- حسن عبادي/حيفا
كان حسين عاملاً بسيطاً، معيلاً وحيداً لعائلته المكوّنة من سبعة أفراد؛ أولاده طلّاب في المدارس ومصروفات البيت عالية، وبالكاد تكفيهم أجرته الأسبوعيّة.
مرض بِكره علي، ضايقه الأمر جداً ولم يكن لديه التأمين الصحّي لعلاجه، وتكلفة المستشفى والعلاج، خمسة آلاف دولار، فأشارت عليه زوجته بأن يتوجّه لإمام مسجد القرية طالباً المعونة من أهل البلدة. فعلاً توجّه إليه وعرض عليه الأمر طالباً مشورته ومساعدته. بعد خطبة الجمعة شرح الإمام لمئات المصلّين وضع ابن بلدتهم ومِحنته فقام الحضور بجمع تبرّعات بمبلغ وقدره مائتا دولار.
حزن أبو علي وتوجّه في المساء للمدينة المجاورة. دخل إحدى حاناتها وبدأ باحتساء الخمرة وشارَف على السُكر وبذّر كلّ ما تبرّع به المصلّون، وبان الحزن على وجهه فتوجّه إليه صاحب الحانة وسأله عن سرّ حزنه فأخبره بحالته.
ابتسم وقال له: "هاي بسيطة". لفّ بين الطاولات وأخبر الزبائن بمحنة نديمهم الغريب، فقاموا للحال بلمّة فيما بينهم وجمعوا المبلغ بكل أريحيّة. ناوله أحدهم لأبي علي قائلًا: "الله يشفيلك علي، بس وحياتك إدعي لنا شويّة بلكي الله يسّر أمورنا".
قام أبو علي من كرسيه نحو باب الحانة، نظر للندماء وشكرهم جزيل الشكر، وأنهى رافعًا يديه نحو السماء وختم شكره لهم قائلاً: "الله لا يهديكُم!".
(نُشرت القصّة في العدد الثاني، السنة التاسعة، حزيران 2023، مجلّة شذى الكرمل، الاتّحاد العام للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48)
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت