- حسن عبادي/ سخنين -حيفا
بداية أشكر جاليري زركشي السخنينيّة للفنون الحديثة، وجمعية جوار في الشمال، وكانز المعرض الفنان أمين أبو ريا على استضافة هذا المعرض المميّز وبالأخص على تحضير كتالوج راقي مهنيّ التصميم يشمل معظم أعمال الفنان في مجال الفنّ التشكيلي ويجسّد تطوّر أسلوبه.
تعرّفت إلى فنّاننا جميل عمرية قبل سنوات في مسرح الميدان، كان عضو الهيئة الإداريّة وكنت عضو لجنة مراقبة.
بادرتُ في حينه لإقامة معارض فنيّة مشارِكة للأمسيات العكاظيّة الشهريّة التي نظمتها، وبعد انتهاء إحدى الأمسيات أخبرتني زوجتي سميرة أنّ جميل همس في أذنها بأنّه يرسم فاتصلتُ به في الحال ورتّبت مشاركته في معرض لأعماله، لاقى استحسان الحضور وسعدت بحضور افتتاح معارضه في أم الفحم وسخنين وإبطن وغيرها.
لفتت انتباهي وجذبتني لوحاته وأعماله المميّزة، أسلوباً ومضموناً.
يعملُ جميل في سكبِ المعادنِ لتكون هواية ومهنة وهو يمارسُ الفنَّ التشكيليَّ على ألوانِه منذ عام 1972، يستعملُ في لوحاتِه ألواناً زيتيةً على الجلدِ، وألوانَ إكريليك، وألوان كيراميك على خرصينة، واكريليك على كنبس، وألوان زيت على قماش، وألوان مائية على ورق، ورصاص على جلد، وألوان مائية على كرتون، ويمارس النحت والسكبٌ والصب من الألومنيوم والبرونز والنحاس (وفي مكتبي بوتقة حضّرها جميل كمجسّم لبوتقة معدنيّة سنستعملها لاحقاً لصهر مفاتيح الزنازين حين تحرّر آخر أسرانا من سجون الاحتلال) وشارك جميل بالعديد من المعارضَ وله الكثير من الجداريات في البلدان العربية وشارك في التحضير وسكب الخامات للنصب التذكاري لشهداء يوم الأرض الخالد في مدينة سخنين.
كجزء من رسالته ومسيرته الوطنيّة والفنّية، تناول جميل أحداث ومآسي شعبنا، تاريخه وتراثه، نكبته وآلامه، تهجيره ومفاتيح العودة المُشتهاة وللأرض حضور طاغ على أعماله وهذا ما يظهر جليّا في لوحاته بالمعرض.
وها هو يتوّج مسيرته الفنيّة بمعرض فرديّ يحمل عنوان "حضارة وذاكرة وطن".
رسم جميل بريشته الأرض والخيمة، الأمومة والاحتضان، القرية والفنار، البداوة ومضاربها والجذور، المضافة وحياة البادية وقرى الضيوف، خبز الشراك والقهوة، تمرد واعتقال ولا بد للقيد أن ينكسر كسر القيد، الأمل وشمعة تضئ وشجرة الحياة، على هذه الأرض ما يستحق الحياة وغدا تشرق الشمس... ومفتاح العودة، وجدت في لوحاته رسالة تحدّ وانتماء... لوحات ملتزمة؛ مرتبط بأهله وبلده، بريشة إنسان وفنّان ... مبدع.
يصادف اليوم ذكرى استشهاد غسّان كنفاني الذي اقترن اسمه بعمله النضاليّ والأدبيّ، لكنّ ما لا يعرفوه كثيرون أنّه كان كذلك فنّانًا تشكيليًّا أنتج عددًا كبيرًا من اللوحات والرسومات والملصقات خلال سنوات حياته القصيرة، وشملت 36 لوحة زيتيّة، اتّخذ النضال الفلسطينيّ من أجل التحرّر الموقع الأهمّ في رسوم كنفاني كما في كتاباته، كما شاهدنا في رسوماته "العودة" و"لتهجير" ورسوماته الّتي رافقت قصّة "القنديل الصغير" الّتي أهداها إلى لميس، ابنة أخته. لروحة الرحمة والسكينة ولإرثه الثقافي طول البقاء.
كلمة حقّ لا بدّ منها: جميل يشارك زملائه الفنّانين في معارضهم، هنا وهناك وفي كلّ مكان، وحبّذا لو يحذو فنّانينا حذوه، ينحّوا نرجسيّتهم جانباً، ويشاركوا غيرهم، تشجيعاً وإثراءً!
يا معشر الفنّانين، كفانا نرجسيّة! أحبّوا بعضكم بعضاً. شاركوا زملاءكم في معارضهم ليشاركوكم في معرضكمً.
قيل: "أعطني مسرحًا أعطيك شعباً"؛ وأنا أقول: "أعطني فنًّا أعطيك شعباً"!!
08.07.2023
***مداخلتي في حفل افتتاح معرض "حضارة وذاكرة وطن" يوم السبت 08.07.2023 في جاليري زركشي للفنون/ سخنين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت