- شعر: المتوكل طه
***
يا حاديَ العِيسِ خَفِّفْ صَيحةَ الحادي
وقُلْ لهُ قد مضى للنومِ عُوّادي
اسرِعْ كما شئتَ ، هذي مَحضُ راحِلَةٍ
فليسَ تبلغُ فرساناً بأجيادِ
وَهَدِّئ السَّيرَ ، هذا الدربُ أنتَ له
نجمٌ يقودُ إلى بَحرٍ وأَنْجادِ
تعالَ واقضِ معي ليلاً يُسَّهِّدُني
فلم يعُدْ قمري يحنو لإسْعادي
وَجُدْ عليَّ لعلّ الرّكبَ يحملُني
لأبلغَ الدارَ في أحضانِ أجدادي
تلك التي نَهَبوها ذاتَ محرقةٍ
وقطّعوا قلبَها في صدرِ أولادي
***
يا الناصريُّ على الغيماتِ كنتَ لنا
بُشرى النّوارسِ في أعراسِ ميلادِ
وقلتَ: ما من كراماتٍ ستجمعُنا
إنْ ظلَّ قاتِلُنا ، أو طالَ إبعادي
علّمتنا كيف نبقى في مرابِعنا
وَشْماً على الجذعِ أو نَصْلاً لِحَصّادِ
هتفتَ في الشجرِ العالي فما برَحَت
أغصانُهُ وتراً في شَهْقةِ الشادي
وكنتَ مَن أشعلَ النجماتِ موقدةً
لتحرقَ الليلَ في سجّانِ أجسادي
بقيتَ في الصخرِ نبعاً فائضاً ويداً
تهدِّمُ الحقدَ أوثاناً بأطوادِ
وكلّما حزّت الأحزانُ أغنيةً
من خافقيكَ تعالت شمسُ إنْشادي
وفَجّرَ الكرزُ الدّامي مجامرَهُ
وحَمْحَمَ السّرُّ في شريانِ آسادي
وفَزّ من نهركَ الموّارِ أحصنةٌ
أعرافُها صَهْدُ أصداءٍ لوقّادِ
نداؤكَ الأرضُ، ما صَغَّرتَ قنطرةً
تقولُ: ما ضلَّ مَن صَلّى بأورادي
وشِعْرُكَ الماءُ يهمي فوق كَرْمِلِنا
يرنِّقُ الزّهرَ رُمّاناً بأكبادي
لسوفَ تبقى من الألحانِ أجمَلها
ودربُكَ البرقُ أسيافاً لأغمادِ
وخَطوكَ الرّعدُ غيّاثاً لمَن عطِشوا
وحرْفُكَ الحُرُّ آفاقاً لآمادِ
صهيلكَ الموجُ يسري نحو مَن خرجوا
حتى يعود إلى السُّمّارِ أحفادي
ونفتح الدّارَ شبّاكاً وأغنيةً
إلى المشيمةِ في أرحامِ ولّادِ
ويرقصُ البيدرُ البدريُّ ثانيةً
وقد تغافلَ عن ذئبٍ وأحقادِ
***
وإنْ تناسى طغاةُ العصرِ ما اقترفوا
هتْكَاً بِبيتي وأشجاري وأعيادي
فإنّه الطينُ يبقى فوقَ زلزَلةٍ
والنارُ تَصْهدُ من بركانِ أصفادي
***
يُصالِحون على الأشْهادِ قاتلَهم
ويفرشون وثيرَ النفطِ للعادي !
والمستحيلُ ،إلى الأسوارِ، هَبّتُهم
فلن تُحَرَّرَ أوطانٌ بأوغادِ
تُرمى الطرائدُ بالأقواسِ إنْ طُلِبَت
وليس بالنَّومِ يَحظى أيُّ صيّادِ
فكلُّ فعلٍ له سيفٌ ليجرَحَهُ
وكلُّ مَن قال قد أوفى بميعادِ
يُطَبِّعون وهذا السيلُ يجرفُنا
من الشآم إلى صنعا.. فبغدادِ
لكنها الأرضُ لن ترضى بمن غَصَبوا
وإنْ أطاحوا بِسَبْعِ التلِّ والوادي
وإن تماهت مع المحتلِّ شرذمةٌ
وعبّدوا الخَطْوَ للنازيِّ والسّادي
وإن تصاغرت الأعرابُ وانفتحت
بوابةُ الوِزْر من عَبدٍ لأوغادِ
وقدّموا القدسَ للمُحتَلّ سائغةً
كما يسوقون مأسوراً لأعوادِ
وَقَبِّلوا ما استطاعوا كفَّ سيّدِهم
فلن أصافحَ ، يوماً ، كفَّ جَلاّدي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت