صادقت الحكومة الإسرائيلية خلال اجتماعها الأسبوعي، يوم الأحد، على قرار بتفويض رئيس حزب الصهيونية الدينية والوزير في وزارة الجيش، بتسلئيل سموتريتش، إصدار المصادقة الأولية للتخطيط والبناء في المستوطنات، إضافة إلى تقصير إجراءات توسيع المستوطنات.
ويقضي القرار بأن يتم دفع مخططات بناء في المستوطنات من دون مصادقة المستوى السياسي الإسرائيلي، خلافا للوضع القائم منذ 25 عاما، حسبما ذكرت الإذاعة العامة العبرية "كان".
وأضافت "كان" أنه منذ اليوم لن تكون هناك حاجة إلى مصادقة المستوى السياسي من أجل طرح مخططات بناء استيطاني في الضفة الغربية المحتلة في مجلس التخطيط الأعلى، التابع لوحدة "الإدارة المدنية" في جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال مرحلتي إيداع المخطط والمصادقة عليه نهائيا.
وكانت الإجراءات المتبعة سابقا تقضي بأن يصادق رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الأمن على أي مرحلة في مخططات البناء على حدة، ومن خلال أربع عمليات مصادقة مختلفة أو أكثر، وتستمر لعدة سنوات.
واتفق حزبا الليكود والصهيونية الدينية على هذا القرار خلال المفاوضات بينهما من أجل تشكيل الحكومة، في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأشارت "كان" إلى أن الهدف من هذا التغيير هو "تطبيع" المصادقة على مخططات البناء في المستوطنات وجعلها شبيهة بالوضع في إسرائيل، أي داخل "الخط الأخضر"، حيث لا يصادق رئيس الحكومة ووزير الأمن على أي مرحلة من خطط البناء.
ولفتت "كان" إلى أن الاتفاق الائتلافي بين الحزبين حول هذا القرار تمت صياغته بصورة ضبابية، وذلك بالتنسيق حينها مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
ويعقد مجلس التخطيط الأعلى، غدا، اجتماعا من أجل المصادقة على دفع مخططات بناء تشمل آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات.
وتأتي هذه المصادقة على مخططات استيطانية مع بدء زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي، باربارة ليف، إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حيث يتوقع أن يصادق مجلس التخطيط الأعلى، خلال اجتماعه غدا، على 4560 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، وفق ما ذكر موقع "واينت" الإلكتروني.
وردا على ذلك، قررت السلطة الفلسطينية، مقاطعة اجتماع اقتصادي مع إسرائيل مقرر غدا الإثنين، واتخاذ إجراءات أخرى بخصوص العلاقة معها، رفضا لقرار تسريع البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة.
جاء ذلك الإعلان في تغريدة لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ، ردا على قرار يخول وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالموافقة على مخططات الاستيطان بما يعني تسريع وتيرته.
ومنتقدا القرار المرتقب، قال الشيخ: "قررنا مقاطعة اجتماع اللجنة الاقتصادية العليا بين الطرفين والذي كان مقررا عقده يوم غد (الإثنين)".
وأضاف: "ستدرس القيادة الفلسطينية جملة إجراءات وقرارات أخرى للتنفيذ وتتعلق بالعلاقة مع إسرائيل".
كما أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية "عزم الحكومة الإسرائيلية المصادقة على ما جاء في الاتفاق الائتلافي بين (حزبي) الليكود والصهيونية الدينية، بخصوص منح الوزير العنصري الفاشي سموتريتش صلاحية المصادقة الأولية على أي مخططات للبناء الاستيطاني وتقليص إجراءات تعميق الاستيطان وتوسيعها في الأرض الفلسطينية المحتلة".
وحذرت الخارجية، في بيان، من أن تفويض الوزير الإسرائيلي بتلك المهمة يمثل "تصعيدا خطيرا لاستكمال ضم الضفة الغربية، وتسهيل تمرير المشاريع الاستيطانية بهدوء ودون ضجيج وبمراحل مختصرة قد لا تُثار في وسائل الإعلام".
الوزارة دعت إلى "تحرك دولي وأمريكي حقيقي وممارسة ضغط على الحكومة الإسرائيلية لثنيها عن اتخاذ هذا القرار (...) ووقف إجراءاتها أحادية الجانب غير القانونية التي تقوض فرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين وتستخف بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة".
وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي أنشطة غير قانونية وتطالب دون جدوى بوقفها، محذرةً من أنها تهدد احتمال معالجة الصراع بناء على مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
كما دعت حركة "حماس"، عبر بيان لها، المجتمع الدولي إلى "اتخاذ خطوات عاجلة لوقف المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية"، محذرة من "المزيد من التصعيد".
دعوة "حماس" جاءت تعقيبا على اعتزام المجلس الأعلى للتخطيط والبناء الإسرائيلي نشر عطاءات لبناء 4560 وحدة استيطانية في العديد من مستوطنات الضفة الغربية، وفقا للقناة السابعة التابعة للمستوطنين الأحد.
وأكَّدت "الجبهةُ الشعبيّةُ لتحرير فلسطين"، "أنّ القرارات الصادرة من حكومة العدو الصهيوني بتوسيع الاستيطان وتسريعه في الضفّة، تأتي تصعيدًا لمسارٍ يعمل عليه العدو منذ سنواتٍ لضمّ الضفّة المحتلّة."
وشدّدت الجبهة في بيان لها " أنّ إعلان حكومة العدو، يتجاوز تمامًا كلّ القرارات الدوليّة ذات الصلة، وهو نتيجةٌ مباشرةٌ لاستمرار الدعم والتغطية الغربيّة والدوليّة للكيان الصهيوني وسياساته الإجراميّة بحقّ شعبنا."
ودعت الجبهةُ إلى "تصعيد كلّ أشكال المقاومة والنضال في وجه هذه السياسات الإرهابيّة، مؤكّدةً أنّ مصير الضفّة وأرض فلسطين وشعبها لم ولن يكون خاضعًا لقرارات العدو المحتل، ولكن من سيُحدّده ويرسم ملامحه شعبُ فلسطين بمقاومته ونضاله المستمرّ."
واختتمت الجبهةُ بالتأكيد على "وحدة الشعب الفلسطيني في خندق المقاومة والنضال ضدّ هذا المشروع وغيره، وتوسيع رقعة المواجهة مع العدو، والمقاومة بأدواتها وأساليبها كافةً، داعيةً إلى موقفٍ فلسطيني موحّدٍ قادرٍ على حشد الموقف العربي، وعزل الكيان الصهيوني وملاحقته دوليًّا."
واستهجنت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية "طرح عطاءات جديدة لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات في الضفة الغربية، مما يعني دفع المنطقة إلى مزيد من العنف والصدام مع الشعب الفلسطيني."
وكان سموتريتش قد أوعز لمندوبي الوزارات، الشهر الماضي، بالاستعداد لاستيعاب نصف مليون مستوطن آخر في الضفة الغربية المحتلة، ولتحسين البنية التحتية في المستوطنات.
وقال سموتريتش في عدة مداولات مغلقة إنه يعتبر مضاعفة عدد المستوطنين في الضفة "مهاما أساسية" للحكومة. ونقلت صحيفة "هآرتس" في حينه، عن مصادر ضالعة في هذا المخطط قولها إن سموتريتش تعهد خلال مداولات بأن تمويل المخطط "لن يشكل مشكلة".
وعقد سموتريتش مداولات حول مخطط مضاعفة عدد المستوطنين مع مندوبي وزارات مختلفة، بينها الأمن والمالية، في أعقاب اتفاقه مع وزير الأمن، يوآف غالانت، حول صلاحياته في "الإدارة المدنية" للاحتلال. واستعرض سموتريتش في هذه المداولات مخططاته لتوسيع المشروع الاستيطاني وطالب بالبدء في تطبيقها فورا. وقال إنه ينبغي إخراج هذه المخططات إلى حيز التنفيذ خلال سنتين.
واحتجت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على مخطط سموتريتش هذا، فيما زعمت الحكومة الإسرائيلية، حينها، أن أقوال سموتريتش حول زيادة عدد المستوطنين وتحسين البنية التحتية في المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية، لا تمثل سياسة الحكومة ورئيسها نتنياهو.