كيف رد أبومازن على رسالة المحامي وليد أبو تايه؟

الرئيس محمود عباس.jpg

المحامي وليد أبو تايه طلب مباركة الرئيس محمود عباس على مشاركته في انتخابات بلدية القدس؟

يحشد مقدسيون سواء من الأطر الشعبية أو الجهات الرسمية والحزبية والدينية المواقف من أجل قطع الطريق أمام احتمالات مشاركة بعض الأشخاص في انتخابات بلدية القدس المحتلة، التي من المتوقع انعقادها في شهر أكتوبر القادم.

وتداول نشطاء على منصات رقمية رسالة موجهة من المحامي وليد أبو تايه إلى الرئيس محمود عباس يطلب منه: "مباركتكم وموافقتكم مشاركة أهل القدس في انتخابات بلدية القدس".

وكشف أبو تايه في حديثه لإذاعة "مكان" الإسرائيلية طبيعة الرد الذي حصل عليه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو مكون من خمس نقاط.

وقال في حديث إذاعي من الولايات المتحدة الأمريكية: "أرسلت إلى مكتب الرئيس أبو مازن أعلمه بالوضع، وبودي مباركته… لقد أعطاني خمس إجابات".

وعن الإجابات أضاف:

"أولا: القدس مسألة معقدة، وثانيا، يجب أن يكون التركيز على الأمور الحياتية والابتعاد عن الأمور السياسية في القدس، وثالثا: المنظمة والسلطة لن تمنحه الضوء الأخضر للمشاركة في انتخابات البلدية، ورابعا: عليه الاستفادة من تجربة الفلسطينيين في مناطق فلسطين المحتلة عام 1948، وخامسا، يفضل أن يكون هناك نقاش وتفاهم للوصول إلى إجماع وطني حول المشاركة من عدمها".

وقبل يومين نشر المحامي على صفحته التي تحمل اسم "مرشح رئاسة بلدية القدس المحامي وليد أبو تايه" منشورا جاء فيه أن "المستوى الرسمي الفلسطيني يقف على الحياد إزاء المشاركة في انتخابات بلدية القدس..؟!.

وقال في المنشور إنه "علم من مصادر مطلعة أن الجهات الرسمية الفلسطينية لا تمانع ولن تتدخل في حالة مشاركة شخصيات فلسطينية مقدسية تحمل جواز السفر الإسرائيلي في انتخابات بلدية القدس".

وأضاف: "أوضحت هذه المصادر أن هذا الموقف يشترط التعامل مع هذه الانتخابات في حدود الخدمات المدنية والحياتية اليومية بعيدا عن إعطائها أي بعد سياسي أو سيادي، ما دامت القدس خاضعة للاحتلال الإسرائيلي المرفوض من الشرعية الدولية".

وبحسب المحامي فإن "هذا الموقف يعتبر تحولا براغماتيا في التعاطي مع المشاركة في انتخابات بلدية القدس في ظل انسداد الأفق السياسي وابتعاد الحلول السلمية العملية والواقعية للقضية الفلسطينية عن التحقق في الزمن المنظور".

ويوضح أبو تايه في رسالته أنه من مواليد الناصرة ويحمل الجنسية الإسرائيلية وأنه منذ 44 عاما من سكان القدس العربية المحتلة.

ويقول في رسالته أنه قرر خوض الانتخابات البلدية التي ستُجرى في شهر تشرين الأول القادم، حيث شرح بعض الأسباب التي تدفعه إلى هذا الطلب، إذ يقول إن المشاركة تحقق: "الصمود والبقاء والحفاظ على الوجود الفلسطيني ووقف التهجير، والمحافظة على حقوق السكن والتملك، والعمل، والرواية الفلسطينية، والحقوق المكتسبة لأهل القدس، ووقف هدم البيوت ووقف مصادرة الأراضي، وتحصيل رخص بناء، وبناء أحياء عربية جديدة، والحفاظ على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وتحويل البلدية إلى منبر سياسي وقانوني لعدالة قضيتنا الوطنية".

وكما جاء في رسالته "المستفيد الوحيد من عدم مشاركتنا هي إسرائيل وسكان القدس اليهود الذين يتفردون وحدهم بإيرادات البلدية التي تصل كل سنة ما لا يقل عن سبع مليارات دولار، الإسرائيليون وحدهم يتصرفون بموارد القدس الشرقية والغربية، والإسرائيليون لا يريدون أحدا أن يتقاسم معهم الكعكة، وبلدية القدس تربح ربحا صافيا بعد المصاريف والنفقات من أهل القدس الشرقية لا يقل عن ملياري دولار سنويا".

ويرى أبو تايه أن العيش المشترك بسلام في القدس المفتوحة شرقية وغربية هو نموذج وعينة مصغرة لحل الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية.

وبحسب المحامي الذي أعلن ترشحه، فإنه بعد أن وجه رسالة إلى الرئيس الفلسطيني، بدأ جولة عالمية لحشد الدعم لخطوته في أن يكون مرشحا لرئيس بلدية القدس، وهو ما يجعله أول عربي يرشح نفسه لبلدية القدس للرئاسة والعضوية معا.

وأبو تايه من مواليد الناصرة، ودرس العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وحاصل على ماجستير في القانون.

ويضيف: "عملت سنوات في القدس ورأيت الظلم، ظلما كثيرا، لا خدمات ولا حقوق للمقدسيين، في حين أنه مطلوب منهم واجبات. هناك ظلم.. هدم البيوت ومصادرة أراضي حيث هدم الاحتلال 20 ألف بيت في القدس".

وعن فكرته يقول: "توجهي بالأساس إلى أهل الناصرة، حيث هناك ما يقرب من 15 ألف، ثم إن هناك أهل بيت صفافا وعددهم 25 ألف، وهناك من يملك جوازات سفر إسرائيلية وعددهم 35 ألف، وهو ما يجعل العدد الكلي يقترب من 70 ألف مواطن يمكنهم التصويت، وهو ما يمنح العرب من 6 – 7 كراسي في البلدية".

ويقر أبو تايه بأن وضع القدس معقد في ظل أن أوسلو 1993 أجلها لقضايا الحل النهائي، ومع ذلك يرى أن المدخل هو التركيز على الخدمات التي تعتبر من حق الجميع.

وأضاف أنه في أمريكا جلس مع الجالية العربية هناك، وضمن خططه الجلوس مع الجالية اليهودية أيضا من أجل حشد الدعم.

وأشار إلى أن أهل القدس "حابّين يشاركوا في الانتخابات البلدية، لكن هناك إجماعا ضد المشاركة، إضافة إلى غياب الجرأة على المشاركة".
ويضيف: "أهل القدس بدهن شجاعة ودعم. هناك رغبة، هناك مثل شعبي يقول: "نفسي فيه وتفوه عليه [بصاق عليه]".

ونشر المحامي على صفحة إحدى مقولات الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور التي تقول: "أكثر ما يكرهه القطيع هو إنسان يفكر بشكل مختلف، إنهم لا يكرهون رأيه في الحقيقة، ولكن يكرهون جرأة هذا الفرد على امتلاك الشجاعة للتفكير بنفسه ليكون مختلفاً".

وختم قائلا: "الجانب الإسرائيلي يدعي أن دولة إسرائيل ديمقراطية، لكن الحقيقة تقول إن إسرائيل تريد موارد البلدية وتريد تقسيمها وحدها من دون أي طرف معها، وهذا حاصل نتيجة عدم مشاركة أهل القدس في الانتخابات".

وعلق القيادي المقدسي في حركة فتح حاتم عبد القادر قبل أيام على نية ترشيح شخصيات لأنفسهم في انتخابات بلدية الاحتلال في القدس معتبرا أن ذلك يأتي في سياق "مخالف للإجماع الوطني".

وقال في حديث صحافي إنه خرج أشخاص في مرات سابقة يتبنون مشاركة المقدسيين في الانتخابات، وهم من داخل الخط الأخضر (المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948)، لكن الموقف الوطني الواضح كان ضد المشاركة التي كانت ستعني "اعتراف بشرعية الاحتلال في المدينة".

وقال عبد القادر: "البلدية أحد أخطر أذرع الاحتلال لتهويد القدس والتغول على المقدسيين بالهدم والضرائب".

وتساءل: "في حال شارك المقدسيون في الانتخابات يكون السؤال: هل سيغير الاحتلال من سياساته في تهويد القدس؟"

وتابع: "القضية ليست قضية خدمات. نحن لا نقايض القدس ببعض الخدمات، فهي غير ذات جدوى بالنسبة إلينا. فيما إسرائيل ستقول إن المقدسيين شاركوا بالانتخابات في إشارة ومظهر لعدم احتلالها".

وتابع: "ما مقدار الخدمات التي يكن أن يحصل عليها المقدسيون من خلال بعض الأعضاء في البلدية؟ لدينا تجربة مريرة من أعضاء الكنيست داخل الخط الأخضر، والسؤال يوجه إليهم: "ماذا حققوا؟ هل غيروا مواقف إسرائيل العنصرية؟ والجواب معروف أنهم لم يفعلوا شيئا".

واعتبر عبد القادر أن الضرر الكبير من المشاركة إضعاف المكاسب، حيث ستوحي المشاركة أن القدس ليست محتلة، وهي موحدة وغير مقسمة، والنتيجة أن هناك أضرارا سياسية خطيرة وهي إضعاف ما يمكن تحقيقه.

تجديد تحريم المشاركة
وعلى خلفية تصاعد النقاش، جدد مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، الفتوى الصادرة عنه، بخصوص تحريم المشاركة أو الترشح لانتخابات بلدية الاحتلال في القدس المحتلة.

وعلل المجلس ذلك بمخالفة واضحة وصريحة للشرع والإجماع الوطني الرافض لهذه المشاركة، كون بلدية القدس هي الذراع الأولى لسلطات الاحتلال في تنفيذ المشاريع الاستيطانية والتهويدية في المدينة، وتضييق سبل العيش والسكن على المواطنين.

وأكدت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني على موقفها الثابت والواضح بأن المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال بالقدس المزمع إجراؤها بشهر تشرين الأول من العام الجاري 2023، تعتبر مخالفة واضحة وخروج عن الإجماع الوطني الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية.
وأوضحت الجبهة بأن البلدية تشكل الأداة الأولى والرئيسية لتنفيذ مباشر لجميع مخططات وسياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف مدينة القدس باعتبارها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وذلك من خلال المحاولات المحمومة والمسعورة لتهويد وأسرلة القدس وعزلها عن محيطها.

وأشارت الجبهة إلى أنه ومنذ احتلال مدينة القدس، فإن الصراع بداخلها وعليها ليس صراعاً على حقوق ومكتسبات مدنية، بل هو صراع سياسي وجودي بامتياز.

وجاء في البيان أن ما تمارسه دولة الاحتلال، من خلال أدواتها المسماة بلدية القدس، يصب في السياسة التي تعتبر مخالفة ومنافية لجميع المواثيق والأعراف الدولية، وفي مقدمتها القرارات الأممية التي تعتبر القدس مدينة محتلة.

وحذرت الجبهة من ممارسات البعض لحرف البوصلة الوطنية بكل أبعادها وتداعياتها السياسية والوطنية، وتقزيمها كقضايا مطلبية آنية على حساب الأبعاد السياسية والوطنية.

مشددة على ضرورة إعادة النظر بذلك، لأنها تخدم الاحتلال بشكل مباشر من أجل شرعنة جميع إجراءاته تجاه المدينة وسكانها الأصيلين.
ودعت الجبهة في بيانها جميع القوى والمؤسسات المقدسية لرفع الصوت عالياً من أجل صون وحدة الموقف وعروبة مدينة القدس باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وفي السياق ذاته، طالبت الجبهة القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطيني بضرورة العمل على تشكيل أمانة القدس، باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز العمل الوطني لحماية وصون القدس وسكانها الأصيلين.

وأكدت الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس أن المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال في القدس، والمقررة في شهر تشرين الأول المقبل، هي مخالفة واضحة وصريحة للإجماع الوطني الرافض لهذه المشاركة، كون البلدية الذراع الأولى لسلطات الاحتلال في تنفيذ المشاريع الاستيطانية والتهويدية في المدينة، وتضييق سبل العيش والسكن على المواطنين، وفرض الضرائب الباهظة عليهم.

وقالت في بيان لها، إن الدعوة الصادرة عن "بعض الجهات التي لها أجندات خاصة من أجل المشاركة في الانتخابات ترشحا واقتراعا، هي دعوة مشبوهة هدفها إظهار دولة الاحتلال بأنها ديمقراطية من جهة، ولإعطاء شرعية لمجمل إجراءات بلدية الاحتلال المخالفة للقانون الدولي".

واعتبرت أن الإجماع الوطني نابع من الحرص الشديد على المصالح الوطنية لأبناء شعبنا في المدينة المقدسة، وهذه مسألة تاريخية محسومة، ولا يوجد إجماع وطني على القضايا التي يرفضها الإنسان المقدسي صاحب المواطنة الأصلية في مدينة القدس، والحق التاريخي فيها.
وشددت على أن الانجرار وراء هذه الدعوات المشبوهة يعني الخروج عن الإجماع الوطني وعن السياسة الرسمية لمنظمة التحرير والقيادة الفلسطينية، التي تعتبر القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية العتيدة، وتواجه كل سياسات الاحتلال وبلديته الظالمة بكل المقدرات والوسائل المتاحة.

ودعت الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس، إلى أوسع جبهة فلسطينية مساندة للقوى الوطنية التي تشكل بمجملها فصائل منظمة التحرير، لقطع الطريق على كل أصحاب الأجندات الشخصية والمشبوهة والتي تعطي شرعية لبلدية تمارس أبشع أشكال التهويد والتشريد في المدينة المحتلة.
               

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس العربي - سعيد أبو معلا