- طه خالد منصور
أصبح من الضروري الحديث عن موضوع خلافة الرئيس الفلسطيني بعدما كثر الحديث في هذا الشأن خلال الفترة الأخيرة وسط تقارير عربية ودولية أشارت إلى قرب تخلي الرئيس الفلسطيني عن منصبه بسبب حالته الصحية، رغم عدم طرحها للمعلومات الكافية عن خفايا الموضوع.
لطالما تجنب الوسط الفلسطيني الخوض في هذا الموضوع، لارتباط هذا الملف بمرحلة غير واضحة المعالم، وهي ترتبط بالتنافس الشديد بين عدد من القيادات الفلسطينية التي تطمح لذلك، لكن لحد الساعة لا يوجد أي قيادي أعلن صراحة عن نيته في خلافة محمود عباس.
الوضع داخل البيت الفلسطيني سيتجه لا محال للاستعداد لإيجاد خليفة لعباس بعيدا عن الحساسيات، وهذا ما تم مناقشته أمام الرئيس الفلسطيني الذي يعي أن دوام الحال من المحال، ولا بد من التفكير بجدية في المرحلة القادمة والتخطيط لها جيدا خاصة أن الأوضاع في الضفة الغربية في الوقت الراهن على شفا حفرة من تصعيد محتمل، قد يؤدي إلى حالة من الفوضى التي ستزيد من ضبابية المشهد السياسي في فلسطين والتي تعاني في الأساس من انقسام داخلي عميق بين مكوناتها السياسية المختلفة، فغزة معزولة عن الضفة من سنوات طويلة، والأهم وجود احتلال إسرائيلي يسعى دوما إلى استثمار واستغلال واقعها غير الواضح ومحدد المسارات والسيناريوهات لإضعاف هذا الشعب وتفتيت بنيته وتشظي مكوناته.
وبين التفكير في مرحلة ما بعد عباس وإيجاد خليفة له، تصاعد الحديث داخل حركة «فتح»، التي تُجمع أُطرها على ضرورة التوافق على خليفة خلال الفترة القريبة، وتجاوز حالة الخلاف والتنافس القائمة، بما يساعد على إعادة ترتيب أوضاع الحركة على المستويَين السياسي والتنظيمي.
ولحد الساعة، لا شيء رسمي سوى بعض التصاريح الصحفية التي يدلي بها المسؤولون دون ذكر أسمائهم والتي أشار بعضها أن هناك توجّهاً لدى قيادة الحركة، والقواعد الشعبية لحركة فتح في الضفة الغربية، على أن يكون مروان البرغوثي هو خليفة عباس، وهو ما يذكرنا ببعض التقارير التي انتشرت مطلع هذا الشهر وأشارت إلى الأضواء التي لاحقت الأسير الكبير والمُناضل مروان البرغوثي مؤخرا قد تكون مرتبطة ببعض الأحداث والتطورات التي حصلت معه أكثر ما هي مُرتبطة فعلاً بسيناريو حقيقي يُفترض ترشيحه وعودته في سياق الجدل المُرتبط بخلافة الرئيس محمود عباس.
إلّا أن هذا التوجّه ترفضه قيادة اللجنة المركزية التي يرى أغلب أطرافها أنهم الأحقّ في الخلافة وأن الخليفة لا بد أن يكون رجل مارس السياسة خلال السنوات الماضية ويعي جيدا حساسية الوضع السياسي التي تعيش فيه فلسطين.
في الجهة المقابلة يبرز اسم حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، كثيرا خلال هذه المرحلة الحساسة والذي يبدو على أنه الأقرب إلى الخلافة وفق بعض المعطيات التي تشير إلى أنه الرجل الذي يتمتع بثقل ديبلوماسي ويعرف جيدا خفايا البيت الفلسطيني جيدا والقادر على نقل السلطة الفلسطينية من حالة الفراغ في حال تنحي الرئيس محمود عباس إلى مرحلة تكون فيها السلطة أقل اضطرابا، رغم حالة الرفض لدى البعض تجاه هذا الشخص والذي وامتنع في العديد من المرات عن الإفصاح عما إذا كان راغبا في خلافة عباس، وقال في إحدى مقابلاته الصحفية أن رئيس السلطة المقبل يجب أن يتم اختياره من خلال انتخابات، لا يمكن إجراؤها إلا إذا سمحت إسرائيل بالتصويت في كل القدس الشرقية.
اسم حسين الشيخ توارد كثيرا مع كل حديث عن خليفة لمحمود عباس، باعتباره من المقربين لهذا الأخير رفقة اسم آخر قيل انه أيضا من المرشحين القادرين على تولي زمام الأمور داخل السلطة الفلسطينية وهو ورئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج، خاصة بعد إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مارس الماضي، قرارًا بقانون بشأن صلاحيات ماجد فرج ، والذي تضمن ترقيته إلى درجة وزير، فيما اعتبره البعض على أنه تعزيز موقف في معركة خلاف كرسي الرئاسة.
سيناريوهات عديدة وقائمة أسماء طويلة يتم تداولها لشغل منصب الرئاسة بعد محمود عباس، وهي مرحلة حساسة التي لا تنطوي على معلومات كثيرة حول ما يحدث خلف الكواليس بخصوص معركة الرئاسة القادمة، وما يمكن توقعه أن هذه المرحلة ستكون أصعب مما تبدو عليه الآن، فاختيار رئيس لدولة محتلة لن يكون بتلك السهولة.
الكاتب والباحث في الشأن السياسي طه خالد منصور، من مواليد فلسطين، مهتم بقضايا الشرق الأوسط وفلسطين خاصة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت