- *كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
- *عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
هانتر بايدن وادارته لمواقع بيولوجية عسكرية في أوكرانيا.
البنتاغون البيالوجي وصندوقه: Rosemont Seneca
الناتو منظمة عدوانية والقنابل النووية الصغيرة.
وما زال الناتو، مصمم على الحرب، وأوكرانيا تدفع الثمن وحدها، والموانئ الأوكرانية، فيها مرتزقة وقوّات مسلحة، وقدرات الغرب، لا تسمح بتعويض استهلاك كييف لجلّ الأسلحة المرسلة، حيث غدت أوكرانيا، مكب لنفايات السلاح الغربي، وتعويض الذخائر من مخازن الغرب وأمريكا، يحتاج الى وقت طويل وموارد، حيث الموارد البشرية الأوكرانية مستنزفة، والغرب المشغّل لنظام كييف، يشعر بخيبة أمل كبيرة لا بل متطرفة، من نتائج ما يسمى بالهجوم المضاد الفاشل، ونتائج الميدان، لصالح موسكو، رغم كل السلاح المرسل الى أوكرانيا، والرغبة الغربية بفوز أوكرانيا في الحرب، هي رغبة ظالمة لكييف، والشعب الاوكراني، حيث عندما لم تحسم روسيّا الحرب في الأسابيع الأولى، بدأ الغرب يتحدث عن قدرة كييف، ونظامها الدمية النازي الفاشي، الانتصار بها، حيث استمر بإرسال السلاح المختلف، وهذا من شأنه إطالة أمد الصراع، وبعد انهاء موسكو لاتفاق الحبوب والأسمدة، أجرى الأسطول البحري الروسي، مناورات كبيرة في البحر الأسود، مرسلاً الرسائل للجميع، بما فيها تركيا أردوغان ومنظومة حكمه، بعد مواقفه السياسية الأخيرة، ذات السيولة الشديدة كإسهال سياسي ناتوي، بموافقته على انضمام السويد الى الناتو، والافراج عن قادة إرهابيين في كتيبة أزوف، وترحيلهم بطائرة زيلنسكي، عندما زار تركيا مؤخراً، وموسكو تعتبر أي سفينة، مبحرة في البحر الأسود كناقلة للسلاح، يفرض عليها قواعد اشتباك جديدة، مع بدء أوكرانيا استخدام القنابل العنقودية، مع استمرار الروس بقصف مدن رئيسية اوكرانية بشكل نوعي ومكثف وشامل، مع توترات على الحدود البولندية البيلاروسية، وتحذيرات روسية: بأنّ أي اعتداء على بيلاروسيا، هو اعتداء على موسكو، كون هناك اتفاقية دفاعية مشتركة، تم توقيعها وتسييلها قانوناً، من قبل المؤسسات البرلمانية التشريعية في كلا البلدين.
والسؤال المنطقي والواقعي، الذي يفرض نفسه بالطرح تموضعاً الأن هو: هناك سبب وحيد، لعدم اندلاع، حرب عالمية ثالثة حتى اللحظة، بسبب المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، ونظام الدمية زيلنسكي والنازيين الفاشيين الجدد؟.
انّها مقدرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين على ضبط نفسه، وهو الذي ساهم بمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة حتى اللحظة، حيث ردود أفعال الرئيس بوتين المدروسة، تجاه استفزازات الولايات المتحدة وحلفائها اللاّعقلانية في أوكرانيا، أسهم بشكل كبير في منع اندلاع الحرب العالمية الثالثة حتى اللحظة.
وعلى العالم أجمع، يجب أن يكون ممتنّاً وشاكراً وحامداً الله، لأنّ فلادمير بوتين، أظهر نفسه كزعيم متزن، وليس من الصنف الذي ينقاد خلف عواطفه، والشكر لله في ذلك، لكن ما يقلقنا، أنّ كارتيل الحكم في الولايات المتحدة، يسترشد بعواطفه، وعواطف الموارد البشرية هناك، وأنّ إدراك حلف الناتو للوضع الحرج والصعب، الذي تمر به القوات الأوكرانية، قد يدفعه لاتخاذ خطوة متهورة، تتمثل بإرسال قواته المجولقة، إلى مناطق غرب أوكرانيا، خاصةً وأنّ قوات شركة فاغنر الروسية الخاصة، صارت موجودة في بيلاروسيا، وتجري مناورات مع الجيش البيلاروسي، أي أنّ فاغنر عملياً، صارت في وسط أوروبا، وأعتقد أنّ ارسال القنابل العنقودية الأمريكية، الى الجيش الأوكراني، وبدئه باستخدامها، بجانب أي محاولات متطرفة من جانب الناتو في ارسال قوّاته، الى غرب أوكرانيا، يشكل غباءً وحمقاً، وسيتسبب باندلاع حرب عالمية ثالثة، من شأنها أن تنهي الكوكب الأرضي، بشكله الحالي، مع وجود حالة تطرف مناخي عميق، حيث الحرائق والفيضانات، والأمطار الغزيرة وحبّات البرد العملاقة، بحجم كرة قدم في بعض الساحات والمساحات، مع قوّة سقوطها وارتطامها بالأرض وما عليها، تعم جلّ أجزائه: فأين المفر؟ وأين المستقر؟.
ولكن باعتقادي، الذي يكبح جماح هذا الناتو كمنظمة هجومية عدوانية، مغرقة بالحقد والتطرف، ومن مخلفات الماضي التليد، هو أنّ الوضع الاقتصادي الصعب، الذي يعاني منه الغرب، لن يسمح لحلفاء، نظام كييف النازي الفاشي، باتخاذ تدابير متطرفة، حيث أنّ قوّات الحلف، لن تصمد بالمطلق، أمام القوّات الروسية، في حال اندلاع صدام مباشر، وبالتالي سيصار الى الخيار النووي، من قبلهم هؤلاء الأوربيون السفلة، الذين يدفعون كفّارة استعمارهم لنا، حيث الحرب وتداعياتها وعقابيلها، لأول مرة في قلبهم كجغرافيا وديمغرافيا، كمقتل سياسي وعسكري ومخابراتي واقتصادي ومالي واجتماعي.
وثمة صلات عميقة، وقويّة ومنطقية، وبالأدلة المادية والحسّية، كشفتها الاستخبارات العسكرية الروسية، والمخابرات الروسية الخارجية، بين أنشطة البنتاغون البيولوجية، وصندوق استثماري كبير، تابع لنجل الرئيس الأمريكي جو بايدن هانتر.
وقائد قوّات الدفاع، الإشعاعي والكيميائي، والبيولوجي في الجيش الروسي، إيغور كيريلوف، قال بوضوح: انّ الوثائق التي أصبحت، بحوزة وزارة الدفاع الروسية، بشأن أنشطة البنتاغون البيولوجية العسكرية في أوكرانيا، تسلّط الضوء على صلات عميقة، بين مؤسسات في الولايات المتحدة ومواقع بيولوجية عسكرية في أوكرانيا، وهذا كلّه، يشي الى تورط هياكل مقربة من الإدارة الأمريكية الحالية، في الأنشطة المذكورة، بما في ذلك صندوق Rosemont Seneca الاستثماري الذي يقوده هانتر بايدن.
انّ الصندوق السابق ذكره، يحظى بموارد مالية ملموسة، لا تقل عن 3 مليار دولار، حيث تؤكد الوثائق والمعطيات والوقائع ذات الصلة بها، وجود صلات وثيقة بين هذا الصندوق، ومقاولي البنتاغون الرئيسيين، بمن فيهم شركة Metabiota التي تعد، مع شركة Black and Veatch، أكبر مصدر ومصدّر أجهزة، إلى مختبرات البنتاغون البيولوجية، في مختلف أنحاء العالم، حيث الحجم الواسع لهذا البرنامج مخيف، كون جهات أمريكية مختلفة، شاركت في تطبيقه، علاوة على البنتاغون، بما فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وصندوق جورج سوروس، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بالإضافة إلى الإشراف العلمي من قبل منظمات بحثية رائدة، منها المختبر الوطني في لوس ألاموس، الذي عمل على تطوير أسلحة نووية، ضمن مشروع مانهاتن، حيث كلّ هذه الأنشطة، تجري تحت الرقابة التامة من قبل البنتاغون.
ومجرد النظر الى خريطة، نشرتها الاستخبارات الروسية عبر وزارة الدفاع، تظهر لنا، 50 مختبراً، في 17 مدينة وبلدة في أوكرانيا، كانت منخرطة وبعضها ما زال، في ممارسة أنشطة بيولوجية واسعة النطاق، حيث هذه المعلومات، تأتي: من وثيقة موقعة، من قبل نائب وزير الدولة الأوكراني لشؤون مجلس الوزراء فيكتور بوليشيوك، حيث الأرضية القانونية لتوقيع هذه الوثيقة تعود إلى: اتفاقية التعاون في منع انتشار التكنولوجيات، والكائنات الممرضة، والبيانات التي يمكن استخدامها في تطوير أسلحة بيولوجية، المبرمة بين واشنطن وكييف، وحجم تمويل هذا المشروع خلال فترة سابقة وقبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة والمشروعة في الداخل الأوكراني المتقيح بالنازية والفاشية والتطرف ما بين عام 2018 م وعام 2020 م فقط، بلغ نحو 41 مليون دولار.
الولايات المتحدة وحلفائها هم المسؤولون، عن نقل ما لا يقل عن 25 ألف عينة بيولوجية، إلى خارج حدود أوكرانيا، بما في ذلك عينات تم أخذها في مدن، لفوف، وأوديسا، وخاركوف، وكييف، من خمسة آلاف جندي، لفحص الأجسام المضادة، لفيروسات هانتا، ومن ألف جندي آخرين، لفحص الأجسام المضادة، لحمى القرم - الكونغو النزفية.
