أكد مسؤولون فلسطينيون أهمية زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) إلى الصين التي تأتي تلبية لدعوة من نظيره الصيني شي جين بينغ، مشيدين بالعلاقات الفلسطينية الصينية وبمواقف الصين الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته.
فقد أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينغ يوم الجمعة أن الرئيس عباس سيقوم بزيارة دولة إلى الصين في الفترة من 13 إلى 16 يونيو الجاري تلبية لدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ذكرت الرئاسة الفلسطينية في بيان رسمي أن زيارة الرئيس عباس تأتي بمناسبة مرور 35 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين وفي إطار حرص القيادتين الفلسطينية والصينية على تعزيز وتوطيد العلاقات الثنائية القوية في المجالات كافة.
وأضاف البيان أن الرئيس عباس سيقوم خلال الزيارة ولقاءه مع الرئيس شي ببحث تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الآراء بشأن آخر مستجدات القضية الفلسطينية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
بدوره، قال سفير فلسطين لدى الصين فريز مهداوي لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية إن الصين تستقبل الرئيس عباس كأول زعيم عربي منذ بداية العام الجاري ما يدلل على عمق العلاقة التاريخية بين الجانبين.
وأضاف مهداوي أن الزيارة تحمل رمزية خاصة بأن فلسطين على سلم اهتمامات القيادة الصينية باعتبارها القضية المركزية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط ومفتاح علاقتها مع الشعوب العربية.
وتابع مهداوي أن العلاقات الفلسطينية الصينية تاريخية وستأخذ أبعادا جديدة خلال زيارة الرئيس عباس لأن الجانبين الفلسطيني والصيني بصدد رفع مستوى العلاقات إلى مستوى أعلى مما هي عليه.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس عباس ستركز على عدة جوانب أهمها السياسي من خلال إجراء محادثات رسمية مع الرئيس شي ووضعه في صورة آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية والتحديات التي يواجهها الفلسطينيون.
وتابع قائلا إن الزيارة ستركز أيضا على الجانب التعاوني والتنموي، معربا عن تطلع الجانب الفلسطيني لاستحضار الشركات الصينية للعمل في الأراضي الفلسطينية.
كما أعرب مهداوي عن أمله في أن تلعب الصين دورا هاما في عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط خاصة أنها الآن حاضرة في المنطقة بقوة وعلاقاتها تأخذ زخما كبيرا على كافة المستويات سياسيا وتجاريا واقتصاديا.
وكانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم اعترفت بفلسطين، لذلك فإن زيارة عباس إلى الصين من شأنها دعم علاقات قوية قائمة، بحسب مهداوي.
وتأتي زيارة الرئيس عباس في ظل توقف مفاوضات السلام مع إسرائيل منذ عام 2014 ورفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفي ظل انتقاد الفلسطينيين للإدارة الأمريكية لعدم قيامها بدورها المنوط بها في رعاية عملية السلام.
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية عباس زكي، أن زيارة رئيس دولة فلسطين محمود عباس المرتقبة إلى جمهورية الصين الشعبية، تكتسب أهمية خاصة وكبرى.
وقال زكي في مقابلة مع وكالة "وفا"، إن للزيارة أبعادا خاصة وكبيرة، لأنها تتوج تلك العلاقات التاريخية الاستراتيجية بين فلسطين والصين، وباعتبارها الزيارة الخامسة للرئيس محمود عباس لبكين منذ عام 2005، حيث كانت الزيارة الأول في عهد الرئيس الأسبق هو جينتاو في أيار/ مايو 2005، وزيارة في 2010 لمنظمة شنغهاي، وزيارتان على مستوى دولة في 2013 و 2017.
وأوضح زكي أن الزيارة تتويج لتعاظم دور الصين في الشرق الأوسط بعد قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية في كانون الأول/ ديسمبر 2022، وبعد رعاية الصين لإعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعودة سوريا للجامعة العربية، وتأكيدا على موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يعتبر فلسطين قضية العرب الأولى.
وأضاف: "استضافة الصين للرئيس عباس، وهو الزعيم العربي الأول الذي يقوم بزيارة رسمية لبكين هذا العام، ما هو إلا مؤشر ودليل على أن لا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط ما لم يتم التوصل لحل عادل لقضية الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة الرئيس الصيني الداعية لتحقيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية".
وشدد على أن قيام الرئيس الصيني باستقبال الرئيس محمود عباس، في ظل الأوضاع الدولية المضطربة وما يحصل من متغيرات على صعيد الإقليم والعالم، يعكس الاهتمام بالقضية الفلسطينية ويؤكد عمق العلاقات الثنائية.
وحول النتائج المتوخاة من زيارة الرئيس محمود عباس إلى الصين، أوضح عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي، أن التوقعات تنصبّ على أن تؤكد الصين دورها في إيجاد حل عادل القضية الفلسطينية، خاصة أن خطاب الرئيس شي جين بينغ في قمة الرياض آنفة الذكر، تطرق للظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني.
وبيّن أن زيارة الرئيس للصين ستشهد التأكيد على استمرار الدعم المتبادل في المحافل الدولية، وخاصة ما يتعلق باستقلال فلسطين والصين الواحدة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبحث دعم نيل العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة هذا العام.
وأضاف أن الآمال معقودة على فتح آفاق التنمية والتعاون المشترك في مختلف المجالات، لأن الكثير من القضايا حسمت بين فلسطين والصين بعد أن حصلت فلسطين على عضوية مبادرة الحزام والطريق، وهناك لجنة مشتركة لبحث التجارة الحرة، فيما العمل جارٍ لانضمام فلسطين إلى منظمة شنغهاي للتعاون.
ورجّح زكي أن تتكلل الزيارة بتوقيع بروتوكولات تعاون في العديد من المجالات، وتأكيد الصين على المضي قدماً في مساعداتها لدولة فلسطين، في مجالات البناء والطاقة والصحة والبعثات التعليمية والتدريبية والتأهيلية للشباب الفلسطيني.
وأضاف: "هناك توقع بأن يكون للصين دور أكبر على الصعيد العالمي، وكلما تقدمت الصين كلما حظينا في فلسطين بشيء أكبر من الإنصاف".
وحول تاريخ العلاقات الفلسطينية الصينية، أوضح عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية عباس زكي، أنها تعود إلى العام 1965 حين اعترفت جمهورية الصين بمنظمة التحرير الفلسطينية، كأول دولة غير عربية، وسبق ذلك إعلانها تأييد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في التحرر والعودة.
وأضاف أن قيام جمهورية الصين الشعبية نتيجة انتصار الثورة الشيوعية عام 1949 برئاسة ماو تسي تونغ، كان بمثابة الهدية للقوى المقهورة وحركات التحرر في العالم، مشيرا إلى دورها البارز في دعم ورعاية حركة "فتح" ومد يد العون لها تنظيمياً وعلمياً، انطلاقاً من تأييدها للكفاح الفلسطيني المسلح ضد الاستعمار.
وقال: "فتح هي حركة التحرر الوحيدة في العالم التي تربطها مع الصين مذكرة تعاون مشترك".
وتابع: "نحن والصين نسير بنفس الاتجاه ومعظم أدبياتنا كانت مشتقة من التجربة الصينية التي نثق بها، والصين التي كانت تعيش الفقر والاضطهاد أصبحت اليوم دولة كبرى تنافس على زعامة العالم".
وشدد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية، عباس زكي، على أن الوقت قد حان لتترجم جمهورية الصين الشعبية العلاقات الاستراتيجية لأمل واعد للمستقبل.
وذكر أن إنهاء الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني هو ما يمنح الصين مصداقية لشعاراتها، وهي تعتبر أن حل القضية الفلسطينية سينهي العذابات في الشرق الأوسط، وتدرك جيداً أن القضية الفلسطينية في وجدان الأمة العربية من المحيط إلى لخليج، وأن تعاظم دورها في الشرق الأوسط لن يكتمل إلا بتحرير فلسطين.
ومن جانبه، قال عبد الله عبد الله نائب مفوض العلاقات الدولية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) للصحفيين في رام الله إن القيادة الفلسطينية تعمل على حشد دولي من الصين بالتعاون مع دول أخرى لتعزيز المواقف المساندة للحق الفلسطيني ووقف "الانتهاكات" التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف عبد الله أن الصين دخلت منطقة الشرق الأوسط بقوة كشريك سياسي واقتصادي للدول العربية ونجحت مؤخرا في الوساطة بين السعودية وإيران ولابد من الاستفادة من الجهود الصينية لصالح القضية الفلسطينية.
وأشاد عبد الله بمواقف الصين الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته، مشيرا إلى أن الصين هي أول دولة غير عربية افتتحت مكتبا لمنظمة التحرير الفلسطينية والعلاقة بين الجانبين تاريخية وتتطور باستمرار نحو الأفضل.
من جهته، اعتبر عمر عوض الله مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة أن الصين من الدول الصديقة التي لم تتغير مواقفها على مدار الأعوام الـ35 منذ قيام العلاقات الدبلوماسية مع فلسطين.
وقال عوض الله لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية إن الصين بقيت كما هي الشقيق الداعم والصديق الذي يقف إلى جانب فلسطين وهي واحدة من الدول الفاعلة منذ أن بدأت المنظومة الدولية في تشكلها.
وأضاف عوض الله أن الصين "لم تغير مواقفها ولم تستخدم أسلوب البلطجة والابتزاز في فرض أجندتها على أي أحد في العالم وهي دولة محورية والأولى على جدول المجتمع الدولي من ناحية اقتصادية والآن تلعب دورا هاما سياسيا في استقرار المناطق والعديد من الدول خاصة ما جرى مؤخرا في الوساطة ما بين السعودية وإيران".
وأكد عوض الله أن العلاقات الفلسطينية الصينية مستمرة في التطور وزيارة الرئيس عباس هي تتويج لهذه العلاقات الممتدة منذ 35 عاما.