلي الجديد الذي يؤسس لانطلاقة جديدة.
وأشار إلى أن اسم شيرين الذي يحمله اسم المؤتمر، تأكيداً منا أن قضية شيرين لن تسقط بالتقادم، وستظل روحه تطارد القتلة حتى محاكمتهم على جرائمهم في القضاء الدولي، حيث توجهنا مع الاتحاد الدولي للصحفيين إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمها بحق الصحفيين الشهداء والجرحى، إذ ارتقى منذ عام 2000 55 صحفيا، بينهم صحفي إيطالي وبريطانيان، وآخرهم الشهيدان أحمد أبو حسين وياسر مرتجى من قطاع غزة، وشيرين أبو عاقلة في الضفة.
ولفت أبو بكر إلى أن نقابة الصحفيين في بريطانيا وإيرلندا، وفرت لنقابة الصحفيين الفلسطينيين أكفأ المحامين على مستوى العالم الذين يتابعون ملفات القضايا في المحكمة الدولية.
وأردف: "يعمل الصحفيون على نقل رواية الحقيقة والتاريخ للشعب الفلسطيني ضد المحاولات الإسرائيلية لتزوير التاريخ والحقيقة، وهذا ما يستفز الاحتلال ويترجم ذلك باستهدافه لهم في محاولة لقتل الحقيقة والعدل، لكن الصحفيين سيواصلون حمل الأمانة عالية".
رئيسة الاتحاد الدولي للصحفيين: المطلوب تضافر الجهود الدولية لحماية الصحفيين ورفع الحصانة عن المعتدين
تطرقت رئيسة الاتحاد الدولي للصحفيين دومنيك بدالي للاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون في قطاع غزة والضفة، حيث لا يمر أسبوع دون أن يكون هناك ضرب واعتداء بقصد، وبقرار مسبق، أو إصابة برصاصة مطاطية، وبأعقاب البنادق، أو التعرض لإطلاق نار، الأمر الذي يتطلب جهودا دولية منظمة لحماية الصحفيين، ورفع الحصانة عن المعتدين.
وأضاف بدالي "نظمنا خلال السنوات الماضية الكثير من البعثات، والزيارات، والرحلات الى المنطقة، وأصدرنا الكثير من التوصيات، والتقارير، والبيانات الاحتجاجية ضد المعاملة، والقتل، والإصابات بحق الصحفيين على أيدي قوات الاحتلال".
وأشادت بدور نقابة الصحفيين التي تبذل على مدار ثلاثة عقود جهودا لنقل القضية الفلسطينية الى العالم أجمع.
وأضافت: إن قلبي يذهب مع الشهيدة شيرين أبو عاقلة التي قتلت في جنين قبل عام، ولا يزال العالم ينتظر الحقيقة والعدالة، ونحن مع عائلتها من أجل تقديم دعوى قضائية الى المحكمة الجنائية الدولية، حيث ابتدأنا في أيلول\ سبتمبر الماضي العمل على ذلك، وقدمنا إضافة لذلك بعض القضايا عن الصحفيين الفلسطينيين الآخرين.
الجوهري يطالب بحماية فورية للصحفيين في العالم لا سيما في فلسطين
قال الأمين العام المساعد لاتحاد الصحفيين العرب سالم الجوهري، إن اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ألقى بثقل كبير على دول العالم والمنظمات الدولية بضرورة توفير الحماية للصحفيين في العالم، خاصة بالمناطق الساخنة، لا سيما في فسطين، التي تعاني منذ 75 عاماً من التعسف والاغتيال والسجن والتعذيب لأبنائها.
وأضاف: "هذا الثقل لا بد أن ينتج عنه مواثيق دولية توفر الحماية للصحفيين، وتحاسب القتلة، وتعتمد طرقا تمكن الصحفيين حول العالم خاصة الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم وعملهم بحرية، وليستطيع الصحفي أن يؤدي رسالته، وينقل الحقيقة كما هي".
وأشار الجوهري إلى أن إفلات القتلة الذين يلاحقون الصحفيين والمدنيين يعني طغيان قانون الغاب، والقتل الممنهج، والترويع، والترهيب، ودفع سكان فلسطين إلى هجرة أخرى.
وتابع: "الصحفية أبو عاقلة ليست أيقونة فلسطين فقط، بل هي أيقونة عالمية، واغتيالها هو اغتيال حرية الكلمة التي يدافع عنها حراس الكلمة في فلسطين، وفي جميع أنحاء العالم، ولم يحدث في التاريخ أن حظيت جريمة اغتيال صحفي بما حظيت به هذه الأيقونة التي أحزنت العالم كله، الحقيقة التي تؤكد أن فلسطين باقية وستبقى ما بقي هذا الكون ينبض بالحياة".
شقيق الشهيدة أبو عاقلة: لولا صوت شيرين القوي لما اغتالها الاحتلال وما زلنا نبحث عن العدالة
من جانبه، قال أنطون أبو عاقلة شقيق الشهيدة شيرين "لقد مر أكثر من عام على اغتيال شقيقتي، وما زلنا نبحث عن العدالة، ومنذ اللحظة الأولى كانت نقابة الصحفيين وزملاؤها هم السند الأول للعائلة، وعملوا على تقديم طلب لمحكمة الجنايات الدولية في شهر أيلول\ سبتمبر الماضي، لفتح تحقيق مهني وشفاف في اغتيال شيرين، وما زلنا ننتظر حتى اليوم قرارًا حول هذا الموضوع، إضافة إلى قيام شبكة الجزيرة بفتح تحقيق آخر في العام نفسه، دون رد".
ولفت أبو عاقلة إلى أن زملاء الشهيدة قد اجتهدوا محليًا وعالميًا لمتابعة الاغتيال، وأجرت العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية تحقيقات في اغتيالها، وكلها أثبتت أن القاتل هو قناص إسرائيلي، كما قام العديد من زملاء شيرين بمتابعة الأحداث والاعتداء على جنازة شيرين في المستشفى الفرنسي بالقدس، التي كان للعائلة، وللكل بمثابة اغتيال ثانٍ لها في ظل غياب المساءلة الدولية والحصانة التي يتمتع بها هذا الاحتلال.
وشدّد على أننا كنا نرى الصحافة الصفراء الإسرائيلية تحاول تبييض صفحة القاتل، وتزوير الحقائق وإلصاقها بجهات أخرى غير مسؤولة عن القتل، وكل هذا في ظل صمت دولي مستمر دون محاسبة، مناشدًا كل صحفي حر بعدم التوقف عن الكتابة عن شيرين، وعن كل شهداء فلسطين، فهذا يشكل ضغطًا كبيرًا عليه، فلولا صوت شيرين القوي لما اغتالها الاحتلال.
شقيق الشهيد ياسر مرتجى: نشيد بالجهود المبذولة لتدويل قضية شهداء الصحافة
وقال معتصم مرتجى شقيق الشهيد الصحفي ياسر مرتجى، إن الصحفيين تعرضوا لجرائم الاحتلال، وإن أكثر من 50 شهيدًا سقطوا بفعل إطلاق الرصاص، وقذائف الاحتلال منذ عام 2000 وحتى اليوم، إضافة إلى إصابة واعتقال المئات، وتدمير المؤسسات الصحفية والإعلامية، ومنع حرية الحركة والتنقل، ومنع دخول وسائل ومعدات السلامة المهنية، وعدم السماح بدخول الأجهزة الخاصة بالقنوات والمؤسسات الصحفية.
وأردف: كنت شاهدًا لحظة إصابة أخي ياسر واستشهاده، حيث كان يغطي مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، مرتديًا الزي الصحفي، إلا أن القناص الإسرائيلي استهدفه بطلق متفجر لسبب واحد، وهو أنه كان يوثق إرهاب الاحتلال المنظم، وفضح جرائمه بحق أبناء شعبنا، مشيدًا بجهود نقابة الصحفيين في تدويل قضية شهداء الصحافة، ومنهم ياسر، والشهداء أحمد أبو حسين، وفضل شناعة، وشيرين أبو عاقلة.
الأمين العام لاتحاد الصحفيين الإفريقي: نؤمن بأن النضال الفلسطيني هو نضال إفريقي أيضا
قال الأمين العام لاتحاد الصحفيين الإفريقي عمر فاروق، إن هناك علاقة تاريخية بين القارة الإفريقية وفلسطين، وشعوب إفريقيا لديها ارتباط بالشعب الفلسطيني، فالنضال الإفريقي من أجل شعوبها وحريتها وكرامتها، هو نضال من أجل فلسطين أيضاً.
وأكد، أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين لها عضو مراقب في الاتحاد الصحفيين الإفريقي، وهذا ما يبين مدة الترابط والعلاقة والتضامن الممتد عبر التاريخ بين القارة الإفريقية وفلسطين.
وتابع فاروق: "سنكون دائما من أجل نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وسنعطيها عضوا مراقبا دائما في الاتحاد الإفريقي، لأننا بهذا التضامن نؤمن بأن النضال الفلسطيني هو نضال إفريقي أيضاً".