وكما أنّ هذه الأنشطة شملت، نقل كائنات ممرضة خطيرة وناقلاتها إلى دول أخرى، منها بريطانيا وجورجيا، وهذا يشكل خطراً، ليس على أمن أوكرانيا فحسب، بل وأمن المناطق التي وصلت إليها هذه العينات أيضاً،
وفي المعلومات: انّ البنتاغون، ضمن مشروع UP - 2 أولى اهتماماً خاصاً، بدراسة الجمرة الخبيثة، بما يشمل إجراء فحوصات، في أماكن دفن حيوانات، وهنا نتساءل: بشأن الأهداف الحقيقية، لبحوث البنتاغون هذه، خاصةً أنّ هذه الأنشطة، في بعض الحالات تسببت، في حالات خطيرة للغاية في مجال الأمن البيولوجي، وانّ الوضع الحالي: حول إرسال مواد بيولوجية ممرضة، من أوكرانيا إلى دول أوروبية، قد يؤدي إلى سقوط ضحايا بشرية، وإنشاء بؤرة عدم استقرار وبائي، سيكون حجمها مماثلا لجائحة كوفيد - 19.
وصفت المنظومة السياسية والدبلوماسية في روسيّا، وقبل تفاقم الأزمة الأوكرانية الحالية، ومعها مجتمع المخابرات الروسية وقرون استشعاراتها، بأنّ العلاقات بين موسكو والناتو أسوأ مما كانت عليه وقت الحرب الباردة، بسبب سلوك الناتو وأمينه العام عبر الاستراتيجية الجديدة له، وتم التحذير من انضمام أوكرانيا للناتو، فكيف هي العلاقات اذاً الان؟.
لقد اقتربت من سالب 2 تحت الصفر بخصوص المسألة الأوكرانية واستثمارات الميثولوجيا الأمريكية والأوروبية فيها، حيث استراتيجية الناتو هي مزيج من الدبلوماسية والهجوم على أطراف الدول المستقلة ذات السيادة، والعودة الى المربع الأول لاشتعال شرارات الحروب، لأشغال الجميع بالجميع، واستنزاف الكل الاقليمي بالكل الدولي، لغايات صون مصالح واشنطن وحلفائها، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول الأخرى، ومصالح الفدرالية الروسية وحلفائها وشعوبها، بسبب تحول أوكرانيا دمية وأداة بيد الناتو وأمريكا لغايات احتواء روسيّا.
بلا أدنى شك، يسود العالم هذا الأوان حالة متفاقمة من الدفع التاريخي الحاد والعميق، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم القادم، بعد الأستشراس الروسي، والتي تحاول كوادر الدولة العميقة في واشنطن دي سي، من التقليل من اندفاعاته الهجومية والدفاعية وعلى قاعدة: ثمة سوء فهم على طول خطوط العلاقات الأمريكية الروسية من كلا الطرفين.
والعلاقات الدولية يصار الى عسكرتها بفعل حلف الناتو كمنظمة عدوانية هجومية برعاية أمريكية، وما زالت كارتلات حكم في مفاصل وتمفصلات، المؤسسة السياسية والاستخبارية والعسكرية في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وبالتماهي والتساوق والتنسيق، مع منحنيات الدولة العميقة في أمريكا، عبر تقاطعات للرؤى مع جنين الحكومة الأممية(البلدربيرغ) و وول ستريت وشركات النفط الكبرى، بحيث يسعى الجميع لتدمير الوجود الروسي في المنطقة والعالم ومن ثم احتواء روسيّا، وهذا هو الهدف من الأزمة التي خلقها وأحسن خلقها بخبث مجتمع المخابرات الأمريكي والبريطاني والفرنسي وبالتعاون، مع استخبارات البنتاغون والاستخبارات الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية في أوكرانيا.
وروسيّا تدرك نوايا الغرب في ضم أوكرانيا إلى الناتو، حيث يعني ذلك أنّ البحر الأسود صار بحيرة نيتويّة بامتياز، كما أنّ نواة حكم الدولة في روسيّا تدرك أنّ الطرف الثالث الغربي في الحدث الأوكراني، يسعى لنصب فخ التورط العسكري لموسكو في أوكرانيا ليصار إلى إضعاف واستنزاف القوّة الروسية وإشغالها لتنكفأ إلى الداخل الروسي الفدرالي، وجعلها في موقع الدفاع لا الهجوم ولمنعها من التمدد العسكري والاقتصادي وتوسعة المجال الجيوبولتيكي الاستراتيجي لمجتمع المخابرات الروسية في العالم، لتدعيم مفهوم العالم المتعدد الأقطاب عبر التعاون مع دول البريكس ومجتمعات استخباراتها ومخابراتها.
الحدث الأوكراني يهدد هياكل الأمن في جلّ القارة الأوروبية العجوز، وقد تنزلق الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، عبر التدرج بتدحرج إلى أحداث عسكرية مباشرة بين الغرب والروسي، حيث المعركة معركة السيطرة على ممرات الغاز والنفط في العالم، فكيف يصار إلى الارتهان لجزء من الأدوات الأوكرانية المتساوقة والمتماهية مع الأمريكي والأوروبي؟.
وبعد قمة الناتو الأخيرة في ليتوانيا، ثمة استراتيجية هجومية نيتوية أمريكية جديدة، وتحديثات مستمرة لمفاصلها وتمفصلاتها الاممية وفعلها على الميدان الدولي، لثالوثها النووي البحري والجوي والصاروخي، وبالخلفية أيضاً تحديث، لمجتمعات استخباراتها وأفعالها القذرة في جلّ ساحات الخصوم والحلفاء على حد سواء، لوقف تآكل القوّة العسكرية الأحادية الشاملة، أمام الفدرالية الروسية والصين وكوريا الشمالية وايران، وهي استراتيجية تنافس من جهة، ومواجهة عسكرية ومخابراتية وسيبرانية من جهة أخرى، وحفاظاً على حيوية الاقتصاد الأمريكي وهو اقتصاد حروب.
وأمريكا ومعها الناتو باستراتيجياتها، ستمزّق أحشائها لا أحشاء روسيّا، حيث مضمونها: أمريكا أو لا أحد، وواشنطن تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، والأخير من مخلفات الماضي التليد، وجاءت موضوعة مكافحة الإرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري الهجومي التحديثي لواشنطن ولمنظمة الناتو كمنظمة هجومية عدوانية، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية الجديدة، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والاقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي، وترى أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم، فوجدت ملاذها وأخيراً في خلع القفّازات وقرع طبول الحرب عبر المسألة الأوكرانية لاستعادة ما فقدته من نفوذ في العالم، حيث الاستخباراتيون الأمريكان يتجذرون بكثرة من جديد في الخارجية الأمريكية، ولمواجهة صراعاتها لأمريكا، من تحت الطاولة ومع بريطانيا أيضاً، ووصفت كل من روسيّا والصين كقوى رجعية، وصار جليّاً للجميع ومن خلال فواصل ونقاط الخطاب العسكري الأمريكي، أنّ واشنطن لم تحارب الإرهاب الدولي يوماً، لا بل عملت على رعايته وتسكينه وتوطينه واستثمرت فيه، ومع كل ما سبق لم تعد أمريكا في قاموس البوط العسكري وقاموس البوط الاقتصادي(باعتبار الاقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب وقائم عليها)تتصدر القائمة، فجاءت استراتيجيتها الهجومية الجديدة كنوع من الحنين الى ماضي الأحادية في ظل عالم ينحو نحو التعددية وحفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهنا عرّت التعددية القطبية الهدف الأمريكي، فصار حلم ووهم.
موسكو ردت على واشنطن بتعقل: انّ الاستقرار العالمي رهن التعاون بين موسكو وأمريكا، وفي الخفاء الرد الروسي له سنوات على أرض الميدان العالمي، وبتشارك مع الصين وايران بالمعنى الاقتصادي والمالي والسيبراني والعسكري، وتم تظهيره في سورية والعراق والعمل مستمر بلا توقف أو كلل أو ملل، ومع كل هذا وذاك، تواصل وبوتيرة متصاعدة، منظمة حلف شمال الأطلسي(الناتو)، كحلف هجومي عدواني توسعي، وليس حلف دفاعي كما تزعم الدول الأعضاء فيه، ويعتبر(الناتو)من مخلفات الماضي التليد، تنهج وتمضي هذه المنظمة العدوانية، وباستمرار بممارسة سياسة واستراتيجية التوسع نحو الشرق، فمنذ حقبة ما بعد الحرب الباردة، انضمت اليها دول كثيرة من شرق ووسط أوروبا، كانت في السابق جزءً من الكتلة الشرقية، وهذه المسألة أثارت وتثير القلق عند الروس، ومفاصل دولتهم وأمنهم القومي، والتي يعتبرونها(أي الروس)نهجاً عدوانياً من الدول الغربية ازاء بلادهم.
هذه المخاوف الروسية، بدأت حين أعلن حلف الناتو في شتاء عام 2017 م عن موافقته على عضوية الجبل الأسود في الحلف، حيث تؤكد الاستراتيجية التي نشرت مؤخراً، أن صربيا والجبل الأسود مفضلتان وجاهزتين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في العام 20225 م.
وردّت روسيا بالتنديد بالقرار، متهمة السلطات بتجاهل معارضة جزء من السكان له، وقالت موسكو في وقته: لاحظنا بأسف شديد، ان السلطات الحالية في هذا البلد(الجبل الأسود)والدول الغربية الحامية لها، لم تصغ لصوت العقل، وأوضحت موسكو أنّه، تم تجاهل ارادة نصف سكان البلاد تقريبا، المعارضة للانضمام الى الحلف الأطلسي، متهمة سلطات مونتينيغرو بالصفاقة السياسية أي بالوقاحة الشديدة، وكما أكدت الفدرالية الروسية أنّها سوف تبحث التبعات الاستراتيجية لهذا القرار، وستتخذ اجراءات للدفاع عن مصالحها.
تحذير وانتقاد الروس، لم يحرّك أي ساكن أو خوف، لدى قادة القارة الأوروبية العجوز، بل على العكس، أعلنوا وبوقاحة شديدة بشكل رسمي عن قبول كل دولة تريد الانضمام الى الناتو، بشرط مساهمتها في توسيع مجال وجود حلف الناتو ونفوذه هناك في ساحتها ومساحاتها الجغرافية.
وفي اطار ومسارات هذه السياقات، وفي القمة القبل الأخيرة في ليتوانيا عام 2023 م لحلف الشمال الأطلسي، في مدينة بروكسيل البلجيكية، أعلن الناتو أنذاك، عن قبول عضوية دولة مقدونيا التي تقع في وسط شبه جزيرة البلقان في جنوب شرق أوروبا، وادّعى الناتو ان حصول مقدونيا على العضوية في المنظمة سيقوي من حضوره ونفوذه في المنطقة، في المقابل، يعتقد الروس أن عضوية مقدونيا في الناتو لا تعبر عما يريده الشعب المقدوني، وقال مبعوث روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، أن انضمام مقدونيا إلى حلف الناتو خطأ وسيكون له عواقب، هذا وصادق البرلمان المقدوني رسميا على الاتفاقية المشتركة مع اليونان، لتغيير اسم البلاد إلى جمهورية مقدونيا الشمالية لحل النزاع بين الجانبين، وأنّ التصويت تم بمقاطعة 51 من نواب المعارضة، وأنّ الائتلاف الحاكم بالبرلمان بزعامة الديمقراطيين الاجتماعيين، وافقوا على الاتفاقية في حينه، مع العلم أنّ عدد أعضاء البرلمان يبلغ 120 عضواً. وفي أعقاب الاتفاق بين اسكتلندا وأثينا حول اسم مقدونيا، تحاول يوغوسلافيا السابقة تسريع عضويتها في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ومن وجهة نظر روسيا، إن سياسة حلف شمال الأطلسي في التوسع غربي البلقان، وقبول عضوية دوله في حلف الناتو هي محاولة منه لتوسع نحو الشرق بشكل أكبر، ولقد أدت عضوية الجبل الأسود في حلف الناتو إلى تفاقم التوترات بين الناتو وروسيا.
فمن وجهة نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الناتو منظمة عدوانية تتجه نحو حدود بلاده، واصفاً انهيار هذه المنظمة بالربح الكبير لروسيا ولدول المنطقة، وقال فلاديمير بوتين إن مثل هذه السياسة ستكون غير مسؤولة، وستكون لها عواقب وخيمة بالنسبة لدول حلف الناتو.
ويظهر الاتحاد الأوروبي أنه قادر على تنفيذ سياسة خارجية نشطة وقبول أعضاء جدد، وسوف يكون هذا ردّا على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولا تزال بروكسل تقتصر على ضم صربيا والجبل الأسود، لحماية نفسها من مشاكل الجريمة والفساد والاتجار بالمخدرات المتأصلة في بلدان المنطقة الأخرى.
وشرعت روسيّا، وقبل تفاقم الأزمة الأوكرانية الحالية، بنشر منظومة صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى لحماية أمنها، بنصب مجموعة إسكندر أم الصاروخية الروسية، في كاليننغراد لحماية حدودها الغربية، وكذلك منظومة باستيون المتوسطة المدى في شبه جزيرة القرم، والمنظومة الصاروخية تريومف لحماية الحدود الجنوبية الغربية.
في الوقت الذي يشهد فيه الأمن العالمي العديد من التوترات الإقليمية وفي مختلف أنحاء العالم، بسبب أمريكا والناتو كمنظمة هجومية عدوانية وليس كحلف دفاعي، من أوكرانيا الى جنوب شرق آسيا، وجلّ ساحات ومساحات أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، غير أنّ التهديد الأكبر والذي يظهر إلى العلن أكثر من أيِّ وقتٍ مضى هو التهديد النووي، وهو ما يمكن مشاهدته في قرارات البيت الأبيض واستراتيجيته النووية، حيث أعلنت واشنطن مؤخراً عن خططٍ لتحديث غواصاتها النووية بقنابل نووية أصغر حجماً، حيث أعلنت وزارة الدفاع الامريكية - البنتاغون عن أنّ هذه القنابل الصغيرة ستُخصص لمواجهة التهديدات الروسية، كما سيكون لها تأثير رادع.
العقيدة الحربية الجديدة للبنتاغون بمضمون السلاح النووي الصغير، تضمنت شرحاً مع تفصيل مقصود، صحيح أنّ القنابل الصغيرة لها قدرة تدميريّة أقل، غير أنّها تتمتع بقوة ردع أكبر، حيث الترسانة النووية الأمريكية تتوسع وتستخدم الرؤوس النووية في حالات جديدة. ومن شأن هذه الاستراتيجية الجديدة، أن تقلل من إمكانية استخدام الأسلحة النووية، كما أنها ستزيد من قوة الردع ضد الهجمات التي من الممكن أن تستهدف الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.
العقيدة الجديدة للبنتاغون والتي تؤكد على استخدام القنابل النووية الصغيرة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، نيّة واشنطن باستخدام القنابل النووية حتى تلك التي توصف بصغيرة الحجم، فإن القنابل النووية الصغيرة لديها قدرة تدميرية تقارب 20 طن من تي أن تي، كما ويمكن أن حملها بسهولة في الطائرات الحربية.
وفي الوقت الحالي وكما يؤكد الخبراء أنّ أمريكا تمتلك قنابل نووية كبيرة ومدمرة جداً، ولكن احتمال استخدام هذه القنابل قليل جداً من جهة، ومن جهةٍ أخرى فإنّ القنابل النووية التقليدية والتي استخدمتها أمريكا سابقاً في ساحات المعارك لها قدرة ردع كبيرة. وعلى هذا الأساس يؤكد الخبراء أنّ القنابل النووية الصغيرة ستكون أكثر قابلية للاستخدام بالنسبة للأمريكيين، ويرى الخبراء أنّ واشنطن التي استخدمت القنابل النووية نهاية الحرب العالمية الثانية أثناء تفجير هيروشيما وناكازاكي، فإنها اليوم تُحاول نشر القنابل الصغيرة الأمر الذي ترى فيه تعزيزاً لقدرتها على الردع والهجوم، وذلك من خلال زيادة احتمالية استخدام هذا النوع من القنبلة النووية.
وأعتقد: إعلان السلطات الأمريكية عن القنابل النووية الصغيرة، العقيدة الحربية الجديدة للبنتاغون، يأتي مع التأكيد على خطر روسيا على أمريكا، وتذكر العقيدة العسكرية الأمريكية الجديدة وبصراحة، أن هذه الاستراتيجية ستضمن أن تفهم روسيا أن أي استخدام للأسلحة النووية أمر غير مقبول، وبناء على ذلك، فإن أهم أهداف واشنطن من الإعلان عن تطوير وتوسيع استخدام القنابل النووية الصغيرة هو مواجهة الروس.
فتركيز واشنطن على تطوير القنابل النووية صغيرة الحجم، بالإضافة للضغط المُمارس على البلدان الأخرى للانضمام إلى اتفاقات عدم الانتشار النووي، يعكس النهج الأمريكي المزدوج والكيل بمكيالين والخاص بتطبيق المعايير العالمية لانتشار لأسلحة النووية، حيث أنّه من المتوقع أن تُشكل الاستراتيجية الأمريكية الجديدة مجالاً جديداً لسباق التسلح النووي، الأمر الذي سيوسع أيضاً حجم التنافس بين القوى الكبرى وتأثيرها على علاقات البلدان الصغيرة، بما في ذلك الهند وباكستان، الأمر الذي من شأنه أنّ يُهدد أمن واستقرار العالم في المستقبل.
الأمريكي ومعه الغرب، من خلال توسعات للناتو كحلف عدواني هجومي نازي فاشي، وقرب بناه التحتية العسكرية من حدود الفدرالية الروسية وكذلك مجالاتها الحيوية، بدأ العبث في الداخل الروسي بعمق هذه المرة، وتحت عناوين مختلفة، لأضعاف هياكل حكم الرئيس فلادمير بوتين، لتحريك أطراف غير وازنة من الشارع الروسي لتعم الاحتجاجات وتتعمق.
فصار الروس أكثر توقاً وشوقاً في السعي الى تأسيس لبنات نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يولد من رحم الأزمات عبر ما وفّره ويوفّره الحدث السوري والحدث الأوكراني، والأخير وكما ذكرنا ونذكر نتاج طبيعي لحالة الكباش الروسي الأمريكي الحاد في سورية، بل أنّ شكل العالم الحديث بدأ تشكيله وتشكله من سورية، والأزمة الأوكرانية ما هي الاّ داعم آخر على طريق المتعدد القطبية.
والعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وبتوجيه من البلدربيرغ الأمريكي وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، تبني آمال كبيرة مع(تعويلاتها)الأفقية والرأسية على حليفها الشرق الأوروبي(أوكرانيا) بسلطاتها وكارتلاتها العسكرية والاقتصادية، ودورها الكبير في تهديد كينونة ووجود الفدرالية الروسيّة واعاقة صعودها الهادئ والثابت والمتواصل، عبر نشر القدرات العسكرية الأمريكية المختلفة وقدرات حلفائها في الناتو، وتوظيفها وتوليفها في اشعالات للثورات الملونة من جديد، وعلى طريقة ما سمّي بالربيع العربي كي تجعل من الجغرافيا الأوكرانية وعبر حكّامها المستنسخون الذيليون للكابوي الأمريكي، كحاجز رئيسي في الفصل بين الفدرالية الروسية وشرق أوروبا القارة العجوز المتصابية، ما بعد ضم القرم الى روسيّا، بعد خسارة واشنطن والناتو من ميزات استخدام السواحل الأوكرانية في السيطرة والنفوذ على منطقة البحر الأسود، بسبب تداعيات الضم الروسي لقرمه.
ولنفكك المشهد الدولي والإقليمي والمحلي إلى أجزاء، ودراسة كل جزء لوحده على حدا، لغايات فهمه بالعمق المطلوب، قبل إعادة تركيب الصورة من جديد، بناءً على ما تعطيه الأجزاء من ارتباطات وتقاطعات وتباينات اتجاه المشهد العام. ما هي طبيعة ونوعية ورائحة الحذاء الروسي المرفوع في الوجه الأمريكي المسوّد؟ هل ثمة مخاض مؤلم وحاد بعمق لولادة(ليست من الخاصرة)لشرق أوسط جديد بسمة روسية خالصة تشاركية مع
آخرين؟ هل نجح الروسي الأقرب إلى الشرق منه إلى الغرب، في الذي أخفق فيه اليانكي الأمريكي؟ إذا كان هناك ثمة شرق أوسط جديد بسمة ووسم روسي خالص، وأنّ المنطقة دخلت هذا المسار الحديث، فهل هناك أحصنة طروادة روسية كانت تفعل فعلها رأسيّاً وعرضيّاً وبصمت، لأحداث الاختراقات الضرورية لهذا الشرق الأوسط الروسي الجديد وفقاً لعلم المنعكسات؟.
وهل أخضع الأمريكي ومعه حلفائه من الغرب تلك الأحصنة الروسيّة الطرواديّة للمتابعة والمراقبة ثم العرقلة في فعلها وتفاعلاتها في المستهدف من الأهداف الروسية المتصاعدة والمتفاقمة في الأهمية؟ وهل فشلت استراتيجيات الإعاقة الأمريكية في عرقلة وإضعاف الفعل الروسي عبر أحصنته المختلفة؟ ومنذ متى تعمل فعلها وتفاعلاتها ومفاعيلها تلك الأحصنة الطرواديّة الروسية؟ هل يمكن اعتبار مثلاً منظومة صواريخ اس 400 الروسية بمثابة حصان طروادة روسي لاختراق تركيا، بعد أن طرقت الأبواب التركية طرقة واحدة فقط، فسال اللعاب التركي المتعدد عسكرياً لها، وبعيداً عن سياقات حلف الناتو؟ وهل ذات منظومة الصواريخ الأس 400 والأس 300 فعلت فعلها في جدار الدولة الإيرانية، بجانب مفاعل بوشهر النووي، ومفاعلات نووية إيرانية أخرى يتم تنفيذها بخبرات روسية؟ وهل يمكن دمج منظومة صواريخ الدفاع الجوي الروسية الأس 400 التي تتحصّل عليها تركيا الآن في منظومات هياكل الناتو العسكرية، باعتبار أنقرة عضو فاعل في هذا الحلف وبمثابة غرفة عمليات متقدمة للغرب في أسيا الوسطى والمجال الحيوي الروسي؟.
من السورنة للحدث الأوكراني في مجاله الحيوي وهندسة جغرافيته، إلى أكرنة الحدث السوري ضمن حواضن جغرافية سورية الطبيعية، ومن الروسنة الروسيّة لجلّ المنطقة الشرق الأوسطية، إلى الأمركة الأمريكية المضادة للروسنة والساعية لإخضاعها لأدواتها خدمة لسلّة مصالحها الإستراتيجية، فالأيرنة الإيرانية لجغرافيات نفوذات طهران في مجالها الإقليمي والصراع مع العدو الصهيوني، باشتباكات متعددة وعلى مدارج الخطوة خطوة، فالصيننة المساعدة بتنافس للروسي والإيراني في الشرق الأوسط، والوصول على نفوذات على ساحل البحر الأبيض المتوسط عبر مسارات طريق الحرير القديم ومعها إيران أيضاً. أوكرانيا وتفاعلات ومفاعيل أزمتها الراهنة، ان لجهة الرأسي وان لجهة العرضي، ودور العامل الخارجي في تمفصلاتها وتحوصلاتها، جعلت منها(مكسر ومطحن)لعظام نتاجات الكباش الروسي الأمريكي في أكثر من ملف في الشرق الأوسط، وحيال روسيّا تؤشّر الى ما ننحو اليه هنا، وان كانت موجهة الى الداخل الأمريكي من جهة، وكارتلات الديمقراطيين في مجلس النواب والكونغرس والمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي وول ستريت من جهة أخرى.
الأمريكي قدّم تنازلات في بعض ملفات الخلاف، وفي الملف الإيراني يصعّد ليفاوض من جديد، والملف السوري وحزب الله والملف العراقي والملف اللبناني، وكان يحتاج الى تغطية لجلّ ما تنازل عنه في العمق لا في الشكل حتّى لا يجرح في كبريائه، وللتغطية على صفقات سلاحه بمئات المليارات من الدولارات، فذهب الى تسخين الملف الأوكراني من جديد والعبث بأسيا الوسطى لتخريب الساحة الروسية، واثارة دخّان آخر للتغطية عن تنازلاته في الشرق الأوسط، رغم حاجته الى ستاتيكو في الأخير للتفرغ لعدوه القادم روسيّا والصين، والأخيرة تتعملق اقتصاديّاً والاقتصاد الأمريكي صار مرهون الان للاقتصاد الصيني، وبنت بكين جيشاً حديثاً ومتطور، والجيش الروسي بقي قويّاً ومتماسكاً والشعور القومي الروسي تنامى وتنامى عبر بوتين وسياساته، ومجتمع المخابرات الروسي توسّع في مجاله الجيوبولتيكي وصارت له أدواته الناعمة، والتي من شأنها أن تقود الى تغيرات مثيرة في خرائط مجاله الحيوي، وكما هو الحال في تغير البنى السوسيولوجية والاستراتيجية لأوروبا، ان تمادت الأخيرة في تساوقها مع واشنطن، في استهدافاتها للداخل الروسي والخارج الروسي، في مجالاته الحيوية ذات الجزئية الأهم في الأمن القومي الروسي.
فالعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وفي معرض مسارات دعمها لسلطات كييف، المحفوف بالمخاطر على جلّ استقرار القارة الأوروبية العجوز، فهي تشرعن كل أنواع مواجهات هذه السلطات مع المعارضين في شرق أوكرانيا وجنوب شرقها.
الكابوي الأمريكي معروف عنه تاريخيّاً التشدّد والمرونة في السياسات وتنفيذها، حيث هناك في مفاصل الدولة الأمريكية فريق يسعى الى مزيد من التصعيد مع الروسي، في فرض مزيد من عقوبات مشدّدة وتقديم مساعدات عسكرية لسلطات كييف الجديدة(النازيون الفاشست)، وهذا الفريق فريق العصا الأمريكية الغليظة، بسببهم صارت أمريكا الشرطي الأول في العالم، وفريق آخر يظهر شيء من الحكمة والواقعية السياسية والميدانية، وقد يكون الأقدر على فهم متغيرات الزمن، يسعى وبصعوبة نتيجة الصراع والخلاف مع الفريق الآخر، في جعل الباب مفتوحاً بقدر يسير للغاية للوصول الى تقاربات ثم تفاهمات، للوصول الى الحل الدبلوماسي لهذه الأزمة مع الروسي.
وبحسب قراءات مجتمع المخابرات والاستخبارات الروسية، أنّه وفي ظل الأصطفافات الدولية بسبب الأزمة السورية ونتاجها الطبيعي الأزمة الأوكرانية، تسعى واشنطن وحلفائها ودولة الكيان الصهيوني الدولة المسخ "إسرائيل"، إلى تسخين النزاع بين روسيّا واليابان حول جزر كوريل المتنازع عليها بين طوكيو وموسكو، والأخيرة تنسق مع بكين حول ذلك.
كما أنّ الفدرالية الروسية تعي أنّ فريق الإطفاء الدبلوماسي للنار الأمريكية في كييف، لا يعني ولا يشي أنّ أمريكا تقر بوجود شريك روسي لها، وأنّ هناك قوّة أخرى صاعدة أعادت انتاج نفسها من جديد، فصعدت بقوة وثبات وكان الصعود خطوة خطوة وليس صعوداً صاروخيّاً، كون المعادلة الكونية تقول: أنّ من يصعد بشكل صاروخي سريع يسقط بمثل وشكل ما صعد، وهذا ينطبق على الدول وعلى الجماعات وعلى الأفراد(النخب السياسية والاقتصادية)في المجتمعات والدول.
انّ أي نزاع عسكري في أوكرانيا مع الروس من قبل الناتو والأمريكان سيغير هياكل أمن القارة الأوروبية ويقود الى حالة عدم الاستقرار في أوروبا كلّها، خاصة وأنً التواجد العسكري للناتو يزداد الان بفعل المسألة الأوكرانية في مناطق أوروبا الشرقية. وروسيّا تعتمد تكتيك النفس الطويل، وهذا هو نفسه سيناريو القرم الذي انتهجته موسكو، حيث الجيش الروسي تمترس خلف الحدود وترك الساحة للحلفاء في الداخل القرمي(القرم)، مع دعم سياسي ومادي ومعنوي وعسكري واعلامي، وذات السيناريو سيكون مع مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، وفي حال تفاقمت الأمور في الشرق الأوكراني وجنوبه، فانّنا سنكون أمام قرم آخر ينظم للفدرالية الروسية(وهو كذلك استفتاء الأقاليم الأربعة)، وأثر ذلك على أوروبا والعالم سيكون وخيماً، حيث تتشجّع الحركات الانفصالية وتطالب بالانفصال، مما يقود الى حالة من عدم استقرار وثبات الدول وحدودها الجغرافية، وفي النهاية سيكون الشرق الأوكراني قرم آخر، انّها لعنة اقليم كوسوفو، حيث تم سلخ الأخير من يوغسلافيا السابقة، وجعله كدولة بمساعدة الأمريكي، وثمة تسخينات لجغرافيا وديمغرافيّة كوسوفو، كمنتج للإرهاب من جديد لتوجيهه ازاء روسيّا وتركيا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت