ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، يوم الخميس، بأن صناع القرار في إسرائيل يتخوفون من فقدانهم التأثير على الكونغرس الأميركي، وكذلك على الدول الأوروبية الكبرى، بشأن تفاهمات محتملة بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي الإيراني، وذلك في ظل تقديرات حول التوصل قريبا إلى اتفاق نووي مرحلي بين واشنطن وطهران.
وأفادت الصحيفة بأنه في الحكومة الإسرائيلية يخشون من أن رافعات الضغط التي استخدمت في الماضي في محاولة للتأثير على تفاهمات بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي "لم تعد واقعية حيال الاتصالات المتقدمة بينهما حاليا".
وأضافت أنه خلال مداولات مغلقة "تعالى التخوف من أنه سيكون من الصعب جدا على إسرائيل حشد معارضة حقيقية في الكونغرس الأميركي لتفاهمات مع إيران، وأنها ستواجه صعوبة في التأثير على مواقف دول أوروبية أيضا بشأن هذه الاتصالات".
وأجرى وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، محادثات في واشنطن حول الموضوع النووي الإيراني. وكان ردّ البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية على "مخاوف" إسرائيل من اتفاق نووي مرحلي، بحسب الصحيفة، أن تفاهمات جديدة ليست مطروحة حاليا وأن تحقيقها سيستغرق وقتا طويلا. إلا أن التقديرات الإسرائيلية هي أن تفاهمات كهذه قد تُنشر في الأسابيع القريبة وربما قبل ذلك.
وحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، منع توقيع الاتفاق النووي، في العام 2015، من خلال محاولة التأثير على الكونغرس، الذي كان الحزب الجمهوري يسيطر على مجلسيه، وتجنيد أغلبية تعارض الاتفاق النووي.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقديرات الإسرائيلية الآن هي أنه لا يوجد احتمال لتأثير كهذا على الكونغرس. ويجمع صناع القرار الإسرائيليون، الآن، وبضمنهم أشد المعارضين للتفاهمات الأميركية – الإيرانية، على أن وضع إسرائيل في الكونغرس ساء في السنوات الأخيرة، لأن الحزب الديمقراطي يسيطر على مجلس الشيوخ، بينما الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ضئيلة للغاية. وهذا الوضع يضع مصاعب أمام إسرائيل لحشد معارضة مؤثرة في الكونغرس لخطوات إدارة بايدن.
وقبيل الاتفاق النووي في العام 2015، عارض أربعة أعضاء من الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ الاتفاق، إلا أنهم عبروا عن معارضة شديدة أيضا لقرار الرئيس السابق، دونالد ترامب، في العام 2018، بالانسحاب من الاتفاق النووي بتشجيع من نتنياهو.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي ضالع في المحادثات قوله إن "أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء لم يصفحوا لنتنياهو على ما فعله في العام 2018، وليس لديهم أي نية للتعاون معه في مغامرة جديد ضد بايدن هذه المرة".
وأشارت الصحيفة أيضا إلى تزايد نفوذ الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، الذي يوجه انتقادات إلى إسرائيل، وأن من شأن هذه الانتقادات أن تشتد في حال حدوث مواجهة مباشرة بين بايدن ونتنياهو في الموضوع الإيراني.
وأحد التخوفات الذي تعالى خلال المداولات الإسرائيلية الداخلية هو أن صداما مباشرا بين نتنياهو وبايدن سيدفع الإدارة الأميركية إلى تراجع الدعم الأميركي لإسرائيل.
وتدعي التقديرات الإسرائيلية أن دولا عديدة في أوروبا اقتربت من الموقف الإسرائيلي في السنة الأخيرة، وذلك بسبب التقارب الحاصل بين إيران وروسيا في الحرب في أوكرانيا. ورغم ذلك، فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن هذا الوضع لن يؤدي إلى تشديد كبير في مواقف ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في سياق الاتصالات حول البرنامج النووي الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمّه قوله إنه "يوجد فرق بين التماثل مع التخوف الإسرائيلي من إيران، وبين التخلي عن الموقف الغربي المشترك مع الولايات المتحدة". وتخشى الدول الأوروبية انهيار المحادثات والتدهور نحو مواجهة عسكرية مع إيران، الأمر الذي يلزم الولايات المتحدة برصد موارد على حساب الدعم لأوكرانيا.
وقال دبلوماسي أوروبي في هذا السياق إن "هذا كابوس ونحن غير مستعدين للتفكير فيه. فحرب مع إيران ستمس بالوحدة الغربية ضد بوتين، وفيما هذه الوحدة الآن هل الأمر الأهم لأوروبا. ولذلك، فإن الذين يعارضون قسما من التنازلات الأميركية، سيضطرون إلى قول ’نعم’ لبايدن"، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.
كذلك تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه من الصعب الاستعانة بدول عربية، في الخليج خصوصا، لمعارضة تفاهمات أميركية إيرانية، إذ أن هذه الدول تقترب من إيران حاليا في موازاة الاتصالات حول اتفاق نووي مرحلي.
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن الولايات المتحدة، تسعى لربط تطبيع العلاقات الإسرائيلية - السعودية، والذي تسعى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى تحقيقه؛ بالاتفاق النوويّ مع إيران.
جاء ذلك بحسب ما أفادت القناة العبرية 12، في تقرير نشرته، أمس الأربعاء، لفت إلى "نقاشات جرت في الأسابيع الأخيرة في النظام السياسي والأمني" الإسرائيلي؛ بشأن "العلاقة المحتملة" بين "اقتراب" واشنطن من العودة للاتفاق النووي مع طهران، ومحادثات التطبيع مع السعودية، التي تتوسّط فيها الولايات المتحدة.
وذكر التقرير أن "الخشية في إسرائيل، كما تمّ التعبير عنها في عدة مناقشات، مؤخرًا، هي أن تشترط إدارة بايدن بشكل واضح أو رمزيّ"؛ ألا تعترض إسرائيل على اتفاق محتمل مع إيران، مقابل دفع التطبيع بين تل أبيب والرياض.
ولفت إلى أن "الأميركيين، قد يطالبون إسرائيل بعدم الشروع في حملة نزع شرعيّة، ضد الاتفاق النووي مع إيران"، إذا ما تمّ التوصل إليه.
ونقل التقرير عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، وصفهم برفيعي المستوى، من دون أن يسمّهم، القول: "لن نسمح بمثل هذا الشرط".
وأضاف المسؤولون ذاتهم: "إذا كانت الصفقة (تنص على تطبيع العلاقات مع) السعودية، مقابل تخفيف معارضة الاتفاق النوويّ، فإن إسرائيل تفضّل عدم وجود اتفاق، ولا تطبيع مع السعودية".
وذكر التقرير أن "التطبيع مع السعودية، يبدو بعيدا جدًا اليوم"، لافتا إلى "العديد من العقبات التي تجعل مثل هذه الخطوة السياسية صعبة". وأضاف أن "الطريق إلى الرياض يمرّ عبر واشنطن، ويجب أن يأتي بتسويات إسرائيليّة".