هل المملكة المغربية وطنا رديفا للإسرائيليين ؟؟

بقلم: عبد الرحمن سعيدي

الملك المغربي.jpg
  • سعيدي عبد الرحمن- كاتب جزائري_ محلل سياسي


لما وقعت  المملكة المغربية اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني في ظل مشروع صفقة القرن الصهيوامريكي أو ما يسمى اتفاقيات ابراهام  التي روج لها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب
  وتوهم الكثير أن الذي حدث هو اتفاق سلام مغربي صهيوني تستفيد منه المغرب تحقيق الاعتراف بمغربية الصحراء والوحدة الترابية حيث تعتبرها المغرب ضمن  المصلحة

 الوطنية الاستراتيجية  يشمل الاتفاق إعادة العلاقات الديبلوماسية وهب في حقيقتها ام تنقطع  وفتح السفارات وتحقيق المصالح الاقتصادية والتجارية والأمنية والثقافية والسياحية وغيرها.

 وبالمقابل يعترف الكيان الصهيوني  من جهته   بالوحدة الترابية للمغرب  وان الصحراء الغربية جزء من الأراضي المغربية وليست صحراوية  .


لكن مع مرور الأيام و الشهور والسنوات وتفاقمت الأزمات وزادت حدتها  في الجهتين  كل له أسبابه فالكيان الصهيوني يعيش أزمة سياسية داخلية  تهدده ووجود انقسام حاد أخذ أبعاده السياسية والدينية
 والاجتماعية والأمنية.

  ويعرض وجود الكيان  للخطر  والانهيارات وأغلب المحللين السياسيين والاستراتيجيين والمثقفين والأكاديميين وكبار الشخصيات الاسرائلية تتحدث عن مؤشرات الانهيار  وعلامات  نهاية  وجود الكيان الإسرائيلي كدولة  وتجمدت لدية  كل مؤشرات النمو والاستمرار  والاستثمار ويعيش انقساما  سياسي لم يسبق أن مر به  الكيان من قبل.
 
وقد صرح الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ  في تغريدة " أن إسرائيل تنهار أمام عيني وان البلاد ستنهار خلال سنوات " .

وقد ذكرهم بانهيار دولتي اليهود في مدة ثمانين سنة هما  مملكة داود ومملكة "حشمونايم" التي لم تتجاوز كلاهما ثمانين سنة  وإسرائيل الحالية عمرها 75 سنة من وجودها واحتلالها لأرض فلسطين  المحتلة ".

وقال ايضا":
 عندما انظر الى المجتمع الإسرائيلي والمواطنين والنظام السياسي والعامة وارى حجم  المعسكرات كلها مهيئة على طول الجبهة لمواجهة شاملة على صورة دولة إسرائيل ولكني قلق للغاية من أننا على صراع داخلي خطير يمكن أن يلتهمنا ويقضي علينا " .


ولا يمكنني عرض كل التصريحات والتحليلات والخطابات  منها تصريحات إيهود باراك رئيس الحكومة السابق ووزير دفاعه ومسؤولي الموساد والمخابرات العسكرية السابقين منهم الرئيس السابق لموساد تامير باردو قال عن إسرائيل " دولة بلا استراتيجية ".

 حيث قال: " الكثير يتحدث عن التهديدات الإيرانية والمقاومة الفلسطينية فإني أرى التهديد الأكبر يتمثل بنا نحن الإسرائيليين من خلال ظهور آلية تدمير الذات التي تم إتقانها في السنوات الأخيرة تماما" مثل ايام تدمير الهيكل الثاني مما يقتضي منا توقيف هذا المسار الكارثي قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة " .

  اغلب التصريحات والكتابات والتحليلات تحدثت عن صعوبة استمرار  دولة الاحتلال وما زاد في هذه الصعوبة هو توسع المقاومة إلى مناطق بفلسطين تعتبر مناطق الحزام الأمني والأمان لدولة الكيان .


وتحاول دولة الكيان بنظامها السياسي العنصري المتطرف  بقيادة حكومته  صرف أنظار الإسرائيليين عموما  من وضعهم المتأزم داخليا  والمزري والخطير  وترحيل أزمتهم وانقسامهم وصراعهم  إلى الضفة الأخرى اي عند الشعب الفلسطيني

 بالعدوان والهجوم وافتعال معركة مع غزة وفي القدس ومدن الضفة الغربية  منها :

جنين ونابلس طولكرم وشعفاط واريحا وكل القرى والمشاتل الفلسطينية.

   كان رد المقاومة الفلسطينية بقلب الموازين وتسوية الرعب بالرعب   حيث عمق فيهم رد المقاومة الفلسطينية الجراح  وحدة الانقسام وزاد من مخاوفهم من  انهيار دولتهم وكيانهم وجيشهم !


فالكيان الصهيوني يفكر الان  بصوت خافت وبعيدا عن الانضمام واسماع حلفائه  في لحظات  انهيار العيش أو صعوبته وخطورته  في فلسطين المحتلة.

 فالتطبيع مع المغرب والإمارات كان من أهدافه غير المعلنة  تهريب رؤوس الأموال وتجنيبها الانهيار والافلاس و كذلك


 تحريك الاستثمارات خارج دولة الكيان في دولة  الامارات العربية المتحدة  وتهجير بعض من ساكنتهم ومستوطنيهم  اليهود إلى المغرب وتوفير لهم كل شروط الاستقرار
 والسكينة والاندماج هناك .


وفعلا بدأت الهجرة اليهودية الصامتة  إلى المملكة المغربية حيث تقدمت منظمة océan relocation وهي منظمة تهتم بالمهاجرين من العالم إلى الكيان الإسرائيلي  فقالت


 هناك هجرة معاكسة من عدد كبير  لليهود الذين هاجروا دولة الكيان وعادوا لاوطانهم الأصلية  ويتزايد عدد الراغبين في الهجرة إلى خارج الكيان أما تقلص عدد المهاجرين إلى داخل الكيان وتحدث تقرير منظمة  "océan relocation" أن عدد الإسرائيليين الراغبين في مغادرة البلاد في تزايد بسبب الوضع الغير مستقر في الدولة العبرية " .


والذين يغادرون أو يرغبون في المغادرة يزداد والمملكة المغربية من أكثر الوجهات المطلوبة من اليهود ذوي اصول مغربية  يرغب الإسرائيليون المغادرة إليها  
بحكم أن المملكة المغربية لم تسقط الجنسية عن اليهود الذين هاجروا منها مع مطلع الخمسينات والستينات في عهد الملك الحسن الثاني الذي ساعدهم على الهجرة واعتبرهم في خطاباته سفراء وأبناء الشعب المغربي الاصلاء


  وما زالوا في نظر القانون والدستور المغربي  مواطنين كاملي المواطنة   وعددهم في إسرائيل قد تجاوز 900  الف يهودي من أصول مغربية وفيهم  شخصيات حكومية وسياسية وأكاديمية ومثقفين ورجال أعمال أثرياء لهم استثمارات بالمغرب  وعسكريين وامنيين ومن المخابرات ولهم صلات قديمة ومتواصلة مع المغرب  .

 
والمملكة المغربية مع التطبيع الجديد  تهيأت فيها كل الشروط والظروف والمناخ للعيش المندمج intégration والمواطنة على كل مستويات لليهود  
ومنها تم إدراج  الثقافة اليهودية واعتبار  الطائفة اليهودية المغربية المقيمة في المغرب أو في دولة الكيان الإسرائيلي  مكون أساسي في الهوية المغربية الوطنية .

 وكذلك إدراج الديانة اليهودية في البرامج التعليمية والتربوية والثقافية بالمملكة المغربية لدي التلميذ والجامعي المغربي مسلما كان أو يهودي لان المخزن المغربي يعتبر ذلك طبيعي وعادي في المغرب وجزء من

 الشخصية الجمعية
وكذلك  في المجال الاستثماري والترقية الاقتصادية بادماج المؤسسات الاقتصادية ومختلف الشركات  الإسرائيلية في الاقتصاد المغربي وسوق العمالة و تحقيق التنسيق الأمني والعسكري ودمج الكفاءات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في التدريب والتكوين العسكري  للجيش  المغربي الملكي.

 
وخاصة أن بنود الاتفاق بين الكيان الصهيوني والمملكة المغربية تؤكد على حرية التنقل والسفر لليهود المغاربة و السياح الإسرائيليين  من والى المغرب وفتح الأجواء بينهما .

وفتح الاتفاق باب الامتيازات الاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية والإعلامية والأمنية وتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا لليهود
والإسرائيليون صاروا   أمام فرصة تاريخية ليجعلوا من المملكة المغربية وطنا رديفا لهم يتهيؤون للإقامة فيه في حالة انهيار "إسرائيل "
فتكون هناك مملكة مغربية بهيمنة إسرائيلية في كل الجوانب

  أو مملكة مغربية بمواصفات يهودية باحتلال القرار ورهن  السيادة فيها .


فالكيان وقيادته يوفرون احتياطا  على الأقل لمليون إسرائيلي من أصول مغربية ملاذا  ملجأ في حالة  انهيار "إسرائيل" في فلسطين .

اغلب الظن أن هذه الخلفية ليست فرضية أو تخمين بل هي حقيقة عمل عليها اليهود من داخل المغرب ومن خارجه .


سعيدي عبد الرحمن- كاتب جزائري_ محلل سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت