نهفات وطن.... انا لم استغرب ولم اتعجب...لكن ادعوكم لقراءة ما حصل معي....

بقلم: رضوان عبد الله

رضوان عبد الله.jpg
  • بقلم سفير الاعلام العربي عن دولة فلسطين الاعلامي د. رضوان عبد الله*

خلال العقود الثلاثة المنصرمة، ومن خلال مشاركاتي في مؤتمرات طلابية وشبابية في لبنان ،ممثلا عن الاتحاد العام لطلبة فلسطين- فرع لبنان تارة ، وممثلا عن اللاجئين الفلسطينيين اطوارا اخرى ، حصلت معي نهفات عديدة...هي احداث مهمة لكنها نهفات عربية لا تقل اهمية عن اية احداث حصلت او تحصل مع شعبنا وشرائحة في كافة مخيمات لبنان، وسأذكر احدى هذه النهفات كي لا تكون عبرة لنا فقط بل كي تكون حافزا ودافعا اكيدا وثابتا وعميقا لنتمسك بوحدتنا الوطنية الفلسطينية من جهة وكي تكون نبراسا للأجيال القادمة ليتعلموا درسا بالاتكال على الذات من ناحية تثقيف انفسهم وتوضيح تشعبات القضية الفلسطينية للاخرين .

في احد المؤتمرات ، التي عقدت هنا في لبنان باواخر تسعينيات القرن الماضي ، وفي مساء اول يوم ، بينما كنا في مرحلة التعارف بيننا وبين الوفود العربية المشاركة في ذلك المؤتمر الشبابي العربي...صودف وجود وفود شبابية من العديد من الدول العربية التي تهتم بالعمل الشبابي ، ومن بينها وفد شبابي ليبي ، هو ممثل عن الشبيبة الليبية ايام الراحل العقيد القذافي، وحينما اقترب مني مسؤولهم ،بعد ان عرفني هو عن نفسه، بادرته بالتعريف عن نفسي..وكنت عضوا في الوفد الفلسطيني المكون من اخوة واخوات اخرين من لبنان وسوريا ، وانا واحدا منهم ، فوجئت بسؤاله لي : هل جئتم من فلسطين لتشاركوا هنا في المؤتمر؟ فاجبته فورا ب"لا" فنحن وفد فلسطيني من لبنان وسوريا، ولبينا دعوة المؤتمر لنشارك هنا مع الاشقاء العرب،واوضحت له بالقول ان فلسطين ايضا هي نائب الرئيس باتحاد الشباب العرب، والذي مقره في دمشق.

وكرر ذلك "المسؤول" الشبابي الليبي علي السؤال،اتقصد انكم لا زلتم هنا في لبنان؟قلت له نعم ، وهل من مانع لديك اننا في لبنان ؟ قال طبعا ، لماذا انتم في لبنان ولستم في فلسطين؟؟!!

   واضاف بنبرة عالية ، هي اقرب للاعتراض على وجودنا في لبنان منها للاستغراب ، الم تعودوا الى فلسطين الم تحرروها...لماذا تبقون هنا في لبنان؟! لماذا لم ترجعوا مع ياسر عرفات الى هناك...ولماذا انتم هنا من الاساس الم تتحرر فلسطين...لماذا ولماذا...هنا بعد اكثر من عشرة اسئلة تنم عن جهل وجهيلات من قبله، دخل الى قلبي الاندهاش وكثير من الاستغراب والعجب العجاب...قلت له لو تحررت فلسطين لم تكن لترانا هنا وكنا قد دعوناكم الى وطننا لمؤتمر شبابي وفي عاصمتنا الابدية القدس الشريف ،ولكننا في بدايات تحرير فلسطين ان شاء الله .

   وفي وقاحة كاملة غير مسبوقة بادرني بالقول حرفيا " روحوا ارجعوا مع عرفات تبعكم...ونحن اعدنا الفلسطينيين الذين عندنا الى وطنهم ولم يبق(ى) عندنا الا القليل...!!...هنا لم يكن بالامكان السكوت عن جهله ووقاحته وقلة فهمه بل وغبائه الواضح ،فقلت له نحن نفتخر بياسر عرفات الذي حولنا من لاجىين الى مناضلين، ولا نفتخر بجهلكم المقيت فانتم لم ترجعوا اهلنا من عندكم الى فلسطين،بل رميتموهم على الحدود الليبية المصرية وتركتموهم يواجهون الافاعي والعقارب وربما الوحوش الضارية.واكملت له وعليه بالقول : من المؤسف ان مسؤولا شبابيا عربيا يتكلم بهذه اللهجة والنبرة غير الاخوية والتي تقترب الى الجهل والى العنصرية والحقد...

و" بلا طول سيرة " مثلما يقول المثل تجمهر بعض الاخوة من وفدنا ووفود اخرى متسائلين عن المشكلة...فعلا انها مشكلة... وقلت لاخي وصديقي ، احد زملاىنا بالوفد الفلسطيني...ياخي هدول العرب ...للاسف لا يعلمون اننا هنا لاجىين في لبنان او في سوريا منذ العام ٤٨ ويظنون ان فلسطين محررة وان البقية قد تم تحريرها منذ بضع سنوات( اي منذ اتفاق اوسلو)،...فضحك صديقي واخي وقال لي ((مع العرب تعبنا ورح نتعب كثير يا رضوان.....وانت تعلم الشرح يطول))...

   خلاصة القول لكل الاجيال ، من الضروري ان تكون واعيا ومثقفا ومدركا لمعظم جوانب قضيتك الوطنية وذلك من اجلك ومن اجل الاخرين لانه لربما واجهت جاهلا ،حتى لو قيد له ان يكون مسؤولا، فلا يغرنك ذلك فكثيرون وضعوا في مناصب واماكن لا يحلم بها اجدادهم ، وان لم يكن لديك العلم والمعرفة والقدرة على امتصاص الغباء والجهل ، وتقديم الاحسن والافضل، فانك قد تضيع انت وقضيتك بين جهل الجاهلينا وغباء الاغبياء...

هذا نموذج من الفئات الشبابية العربية التي قيل لنا انها تدعم قضيتنا وتساعدنا في العودة الى ديارنا...من اجل ذلك لا زلنا خارج فلسطين لاجئين....فلا تستغربوا بتطبيع هنا وتطبيل وتزمير هناك...لان التجهيل والتخريف والتزييف كان موجودا هنالك ايضا.....

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت