- ✍️ بقلم: ميسرة بحر.
تأتي دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الفصائل الفلسطينية للقاء الأمناء العامين، عقب انتصار المقاومة في معركة "بأس جنين"، التي شكلت مرحلة جديدة في مسيرة النضال الفلسطينية بكل مستوياته، وأثبتت قدرة المقاومة على التصدي لقوات الاحتلال، وفرض واقع جديد في الضفة الغربية، وكان واضحاً وملفتاً تنامي حالة متسارعة من الغليان الشعبي نتيجة الدور الذي تقوم به السلطة في حماية أمن الاحتلال؛ ما دفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للهرولة لاتخاذ مجموعة من التحركات في سبيل الحفاظ على سلطته، وسعياً لتصدر المشهد الوطني في ظل التحديات التي تواجهها السلطة.
تتزامن هذه الدعوة مع مرور السلطة الفلسطينية في أصعب وأحنك مراحلها، في ظل تزايد المؤشرات التي تنذر بانهيارها، نتيجة العديد من الأزمات السياسية والتنظيمية والاقتصادية، وفي ظل غياب الرؤية لما بعد عباس الذي يتفرد بكل السلطات ويستفرد برئاسة (السلطة، والمنظومة، وفتح) مع غياب البديل عنه، الأمر الذي دفع حكومة العدو لطرق ناقوس الخطر والإعلان عن اتخاذ خطوات لمنع انهيار السلطة الفلسطينية، في المقابل فإن مشروع المقاومة في صعود وتوسع بقيادة حركة حماس التي بدأت تحدث اختراقات في علاقاتها الإقليمية.
وتأكيدا لما سبق؛ اظهر آخر استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن 71٪ من الجمهور الفلسطيني في الضفة وغزة يؤيد "تشكيل مجموعات مسلحة لا تخضع لأوامر السلطة وأجهزتها الأمنية"، مما يؤكد على توجه الجمهور الفلسطيني نحو خيار المقاومة مقابل مشروع التسوية الذي تقوده السلطة.
في هذا الإطار لجأ رئيس السلطة محمود عباس إلى القاهرة لضمان مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية لما تمثله مصر من أهمية تاريخية وسياسية وجغرافية، فهي تعتبر الجارة العربية الوحيدة لقطاع غزة المحاصر والمنفذ الوحيد له، الأمر الذي يجعلها محط اهتمام فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، بالإضافة لدور مصر المحوري في القضية الفلسطينية والوساطة مع العدو الصهيوني منذ اوسلو عام 1993 وحتى يومنا هذا، ودورها في مساعي الوصول للمصالحة الفلسطينية، في المقابل تسعى مصر لجني مكاسب على الجانب السياسي من خلال استمرار دورها كلاعب إقليمي أساسي في القضايا الإقليمية وخاصة القضية الفلسطينية.
وبناءً على ما سبق فقد تلقت الفصائل الفلسطينية دعوة من القاهرة للقاء الأمناء العامين في نهاية يوليو الجاري، في ظل استمرار السلطة بسلوكها القمعي، وخاصة الاعتقالات السياسية الأمر الذي يعكر الجو السياسي العام، ما دفع الفصائل الفلسطينية (حماس، والجهاد، الجبهة الشعبية، المبادرة الوطنية، الجبهة الشعبية – القيادة العامة، حزب الشعب، الصاعقة، فدا) إلى إصدار بيان يوم 11 يوليو، ترفض فيه الاعتقال السياسي الذي تمارسه السلطة وطالبتها بالتوقف عنه، واعتبرت أن استمرار السلطة في الاعتقال السياسي لا يساهم في تهيئة الأجواء والمناخات الإيجابية أمام الدعوة التي وجهت لعقد اجتماع الأمناء العامين.
يأتي هذا البيان كخطوة استباقية مهمة ستؤثر على مجريات اللقاء وتضع السلطة ورئيسها أمام مسؤولياتهم، فلا يمكن أن يقدم رئيس السلطة نفسه ممثل عن الكل الفلسطيني في ظل ممارسته للاعتقال السياسي، وممارساته القمعية التي لها تداعيات خطيرة على التلاحم الوطني والسلم الأهلي والمجتمعي كما عبرت الفصائل في بيانها.
في ظل هذه المرحلة المهمة مطلوب من الفصائل الفلسطينية العمل على استثمار هذا اللقاء للتأكيد على خيار المقاومة المشروع الذي أثبت قدرته على مواجهة المحتل، ووضع السلطة الفلسطينية أمام مسؤولياتها الوطنية، والضغط عليها للتراجع سياساتها في التعاون مع الاحتلال وقمع المقاومة، وصولاً لحالة ثورية تعيد تشكيل المشهد الوطني الفلسطينية، وتنتزع الحقوق الفلسطينية من الاحتلال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت