أوصى حقوقيون وسياسيون، بضرورة بالتمسك بالخطاب القانوني السياسي وإعادة توصيف الحالة الفلسطينية، في ظل حالة التباين حول ماهية تعريف الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أنه احتلال أم فصل عنصري.
وأجمع هؤلاء على أن الاحتلال الإسرائيلي كولونيالي عنصري يضرب بعرض الحائط كل القوانين والقرارات الدولية التي تصب في صالح الفلسطينيين وقضيتهم، مطالبين بضرورة صياغة مشروع وطني على مستوى دولي لإنهاء الكيان الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية نخبوية نظمها مجلس العلاقات الدولية- فلسطين بالتعاون مع حملة المقاطعة ومناهضة التطبيع- فلسطين، بمدينة غزة، تحت عنوان "احتلال أم فصل عنصري؟.. جدلية المصطلح وتداعياته الدولية".
وقال رئيس مجلس العلاقات الدولية د. باسم نعيم، إن "الندوة جاءت في أعقاب كثرة التساؤلات في الساحة الفلسطينية والمناصرين للشعب الفلسطيني على مستوى دولي، "هل أننا أمام احتلال أم نظام فصل عنصري أم الاثنين معا؟".
وأوضح نعيم، أن الإجابة على هذه التساؤلات سيترتب عليها الكثير من الاستراتيجيات والأدوات التي سيستخدمها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
وأضاف "نحن أمام احتلال كولونياني وعنصري ولكن الأهم هو كيفية ترتيب أدواتنا في استعمال هذه المصطلحات في صياغة المشروع الوطني وصولاً لإنهاء الاحتلال"، مشيراً إلى أن الإجابة عن هذه التساؤلات بحاجة للمزيد من الندوات وأوراق العمل.
خطاب سياسي وقانوني
بدوره، أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" د. صلاح عبد العاطي، ضرورة التمسك بالخطاب السياسي والقانوني خلال الصراع مع الاحتلال.
وذكر عبد العاطي، أن المادة (42) من اتفاقية لاهاي لعام 1907ـ عرّفت مفهوم الاحتلال على أن الأرض تُعتبر مُحتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو، مشيراً إلى أن اتفاقيات جنيف الأربعة تسري على أي رقعة أرض يتم احتلالها أثناء العمليات العدائية الدولية.
وقال: "الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بدأ لأول مرة في التاريخ، أنه لا توجد دولة تحتل الفلسطينيين، إنما عصابات احتلت فلسطين عام 1948"، موضحاً أن المجتمع الدولي ارتكب خطيئة سياسية لوجود دولة يهودية على الأراضي الفلسطينية.
وبيّن أن الفصل العنصري هو انتهاكاً للقانون الدولي العام وجريمة ضد الإنسانية بموجب احكام القانون الجنائي الدولي، لافتاً إلى أن جريمة التمييز جزء من ممارسات الاحتلال وليست نظاماً عنصرياً.
وبحسب عبد العاطي، فإن المجتمع الدولي حدد ثلاثة أنظمة بوصفها تتعارض مع معايير حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي وهي الاستعمار والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي، مؤكداً أن جميعها تنطبق على الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد على ضرورة "رفض الاعتراف بأي حق للاحتلال على الأرض الفلسطينية، في ظل تعنته ورفضه الاعتراف بالفلسطينيين وحقوقهم"، معتبراً الرهان على مسار التسوية "خاطئ".
وأوضح أن هناك متغيرات دولية وإقليمية تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، يجب استثمارها بشرط ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.
بدوره، أكد الخبير في شؤون الأمم المتحدة من الولايات المتحدة الأمريكية د. عبد الحميد صيام، أهمية تفعيل الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقيات جنيف الأربعة وغيرها كونها تنطبق على الأراضي الفلسطينية.
وأوضح صيام في كلمته عبر تقنية "الزوم"، أن هناك العديد من قرارات مجلس الأمن التي تحدث عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، مشدداً على أن "(إسرائيل) ترفض تنفيذ هذه القرارات".
وقال: "(إسرائيل) كيان غريب من نوعه ويمارس الاحتلال والعنصرية والقتل وشرذمة الشعب الفلسطيني، إذ أنها قائمة على نظام الفصل العنصري وتفضيل اليهود على غيرهم".
وبيّن أن جريمة الفصل العنصري تشكل أفعالاً غير إنسانية لترسيخ الهيمنة من مجموعة من الأشخاص على أي مجموعة عرقية أخرى، مشيراً إلى أن هناك العديد من القرارات الدولية التي تثبت أن الاحتلال "نظام فصل عنصري"، ويجب استثمارها في الأمم المتحدة والجنايات الدولية.
واتهم صيام، المحكمة الجنائية باتباع سياسة التسويف والتهميش للقضية الفلسطينية، خاصة بعد تولي المدعي العام فيها كريم خان، الذي يتعامل بإزدواجية مُطلقة.
اختراق القوانين
من ناحيته، قال مقرر الأمم المتحدة السابق المعني بوضع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مايكل لينك، "يجب على كل دولة في العالم أن تقبل بأن فلسطين محتلة والمستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضيها غير قانونية".
وأكد لينك في كلمة له عبر "الزوم" أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير المصير، مشدداً على أن "(إسرائيل) اخترقت الكثير من القوانين الدولية وترفض الخروج من شرقي القدس وتواصل بناء المستوطنات".
وبيّن أن (إسرائيل) باتت تسمح لنفسها أن تتحدى العالم عبر محاولاتها الاندماج في المنطقة والتواصل مع الدول الغربية، مؤكداً أهمية الأدوات القانونية في مواجهة سياسة الفصل العنصري.
أما الناشط ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا أندري زايمان، فقد أكد أن الفصل العنصري هو ممارسة سياسية للتفرقة العنصرية، واستغلال سياسي واقتصادي للموارد الطبيعية للأرض المُحتلة.
وأوضح زايمان في مداخلته عبر "الزوم"، أن الفصل العنصري هو متحور محدد في الاستعمار والتمييز العرقي، منبّهاً إلى أهمية استخدام المصطلحات الصحيحة لإثبات الرواية الصحيحة التي تُعبر عن مظلومية الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه.
وشدد على أن "الدولة المُحتلة تسعى دائماً لإخفاء جرائمها من خلال تزييف الرواية، وهذا ما ينطبق على (إسرائيل)"، داعياً إلى ضرورة استخدام مصطلحات محددة وموجهة.