أعلن التلفزيون الرسمي في النيجر، يوم الجمعة، تعيين قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تشياني رئيسا للمجلس الانتقالي في البلاد.
وقال تشياني في كلمة متلفزة اليوم "إن الجنود استولوا على السلطة في النيجر بسبب تدهور الوضع الأمني". وكان الجيش النيجري أعلن أمس دعمه لإنهاء فترة حكم الرئيس محمد بازوم .
وأضاف رئيس المجلس الانتقالي في النيجر أنه في عهد الرئيس بازوم كان هناك "خطاب سياسي أراد أن يجعل الناس يعتقدون أن كل شيء على ما يرام"، بينما هناك "الواقع القاسي مع ما يحمله من موت ونازحين وإذلال وإحباط".
وحسب الجنرال تشياني الذي يشغل منصب قائد الحرس الرئاسي منذ 2011، فإن "النهج الأمني الحالي لم يسمح بتأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب النيجر، والدعم الملموس والمقدر من شركائنا الخارجيين".
وجاء تعيين رئيس للمجلس الانتقالي بعد ساعات من إعلان فرنسا "القوة الاستعمارية السابقة للنيجر"، أنها لا تعتبر الانقلاب في البلد الأفريقي "أمرا نهائيا".
وعبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عن أملها أن "يستجيب الانقلابيون الذين احتجزوا رئيس البلاد إلى الدعوات الدولية للعودة إلى الحكم الديمقراطي".
وقالت كولونا "إذا سمعتموني أتحدث عن محاولة انقلابية فذلك لأننا لا نعتبر الأمور نهائية، ولا يزال هناك مخرج إذا استمع المسؤولون عن تلك المحاولة إلى المجتمع الدولي".
وأعلنت كولونا أن رئيس النيجر محمد بازوم "بصحة جيدة"، رغم أن مدبري الانقلاب يحتجزونه في مقره. وقالت إن بازوم تحدث إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة، وقال إنه "في صحة جيدة"، مضيفة أنه "يمكن الوصول إليه".
وفي السياق نفسه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته لغينيا الجديدة إن بلاده تدين بأشد العبارات الانقلاب العسكري الذي "استهدف قائدا شجاعا انتخب ديمقراطيا ويقوم بالإصلاحات والاستثمارات اللازمة لبلاده".
وأضاف ماكرون أن الانقلاب "غير شرعي وخطير جدا على النيجريين، وعلى كل المنطقة"، ودعا إلى الإفراج عن الرئيس بازوم والعودة الى النظام الدستوري، مشيرا إلى أن فرنسا ستدعم المنظمات الإقليمية إذا قررت فرض عقوبات على قادة الانقلاب.
مجلس الأمن
وقال متحدث باسم بعثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إن واشنطن تدعم قيام مجلس الأمن بإجراءات لخفض التصعيد في النيجر، وذكر بيان أميركي أن سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تحدثت إلى رئيس النيجر محمد بازوم أمس الخميس.
وقال المتحدث إنها أوضحت أن "الولايات المتحدة راسخة في مساندتها للديمقراطية في النيجر، وتدعم اتخاذ إجراءات في مجلس الأمن الدولي لخفض التصعيد، ومنع إلحاق الأذى بالمدنيين وضمان النظام الدستوري".
ودان غزالي عثماني رئيس جزر القمر والرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، الانقلاب في النيجر، وقال في خطابه اليوم الجمعة أمام القمة الروسية الأفريقية إن الاتحاد الأفريقي يضم صوته إلى المجتمع الدولي، ويدين الانقلاب في النيجر.
كما شدد عثماني على أن أفريقيا "تناضل ضد التغييرات غير الشرعية التي تحدث في القارة والتي لا تصب في مصلحة دولها"، وطالب بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية.
حظر التظاهر
وفي نيامي عاصمة النيجر، قال زعماء الانقلابيين أمس إنهم حصلوا على دعم عسكري واسع النطاق ودعوا إلى الهدوء، وألقى قائد الجيش اللواء عبده صديقو عيسى بثقله وراء الانقلابيين. وقال في بيان له أمس "إن القيادة العسكرية قررت الموافقة على إعلان قوات الدفاع والأمن تفاديا لمواجهة دامية".
في غضون ذلك، حظرت وزارة الداخلية في النيجر جميع المظاهرات بشكل فوري، وقالت الوزارة مساء أمس "إن المظاهرات العامة محظورة، لأي سبب من الأسباب، وستظل كذلك حتى إشعار آخر"، مضيفة أن الإجراء يهدف إلى "حماية المواطنين" في الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 26 مليون نسمة.
من جهته، قال إنتينيكار الحسن المستشار الخاص لرئيس النيجر المعزول للجزيرة "الرئيس بازوم لا يزال محتجزا داخل القصر الرئاسي"، مؤكدا أنه "بصحة جيدة". كما أشار إلى أنه يسمح للرئيس بالتواصل مع العالم الخارجي.
واحتجز ضباط من الحرس الرئاسي بازوم، المنتخب عام 2021، في قصره أول أمس الأربعاء. وفي مساء ذلك اليوم أعلن 10 ضباط عسكريين في التلفزيون أن ما يسمى بـ"المجلس الوطني لحماية الوطن" قد تولى السلطة.
ودعمت القوات المسلحة رسميا دعوة قادة الانقلاب لإنهاء فترة بازوم في المنصب، كما أيدت أحزاب المعارضة الانقلاب، بحسب بيان نشرته وسائل إعلام نيجرية.
ولم يتضح بعد من يقف وراء الانقلاب وعدد الأحزاب المؤيدة له، وظهرت دعوات إلى تنظيم مظاهرات اليوم الجمعة بعد أن هاجم مؤيدو الانقلاب مقر الحزب الرئاسي في نيامي ونهبوه أمس.
موقف فاغنر
ونشرت "رابطة الضباط من أجل الأمن الدولي" التي تعتبرها الولايات المتحدة واجهة لمجموعة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى، تسجيلاً صوتياً نسبته لزعيمها يفغيني بريغوجين مساء أمس قال فيه "ما حدث في النيجر ليس سوى كفاح شعب النيجر ضد المستعمرين الذين يحاولون فرض نمط حياتهم عليهم".
وأضاف "بهدف إبقاء الشعوب الأفريقية تحت سيطرتهم، يملأ المستعمرون السابقون هذه البلدان بالإرهابيين وبعصابات مسلحة مختلفة، ويتسببون هم أنفسهم بأزمة أمنية ضخمة".
وجاء في التسجيل "المستعمرون السابقون أرسلوا بعثات عسكرية تضم عشرات الآلاف من الجنود غير القادرين على الدفاع عن سكان دول ذات سيادة".
وقال بريغوجين "الشعب يعاني. ومن هنا يأتي الحب لشركة فاغنر الخاصة، ولكفاءة فاغنر، لأن ألف مقاتل من فاغنر قادرون على فرض النظام والقضاء على الإرهابيين".
ويأتي التسجيل المنسوب لبريغوجين، في حين تُعقد قمة روسية أفريقية بمشاركة عشرات الوفود من الدول الأفريقية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبرغ.
وتعرضت محاولة زعزعة الاستقرار في النيجر لإدانة شديدة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس).
والمعروف أن النيجر دولة حبيسة ليس لها منفذ بحري وهي واحدة من أفقر دول العالم، ومنذ حصولها على الاستقلال عن فرنسا في عام 1960 شهدت 4 انقلابات، بالإضافة إلى العديد من المحاولات الأخرى، بما في ذلك محاولتان سابقتان ضد بازوم.