- *كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
- *عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
الولايات المتحدة الامريكية، دولة المؤسسات الدستورية منذ نشأتها، تحكمها الان عصابات مافيويّة، فصارت دولة بلا أخلاق، والأخلاق تسبق القانون، والقانون وسيلة، بينما الأخلاق: وسيلة وغاية، ونشرح ونشرّح ذلك، وبالأدلة والتحليل الذي يصل درجة المعلومات:
سورية في المنطقة الرمادية، والجيش الأمريكي يسيطر على ثلث الأراضي السورية، مع شريكه المحلي: ما تسمّى قوّات سورية الديمقراطية – الكرد التروتسك الصهيوني العميل المعولم، بما في ذلك القوة الاقتصادية الناعمة – نفط وغاز وسيلكون في الصحراء، وحيث تكمن تموضعات الهيدروكربونات، وكذلك القوة الزراعية.
وثمة استراتيجية ساديّة يانكيّة أمريكية، لمنع إعادة اعمار سوريا التي دمرتها الحرب، على مدار عشرية النار وأكثر، وما زالت الحرب عليها، تتموقع بصور محتلفة، وبلباس الحمل الوديع الناعم، لكنّه بباطنه: السم الزعاف، أكلن الأخضر واليابس والحجر والانسان، وما تزال الحرب لتغيير النظام والنسق السياسي، واسقاط الحكومة في سورية قائمة بشكل واضح، رغم عودة العرب الى سورية، وعودة الأخيرة الى حضنها، بالرغم: من أنّ الانفتاح العربي على سورية، ملغوماً ملغوماً ملغوماً.
فالمرحلة الجديدة(الفصل الثاني)من الحرب على سورية، والتي لها الكثير من التأثيرات المحتملة، التي ستترتب على المدنيين، صارت تتموضع في: الاحتلال العسكري الأمريكيّ للقوّة الاقتصادية الغنية بالموارد في سورية، والاستمرار الأمريكي في تجذير العزلة الدبلوماسية للحكومة السورية، والعقوبات الاقتصادية ضد دمشق وحلفائها، ومنع وصول المساعدة من أجل إعادة الاعمار، ومنع عودة اللاجئين والخبرات الفنية إليها، وهذا سيقود إلى معاناة واسعه النطاق، وإلى حرمان، وحتى موت الكثير من السوريين، وثمة شهية محدودة محلياً في الداخل الأمريكي، لمزيد من التدخل في سورية، لأشغال الروسي ولو قليلاً، عن مواجهته مع الأطلسي، عبر أوكرانيا، وأنّ حرب تغيير النظام السياسي، والنسق السوري أمريكيّاً، لم تنته بعد.
وأنَّ الاحتلال العسكري الأمريكي، لأجزاء من سورية، يجب أن يكمله، حصار سياسي للحكومة السورية، على الطراز الاستعماري الجديد، وإلى استمرار فرض العزلة السياسية والدبلوماسية على النظام السوري، وعلى مواصلة التمسك بالخط الفاصل للعزلة الدبلوماسية، ومنع السفارات من العودة إلى دمشق الى حد ما، مع تكثيف فرض العقوبات الاقتصادية، والاستفادة من مساعدات إعادة الإعمار، كأداة ضد الحكومة السورية، والنظام والنسق السياسي.
وأنّ المساعدات الإنسانية الأمريكية، والمساعدة في تحقيق الاستقرار في سورية، ذهبت إلى حليفها قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي، وعلى أمريكا إبقاء حالة الخراب، في بقية البلاد السورية، حتى تحقق هدفها المتمثل: في تغيير النظام السياسي، واسقاط الحكومة السورية(هكذا تفكر وتسعى كوادر إدارة جو بايدن في السلطة وبالتشارك مع الجمهوريين).
