الاعتراف المعنوي الإسرائيلي بمغربية الصحراء

بقلم: أوس أبوعطا

أوس صورة.jpeg
  •   أوس أبوعطا

غني عن البيان، أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء هو الثمن الذي حصلت المملكة المغربية

عليه مقابل التطبيع مع إسرائيل، ولكن من الملاحظ أن إسرائيل والتي صارت المقايضة السياسية والدبلوماسية بين الولايات المتحدة الامريكية والمغرب كرمى لها، لم تعترف بمغربية الصحراء، إلا في الأمس القريب.

لا يغيب على متابع أن المغرب أقام علاقات تتسم بالسرية مع إسرائيل منذ عام 1961 إبان تسلم الحسن الثاني مقاليد الحكم بعد موت مفاجئ للملك محمد الخامس، الأخير الذي رفض تهجير اليهود المغاربة إلى الكيان بين عامي 1956 و1961. تعززت العلاقة بين الملك الحسن الثاني وإسرائيل، خصوصا بعد أن ساعد جهاز الموساد البلاط الملكي في التخلص من المعارض المهدي بن بركة، فتمّ تسهيل هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل حيث وصل ما يزيد عن 200000 مهاجر مغربي. كان يقدر عدد سكان يهود المغرب بربع مليون يهودي عام 1948، لم يبق منهم في المغرب عام 2017 إلا نحو 2000. الملك كان لا يخفي هذه العلاقات والزيارات الرسمية وغير الرسمية التي لم تشمل السياسيين فقط بل تعدته للفنانين. ومن المعروف أن المغرب من استضاف المفاوضات بين إسرائيل ومصر، التي توّجت باتفاقية كامب ديفيد.

في العاشر من ديسمبر2020 تم الإعلان عن اتفاق الثلاثي للتطبيع بين المغرب وإسرائيل في إطار اتفاق أبراهام، ولكن بعد شهر واحد فقط، ظهر برود وجفاء بين الطرفين بسبب عدم اعتراف إسرائيل بالصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، الأمر الذي تجلى بوضوح بعدم استقبال الملك المغربي ديفيد جوفرين الذي يشغل منصب السفير ومدير مكتب الاتصال في الرباط.

ديفيد جوفرين والذي عاد للرباط مطلع هذا الشهر، كان عنوانا للتوتر بين العلاقات المغربية الإسرائيلية،

وكانت الخارجية الإسرائيلية استدعت غوفرين مسبقا على خلفية اتهامات له باستغلال نساء والتحرش جنسيا بهن وارتكاب جرائم ضد الحشمة وبتهم اختلاس أيضا.

كما لغى المغرب استضافته لقمة النقب، بسبب المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية،

والتصعيد الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية واقتحامه للمسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك وتنكيله بالمصلين. وكانت مدينة النقب قد استضافت النسخة الأولى من "قمة النقب" في مارس 2022، والتي شارك فيها وزراء خارجية إسرائيل ومصر والمغرب والبحرين والإمارات والولايات المتحدة، حيث اتفقت الدول الست على عقد القمة بشكل سنوي. حيث اشترط المغرب بشكل علني على ضرورة الاعتراف الإسرائيلي بمغاربية الصحراء مقابل عقد هذه القمة.

لكن الأمور لم تبقى على حالها، فقد عمل الطرفان على تهيئة الأجواء المناسبة لتحسين العلاقات بينهما.

في نهاية شهر أيار الفائت من هذا العام، قامت وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف المنحدرة من أب يهودي وأم إسبانية، بزيارة إلى المملكة المغربية، لتوقيع "اتفاقيات تعاون" بين الجانبين.

وعقب وصولها، قالت ريغيف في تغريدة عبر تويتر: "هذه هي الزيارة الأولى لوزير مواصلات إسرائيلي إلى المغرب" وبالفعل تم توقيع اتفاقات مهمّة مع وزير المواصلات المغربي محمد عبد الجليل من شأنها تسهيل السفر بين البلدين.

وفي الشهر المنصرم زار رئيس الكنيست الإسرائيلي صاحب الأصول المغربية، أمير روحانا المغرب بناء على دعوة من رئيس مجلس النواب المغربي رشيد الطالبي العلمي ودعا حكومة بلاده للاعتراف

عن الاعتراف الإسرائيلي الأخير بمغربية الصحراء

بمغربية الصحراء وساند وبشدة أهمية هذا الاعتراف، وزار مستشار الأمن القومي لنتنياهو المغرب، وتم الحديث عن الاعتراف الإسرائيلي الموعود منذ توقيع اتفاقية التطبيع.

وبالفعل اعترفت إسرائيل بمغربية الصحراء عبر رسالة من بنيامين نتنياهو للملك المغربي، ومقابل هذا الاعتراف سيتم رفع التمثيل الدبلوماسي وزيادة التبادل التجاري والاقتصادي والثقافي بين البلدين، وسيكون هناك ملحق عسكري إسرائيلي في الرباط.

هذا الاعتراف الذي كان بمثابة نقطة خلاف بين الطرفين، يقوي حضور إسرائيل في إفريقيا بشكل عام وشمالها بشكل خاص، ويروج لصورة إعلامية جيّدة لإسرائيل بأنها دولة تسعى للتعايش والسلام مع محيطها العربي والإسلامي، هذه الصورة الإعلامية التي تهتم بها إسرائيل كثير عبر أذرعها الإعلامية في كل أرجاء العالم.

وفي الختام، كان التطبيع المغربي الإسرائيلي مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء من قبل الرئيس الأمريكي ترامب. هذه الهدية المعنوية التي تلقتها المملكة المغربية من الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب بشهية سياسية مفتوحة. أما الاعتراف بمغربية الصحراء فلا يتعدى كونه اعترافا معنويا، لا يغير من وضعية الصحراء القانوني، كأراض متنازع عليها حسب القانون الدولي. ولو كان الأمر بتلك السهولة لاكتفت المغرب بنحو25 دولة  تعترف بمغربية الصحراء وبعضها فتح قنصليات في العيون.

وعليه، إن تقديم هذه الهدية المعنوية مقابل التطبيع المرفوض شعبيا، يظهر أن المغرب على استعداد لتقديم أي تنازلات سياسية مقابل هذا الاعتراف، الأمر الذي يشكل نقطة ضعف واضحة في السياسة المغربية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت