أصدرت سلطة النقد الفلسطينية تقرير الاستقرار المالي للعام 2022، والذي يعد من أهم التقارير التي تتولى إصدارها بشكل دوري، إلى جانب التقرير السنوي حول تطورات الاقتصاد المحلي والعالمي. ويستعرض هذا التقرير مختلف التطورات في النظام المالي الفلسطيني، بكافة مكوناته من مؤسسات مصرفية وغير مصرفية، والمخاطر التي قد يتعرض لها هذا النظام. ويأتي إصدار هذا التقرير في فترة شهدت أحداثاً استثنائية على المستويين السياسي والاقتصادي، وتسببت في أزمات ومخاطر جديدة أحاطت بالاقتصاد العالمي والمحلي، وخلقت حالة من الضبابية وعدم اليقين، أثرت على أداء غالبية الاقتصادات حول العالم، بما فيها الاقتصاد الفلسطيني. وأظهرت بعض المخاوف تجاه حالة الاستقرار المالي، وقدرة القطاع المصرفي الفلسطيني والنظام المالي بشكلٍ عام على امتصاص أية صدمات أو مخاطر محتملة سواء كانت داخلية أم خارجية المصدر.
وأشار محافظ سلطة النقد الدكتور فراس ملحم إلى أن الاستقرار المالي والمحافظة عليه يمثل أحد الأهداف الرئيسة لسلطة النقد، باعتبارها الجهة المسؤولة عن سلامة الوضع المالي للمصارف، والصيارفة، ومؤسسات الإقراض، ومقدمي خدمات الدفع، وعن سلامة وفعالية نظم المدفوعات. ويعكس الاهتمام بالاستقرار المالي حرص سلطة النقد على تعزيز قدرة القطاع المصرفي على مواجهة المخاطر لضمان ملاءته وقيامه بمهامه المختلفة، وبما يسهم في دعم وتعزيز فرص النمو الاقتصادي المستدام والمساهمة في تحقيق التنمية بفاعلية وكفاءة، وضمان تدفق الأموال بسلاسة بين الأفراد والأسر وقطاع الأعمال والحكومة وبقية العالم.
وأكد المحافظ أن السياسات المتوازنة والإجراءات التي قامت بها سلطة النقد، قد لعبت دوراً محورياً في التخفيف من حدة التحديات التي واجهها الاقتصاد بشكل عام، والقطاع المصرفي بشكل خاص. وأسهمت في إبقاء الاقتصاد في مسار التعافي والنمو. وقد انعكست حالة التعافي التي شهدها الاقتصاد على القطاع المصرفي، وأدائه الجيد الذي أظهرته مؤشراته الحيوية، على مستوى كفاية رأس المال والسيولة، وجودة الأصول والربحية.
وأشار المحافظ في سياق تقييمه لوضع الاستقرار المالي في فلسطين خلال العام 2022 إلى أن القطاع المصرفي الفلسطيني أظهر تطوراً إيجابياً وقدرة كبيرة على امتصاص الصدمات والآثار السلبية الناجمة عن التطورات العالمية والمحلية، وظهر ذلك جلياً من خلال مؤشرات السلامة المالية واختبارات التحمل المالي ومؤشرات الأداء للمؤسسات المالية، المصرفية وغير المصرفية، وغيرها من المؤشرات التي تشير إلى أن مستوى الاستقرار المالي في فلسطين لا يزال يعكس حالة جيدة ومتينة ومتطورة بشكل إيجابي.
ونوه ملحم إلى أن التحسن الذي طرأ على حالة الاستقرار المالي خلال العام 2022 ما كان لتتحقق لولا جهود سلطة النقد في مجال الرقابة المصرفية الفعالة، وسياساتها المتوازنة وإجراءاتها التحوطية، وانعكاساتها على مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفي، فسلطة النقد تراقب وتتابع القطاع المصرفي باستمرار للحد من المخاطر ونقاط الضعف المحتملة في وقت مبكر وتقييم ما يجب القيام به من إجراءات وسياسات كفيلة بدرء مثل هذه المخاطر. كما تراقب سلطة النقد المصارف على المستوى الإفرادي حتى يظل القطاع المصرفي آمناً، وبما يعزز في النهاية الاستقرار المالي في فلسطين.
ومع ذلك تدرك سلطة النقد بأن القطاع المصرفي يبقى عرضة لبعض المخاطر، شأنه في ذلك شأن باقي قطاعات الاقتصاد الأخرى، الأمر الذي يحتم على سلطة النقد مواصلة تعزيز رقابتها على هذا القطاع الحيوي والتحقق بشكل مستمر من صحة أعماله وأدائه وتطوير بنيته التحتية والتشريعية، وبما يسهم في الوصول إلى متطلبات الأمان المصرفي والاستقرار المالي وفقاً لأفضل المعايير والممارسات الدولية.
وأضاف محافظ سلطة النقد، أن سلطة النقد تسعى من خلال إصدارها لهذا التقرير إلى زيادة الوعي والفهم بالمواضيع والتطورات المختلفة المتعلقة بالاستقرار المالي في فلسطين، خاصة وأن تقييم سلطة النقد يشمل المخاطر والتهديدات المحتملة تجاه الوسطاء الماليين والنظام المالي، وبيان مدى قدرة هذا النظام على مواجهة مثل هذه المخاطر، والإجراءات المتخذة لتجنبها، والأدوات المستخدمة لتحسين الأداء وتعزيز الاستقرار المالي.
ويشتمل تقرير الاستقرار المالي لعام 2022 على سبعة فصول رئيسة تتضمن استعراضاً للتطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية من منظور تأثيرها على الاستقرار المالي، وتحليل لأهم التطورات والمخاطر في القطاع المالي الفلسطيني، ورصد الجهود والإجراءات التي قامت بها سلطة النقد لتدعيم البنية التحتية للنظام المصرفي، والمحافظة على ثقة العملاء، وإبقاء القطاع المصرفي آمناً وسليماً ومعافى، منضبطاً لأعلى المعايير والممارسات المصرفية العالمية، وبما يسهم في الحفاظ على الاستقرار المالي.