- بقلم علي بدوان .. عضو اتحاد الكتاب العرب
المقدسي، المُلتزم، مواليد المدينة المقدسة عام 1942، والذي لم تغادره مدينة القدس، بحاراتها الحميمة والدافئة، واوابدها، وتاريخها، كتب ولحنَّ لها حسين نازك، فاطلق موجات الألحان الشجية التي انسابت بين أنامله من أجلها ومن أجل كل فلسطين، لتتضافر مع الصوت بتموجاته، وسحره وعذوبته، مشاعر الناس الوطنية، فكان (أبو علي) بحق رائداً من رواد الأغنية السياسية والوطنية، والقومية، في الساحة الفلسطينية، وعالمنا العرب. وقد تحوّلت الأغنية والحانها وكلماتها بين يديه الى سلاحٍ لايُثلم، بل ووظف الأغنية لإعادة تجديد الذاكرة الوطنية، وشحنها كل يوم، في معترك معركة قاسية في مواجهة الإحتلال، الذي يريد نهب التراث الفلسطيني بعد الأرض.
حسين نازك، تبوأ مكانه، ونستطيع أن نصفه، وبكل ثقةٍ عالية، بأنه ملك الأغنية الملتزمة، ملك اعادة صياغة وكتابة التاريخ الوطني الفلسطيني، بطريقة مغايرة لما كتبه ودوّنه الأخرون بعيداً عن الكتابة الكلاسيكية. فكانت الأغنية، بل الوصلات التأريخية عبر انسياب الكلمات والألحان، مساهمة بطريقة جديدة، في تدوين التاريخ الحديث والمعاصر. من (سرحان والماسورة) التي كتب كلمتها الشهيد ابن الناصرة، توفيق زيّاد، واغاني القسام التي صيغت قبل قيام فرقة العاشقين، واغاني مدن فلسطين، كالخليل مثلا اصبحت نشيد المدينه وشعارها (الشهد في عنب الخليل) للراحل المُبدع عز الدين المناصرة، الى الإنتاجات المتتالية التي لم تتوقف لحظة في أعمال حسين نازك.
وفي الحقيقة الساطعة، أن فرقة اغاني العاشقين. وتأسيسها وانطلاقتها. والنجاحات التي أنجزتها كان المؤسس والديناميكي الأول فيها، وملحنها كاتب معظم اغانيها حسين نازك. صاحب التاريخ الطويل والمضني في هذا الميدان. الذي لم يشق غباره، فأبدع (أيما ابداع) في استخدام الآلات الموسيقية والوترية، التي كان يتقن كيف يستثمرها في كلِ اغنية، وكيف يوظفها في مجال ابداعاته، وحتى العزف عليها، حال اضطر شخصياً للولوج الى ميدان العزف مُتعدد العمل لسببٍ ما عند أداء بعض الأغنيات.
أوجد ـــ بل ونقول مجازاً ـــ صنع حسين نازك، جمهوراً عريضاً أحاط به في الوسطين الفلسطيني والعربي، في ظل انتاجاته الفنية الرائعة في الأغنية السياسية، وذات البعد التاريخي، والتي استقطبت الناس، ودفعت بهم، لحفظ تلك الأغاني، وترديدها في معظم المناسبات الوطنية في مراحل هامة من التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، بل وفي الأفراح والأتراح.
يستحق حسين نازك (أبو علي)، وكل من عمل معه، وتحت أنامله التي كانت تعطي اوامرها ولتصدر معها تلك الألحان الجميلة، مشفوعة بالكلمات الوطنية، كل التقدير، فنشر الاغاني لتودى بالملاعب، ولتجمع الجمهور، متحلقاً حولها.
إنه حسين نازك (أبو علي)، ونحن مازلنا بحاجةٍ اليه، والذي يسبقه فعله واسمه في القدس العتيقة، وفي حواريها، وعموم الأرض الفلسطيني من اقصاها لأقصاها، كذلك الحال في الشتات الفلسطيني، وفي مخيمات اللجوء وتجمعات لاجيء فلسطين في سوريا على وجه الخصوص، التي يعيش حسين نالك فوق ارضها باعتبارها الجزء الأخر والمُكمّل من الوطن الواحد في بلاد الشام. وفلسطين الإقليم الجريح فيها منذ النكبة.
حسين نازلك (أبو علي)، تتلمذ على يد الموسيقي يوسف خاشو، وعلى يد الموسيقي فقد اسس فرقة العاشقين عام 1976، وكان مديرها منذ التأسيس حتى 1985، أيضًا أسس فرقة زنوبيا القومية الحديثة، وشارك في تلحين النشيد الوطني الفلسطيني (فدائي) واعاد توزيعه من جديد لجهة الكلمات واللحن. وقد تولى عام 2015 مهمة إحياء وجمع وإعادة تأهيل التراث الفلسطيني الفلكلوري المكتوب والمسموع والمرئي كمدير تنفيذي للمشروع من قبل المنظمة العربية التربية والثقافة والعلوم. كما ساهم في بوضع موسيقا وألحان الكثير من المسلسلات والبرامج التلفزيونية، وأيضًا موسيقا وألحان حفلات الافتتاح لأربع دورات رياضية في سوريا وهي دورة الألعاب العربية 1976، ودورة الشباب العربي عام 1981، والدورة الأولى للقوات المسلحة عام 1983، ولوحة من حفل افتتاح دورة المتوسط 1987، ووضع موسيقا عشرين مسرحية. وهو عضوًا في المكتب التنفيذي للمجمع العربي للموسيقا، وعضو مجلس الموسيقا الدولية، وعضو الجمعية الأميركية للملحنين والناشرين. كما حصل على عددٍ من الجوائز، منها: الجائزة الأولى لأفضل توزيع أوركسترالي لنشيد وطني (بلاد العرب أوطاني)، وجائزة أفضل استخدام موسيقى للتراث العربي من مهرجان قرطاج 1980، وجائزتين ذهبيتين من اليابان.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت