مركز عروبة ينشر قراءة تحليلية للعملية العسكرية في جنين

نشر مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي ورقة قراءة تحليلية، تتناول عمليةَ الاحتلال العسكرية في جنين في الأسبوع الأول من تموز/يوليو 2023، مستعرِضةً معطياتِها الميدانية، وخلفيتَها وأهدافَ الاحتلال منها، وأهدافَ المقاومة الفلسطينية، ونتائجَ العملية ميدانيًّا وسياسيًّا.

واستعرضت الورقة مجريات الحدث الذي بدأ مع فجر يوم الثالث من تموز/يوليو 2023، الساعة الواحدة والربع صباحًا، اذ هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمساندة من جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" وقوات من "حرس الحدود" لدى الاحتلال، مخيمَ اللاجئين في جنين بقصف جوي استَهدَف عدة نقاط، بادعاء أنها تُستُخدَم بوصفها مقرات عمليات ونقطة مراقبة، ومكانًا لتجمع المسلحين، ونقاط تخزين للأسلحة والمتفجرات، ومركز اتصال للمقاومين، وقد أعلن جيش الاحتلال أنه ينفِّذ عملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة، مطلقًا تسمية "بيت وحديقة" على العملية.

نُفِّذَت العملية بقوام لواء عسكري واحد، ومشاركة مئات الجنود من الوحدات الخاصة والنظامية ووحدة الهندسة القتالية، واسندت بالطائرات، وقد استخدم الاحتلال طائرات من نوع "أوربيتر" و"ماعوز" الانتحارية في مهاجمة المقاومين ومواقعهم، وقد أَدخَل الاحتلال "ماعوز" للخدمة للمرَّة الأُولى واستَهدَف بها ستة أهداف في جنين في عمليته ضد المخيم.

وأشارت الورقة إلى خلفية قرار العملية العسكرية، التي تباينت فيه تقديرات الاحتلال الأمنية بشأن الوضع الأمني العام في الضفة، أجرى على إثرها رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتانياهو" نقاشًا موسعًا في مقر جهاز "الشاباك"، شمل قادة الجيش الاحتلال، وبالتحديد التشكيلات الخاصة بالضفة الغربية، وقادة الجهاز، للتباحث حول التقدير النهائي للوضع الأمني العام في الضفة. والتي خَلُصَ فيها النقاش إلى تبنِّي تقدير الجيش الإسرائيلي، المتمثل بشنِّ عملية عسكرية محدودة في جنين فحسب.

وبينت الورقة أهداف الاحتلال من العملية العسكرية التي تمثلت بخلقِ ردع لدى الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني، الذي اتَّخَذ المقاومة المسلحة خيارًا، واستحضارِ نماذج الدمار والقوة العسكرية.

وأوضحت القراءة الأهداف العملياتية والميدانية التي يسعى الاحتلال لتحقيقها من خلال العملية، والتي تفتح المجال أمام الجيش لتنفيذ استراتيجية مستقبلية في شمالي الضفة، تتمثل باستخدام نمط العمليات العسكرية المحدودة، وتدمير البنى التحتية للمقاومة في المخيم، والوصول إلى معامل تصنيع العبوات الناسفة، واستكمال الحلقات الناقصة في المعلومات الاستخباراتية، وجمع أكبر قدر ممكن من السلاح، واعتقال واغتيال أكبر عدد ممكن من المسلحين داخل المخيم.

ولفتت الورقة إلى  المساعي السياسية التي تمثلت بتسكين "نتنياهو" الضغط الحكومي الداخلي من شركائه في الائتلاف، خصوصًا وزارء "الصهيونية الدينية"، وتحسينه مع الائتلاف الحكومي أسهمَهم المتراجعة في استطلاعات الرأي، ولفت الأنظار عن عودة زخم الاحتجاجات الداخلية في دولة الاحتلال، وتهيئة الظروف لإعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على مخيم جنين.

وتطرقت الورقة إلى أهداف المقاومة، والتي سعت للصمود والنجاح في إفشال تحقيق أهداف الاحتلال من العملية العسكرية، وتحويل تحدي العملية العسكرية إلى فرصة لتثبيت جدية حالة المقاومة وقدرتها على التعامل مع سيناريوهات كبيرة بحجم العملية العسكرية، وتثبيت معادلات اشتباك في مواجهة رفع الاحتلال لوتيرة عدوانه، والحفاظ على مقدرات المقاومة البشرية واللوجستية ما أمكن ذلك.

وخلصت الورقة إلى أن المقاومة نجحت في إفشال عملية الاحتلال العدوانية على مخيم جنين، وحوَّلَت التحدي إلى انتصار متعدِّد المستويات نَجَحَ في تثبيت معادلة وجود المقاومة في شمالي الضفة الغربية المحتلة وصلابة بناها التحتية وتماسُك منظومات القيادة والسيطرة لدى مجموعاتها، سواءٌ الموجودة داخل المخيم أو خارجها، والمتمثلة بالدعم المعلوماتي والاستخباري والتوجيه العملياتي من قيادة المقاومة خارج الضفة، ما أظهَرَه شكلُ تكتيكِ الانتشار والاشتباك والتأمين، الذي يَعكس استعدادًا مسبقًا للتعامل مع سيناريوهات الهجوم المتوقَّعة وفق تقييم نوعي وموضوعي لنوايا جيش الاحتلال وطبيعة الهجوم المتوقَّع، ما مكَّن المقاومة من تبديدِ موجة العملية العسكرية التي يلوِّح بها قادة الاحتلال منذ أكثر من عام، وتفويتِ الفرصة على الاحتلال في تحقيق "الردع" الذي سعى إلى استعادته على أنقاض مخيم جنين.

الجدير بالذكر أن مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، في برنامج الإنتاج المعرفي، يقوم بتقديم أوراق القراءة التحليلية، في قضايا محددة يرى المركز أهميتها، ويتم نشرها عبر المنصات الإعلامية الخاصة به.

مرفق الورقة  (هنا)

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله