من المقرر أن تنظر اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، يوم الأحد المقبل، في مشروع قانون يسمح لوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بإصدار أوامر اعتقال إداري بحق مواطنين عرب في إسرائيل بحجة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وذلك تمهيدا لتقديمه للكنيست وبدء إجراءات سنّه.
وينص مشروع القانون، الذي قدمه رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست، تسفي فوغيل، من حزب "عوتسما يهوديت" العنصري المتطرف الذي يرأسه بن غفير، على أن بإمكان وزير الأمن القومي إصدار أمر باعتقال إداري بطلب من المفتش العام للشرطة وبمصادقة المستشارة القضائية للحكومة أو المدعي العام، "إذا اقتنع بوجود إمكانية شبه مؤكدة لمس حقيقي بأمن الجمهور، إذا لم يكن الشخص قيد الاعتقال".
ويمنح مشروع القانون صلاحيات لبن غفير بتقييد حرية مواطن، من خلال منعه من مغادرة البلاد، إلزامه بإيداع جواز سفره لدى الشرطة، إلزامه بالمثول في مركز للشرطة في أوقات معينة، إلزامه بإعطاء تقارير حول خروجه ودخوله إلى منطقة معينة. كذلك بإمكان بن غفير تقييد حرية مواطن بممارسة عمل معين.
كذلك يمنح مشروع القانون بن غفير صلاحية منع مواطن من شراء، حيازة أو حمل "أجسام معينة"، ومن استخدام خدمات اتصال وإنترنت، ومنحه من الاتصال مع شخص معين أو مجموعة معينة. وينص مشروع القانون على بدء سريانه كقانون طوارئ بعد سنة من سنّه.
يشار إلى أن صلاحية إصدار أمر اعتقال إداري ممنوحة لوزير الجيش ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، والأغلبية الساحقة من المعتقلين الإداريين هم فلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، الذين يعتقلون من دون الإعلان عن اتهامات ضدهم. وغالبا ما يتم الاعتقال الإداري بعد تقديم "شبهات سرية" من دون أدلة إلى المحاكم الإسرائيلية، وخاصة العسكرية. كذلك صدرت عن وزراء الأمن الإسرائيليين قرارات اعتقال إداري بحق ناشطين بين المواطنين العرب، لكن الآن بقضي مشروع القانون هذه الصلاحية لبن غفير.
ويستهدف مشروع القانون الناشطين العرب خلال احتجاجات ضد سياسة الحكومة والمرابطين في المسجد الأقصى. جاء في حيثيات مشروع القانون أنه يجب توسيع صلاحيات الاعتقال الإداري ومنحها لوزير الأمن القومي "لأسباب تتعلق بأمن الدولة". وبحسب نص مشروع القانون، فإن "الحاجة إلى إعطاء صلاحية مشابهة، وإن لم تكن متطابقة، تتعالى إثر انشغال الشرطة المتزايد مع أنشطة ذات طابع أمني، بمثل مسؤولية الشرطة عن منطقة جبل الهيكل (أي المسجد الأقصى)، أحداث ’حارس الأسوار’ (أي هبة الكرامة في أعقاب اعتداءات الشرطة على المقدسيين والمصلين بالمسجد الأقصى والعدوان على غزة في أيار/مايو 2021)، ومواضيع جنائية تتداخل في مواضيع أمنية، وبذلك عمل الشرطة اليوم لا يتركز فقط في مواضيع ’النظام العام’ وإنما بـ’أمن الجمهور’ أيضا".
ويزعم فوغيل أن الصلاحيات التي يشملها مشروع القانون ستساعد الشرطة "بتقليص كبير للعنف واستهداف الأبرياء، حيث نشهد في السنوات الأخيرة تزايدا كبيرا في الجرائم الخطيرة وارتفاع هائل في جرائم القتل، خاصة في المجتمع العربي، التي تستهدف المواطنين الأبرياء أيضا. والمنظمات الإجرامية الضالعة يوميا في أحداث عنف وقتل تستخدم غالبا السلاح في المحيط المدني".
وعقبت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل بأن مشروع القانون هذا هو مثال آخر على أنه "بذريعة محاربة الجريمة في المجتمع العربي، يؤسس بن غفير نظاما بوليسيا وإنفاذ قانون منفصل على العرب".
وأكدت الجمعية أن على أن "الاعتقال الإداري يشكل مسا خطيرا للغاية بحقوق الإنسان الأساسية، وفي مقدمتها الحق بالحرية والكرامة، حرية التنقل والحق بإجراءات نزيهة، وهذه ليست وسيلة شرعية في مجتمع ديمقراطي والمواطنون فيه أبرياء إلى حين تثبت تهمتهم".
وقدم الدفاع العام في وزارة القضاء، اليوم، وجهة نظر قانونية بشأن مشروع القانون إلى وزير القضاء، ياريف ليفين، أكد فيه أن منح صلاحيات لبن غفير بشأن إصدار أوامر اعتقال إداري وتقييد حرية تنقل مواطنين، يشكل "مسا شديدا للغاية" بحقوق أساسية وطالب برفض مشروع القانون.
وجاء في وجهة النظر، التي قدمها المحامي يشاي شارون، أن "مشروع القانون هذا، على غرار مبادرات أخرى تجري دراستها هذه الأيام، يشكل تغييرا دراماتيكيا للأنظمة المتعارف عليها في إنفاذ القانون الجنائي في إسرائيل، كما أنها تنعكس بشكل عميق وجذري على طبيعة النظام الديمقراطي".
وأضاف أن "اعتقالا إداريا لشخص بريء، من دون قاعدة أدلة كافية، ومن دون اشتباه معقول بتنفيذ مخالفة جنائية واستنادا إلى معلومات مخابراتية فقط حول اشتباه مستقبلي وفارغ، وعمليا دون تحديد مدة، يشكل مسا شديدا للغاية للحق بالحرية والكرامة".
وأشارت وجهة النظر القانونية إلى أن "مشروع القانون يثير تخوفات شديدة حيال إنفاذ قانون مبالغ فيه، وإنفاذ قانون انتقائي والمس بالمساواة أمام القانون"، وذلك "على خلفية التخوف من أن مشروع القانون موجهة للمجتمع العربي. وبرأي الدفاع العام، أن الحاجة المذكورة في مشروع القانون بشأن التعامل مع مخالفات جنائية، وحتى الخطيرة بينها، لا يمكنه أن يبرر استخدام أدوات متشددة، موجهة ضد مخالفات لأمن الدولة".