وتقبع سورية في خراب، وما يريده الروس والأسد، هو إعادة البناء الاقتصادي – هكذا تقول أمريكا، ويمكن للولايات المتحدة اللعب بهذه الورقة، عن طريق المؤسسات المالية الدولية وتعاونها مع الأوروبيين، حيث هدف واشنطن، هو عرقلة دمشق، ومنعها من إعادة الإعمار: ينبغي لنا كأمريكا، أن نشكل سدّاً لمنع إعادة الإعمار، وعودة الخبرة التقنية إلى سورية، حيث الصراعُ مستمر، ولم ينتهي ولن ينتهي، ونعمل على وجوده، وادامته باستمرار وادارته، وتعكس سياسة جو بادن تجاه سورية إلى حدٍّ كبير الاستراتيجية الساديّة.
وبدأ الفصل الثاني من المؤامرة على سورية، عبر حروب الغاز والنفط، في شرق نهر الفرات، شمال شرق سورية، والتغيير الديمغرافي للشمال السوري، وجلّ المؤامرة على سورية بدأت، عندما وافقت الدولة السورية الوطنية على مد خط أنابيب نفط وغاز إيراني، يصل الى المتوسط، وهذا يعني عدم حصر الصادرات النفطية والغازية الايرانية عبر مضيق هرمز.
وكما أوضحت، وفي قراءات لي سابقة عديدة، ومنشورة، بلغات ثلاث(عربي انجليزي فارسي): ظهر التدخل الأمريكي فجّاً طامعاً متحديّاً، بإعلان الرئيس الامريكي، في توسيع مهمه بهائمه العسكرية، في شرق دير الزور(أرسل 1300 جندي وهناك 800 جندي في التنف السوري المحتل)لحماية النفط والغاز السوري من داعش، كما يزعم هذا الصفق الامريكي، وتساوق معه مؤيداً، السيناتور ليندسي غراهام صديق الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي أعلن بكل وقاحة أيضاً(وقاحته فاقت وقاحة رئيسه)أنّه يعمل وآخرون معه، مع شركات نفط أمريكية عملاقة كأكسون موبيل وغيرها، عبر عرّاب الطاقة وزير الخارجية الأسبق، مايك بومبيو المحامي وخبير الطاقة، لدفعها للذهاب الى شمال شرق سورية، لأقامة بنى تحتية نفطية ومصافي تكرير، وللسماح للكرد(تروتسك صهيوني عميل معولم الجميع يستثمر بهم وفيهم)بتصدير نفطهم وغازهم وكسب المزيد من المال، والهدف من فوق الطاولة: النفط والغاز، ومن تحت الطاولة: دعم كيان كردي انفصالي عميل في شرق الفرات، كيان قاطع شبه دولة، اسرائيل ثالثة هناك، لقطع التواصل بين مكونات محور المقاومة، من ايران الى العراق الى سورية فلبنان.
والاحتلال الأمريكي، يصدّر النفط السوري المسروق، إلى الأسواق العالمية، حيث يواصل الجيش الأمريكي عمليات سرقة النفط السوري، من الحقول التي يسيطر عليها شرقي سوريا، وذلك عبر قوافل الصهاريج التي تخرج بشكل يومي، عبر المعابر غير الشرعية بين محافظة الحسكة والعراق، وإنّ الاحتلال الأمريكي صعّد خلال الأونة الأخيرة، من عمليات سرقة ونهب الثروات السورية، حيث يخرج خلال ساعات اليوم الواحد عشرات الصهاريج المحملة بالنفط المسروق، من حقول منطقة الجزيرة، باتجاه الأراضي العراقية، ومنها إلى أسواق أخرى.
وخلال شهر حزيران الماضي لوحده، أخرج الاحتلال الأمريكي، أكثر من 400 صهريج ورتلاً، وعلى دفعات متتالية، محمّلةً بالنفط المسروق، من حقول الجزيرة السورية، عبر معبر الوليد البري غير الشرعي مع العراق، وقد تم توثيق ذلك بصور حيّة وفيديوهات، عبر شبكة الاستخبارات الوطنية السورية، لحظة قيام قافلة آليات، وصهاريج تابعة للجيش الأمريكي، بعملية سرقة النفط، من أحد الآبار، ومحطات التزويد التابعة، لمديرية حقول نفط وغاز الحسكة(الرميلان)الحكومية السورية، شمال شرقي البلاد.
