- بقلم: سعيدي عبد الرحمن كاتب جزائري وسياسي
لما وقعت المملكة المغربية اتفاقية التطبيع في ظل مشروع صفقة القرن الصهيوامريكي ما يعرف باتفاقية "أبراهام " في عهدة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتوهم الكثيرين أنها اتفاقية سلام بين المغرب والكيان المحتل بموجبه تعترف امريكا والكيان
بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتكون المغرب قد حققت مصلحة وطنية عليا بعد سنتين من التطبيع لم يتحقق لها ذلك.
و مع مرور الأيام و الشهور والسنوات نجد الأزمات في الكيان الصه_يوني و المملكة المغربية زادت حدتها في الجهتين ولكل جهة أسبابها وظروفها في زيادة حجم الأزمات
الكيان الصهيوني يعيش أزمة خطيرة جدا
قد تعصف به وتتهدده بالانقسامات وتعرض وجوده للخطر وأغلب المحللين السياسيين والعسكريين السابقين والاستراتيجيين والمثقفين والأكاديميين وكبار الشخصيات
الاسرائيلية تتحدث عن مؤشرات نهاية الكيان مع جمود مؤشرات النمو الاقتصادي وانهيارات اقتصادية وأمنية واجتماعية وانقسام سياسي لم يشهده الكيان من قبل.
وقد صرح الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ " أن إسرائيل تنهار أمام عيني وان البلاد ستنهار خلال سنوات " وقد ذكرهم
بانهيار السابق في التاريخ لدولتي اليهود حيث دامت مدة ثمانين سنة مملكة داود ومملكة "حشمونايم" والكيان عمره 75 سنة من احتلاله لأرض فلسطين
وقال ايضا"" لما انظر الى المجتمع الإسرائ_يلي والمواطنين والنظام
السياسي والعامة وارى حجم المعسكرات كلها مهيئة على طول الجبهة لمواجهة شاملة على صورة دولة إسرائيل ولكني قلق للغاية من أننا على صراع داخلي خطير يمكن أن يلتهمنا ويقضي علينا " .
ولا يسعني عرض كل التصريحات والتحاليل والدراسات والخطابات التي أكدت صعوبة استمرار وجود دولة الاحتلال بهذا الحال والذي زاد في صعوبة
الحال هو محاولة النظام السياسي للكيان بقيادة حكومة اليمين المتطرفة والمتعصبة أن تلفت
أنظار الإسرائيليين عن خطورة وضعهم الداخلي المزري بترحيل الأزمات والمشكلات إلى الخارج خاصة الملف النووي الايراني والتهديدات الأمنية القادمة من المقاومة من الضفة الغربية وقطاع غزة
و كان رد المقاومة
الفلسطينية على عدوانهم قوي فعمق فيهم الجراح ووسع الانقسام وزاد من مخاوفهم من انهيار دولتهم وكيانهم.
فالكيان الصهيوني يفكر بصمت ويعمل لإبعاد لحظة الانهيار والاضطراب والتهديدات الداخلية في الأرض المحتلة فالتطبيع مع المغرب والإمارات يهدف في ابعاده الخفية تهريب رؤوس الأموال
والاستثمارات إلى دولة الامارات العربية المتحدة وتهجير الخبرات ومشاريع استيطان اليهود إلى المملكة المغربية وتوفير لهم كل شروط الاستقرار والسكينة والاندماج .
وفعلا بدأت الهجرة اليهودية إلى المملكة المغربية حيث تقدمت منظمة océan relocation وهي منظمة تهتم بالمهاجرين اليهود من العالم إلى الكيان الإسرائيلي إلا أنها أشارت في السنتين الأخيرتين إلى مؤشرات الهجرة المعاكسة عن
تزايد عدد اليهود الذين يرغبون في الهجرة إلى خارج إسرائيل مع انخفاض عدد اليهود المهاجرين نحو إسرائيل و قالت المنظمة océan relocation في آخر تقرير لها " أن عدد الإسرائيليين الراغبين في مغادرة البلاد في تزايد بسبب الوضع غير مستقر في الدولة العبرية " .
والذين غادروا و يرغبون في المغادرة يزداد و اكثر وجهة يقصدونها اغلب المغادرين هي المملكة المغربية.
لان المملكة المغربية لم تسقط الجنسية عن اليهود الذين هاجروا منها مع مطلع الخمسينات لما احتل الصهاينة فلسطين عام 1948 على إثر قرار التقسيم عام 1947 ومع مطلع الستينات تسهيلات ملك المغرب الحسن
الثاني لهم.
وما زالوا في نظر القانون المواطنة والدستور يتمتعون بالجنسية والمواطنة وعددهم في إسرائيل قد تجاوز 900 الف يهودي من أصول مغربية
يمثلون اجيال ومنهم الان شخصيات حكومية وسياسية وأكاديمية ومثقفين ورجال أعمال أثرياء أصحاب ثروة وشركات وعسكريين متقاعدين وعاملين
والمملكة المغربية من
خلال سيطرة الموساد على مفاصل الحكم والمال والأعمال بالمغرب كما صرح الضابط المغربي المنشق العيسو هيأت مع التطبيع كل شروط وظروف ومناخ العيش المندمج intégration والمواطنة على كل مستويات
ومنها إدراج الثقافة اليهودية وجعل الطائفة اليهودية من المكونات الأساسية للشخصية الوطنية المغربية والهوية الوطنية.
و إدراج الديانة اليهو_دية في البرامج التعليمية والتربوية والثقافية في المنظومة التعليمية والجامعية
بالمملكة المغربية
و في المجال الاستثماري والترقية الاقتصادية واندماج المؤسسات الاقتصادية ومختلف الشركات الإسرائيلية في الاقتصاد المغربي وسوق العمالة في الكيان
وتحقيق التنسيق الأمني والعسكري على مستويات عالية والمشاركة في مناورات عسكرية منها الأسد الافريقي ومشروع صناعة عسكرية إسرائيلية بأرض المغرب
والعمل على إنشاء منتجعات صحراوية ومشاريع استغلال الأراضي الساحلية في الصحراء الغربية المحتلة لإقامة ميناء كبير بالشراكة مع الإمارات والكيان الصهيوني ودمج الكفاءات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في التدريب والتكوين العسكري للجيش المغربي .
وخاصة أن بنود الاتفاق بين الكيان الصهيوني والمملكة المغربية تنص على حرية التنقل والسفر لليهود المغاربة و السياح الإسرائيليين من والى المغرب .
وفتح الاتفاق باب الامتيازات الاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية والإعلامية
والأمنية وتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا لليهود
والإسرائيليون وضعوا أنفسهم أمام فرصة تاريخية ليجعلوا من المملكة المغربية مستوطنة تعمل الموساد على تطوير وتنفيذ
مشروعها ليتهيئوا للإقامة فيها في حالة انهيار إسرائيل أو تكون وطنا رديفا مع الاحتفاظ باسم
الدولة المغربية
فتكون هناك مملكة مغربية بهيمنة إسرائيلية في كل الجوانب
فهم يوفرون على الأقل لمليون إسرائيلي من أصول مغربية ملاذا بعد انهيار "إسرائيل" في فلسطين.
بقلم: سعيدي عبد الرحمن كاتب جزائري وسياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت