هليفي حذّر نتنياهو من تماسك ووحدة الجيش وتأثير التشريعات القضائية على استيعاب مجندين جدد
كشفت تقارير عبرية عن وثيقة بعث بها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عشية مصادقة الائتلاف الحكومي على قانون إلغاء حجة المعقولية، في تصويت للهيئة العامة للكنيست عقد يوم الإثنين الماضي، وقاطعه أعضاء الكنيست عن المعارضة.
وحملت الوثيقة التي حولها هليفي لنتنياهو، بعد فشل محاولات الأول للاجتماع مع الأخير، بحسب هيئة البث العام الإسرائيلية "كان 11")، تحذيرات من تداعيات التشريعات القضائية على تماسك ووحدة الجيش في ظل الانقسام حول مخطط إضعاف القضاء، وحذّر من عزوف الشبان عن التطوع في الخدمة العسكرية.
كما تطرقت الوثيقة التي حملت "تحذيرات شديدة اللهجة"، بحسب "كان 11"، إلى إمكانية التصعيد على الجبهة الشمالية، في إشارة إلى تصاعد التوترات مع "حزب الله" اللبناني؛ واعتبرت القناة الرسمية الإسرائيلية أن "نتنياهو قرر المضي قدما في التشريعات القضائية، وقبول توصيات لم تصدر بالضرورة عن الأجهزة الأمنية".
كما أشارت الوثيقة على وجه التحديد إلى مخاوف من أن يؤدي الخطاب الداخلي في الجيش إلى "إلحاق ضرر بالدوافع المتعلقة بالتجنيد في عمليات التجنيد المقبلة وكذلك في عمليات التجنيد القريبة المقررة في آب/ أغسطس المقبل".
في المقابل، ذكرت القناة 12 أن الوثيقة وصلت إلى مكتب نتنياهو الذي كان يمكث في مستشفى شيبا بعد إصابته بوعكة صحية؛ وأشارت إلى أن نتنياهو اطلع على الوثيقة وقرأها "بعناية كبيرة"؛ وأشارت إلى أن الوثيقة عكست صورة "قاتمة ومخيفة".
ونقلت القناة 12 عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" أن القلق والمخاوف التي وردت في الوثيقة تركز عن تأثر تماسك الجيش الإسرائيلي، وفقدان ثقة المواطنين والعاملين في الجيش، ولا تتعلق بكفاءة وجهوزية الجيش.
وشدد هليفي على أن تهديدات المتطوعين في قوات الاحتياط بتعليق خدمتهم العسكرية احتجاجا على إضعاف القضاء قد تمتد لتطاول "نظام الاحتياط النشط" - خدمة الاحتياط الإلزامية في الجيش.
كما حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من "كرة ثلج" قد تتدحرج لتشمل تشكيل الجنود النظاميين.
وأعرب الجيش الإسرائيلي في الوثيقة عن قلقه من أن "مجرد البقاء في مساحة خلافية وغير توافقية بشأن قضية جوهرية تتعلق بالطبيعة الديمقراطية للبلاد - سيؤدي إلى التشكيك في طهر ونقاء الأوامر العسكرية والعملياتية".
وكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن هذه الخلافات "ستنعكس بالتأكيد على قوات الاحتياط ولكن أيضًا على المرشحين للخدمة في الأجهزة الأمنية الذين سيشككون بصفاء النوايا والدوافع من وراء الأوامر العسكرية، في ما سيتسبب في تسييس الهرمية القيادية العسكرية من جنود الاحتياط والجنود النظاميين".
من جانبها ذكرت القناة 13 أن هليفي حذّر من أنه إذا استمرت العملية التشريعية لخطة إضعاف القضاء من جانب واحد وبدون اتفاقيات واسعة مع المعارضة، فقد يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بنموذج "جيش الشعب"، وقد يؤدي أيضًا إلى الإضرار باستيعاب المجندين الجدد في آب/ أغسطس الذي من المقرر أن يبدأ في الأيام المقبلة.
وأكدت أن هليفي يرى أن "ما يحدث في قوات الاحتياط سوف يتغلغل في نهاية المطاف في القوات النظامية، ويمكن أن ينعكس ذلك في قرارات ‘رمادية‘ تتراوح بين قرار عدم البقاء في صفوف الجيش أو عدم تجديد العقود، وقد تصل إلى ترك ضباط للخدمة في تشكيلات مختلفة لأنهم لا يريدون الخدمة في مثل هذا الجيش".
وقبل إقرار قانون إلغاء حجة المعقولية، ناقش رئيس "المعسكر الوطني" ووزير الجيش السابق، بيني غانتس، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حالة الكفاءة في الجيش الإسرائيلي، في محادثة جرت بناء على طلب الأجهزة الأمنية وبموافقة وزير الجيش، يوآف غالانت.
وعقب هذه المحادثة ذكر غانتس أن "الوضع الأمني مقلق للغاية ويتطلب اهتمامًا وقرارات أمنية إستراتيجية في مجموعة متنوعة من مجالات العمل. يجب على رئيس الحكومة عقد مناقشة للكابينيت الأمني والسياسي لفهم تداعيات التشريع على الجيش الإسرائيلي قبل تمريره".
"الحرص على توثيق الملاحظات"
وبحسب القناة 13 ، فإن هليفي عكس كل هذه المخاطر في وثيقة مكتوبة، عندما بات بالنسبة له "من المهم توثيق هذه الأمور، ربما حتى يكون هناك دليل في المستقبل على أنه قد حذر بالفعل من إجراء تشريعي أحادي الجانب من قبل حكومة نتنياهو".
وكانت المراسلة العسكرية لهيئة البث الإسرائيلية، كارميلا منشيه، قد أشارت يوم الجمعة الماضي إلى أن القادة العسكريين باتوا حريصين على توثيق تعليقاتهم وتحذيراتهم كتابيًا وباتوا أكثر استعدادا للظهور علنا لتوضيح موقف وتقديرات الجيش، واعتبرت أن ذلك يأتي "استعدادا لليوم الذي قد يُطلب منهم فيه تقديم تفسيرات أمام لجان تحقيق".
وأشارت إلى أن التحذيرات التي كان قد أطلقها في السابق وزير الجيش، يوآف غالانت، حول مخاطر التشريعات القضائية وتداعياتها على حالة الجيش وأوضاعه الداخلية، تأتي في الإطار ذاته؛ معتبرة أن "قادة أجهزة الأمن استخلصوا العبر من تعرض أسلافهم للجان تحقيق سابقة ويتوقعون مثل هذا الاحتمال الذي بحثوه مع مسؤولين في الجهاز القضائي".