حيث تظهر مجموعة من الصهاريج والآليات الأمريكية، التي تقوم بعمليات تعبئة النفط والغاز، من الآبار الواقعة بين بلدتي: رميلان والجوادية، قرب الحدود السورية العراقية، أقصى الشرق من محافظة الحسكة، لتقوم بنقلها مباشرة إلى داخل أراضي إقليم شمال العراق(كردستان العراق).
وهناك مقاطع فيديو، توثق استمرار الجيش الأمريكي تحت مظلة ما يسمى التحالف الدولي المزعوم، بإدخال قوافل من الشاحنات المحمّلة، باللوائح الأسمنتية، وذلك ضمن سعيه، لتحصين قواعده غير الشرعية في حقول وآبار النفط في مدن: الرميلان، والحسكة، والشدادي، وريف دير الزور الشرقي، وذلك بعد ارتفاع وتيرة الرفض الشعبي والعشائري لتواجده، وعمليات الاستهداف العسكري لها، والتي أوقعت خسائر بشرية في صفوفه خلال الأشهر الماضية.
وكان إنتاج سوريا من النفط الخام عام 2010 م، قد وصل إلى ما يقارب 360 ألف برميل يوميا، منها 100 ألف برميل يوميا، من حقول مديرية نفط الحسكة في رميلان شمال شرقي محافظة الحسكة، أما من القمح فكانت محافظة الحسكة، تنتج ما يقارب المليون طن سنويا، وكانت سوريا تعتبر بلدا مصدرا للنفط والقمح، في حين أنها اليوم أصبحت بلدا مستوردا للنفط والقمح، كما أنها تجد صعوبة كبيرة في تأمينهما، بسبب العقوبات الغربية والأمريكية، وفق قانون قيصر الجائر.
وفوق كل ما ذكر سابقاً، تقول المعلومات الاستخباراتية الروسية، وعبر الشكل التالي: هناك تقدير استخباراتي روسي، لجهاز الاستخبارات الخارجي الروسي يفيد: بأنّ الإدارة الأمريكية وبريطانيا، تبذلان قصارى جهدهما، لعرقلة التطبيع، بين الدول العربية وسوريا، وتشويه سمعة القيادة السورية، حيث يحضّر الأنجلو سكسون، لاستفزازات، في جنوب سوريا مع استخدام مواد كيميائية سامة، وأنّ الولايات المتحدة الأمريكية ومعها لندن، اختبرتا طريقة استخدام المواد السامة، قبل شهرين في إدلب شمال سوريا، بواسطة جماعة حرّاس الدين، المرتبطة بتنظيم القاعدة والمتطرفين، من حزب تركسان الإسلامي.
وقام الجيش الأمريكي والاستخبارات البريطانية، بتسليم مسلحي داعش، المتواجدين بالقرب من قاعدة التنف الأمريكية، في التنف السوري المحتل، في جنوب سوريا، صواريخ مشحونة بمواد سامة، وكما تم مؤخراً في هذه القاعدة، تشكيل لجنة استخبارات أمريكية- بريطانية مشتركة، وهي في الواقع المقر الرئيسي لقيادة وتوجيه نشاطات مسلحي داعش في جنوب سوريا، وفي منطقة دمشق، ويرأس هذه اللجنة، نائب قائد القيادة المركزية الامريكية الجنرال: جيمس ميلوي.
حيث يقوم جيمس ميلوي، بتسليمهم صواريخ، برؤوس حربية، مليئة بالمواد السامة، في منطقة قريبة، من بلدتي الحوية وزافريا، القريبة من قاعدة التنف العسكرية الأمريكية، وقد أصبح ذلك المكان، منطلقا للعصابات الإرهابية، ويشن مسلحو داعـش، هجمات متكررة على الحافلات المدنية والعسكرية في سوريا.
هذا: وسوف يتصرف الأنجلو ساكسون، كما جرت العادة، وسيرفقون مؤامرتهم هذه، بحملة إعلامية قويّة(بربوغندا)هدفها: الإظهار لدول العالم العربي، أنّ استئناف الحوار مع الرئيس بشار الأسد، كان غلطة استراتيجية.
وفي المعلومات: فقد وصلت كل الدول العربية تقارير موثّقة، وبالمعلومات والوثائق والصور، من الاستخبارات الخارجية الروسية حول ذلك، وخاصة لدول الجوار السوري، وتحت بند ومعطى: تبادل المعلومات بين الأجهزة الاستخباراتية المعنية.
الامريكي والتركي، سيخرجان خروجاً كارثيّاً من سورية، وعبر مقاومتهما عسكريّاً، ان بصورة مباشرة، عبر الجيش السوري وحلفائه، وان بصورة غير مباشرة عبر حرب العصابات، حيث هناك قرار في محور المقاومة، متخذ ومعلوم وتوقيته مجهول، لضرب الامريكي والتركي معاً(ان لم يخرج التركي طواعيةً وبالتفاهم مع السوري، عبر الروسي والإيراني)، وليس في سورية فقط، وهذا موقف سياسي ومخابراتي وعسكري، حيث التركي في الشمال السوري، ما زال يسعى الى تغيير ديمغرافي، عبر احلال سكّاني للأرهابيين من ادلب، مكان العرب والكرد في الشمال السوري، عبر عنوان انساني مخادع وكاذب: اعادة وعودة ثلاثة ملايين من اللاجئين السوريين، وهم في الحقيقة، في جلّهم إرهابيين، من مكب النفايات الارهابية في ادلب، لانشاء مجتمعاً راديكالياً متطرفاً، يتسق ورؤية حزب العدالة والتنمية التركين بزعامة الرئيس أردوغان.
سنحاول في هذه العجالة، أن نفكّك ما يمكن تفكيكه من المركّب، ونركّب ما يمكن تركيبه من المفكّك، في سياقات ومنحنيات وتضاريس وكواليس، مشروع الغاز الأيراني العراقي السوري، والذي جمّد لجهة شقه العراقي السوري فقط، ما قبل الحدث الأحتجاجي السياسي الدمشقي بمناخاته المتعددة، والتصعيد في الساحة السياسية السورية كساحة خصم، من قبل الطرف الثالث الأخر المعلوم للجميع عبر ذيول أدواته، بفترة من الزمن(بعبارة أخرى ما قبل المؤامرة على الدولة الوطنية السورية ودورها، حيث بدأ الفصل الثاني من هذه الحرب على سورية التاريخ والدولة والشعب والمؤسسات والدور والقيادة والجغرافيا والديمغرافيا)، وقّع فيما مضى وزراء النفط في ايران والعراق وسوريا، اتفاقية بقيمة تزيد عن عشر مليارات من الدولارات، لنقل الغاز الإيراني إلى القارة الأوروبية، عن طريق العراق وسوريا ولبنان، ليصار الى نقله عن طريق البحر الأبيض المتوسط، إلى الغرب وتحديداً القارة الأوروبية العجوز، والتي تتصابى من جديد، ليفعل فعله الزوج الأمريكي فيها، عبر المسألة الاوكرانية، وكل ذلك عبر مشروع خط عملاق، يربط ايران والعراق وسورية ولبنان، لتصدير الغاز الى وجهته وحسب اتفاق الأطراف، مما يجسّد الربط الأستراتيجي في تكتل سياسي اقتصادي فريد وعظيم من نوعه.
لكن وبسبب ما جرى ويجري في المنطقة الشرق الأوسطية، من أحداث بفعل عوامل داخلية، وخارجية أكثر من الداخلي، وخاصة عبر انعكاسات المؤامرة على سورية عبر الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، فانّ هذا الخط الأستراتيجي العملاق بات يعاني من تحولات طارئة، ذات بعد حربي استعماري، مع تحديات في محطات انشائه وأهميته لدول وشعوب محطات خط أنابيب الغاز هذا.
وهذا الخط، حظي خلال فترة ما قبل الربيع العربي وما زال، باهتمام طهران وبغداد ودمشق، وبعض الدول الأخرى، مثل لبنان، والغريب أنّه وحتّى اللحظة لا يثير اهتمام الأردن الدولة والساحة والمساحة – ديكتاتورية جغرافية الموقع الاردني، كما أثار أيضاً اهتمام مسؤولي السياسة والطاقة في أوروبا قاطبةً، لكن خلال عشرية النار وأكثر وما زال، اصطدم هذا المشروع بتحديات جديدة بعد التغيرات الحاصلة في المنطقة خاصة في سوريا وعبر حدثها، حالياً هناك ثلاث دول لها رأي أخر في هذا الموضوع واستمرت بإجراء محادثات في سياق تنفيذ هذا المشروع خطوة بخطوة رغم التحديات، وبعيداً عن التنسيق الموحد بين الدول الثلاث، يبذل العراق وإيران مساعي كبيرة في سبيل تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي رغم التآمر الإقليمي والدولي.
مؤخراً، أعلن العراق عن موافقته لنقل الغاز الطبيعي الإيراني عن طريق أراضيه إلى سورية، لكن بالرغم من وجود مسافة طويلة، تفصل عن تنفيذ هذا المشروع بشكل واقعي، يتوجب القول: أنّ خط أنابيب الصداقة، يمنح كل الدول المشاركة فيه ميزات وقدرات متعددة، الأمر الذي سيجعل هذه الدول، لا تغمض عينيها عن النفع، الذي ستحققه من وراء هذا المشروع.
وبلا شك أنّ لطهران، أهداف عميقة واستراتيجية من وراء اتمام ما تم الأتفاق عليه، في انفاذ واتمام خط الآنابيب الغازي الأستراتيجي هذا، حيث تعتبر ايران بعد روسيا الفدرالية ثاني أكبر دولة في العالم، من حيث امتلاك منابع الغاز، ولديها قدرة على تأمين جزء كبير، من احتياجات القارة الأوروبية من الطاقة، عن طريق خط أنابيب غاز، يصل إلى أوروبا، مثل خط ناباكو، لكن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية(وعبر المؤسسة الأمنية والرئاسية العميقة فيها، وعبر مفهوم الدولة العميقة – البلدربيرغ الامريكي جنين الحكومة الدولية)وإلى حد ما أوروبا الغربية، حرمت الجمهورية الأسلامية الأيرانية من التحول إلى قوة من نوع مختلف، من خلال تصدير الغاز، فتم التصعيد في الساحة السورية، وعبر حرب كونية بالوكالة عبر بعض العرب.
وتسعى طهران، التي تستحوذ على حصة صغيرة من تجارة الغاز العالمية، من خلال خطة استراتيجية، تعنى بالتنمية الداخلية في الداخل الأيراني، وان لجهة بعض ساحات مجالها الحيوي، لرفع حصتها من هذه التجارة، رغم العقوبات الامريكية الاحادية على ايران، والتي من شأنها أن تعجّل وتعمّق أزمة اقتصادية عالمية قادمة.
وحيث كل دول العالم مديونة بأكثر من 320 تريليون دولار أمريكي، أي حجم الانتاج العالمي تقريباً ثلاث مرات، والبنوك والمصارف قد تفقد السيولة لاحقاً، لذا صار الناس في المجتمعات الواعية والحريصة، يحتفظون ويتحصّلون على سيولة نقدية في منازلهم، تحوطاً للقادم من الكوارث، بسبب العصابات التي تحكم الولايات المتحدة الامريكية، وخاصةً عصابات الطاقة، التي تتقاسم الأرباح، فصارت واشنطن دي سي، تنطلق من منطق القوّة، لا قوّة المنطق.
بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والعقوبات المفروضة على طهران، من قبل المجتمع الدولي(أعني به: بريطانيا وفرنسا وأمريكا والكيان الصهيوني)التي أدّت إلى عدم تمكن طهران، من لعب دور بارز وخلّاق في سوق الغاز العالمي، إلا أن خط غاز الصداقة الذي سيصل إلى القارة الأوروبية العجوز، يمكن أن يضاعف من حصة ايران في التصدير، ونظراً لوجود تحديات وعقبات أمام خط ناباكو، تأمل طهران أن يصل خط الغاز الإيراني العراقي السوري في المستقبل إلى اليونان وايطاليا.
وفي سياق أخر: بالرغم من أن لتركيا دور هام في ترانزيت الغاز، إلى القارة الأوروبية، إلاّ أنّ الدول المنتجة(إيران)، والمستهلكة للغاز(دول الاتحاد الأوربي)، تخشى من الدور المتعاظم لتركيا في الأسواق العالمية(نلحظ أنّ العلاقات التركية الايرانية من فوق السرير، تعاون عميق بوضعيات الكاماسوترا بالمعنى العامودي والعرضي، ومن تحت السرير، صراع عميق وضرب من تحت الحزام)، في ضوء هذا تستطيع ايران التواجد بقوة في الأسواق الإقليمية والأوروبية، من خلال مد خط الأنابيب هذا، وبصرف النظر عن فائدته الاقتصادية، يحاول الإيرانيون زيادة نفوذهم السياسي.
تعي طهران جيداً الظروف الأمنية في الغرب وسوريا، وتداعيات ذلك على العراق ولبنان والأردن والمنطقة ككل، لكن كخطوة أولى، تفكر بتنفيذ سريع لخط الأنابيب ليصل إلى العراق، وعلاوةً على اتفاقية الغاز الأخيرة التي وقعت بين بغداد وطهران، فإنّ صادرات الطاقة الإيرانية، إلى جانب التطورات الحاصلة في خط أنابيب غاز ايراني آخر مع الباكستان، تزيد نوعاً ما، من قوة وقدرة دبلوماسية الغاز الإيراني، مقابل المنافسين الإقليميين، كما تساهم في تحسين موقع ايران في كسب أسواق غاز جديدة في المنطقة والعالم.
وللجمهورية العراقية أهداف استراتيجية جمّة عبر هذا الخط الأستراتيجي، وكونه يحتل العراق المرتبة الثالثة عشر بين الدول، التي تعتبر منبع لاحتياطي الغاز في العالم، إلاّ أنّ هذه المنابع، ما زالت إلى حد كبير دون استثمار، وخلال السنوات الأخيرة، خطت الحكومة العراقية، خطوات في مجال انتاج وتصدير الغاز، عبر إجراء مناقصات لتسليم حقول الغاز إلى شركات دولية، ومع ذلك ما تزال تواجه أزمة مع تصاعد الطلب الداخلي على الغاز، كما تتطلع بغداد إلى قضايا أخرى كحقها في عبور الغاز الإيراني، من خلال أراضيها إلى غرب آسيا حتى أوروبا، كما تتطلع في المستقبل للمنافسة مع تركيا للعب دور في ترانزيت الغاز وتصديره، عن طريق هذا الخط إلى غرب آسيا ومنها إلى أوروبا أيضاً، هذا وقد طبق برنامج حُدد مسبقاً، من المقرر في المرحلة الأولى، أن يتم تعميق وتشغيل خط أنابيب الصداقة، ليصل إلى العاصمة بغداد، وسيتحصل العراق على 30 الى 35 مليون متر مكعب من الغاز، وهي كمية وازنة، ومعقولة ومقبولة، يمكن أن تؤمن جزء من احتياجات العراق، وخاصة احتياجات المحطات في هذا البلد.
والسوريين قياساً بالعراقيين، ليس لديهم كميات غاز مكتشفة مثيرة للاهتمام(ما يوجد في باطن الجغرافيا السورية من غاز ونفط، وسيلكون وحقول ليثيوم، يثير العالم كله)، لكنهم بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم من الغاز، من خلال مشروع خط الآنابيب ذاك، يفكرون بنقل الغاز لاحقاً، وبعد أن تترسّم مسارات الحرب عليها، بالعبور إلى الأردن ولبنان، وكذلك يفكرون بتصديره، عبر موانئهم إلى جنوب أوروبا.
لكن: مع ظهور تحديات أمنية، تركز دمشق على حضورها في هذا المشروع، لأنه في حال إحلال الاستقرار، وتأمين الأمن في سوريا، سيكون لدمشق مشاكل حادة و متصاعدة مع تركيا، مما سيصعب أي شكل من أشكال تبادل الطاقة بين البلدين، لذا تنظر دمشق بجدية كبيرة لخط الغاز الإيراني العراقي السوري.
وعلى الرغم، من أن العلاقات السياسية المتميزة بين ايران والعراق وسوريا، تستطيع أن تسّرع، من إنهاء خط أنابيب الصداقة، لكن ما تزال هناك تحديات كبيرة متعددة تلقي بظلالها على هذا المشروع الأستراتيجي، وفي سياق أخر يجب بحث الشروط القانونية، ودراسة كيفية التنفيذ، وتأمين رأس المال اللازم للتمويل وقضايا أخرى، مثل الأمور المالية، وقيمة الترانزيت، وضمان تصدير النفط والغاز، وبالرغم من المسافة البعيدة، التي تفصل عن تنفيذ خط أنابيب غاز الـعشرين مليار دولار الإيراني العراقي السوري، إلا أن أهم تحدي يواجه هذا المشروع هو التعقيدات الأمنية في العراق والمحافظات الغربية المضطربة، والمشكلات الأمنية على الحدود العراقية السورية، وعدم توضّح صورة الحرب الاممية على وفي سوريا، ومستقبل النظام والنسق السياسي فيها، بعبارة أخرى سيكون أهم تحدي أمام إنشاء خط أنابيب الصداقة، هو كيفية تأمين أمن هذا الخط، لذلك تسعى الأطراف الثالثة في صلب المؤامرة على سورية، وانعكاساتها في الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، وكعنوان وهدف فرعي، لكنه على مستوى عالي من البعد الأقتصادي الأستراتيجي، الى التصعيد تلو التصعيد وعبر سورية كساحة خصوم، الى افشال هذا المشروع الاستراتيجي.
انّ لهذه الرؤية الفوق استراتيجية لأيران، أفاق واسعة وشاسعة ومفيدة، حول مشروع هذا الخط، حيث يبدأ مشروع هذا الخط الغازي الاستراتيجي، من مدينة عسلوية في ايران ويعبر الأراضي العراقية، ليصل إلى سوريا، وهناك إمكانية ليصل إلى لبنان والبحر المتوسط، لينتهي في القارة الأوروبية، ويبلغ طوله، وحسب ما نشر في وسائل الميديا الدولية تقريباً: أكثر من ستة وخمسين ألف كيلو متر، لكن بوجود التحديات الحالية وخاصة الأمنية، سيكون من الصعب التنبؤ بتنفيذ هذا المشروع بشكل كامل في مدة زمنية قصيرة، حالياً في المرحلة الأولى، نظراً لنوع التعاون الإيراني العراقي في مجال الغاز، سيجري مد خط الأنابيب ليصل إلى العراق، وليصل لاحقاً إلى سوريا، بعد توضّح مجرى الظروف الأمنية في سوريا، وتحديد المستقبل السياسي فيها، لكن يجب الانتباه إلى أنه نظراً لقدرة استيعاب خط الآنابيب هذا(ينقل يومياً 110 مليون متر مكعب من الغاز)سيكون هناك إمكانية لزيادة الاستيعاب لتصدير الغاز إلى الدول الأخرى مثل: الأردن(مشكلته أنّه مشلول بسبب اتفاقية وادي عربة، وعدم لعبه بالهوامش الممنوحة له من قبل الامريكي، وبالتالي عدم قدرته على تنويع خياراته)ومثل لبنان، المراد تفجيره من جديد، عبر مشاريع الأنجزه من خلال كهنتها وأدواتها، لنزع سلاح المقاومة، وسينخرط العراق أيضاً في تصدير غازه، باستخدام هذا الخط(يعملون على تفجيره ومن جديد أيضاً، لشطب فوائد هذا الخط وغيره)، وفي حال إشاعة الاستقرار في سوريا، يستطيع مشروع خط الأنابيب هذا، أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني، في مواجهة المنافسين الإقليميين ومجارات الدوليين، بحيث ستكون الخطوة اللاحقة، جعل الأماني الإيرانية، في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت