- بقلم : د. أماني القرم
الضفة الغربية في حالة انزلاق.. هكذا تصف اسرائيل تدهور الاوضاع والعنف المتصاعد في الضفة .. اسرائيل ترى أن جنين /وبالتحديد مخيمها/ هو بؤرة المقاومة ومعمل تفريخ الغضب الفلسطيني .. ولذا /برأيها/ وجب تأديبها وسحقها .. فقامت بحشد أرتال من الدبابات والجنود المدججين بالسلاح المتطور واستخدمت الصواريخ على مساحة لا تتجاوز نصف كيلومتر للقضاء على هذه البؤرة في مشهد يوحى ببدء حرب شرسة بين دولتين متماثلتين في القوة ! وما حدث في جنين كان في غزة من قبل وبشراسة أكبر، وفي نابلس أيضاً وفي عدة مدن فلسطينية على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. اسرائيل هي اسرائيل المشروع الامبريالي الغربي الذي يحمل عقدة الرجل الابيض وتفوقه وينظر بدونية الى الشعوب الأصلية ويعتبرها أقل منزلة، وعليه فإن سلوكها يماثل تماما السلوك الاستعماري الامريكي والأوروبي ضد البشرة البنية والصفراء مع فارق الزمان والمكان واتحاد السيكولوجية والأهداف. في جنين هدفت اسرائيل إلى :
- تلقين درس لباقي مدن الضفة أن ما حدث في جنين يمكن أن يحدث في أية مدينة أخرى وفي أي وقت فلا رادع للقوة الاسرائيلية .
- بث الخوف واشاعة حالة من الصدمة لدى المدنيين الفلسطينيين بأنها (أي اسرائيل ) قادرة على فعل أي شيء ولا يوقفها شيء في سبيل اهدافها .
- توجيه رسالة الى الناس بأن النكبة التي عاشوها في العام 1948 حاضرة وتتكرر في كل لحظة، فالدعوة القسرية لاخلاء البيوت وترك الحال والمال فورا للنجاة بالحياة فقط، لم يكن هدفها حماية المدنيين كما تدعي اسرائيل إنما كانت رسالة تهديد للناس وفي نفس الوقت للمقاومين بأن حاضنتهم الشعبية باتت غائبة .
ردود الفعل الدولية كانت مريبة جدا، فعلى سبيل المثال بريطانيا الاستعمارية دعمت حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها وأدان رئيس وزرائها الهندي الأصل "الارهاب الفلسطيني"، المانيا ذات التاريخ النازي دعت اسرائيل الى مراعاة ما سمته مبدأ "التناسب" في القانون الدولي أثناء العملية، وبالطبع امريكا كررت جملتها المملة أنها تدعم اسرائيل جملة وتفصيلاً في الدفاع عن نفسها.
السؤال لماذا يصمت العالم واقصد الحكومات الغربية التي تتغنى بمجلدات واتفاقيات من حقوق الانسان على هذا السلوك . والجواب ببساطة لأنه يؤيد ما تقوم به اسرائيل. فالعالم الغربي لا يرى سوى "الارهابي الفلسطيني" الذي يشبه الأسمر في جنوب افريقيا والأحمر في الولايات المتحدة والعربي المستعمَر في الجزائر ومصر وليبيا وغيرها من الدول.. لا يستطيع الغرب ان يخرج من هذه العقلية الاستعمارية حتى لو انتهي الاستعمار وانهارت امبراطورياته. الغرب لا يستطيع ان يفهم كمية القهر والضغط وإهدار الكرامة التي تمارسها اسرائيل يوميا على الفلسطينيين لأنه مارسه من قبل ووجد له مبررات. الغرب لا يريد ان يفهم ان السبب الحقيقي للمقاومة الفلسطينية أيّا كان شكلها حتى لو وصفوها بالعنف أحياناً يكمن في الاحتلال واعتداءاته وأن زوال السبب كفيل بتغيير النتيجة. الغرب مقتنع بأن اعطاء تصاريح للعمال واستغلالهم وازالة حاجز هنا او هناك وسماح بالسفر احيانا وتحسين وضع اقتصادي ما هو تنازل من اسرائيل والفلسطيني يجب عليه ان يشكرها تجاه هذه العطايا ويصمت ويلتزم الهدوء ..ما هذا الافتراء ؟؟
ان الاوان لمعرفة من وماهية العدو الذي أمامنا، امريكا التي تستمر في تكرار ان لاسرائيل حق الدفاع عن نفسها أم اوروبا التي تتحرك داخل دائرة من الخطب البلاغية الكاذبة أم الاثنين معاً .
لا يجب أن ننتظر أو نتوقع من اسرائيل سواء بحكومتها الحالية المتطرفة أو حتى لو تولت زمام الأمور فيها حكومة يسارية أي شيء لأنها صورة كربونية لمشروع غربي امبريالي مستعمر والاسرائيلي هو عميل للغرب الذي استغل المشكلة اليهودية وجعل اليهودي واجهة له.
ما أكثر الدروس التي تريد اسرائيل تلقينها للفلسطينيين والحمد لله أنه لا من مجيب!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت