- نتنياهو يغازل الجميع ويعود بالملف إلى بعده الأمني
- "حماس" أبدت تحفّظاً على أي عملية استخراج لا يكون لسكان غزة نصيب منها
- (إيجاس) ستتولى بالشراكة مع السلطة الفلسطينية تطوير الحقل
ذكرت تقارير صحفية بأن حركة "حماس"، أبدت تحفّظاً على أي عملية استخراج للغاز من بحر غزة لا يكون لسكان القطاع نصيب واضح منها، وخاصةً في ما يتعلق بقضية الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي للقطاع.
وبعد أيام من مباحثات أجراها المصريون مع كلّ من السلطة الفلسطينية، وفصائل المقاومة في قطاع غزة، أوعز رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بالبدء بتنفيذ مشروع تطوير غاز غزة قبالة القطاع، وسط صمتٍ من السلطة والفصائل الفلسطينية.
وقال مكتب نتنياهو، في بيان صحفي، إن "مشروع تطوير حقل الغاز، قبالة سواحل غزة، يأتي في إطار المفاوضات الجارية بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية"، لافتاً إلى أن "تنفيذ المشروع يخضع للتنسيق بين الأجهزة الأمنية، عبر الحوار المباشر مع مصر والسلطة الفلسطينية، بهدف الحفاظ على المصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل".
وعلمت "الأخبار"، من مصادر فصائلية فلسطينية، أن المصريين أجروا مباحثات مع الفصائل خلال زيارة للأخيرة إلى القاهرة حديثاً، أبدت خلالها الثانية، لاسيما حركة "حماس"، تحفّظاً على أي عملية استخراج للغاز لا يكون لقطاع غزة نصيب واضح منها، وخاصةً في ما يتعلق بقضية الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي للقطاع.
كذلك، ألمحت إلى قدرتها على تعطيل عملية تطوير الحقل واستخراج الغاز منه، مشيرةً إلى أنّها تتيح مع ذلك فرصة لتخصيص حصة واضحة من عائدات هذا الغاز لغزة، سواء كانت هذه العائدات على شكل غاز، أو عوائد مالية يتم استخدامها في التنمية الاقتصادية والبنى التحتية. إلا أنّ الفصائل لم تُصدر، أمس، أيّ تعقيب على إعلان إسرائيل تفعيل استخراج الغاز من الحقل، الذي يقع ضمن الحدود البحرية للقطاع.
يُشار إلى أنّه في الرابع من أيار الماضي، قالت "القناة الـ13" العبرية إن الحكومة الإسرائيلية تجري محادثات سرية مع السلطة الفلسطينية، لاستخراج الغاز من الحقل الواقع في شواطئ غزة، والمعروف باسم "غزة مارين"، وذلك بموافقة نتنياهو، ووزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت.
كما لفتت القناة إلى أن الحكومة الإسرائيلية، عقب تشكيلها نهاية العام الماضي، أجرت مناقشات داخلية بشأن حقل الغاز، الذي يبعد 36 كيلومتراً عن ساحل غزة في مياه المتوسط، مشيرةً إلى أن "المحادثات تجددت كجزء من العملية السياسية والأمنية التي بدأت، أخيراً، بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بوساطة أميركية".
وأردفت القناة أنّ مسألة تطوير حقل "غزة مارين"، وإعداده لاستخراج الغاز، كانت في صلب المحادثات التي أجريت في اجتماعي العقبة وشرم الشيخ، اللذين جمعا مسؤولين أمنيين وسياسيين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، برعاية الولايات المتحدة، وبمشاركة أردنية ومصرية.
وبيّنت القناة أن المحادثات في هذا الشأن يقودها رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، الذي ترأس الوفد الإسرائيلي إلى العقبة وشرم الشيخ، ومنسق عمليات الحكومة في المناطق المحتلة، غسان عليان، لافتةً إلى أنّ "إسرائيل ترى أنّ هذه الخطوة ستفيد الفلسطينيين اقتصادياً، ما قد يساهم في خفض التوترات الأمنية على المدى البعيد".
وتوقع خبراء بأن إعلان نتنياهو، أمس الأحد، عن موافقة حكومته على خطة لتطوير حقل "غزة مارين"، "قد يمهد لتهدئة بين فصائل قطاع غزة وإسرائيل".
وبحسب، إفادات إسرائيلية وفلسطينية، فإن الحقل الذي اكتشف قبل حوالي العقدين وظل دون تطوير نتيجة الصراع مع إسرائيل، سيتم تطويره وفق صيغة تفاهم ثلاثي بين "مصر، والسلطة الوطنية الفلسطينية، وإسرائيل".
ونقلت "رويترز" عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أنه رَهن التقدم في هذا المسار بـ"الحفاظ على الاحتياجات الأمنية والدبلوماسية لإسرائيل".
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن الاتفاق الخاص بتطوير الحقل يعد "اتفاقاً سياسياً، يرتبط برسالة تحفيزية على المستوى السياسي، من قبل الحكومة الإسرائيلية، بما سيعود على الأطراف المختلفة بعدة مزايا".
ويضيف فهمي، في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط": "نتنياهو يغازل الجميع، ويعود بالملف إلى بعده الأمني، ويقدم هذه الورقة للسلطة الفلسطينية، مقابل استئناف التنسيق الأمني معها، وفتح صفحة غير مباشرة بين الجانبين، وليؤكد على مستوى آخر للإدارة الأميركية أنه يتجاوب مع طرح السلام، واستئناف الاتصالات الاقتصادية وليست السياسية، وبالتالي ينفذ فكرة (السلام الاقتصادي)، وليس (السلام السياسي)".
أما بالنسبة لـ"حركة حماس" في قطاع غزة، فإن الخطوة الأخيرة "تمنحها إقراراً إسرائيلياً بوجودها في القطاع، وأنها باتت مسؤولة عن غزة بصورة مباشرة، لمحاولة تحجيم حركة (الجهاد)"، بحسب أستاذ العلوم السياسية المصري.
كما يقدم القرار الإسرائيلي، بالموافقة على تطوير الحقل، بواسطة مصر، ورقة أخرى للقاهرة باعتبارها "أكبر حليف في الإقليم، وأكبر مهدئ للصراع، والوسيط الذي يحظى بقبول ومصداقية لدى الجميع، فضلاً عن امتلاكها إمكانيات كبيرة وهائلة في المسائل الفنية لتطوير الحقل"، وفق فهمي.
وبحسب ما رشح من إفادات مصرية، سابقاً، فإن "الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية" (إيجاس) المملوكة للحكومة المصرية، ستتولى بالشراكة مع السلطة الفلسطينية تطوير الحقل.
وفيما تشير تقديرات خبراء إلى أن مخزون الحقل "يزيد على تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي" يذهب البعض إلى إنتاجه "أكبر بكثير مما هو مطلوب لتشغيل الأراضي الفلسطينية، ويمكن التصدير منه".
ويقول الدكتور، أحمد قنديل، رئيس "برنامج دراسات الطاقة" بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن قرار الموافقة على تنفيذ اتفاق تطوير الحقل "كان منتظراً منذ وقت طويل، لاستغلال الثروات الغازية للشعب الفلسطيني، لمساعدته على تخطي الأزمة الاقتصادية الصعبة في غزة والضفة".
ويصف قنديل احتياطات الحقل بأنها "واعدة"، ويقول لـ"الشرق الأوسط" إن "تأسيس مصر لمنتدى غاز شرق المتوسط، وعضوية إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية فيه، كان بمثابة أول اعتراف إسرائيلي بوجود السلطة الوطنية الفلسطينية، وحقوقها في تطوير مواردها من الغاز".
وقال قنديل إن تطوير حقل "غزة مارين"، من شأنه "حل أزمة الكهرباء في الأراضي الفلسطينية، حيث تعتمد على سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تزويدها بالغاز، بالإضافة إلى زيادة الموارد المالية، من مصادر الطاقة، للسلطة الوطنية الفلسطينية".