إجتماع الأمناء العامين العلمين، 30/7/2023

  الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

            المكتب السياسي

إجتماع الأمناء العامين

العلمين، 30/7/2023

 

1- السياق السياسي للدعوة

2- الدعوة وحوارات الساعة الأخيرة

3- كلمتان رئيسيتان ذات دلالة

4- رؤيتان سياسيتان متباينتان

5- البيان الرئاسي يحل مكان البيان الختامي

وثائق

            

 

20/8/2023

[ لم تكن الدعوة لاجتماع الأمناء العامين، مدرجة على جدول أعمال الحركة الوطنية، ولم يسبقها أي تشاور بين فصائلها، ولعلها شكلت مفاجأة تم النظر لها باعتبارها خطوة من القيادة السياسية الرسمية للخروج من مأزق وضعتها الأحداث بين فكيه، فالاجتماع القيادي - 3/7/2023، كان مقرراً قبل أيام، من إنعقاده، يندرج في سياق الاجتماعات غير الدورية التي تدعو لها القيادة السياسية للسلطة بين الحين والآخر، للتغطية على أدائها المتفرد في إدارة الشأن العام، غير أن معركة جنين داهمت هذه القيادة التي لم يعد بإمكانها التملص من المسؤولية أو التهرب منها، إزاء ما يجري في الضفة الغربية بما فيها القدس عامة، وفي جنين مخيماً ومدينة خاصة.

فقد دارت معركة بطولية في جنين، معركة «بأس جنين»، دامت أكثر من 48 ساعة، تصدى خلالها أبطال المقاومة لعدوان إسرائيلي جرى التحشيد له بعناية: قوات خاصة، وأخرى مؤللة، مروحيات، مسيَّرات ومدفعية، جذبت كل الأنظار نحو جنين، ووضعت القيادة السياسية للسلطة أمام واقع، لم يكن بإمكانها الخروج منه سوى بإصدار دعوة لاجتماع الأمناء العامين، في خطوة أرادت منها أن ترمي بالكرة في أحضان الحالة الوطنية، ولولا تلك الدعوة، وما تعنيه في السياسة، لكان البيان الصادر آنذاك عن الإجتماع القيادي (راجع الملحق1)، بيان الـ 18 بنداً، هو مجرد كلام بقي دون مستوى ما تتطلبه من رد، الوقائع المتلاحقة في الضفة والقطاع، وأدنى من سقف ما بلغته قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، فيما يتعلق بإعادة صياغة العلاقة مع دولة الإحتلال والإستعمار الاستيطاني، ما يشكل – مرة أخرى - دليلاً صارخاً على حالة «قلة حيلة» وارتباك تعانيهما السلطة، تتفاقم يوماً بعد يوم:]

(1)

السياق السياسي للدعوة

جاءت الدعوة إلى إجتماع 3/7 في سياق سياسي متعدد الأوجه، تشكل في مجموعها حالة إنعطافية، هي من أخطر الحالات التي تعيشها القضية الفلسطينية وأكثرها تعقيداً.

فإسرائيليا، إنتقل المشروع الصهيوني إلى مرحلة غير مسبوقة، أرادها أن تكون حاسمة مع الشعب الفلسطيني، حين انتقلت حكومة الثلاثي نتنياهو – سموتريتش – بن غڤير إلى مرحلة الإسراع بتوفير شروط ضم الضفة الغربية، لإقامة دولة «إسرائيل الكبرى»؛ وإذا كان قرار حكومة نتنياهو - غانتس قد أقرَّ في 17/5/2020 ضم 30% من الضفة الغربية إنسجاماً مع محددات «صفقة القرن»- 28/1/2020، العائدة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فإن الحكومة الحالية باتت تستهدف مساحة الضفة بأسرها.

رسم نتنياهو آليات تنفيذ مشروعه، بالعمل على اجتثاث الوعي الفلسطيني بدولة مستقلة والعمل على قمع هذه الفكرة وطحنها، وفرض الاستسلام على الفلسطينيين، في إطار سلطة فلسطينية، تتعاون مع دولة إسرائيل، مخيّراً من يقاوم هذا المشروع من الفلسطينيين، بين السجن أو القبر(!).

أما شريك نتنياهو في الحكومة، وزير المال سموتريتش، الذي يتقلد أيضاً منصب الوزير المكلف بالشئون المدنية في الضفة بوزارة الأمن، فقد وضع الشعب الفلسطيني هو الآخر أمام ثلاثة خيارات: الهجرة مقابل مكافآت مالية وتسهيلات لوجستية، أو القبول بالخضوع للسلطة الإسرائيلية، مواطنين من الدرجة العاشرة، وإما السجن أو الموت في حال عدم الإذعان.

لقد إنتقلت إسرائيل إلى الكشف عن الجوهر الحقيقي لمشروعها الصهيوني، القائم على التطهير العرقي والترحيل والتمييز العنصري، والإعدام السياسي لشعب فلسطين، وتصفية مشروعه الوطني.

وفي السياق نفسه وضعت حكومة الثلاثي القومي العنصري الشعبوي النظام السياسي في إسرائيل على سكة التغيير الفعلي، عبر التعديلات التي تزمع إدخالها على النظام القضائي، ما من شأنه أن يجرد القضاء من سلطته على المستوى التنفيذي (أي الحكومة)، ويستتبع المستوى التشريعي (أي الكنيست)، بأغلبيته الحالية لصالح الحكومة، ما يترتب عليه أيضاً إطلاق يد الحكومة في تنفيذ مشروعها في أراضي الـ 48، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، سواء بسواء، وبما يخدم الصهيونية بأكثر صيغها عنصرية وتطرفاً وعدوانية، المتحالفة مع اليمين الديني الأصولي المتشدد.

الإدارة الأميركية من جهتها، حاولت اتباع سياسة، متوازنة إدعاءً، إنما متحيّزة واقعاً لإسرائيل، فأبقت في الواقع العملي على تحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل، حيث وقفت إلى جانبها في أعمالها العدوانية المتمادية ضد الشعب الفلسطيني، بدعوى «حق» إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في خرق فاقع للقانون الدولي، ودعم مكشوف للاحتلال الإستيطاني ومشاريعه، مقابل الضغط على السلطة الفلسطينية، للبقاء على وفائها لتعهداتها والتزاماتها نحو «اتفاق أوسلو»، خاصة الجانب الأمني منه، الذي يدعم التعاون مع إسرائيل في قمع ما تسميه «إرهاباً» في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وإذا كانت واشنطن قد أكدت في بيان لها – مرة أخرى - تأييدها للإبقاء على الوضع التاريخي لمدينة القدس، فإنها لم تحرك ساكناً لا أمام اقتحام المستوطنين، ووزراء في الحكومة للمسجد الأقصى، ولا أمام ترحيل أبناء القدس من منازلهم ومنحها للأسر اليهودية بدعاوى مختلفة. كذلك لم تضغط واشنطن لوقف المشاريع الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد المدينة، وطمس هويتها الوطنية الفلسطينية.

إلى جانب كل هذا، إتبعت إدارة بايدن سياسة إقليمية تستهدف إستكمال مشروع إدارة ترامب .. 2017-2021، لتطبيع العلاقات العربية - الإسرائيلية، في إطار «تحالف أبراهام» وتعزيز مجالات التعاون بأوسع ميادينه، واستكمال هيكلة «الإقليم» بـ«دمج إسرائيل» فيه، عبر تعزيز آلية «منتدى النقب»- 28/3/2022، وعَيَّنت في هذا السياق، في 30/6/2023 بالتحديد، مبعوثاً خاصاً لها لشؤون «التطبيع» هو السفير الأميركي الأسبق في إسرائيل دان شابيرو، في استراتيجية باتت واضحة المعالم: تعميم حالة التطبيع العربي – الإسرائيلي، ودمج إسرائيل في منظومة إقليمية تشمل الدول العربية تمهيداً لتسوية تشمل بدورها القضية الفلسطينية وتندرج تحت عنوان فضفاض، بمضمون غث، هو ما يسمى بمشروع «حل الدولتين»، الذي ما زال مجرد فكرة تعمل الولايات المتحدة على تحضيرها على نار باردة، وصولاً إلى كيان فلسطيني (أياً كان اسمه)، مقطع الأوصال جغرافيا، منقوص السيادة والعاصمة وحق العودة، يحوِّل الفلسطينيين إلى مجرد مقيمين، فاقدي الكيانية السياسية الوطنية، في دولة «إسرائيل الكبرى».

في مواجهة الهجمة الإسرائيلية المسعورة، بدعم وإسناد من واشنطن، تواصلت في أنحاء الضفة الغربية أعمال المقاومة الشاملة بأشكالها المختلفة، في سياق حالة نهوض عامة، أكدت حقيقة أن خيار المقاومة الشاملة هو الخيار السليم، بديلاً لـ«التزامات أوسلو»، والرهان على الوعود الأميركية الزائفة، وتفاهمات «العقبة – شرم الشيخ»- 26/2 و 19/3/2023. وفي هذا السياق، راكمت المقاومة عوامل من شأنها أن تعرقل مسار «مشروع الضم»، بحيث تتحول بؤر المقاومة في المخيمات (بشكل رئيس)، والمناطق المجاورة لها، نقاط إستنزاف للاحتلال في مسيرة ضم الأراضي الفلسطينية، ما يضع جيش الاحتلال أمام خيارين: إما القبول بها نقاط استنزاف دائمة لمشروعه السياسي والأمني، وإما شن حرب شاملة لاقتلاع هذه الظاهرة المسلحة، باعتبارها الخطر المباشر على مشروعه.

معركة «بأس جنين».. 3–5/7/2023، شكلت فاتحة لفصل جديد من الخيار الإسرائيلي المستعاد، واستئنافاً له في آن، حيث أثبتت نتائج المعركة إستحالة اجتثاث مقاومة الشعب الفلسطيني بأشكالها، فهي ليست ظاهرة أمنية، بل هي – بالأساس - ظاهرة سياسية جماهيرية تتصلب يوماً بعد يوم، كلما توفرت لها عوامل الإسناد والتأطير والدعم، لذا اعترفت القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ببقاء الحملة العسكرية على جنين دون تحقيق أهدافها، وعاد البعض يؤكد على ضرورة شنّ حملة جديدة ضد المخيم والمدينة، ما يعني أن الضفة الغربية مقبلة على سلسلة واسعة من المعارك والحروب المتنقلة، من شأنها أن تعيد صياغة المعادلات السياسية، وأن تضع الجميع بما في ذلك السلطة وقيادتها السياسية، أمام استحقاقات لا مجال – بعد الآن - لتجاهلها، أو للتملص من مترتباتها.

هذه الوقائع في مجملها، فضلاً عن وقائع أخرى، أدخلت السلطة الفلسطينية وقيادتها السياسية – مرة أخرى - في مأزق لا يمكن الخروج منه بسياسات ملتوية، بقدر ما يتطلب إرادة سياسية، تعيد صياغة الاستراتيجية والتكتيكات الصائبة الواجب اتباعها؛ إذ، رغم وصول «إتفاق أوسلو» منذ زمن طويل إلى الطريق المسدود، فإن السلطة الفلسطينية ما زالت على مدى ثلاثين عاماً، تلتزم إستحقاقاته الأهم، أمنياً واقتصادياً، بكل ما يمليه عليها من إجراءات، تلحق الضرر بسمعتها، وتهبط بأسهمها في حسابات الشارع السياسي والأجواء السائدة وسط الرأي العام.

ما سبق يعني بالملموس التالي: تُغَلِّب السلطة مصالح الشريحة «الحاكمة» فيها على مصالح الشعب، تعطل تنفيذ قرارات المؤسسة التشريعية الفلسطينية العليا، إن في المجلس الوطني أو المركزي، لا تتقيد بقواعد الائتلاف الوطني، تتجاوز أسس الشراكة الوطنية لصالح سياسات التفرد والهيمنة، تقف فاشلة وعاجزة عن توفير الحماية لشعبها ضد الأعمال العدائية لقوات الاحتلال، تكتفي بالمناشدات، تطالب الولايات المتحدة (تحت مسمى المجتمع الدولي) بالتدخل، في محاولة تغطية على مظاهر الفشل في سياستها وإدارتها، تواصل الرهان على الوعود الأميركية الخادعة، وعلى ما يسمى بـ«حل الدولتين»، تتساوق مع تفاهمات «العقبة – شرم الشيخ»، وتدعي في الوقت نفسه أنها – أي التفاهمات - «لم تعد قائمة»، تواصل إلتحاقها بالاقتصاد الإسرائيلي، وتطلق في مجال البناء والتنمية إدعاءات عن مشاريع وهمية، على غرار ما أطلقت عليه الحكومة الفلسطينية تسمية «العناقيد الإقتصادية»(!)، لا وجود حقيقياً لها، عاجزة عن أداء واجباتها نحو موظفيها، بما في ذلك تسديد الرواتب لأصحابها، ترمي المسؤولية على كاهل الاحتلال، وتلاعبه بأموال المقاصة، عاجزة عن أي خطوة لتصحيح الخلل، وصون مصالح المواطنين، تنظر إلى المقاومة الناهضة على أنها «فتنة» تحاول أن تزرع الفوضى في الضفة، وأن تنال من هيبة السلطة أمام إسرائيل والولايات المتحدة، تدرجها في إطار النزاعات السلطوية مع حركة حماس، في تشويه مقصود للمقاومة وأدائها، تدعو بديلاً عنها إلى ما تسميه «المقاومة الشعبية السلمية»، في الوقت الذي تتقاعس فيه هي نفسها عن الانخراط في أشكال وصيغ بعينها «للمقاومة السياسية السلمية»، كمقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، وقطع العلاقات معها، ووقف التنسيق الأمني، وإعادة صياغة استراتيجيات العمل اليومي، للسلطة وأجهزتها، للتحرر من القيد الإسرائيلي، والوهم الأميركي.

في هذا السياق، عملت السلطة الفلسطينية على إعادة صياغة المعادلات في العلاقة اليومية مع القوى السياسية والفاعليات المجتمعية، باعتقال كوادر الفعل والنضال الوطني، وإخماد المقاومة المسلحة في أنحاء الضفة تحت حجج وأسباب واهية، فضلاً عن إلحاق الأذى بسمعة السلطة وقيادتها السياسية. إن ما جاء بعد خطاب الرئيس الفلسطيني في مخيم جنين- 12/7/2023 من إعتقالات لمناضلين من إنتماءات سياسية عدة، يؤكد المنحى الذي ترمي السلطة الفلسطينية وقيادتها للسير فيه، وهو ما يهدد المساس بالوحدة الميدانية للشعب الفلسطيني، من خلال الإدعاء أن الخطر يستهدف حركة فتح، إلى جانب السلطة وقيادتها السياسية، مع ما رافق ذلك من عزف على الوتر العصبوي، وإطلاق الإنذارات والتهديدات، وكأن الأوضاع باتت على حافة الانفجار.

في هذا السياق، وضمن هذه الأجواء، وُجهت الدعوة إلى اجتماع الأمناء العامين في 3/7/2023 الذي إنعقد لاحقاً في مدينة العلمين بمصر

 (2)

الدعوة وحوارات الساعة الأخيرة

هي الدعوة الأولى لاجتماع الأمناء العامين، منذ لقاء 3/9/2020 بين رام الله وبيروت، وهي دعوة من الرئيس الفلسطيني ترأس الإجتماع الذي أعقبها على غرار لقاء 3/9، إنما تتمايز عنه بعدم التحضير له بشكل مسبق، على خلاف الإجتماع السابق التي توقف أمام مشروع لبيان ختامي واقعي ومدروس (راجع الملحق2)، تم إعداده في جولات حوارية تمهيدية متعددة بمشاركة واسعة لفصائل العمل الوطني، ما شكل عاملاً حاسماً في نجاح لقاء 3/9.

إستقبل الرأي العام الفلسطيني (وبعض أطراف الرأي العام العربي) الدعوة إلى الاجتماع بفتور شديد، وفي البال تلك الجولات السابقة من الحوار الوطني، التي انتهت بنتائجها إلى الطريق المسدود، بما فيها حوار الجزائر – 11.. 13/10/2022، أو إجتماع 3/9، وما تلاه من حوارات في القاهرة - شهري 2 و3/2021

أما فصائل العمل الوطني، فقد تراوحت مواقفها بين الترحيب مباشرة بعد صدور الدعوة، أو التريث بانتظار إنقشاع ضباب الدعوة وخلفيتها، أو تلك التي ربطت بين موافقتها على تلبية الدعوة، وبين ضرورة الالتزام بما يتم التوافق عليه، وفق قاعدة العبرة في «التنفيذ».

وحدها حركة الجهاد الإسلامي رهنت موافقتها على الدعوة، بإطلاق سراح أنصارها ومناضليها الموقوفين لدى أجهزة السلطة الفلسطينية، وقد أبدت الحركة مرونة في هذا السياق، حين دعت إلى إطلاق ولو دفعة من الموقوفين، من بين الذين جرت تبرئتهم من المحاكم، ثم وقفت إلى جانبها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة. وهكذا إنعقد الاجتماع بحضور 11 فصيلاً: حركتي فتح وحماس + المبادرة الوطنية + العربية + العربية الفلسطينية + النضال الشعبي + الجبهتين الديمقراطية والشعبية + حزب الشعب + فدا.

 رغم قصور التحضير بالمستوى الذي تتطلبه فعالية وطنية بأهمية إجتماع للأمناء العامين بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على آخر محطاته، وفي الظرف الدقيق الذي تجتازه العملية الوطنية، فقد شهدت الحركة الفلسطينية جولات من الحوار، لم يستوفِ أي منها نصاب الحضور الفصائلي الكامل، تحضيراً لعقد إجتماع الأمناء العامين. من أهم هذه الجولات إجتماع لـ«خمسة فصائل»: ديمقراطية + شعبية + قيادة عامة + الصاعقة + الجهاد، إنعقد في مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مخيم اليرموك/ دمشق - 12/7/2023، إتفق فيه الحاضرون على تلبية الدعوة، ودعوا في بيان لهم، إلى توفير الأجواء الضرورية لإنجاح الدعوة عبر إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ووقف الاعتقالات على هذه الخلفية عموماً، والشروع في تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وبشكل خاص سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني معها. كما عقدت الجبهة الديمقراطية في بيروت جولات من الحوارات، شملت حركتي فتح وحماس، وفي رام الله وغزة مع سائر القوى الفلسطينية.

غير أن اللقاء الأهم، هو الذي انعقد في أنقرة، بين الرئيس أبو مازن، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بدعوة من الرئيس التركي أردوغان، الذي فشلت وساطته في الوصول مع الطرفين إلى قواسم مشتركة، وهذا ما أفصح عنه بيان حماس الذي وصف الحوار بأنه كان واضحاً وصريحاً وفي «العمق»، دون الإفصاح عن عدم وصوله إلى نتائج محددة. ومع ذلك إكتسى هذا الإجتماع أهمية من زاوية إطلاقه لإشارتين مهمتين: 1- دخول تركيا على خط العلاقات الفلسطينية الداخلية، باعتبارها وفقاً لرؤية وزير خارجية تركيا، قضية محورية من شأن إهتمام تركيا بها أن يعزز موقع أنقرة في المعادلات الإقليمية؛ 2- عدم وصول حركة فتح وحماس إلى توافقات ولو بالحد الأدنى، إنما ينبيء بعدم خروج نتائج اللقاء المرتقبة في العلمين بنتائج ملموسة.

هذا ما كشفته لاحقاً المداخلات في الاجتماع، حيث برزت إتجاهات عدة عبَّر عنها بوضوح كل من رئيس اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كما عبّر عنها أيضاً وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وقد عكست هذه الكلمات عمق الإنقسام القائم في الحالة الفلسطينية، ومدى التباعد بين المواقف والسياسات، كما أكدت الجهد الكبير الذي مازال المطلوب بذله على نحو مثابر للوصول إلى توافقات وطنية

 

(3)

كلمتان ذات دلالة

تعبران عن تباعد السياسات

1- كلمة الرئيس الفلسطيني

في خطابه الافتتاحي، أشار الرئيس محمود عباس إلى مجموعة من النقاط الأساسية، التي تعكس موقف السلطة الفلسطينية من عدد من القضايا الجوهرية، التي ما زال الجدل محتدماً بشأنها. فهو يرى:

أولاً- «إن اعتراف الشرعية الدولية بنا، والإعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية التي أصبحت جزءاً من المنظومة الدولية رغم أنها مازالت تحت الإحتلال، هو إنجاز إستراتيجي تحقق بنضال طويل ومرير، وقد دفعنا ثمناً باهظاً من أجل نيل هذا الإعتراف».

«كما أن قبولنا بالشرعية الدولية ضمن لنا مكاناً مرموقاً ومعترفاً به على خارطة العالم السياسية والقانونية والدبلوماسية، وذلك منذ أن تم الإعتراف بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد لشعبنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أن يتم في العام 2012 الإعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب في الجمعية العامة، وبذلك أصبحنا أكثر قدرة على الحفاظ على حقوقنا الفلسطينية المشروعة، وعلى مواصلة نضالنا لإنهاء الإحتلال وتجسيد إستقلال دولتنا الفلسطينية».

ثانياً- «إن من أهم أسلحتنا اليوم هو نشر روايتنا الفلسطينية التي تؤكد وجود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه التاريخي (..). إن نجاحنا في فرض روايتنا على الوعي الإنساني، هو في حد ذاته دحض للمزاعم والروايات الصهيونية والإسرائيلية المزيفة التي سعت وتسعى إلى تشويه صورة شعبنا ونضاله المشروع من أجل إسترداد حقوقه الوطنية».

(...) كما نركز على إحداث التحولات لدى الرأي العام في الدول الإستعمارية التي رعت وترعى إسرائيل إلى يومنا هذا، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وسنواصل العمل على الساحة الأوروبية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا».

ثالثاً- «إن العدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل يفرض علينا أن نرتقي جميعاً إلى مستوى المسؤولية الوطنية الحقة، وأن نعمل على ترتيب بيتنا الوطني، حتى يتمكن من مواجهة هذا الإحتلال الذي يستهدف وجودنا وحقوقنا ومقدساتنا. ولأجل هذا، وجهت الدعوة إليكم من أجل هذا اللقاء، لكي نتدارس سبل إنجاز وحدتنا الوطنية، وتعزيز صمود شعبنا، وصد العدوان المتواصل علينا وحماية وطننا وشعبنا ومقدساتنا».

رابعاً- «المسؤولية الوطنية تفرض علينا أن نقول الحق ولو كان مراً، وأن نتصارح مهما كانت صراحتنا مؤلمة، ولذلك أقول لكم بكل صراحة ومسؤولية: إن الإنقلاب الذي وقع عام 2007، وما جره علينا وعلى قضيتنا وشعبنا من إنقسام بغيض، لهو نكبة جديدة أصابت شعبنا وقضيتنا، والواجب هو إنهاؤه فوراً وبلا أي تردد أو تأخير».

«إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويجب الإلتزام بها وببرنامجها السياسي وبجميع التزاماتها الدولية».

خامساً- «إننا قد مارسنا أشكال النضال المختلفة في مراحل مختلفة في مسيرتنا الوطنية، ونحن نرى اليوم أن المقاومة الشعبية السلمية، وفي هذه المرحلة هي الأسلوب الأمثل لمواصلة نضالنا وتحقيق أهدافنا الوطنية وأن إختيارنا لهذا الأسلوب من الكفاح الوطني ليس إختياراً عشوائياً، بل هو خيار مدرك ومدروس ويستند إلى معطيات وتجارب تاريخية».

سادساً- «الإنتخابات هي وسيلتنا الوحيدة لتداول المسؤولية والمشاركة الوطنية، وأعلن هنا لكم وللعالم أجمع، أننا نريد إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية وإنتخابات المجلس الوطني اليوم قبل الغد، شريطة أن يتمكن أهلنا في القدس الشرقية المحتلة من المشاركة في هذه الإنتخابات، إنتخاباً وترشيحاً، دون أية معوقات أو عراقيل، كما حصل في الأعوام 1996، 2005 و 2006»

2- كلمة رئيس حركة حماس

إنطلق إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، «وفي إطار قراءة واعية لمجمل التطورات التي تمر بها قضيتنا الوطنية على الساحة الدولية الإقليمية والمحلية» من أن «إنشغال القوى الكبرى والمؤثرة على مستوى العالم وخاصة الإدارة الأمريكية وأوروبا بمستقبل وطبيعة النظام الدولي والحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها المحتملة، لم تعد منطقة الشرق الأوسط ولا القضية الفلسطينية على سلم أولوياته»(...)؛ وإن «ما يسمى «عملية التسوية» وصلت إلى طريق مسدود واستفاد منها الإحتلال طوال الأعوام الثلاثين الماضية»(..)؛ «ورغم ذلك، فإننا نملك نافذة فرص علينا إستثمارها، فالإحتلال يعاني من الإنقسام الداخلي غير المسبوق»(..) «وفي المقابل، فإن شعبنا الفلسطيني يقف على أرض صلبة ويراكم كل يوم إنجازات جديدة؛(...) وقد نجح في تسجيل محطات مهمة ذات طابع إستراتيجي وخاصة في «سيف القدس» ومعركة جنين(...)؛ مما يجعلنا جميعاً أمام مسؤولية عظيمة وخيار وحيد هو تطوير هذه المقاومة والإنتفاضة البطلة ودعمها لنتمكن من إنجاز أهدافنا في إنهاء الإحتلال واقتلاع الاستيطان واستعادة سيادتنا الكاملة على ضفتنا المحتلة كمقدمة لفرض سيادتنا على كل أرض فلسطين التاريخية باعتبار المقاومة بكل أشكالها وخاصة المقاومة المسلحة، مروراً بالمقاومة الشعبية والإعلامية والسياسية ومقاومة التطبيع  حق شعبنا، بل واجبه الإنساني والديني والوطني حتى زوال الإحتلال».

من جهة أخرى دعا رئيس حركة حماس إلى «تبني خطة وطنية فاعلة تستجيب للتحديات ذات الطابع الوجودي الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية الحالية ببعديها المتعلق بالاحتلال أو المتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي»، معتبراً أن هذه الخطة «يجب أن ترتكز على إنهاء مرحلة أوسلو، لأن شعبنا اليوم أصبح أمام مرحلة سياسية وميدانية جديدة هي مرحلة التحرير الوطني، وأن أي شراكة سياسية في هذه المرحلة يجب أن تبنى على خيار المقاومة الشاملة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ونضاله ضد جرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس، وإزالة كل العقبات التي تقف في طريق المقاومة وإلغاء كل الالتزامات التي تتناقض مع حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وإعادة بناء وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل مجلس وطني جديد يضم الجميع على أساس الانتخابات الديمقراطية الحرة، وتشكيل المؤسسات الفلسطينية في الضفة والقطاع على أساس الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وإنهاء كل أشكال التنسيق الأمني مع العدو، ووقف وتحريم كل أشكال الملاحقة والاعتقال على خلفية المقاومة أو الانتماء الفصائلي أو العمل السياسي».

وفي هذا الإطار، أكد الأخ اسماعيل هنية على النقطة الجوهرية التالية: «الشراكة السياسية على أساس الخيار الديمقراطي الإنتخابي هي المنطلق لبناء الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني بكل مكوناته ومستوياته».

وفي نهاية كلمته، لم ينسَ رئيس حركة حماس أن يتقدم باقتراح إجرائي لضمان تطبيق الخطة الوطنية التي يقترحها، يتلخص في «الدعوة إلى لقاءات دورية بين الأمناء العامين، وتشكيل لجنة فصائلية تكون مهمتها متابعة نتائج هذا اللقاء ووضع الآليات لمواجهة التحديات وسياسة الحكومة الصهيونية الراهنة، وإحياء وإعادة تشكيل لجنة الحريات العامة وإنهاء ملف الاعتقال السياسي، ووضع برنامج وآليات إعادة بناء منظمة التحرير على أساس الانتخابات، وتشكيل قيادة مشتركة لمتابعة ومواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي»

 

 

 (4)

رؤيتان سياسيتان متباينتان

يتضح من المقارنة بين خطابي الرئيس أبو مازن ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أننا نقف أمام رؤيتين سياسيتين متباينتين:

فالإنجاز الاستراتيجي من جهة، المتمثل بقرارات الشرعية الدولية التي جعلتنا جزءاً من المنظومة الدولية وأكثر قدرة على الحفاظ على حقوقنا الوطنية والدفاع عنها، الخ... + التركيز على إحداث التحولات لدى الرأي العام في الدول الإستعمارية، والولايات المتحدة وأوروبا بالتحديد، لصالح كسبها لصالح روايتنا الوطنية ونضالنا المشروع لاسترداد حقوقنا الوطنية... كما ورد في كلمة الرئيس الفلسطيني، يقابله تجاهل كامل لهذه الأمور من جانب رئيس حركة حماس.

وكلام أبو مازن الصريح عن إنقلاب 2007، وما استتبعه من إنقسام يصل إلى مستوى نكبة جديدة بتفعيلاته السلبية، يتم تجاهله من جانب أبو العبد هنية الذي يكتفي بالتأكيد على الإستعداد للإستجابة للمبادرات الساعية إلى توحيد الصف الفلسطيني.

والإشارة على لسان محمود عباس إلى مكانة م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ووجوب الإلتزام بها وببرنامجها السياسي وبجميع إلتزاماتها الدولية، يقابله عدم الإشارة، ولو بكلمة واحدة إلى ما تمثله منظمة التحرير، من قبل اسماعيل هنية، الذي يكتفي بالدعوة إلى «إعادة بناء وتطوير م.ت.ف».

وتأكيد الرئيس الفلسطيني على «المقاومة الشعبية السلمية» باعتبارها الأسلوب الأمثل لمواصلة نضالنا وتحقيق أهدافنا الوطنية، يقابله على لسان رئيس حركة حماس، إعتبار «المقاومة بكل أشكالها وخاصة المقاومة المسلحة مروراً بالمقاومة الشعبية والإعلامية والسياسية ومقاومة التطبيع حق (مكفول) لشعبنا، بل واجبه الإنساني والديني والوطني حتى زوال الإحتلال».

عدم الإشارة بالنص إلى إتفاق أوسلو – على لسان أبو مازن – يقابله تأكيد أبو العبد هنية على إنتهاء مرحلة أوسلو، حيث يقف شعبنا «أمام مرحلة سياسية وميدانية جديدة».

الإنتخابات لتداول المسؤولية والمشاركة الوطنية، من وجهة نظر الرئيس الفلسطيني، إنما تعليقها على شرط مفتعل يلغي حصولها، كما وقع على يد القرار الرئاسي في نيسان (إبريل) 2021، يقابله تأكيد رئيس حركة حماس على أولوية «الشراكة السياسية على الخيار الديمقراطي الإنتخابي التي هي المنطلق لبناء الوحدة الوطنية». بالمقابل، فإن الكلمتين تلتقيان على عدم ذكر النظام الذي من المفترض أن تقوم عليه الإنتخابات، أي نظام التمثيل النسبي الكامل.

والحديث يطول في تظهير التباين السياسي بين موقفي الحركتنين، غير أن ما يسترعي الإنتباه في خطابي أبو مازن وأبو العبد هنية – مرة أخرى – هو التالي:

خطاب الرئيس الفلسطيني خطاب متماسك بمنطقه الداخلي وتسلسل أفكاره وترابط فقراته، ما يضفي عليه سمة الرؤية الاستراتيجية للعمل الوطني. وطالما إرتكزت هذه الرؤية إلى قاعدة إجتماعية مرئية، وغطاء خارجي فاعل، وبنية مؤسسية متماسكة، قادرة على أعادة إنتاج نفسها دوراً وتقديمات، فإنها ستبقى مطروحة، رغم عدم نجاحها في التقدم نحو إدراك ما تدعيه من أهداف في مسار التحرر الوطني.

هذا ما يجب الإعتراف به، من موقعنا كفصيل معارض لهذه الرؤية الإستراتيجية. وإن كنا نتقاطع معها في بعض عناوينها (موقعية م.ت.ف ومركزيتها، أهمية العمل على تدويل القضية الوطنية، ومحورية التموضع في المنظومة الدولية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، الخ..)، فنحن نعارض هذه الرؤية، التي تبيَّن -على أية حالة - ثبات فشلها، وتجاوز الوقائع السياسية لفرضياتها، ونطرح مقابلها إستراتيجية أخرى، إستراتيجية بديلة تستمد عناصرها من قرارات المجلسين الوطني والمركزي، التي إلتقت كلمتا أبو مازن وأبو العبد هنية على تجاهلها، فلم يأتيا على ذكرها، ناهيك عن إعتمادها.

بالمقابل، فإن كلمة رئيس حركة حماس تفتقد إلى الرؤية الاستراتيجية، وكيف لها أن تتحلى بهذه الصفة وهي لا تأتي على ذكر الأعمدة التي تقوم عليها القضية الفلسطينية، إن كان في سياق المكانة التي تمثلها م.ت.ف كحاملة لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المسلم به على أوسع نطاق دولياً، تلك المكانة – السياسية والقانونية – المسوّرة بقرارات الشرعية الدولية التي تجسد هذا الحق بالدولة المستقلة المعرَّفة بحدودها وعاصمتها وبحق العودة للاجئيها الذي يكفله القرار 194، الخ...

إن كلمة حركة حماس – باختصار – تفتقد إلى العمق التحليلي، فهل «لم تعد منطقة الشرق الأوسط  ولا القضية الفلسطينية على سلم أولويات الإدارة الأمريكية»، بينما العمل جارٍ على قدم وساق للتسريع بمخطط «التطبيع» الذي لا يعني أقل من إبتلاع أميركي – إسرائيلي للمنطقة بأسرها؟

وهل «عملية التسوية وصلت إلى طريق مسدود» حقاً، في الوقت الذي تتضافر جهود واشنطن مع جهود عدد من العواصم العربية، من أجل تعويم هذه التسوية بشتّى الأساليب، إن من خلال «مسار العقبة – شرم الشيخ» المطلوب إستئنافه، مروراً بـ «منتدى النقب» المطلوب تفعيله، وإنتهاءً بمخطط «التطبيع السعودي - الإسرائيلي» في إطار تعميم «سلام أبراهام»، الذي يجري العمل حثيثاً من أجل تأمين شروط إستكماله.

خطاب حركة حماس ليس خطاباً برنامجياً، والمصطلح لا يرد أصلاً في كلمة أبو العبد هنية، بل هو خطاب «تحديد مواقف»، كما الموقف حيال «المقاومة بكل أشكالها وخاصة المقاومة المسلحة، كحق وواجب حتى زوال الإحتلال»، أو الموقف الذي «يؤكد مراراً وتكراراً أن حركة حماس تبحث عن الوحدة والقواسم المشتركة»، الخ.. هذه المواقف مهمة لا ريب، لكن تكرارها وتركيمها لا يعوض عن الإفتقاد إلى رؤية إستراتيجية تقوم على تكامل أركان العمل بكل الأبعاد والإتجاهات، السياسية والتعبوية والتحالفية، مع تحديد واضح لأهداف النضال الوطني، لا تقتضي شروحات لجلاء غموضها على غرار «إنجاز أهدافنا في إنهاء الإحتلال واقتلاع الاستيطان واستعادة سيادتنا الكاملة على ضفتنا المحتلة كمقدمة لفرض سيادتنا على كل أرض فلسطين التاريخية..»، التي تُغفل ذكر «الدولة الفلسطينية المستقلة» التي من المفترض أن تجسد  «سيادتها الكاملة على ضفتها»، كما تغفل ذكر حدودها، وتسمية عاصمتها، وتقفز عن حق العودة للاجئين والقرار الأممي الذي يكفل هذا الحق، وتختزل دور الشتات – الذي يشكل نصف الشعب الفلسطيني عدداً - بـ «تعزيز صمود أهلنا في الشتات وضمان مشاركتهم وتعزيز دورهم الوطني والنضالي»، دونما توضيح لهذا الدور ومحوره النضال من أجل حق العودة، والإضطلاع بدور فاعل في بناء حالة سياسية مؤيدة لمطلب حق تقرير المصير لشعبنا، الخ..

إن حركة حماس، ومن موقع إدراكها لنقطة الضعف هذه في طرحها السياسي، الناجمة عن إفتقادها لرؤية إستراتيجية متكاملة الأركان في إدارة الصراع الشامل مع العدو الصهيوني، سعت في كلمة رئيسها، لدعم «مواقفها السياسية» بما تسميه «منطلقات» وبـ «ترجمة هذه المنطلقات في الخطة الوطنية»، فأتت هذه الترجمة على شكل خطوات إجرائية ( على غرار النص على دورية لقاء الأمناء العامين، تشكيل لجنة فصائلية للمتابعة، الخ..)، التي – على فائدتها – لا يمكن أن تعوض عن إفتقاد الرؤية الاستراتيجية والبرنامج الذي تقوم عليه

(5)

البيان الرئاسي الختامي

يحل مكان البيان الختامي

مرة أخرى يتجدد وقوف الحالة الفلسطينية أمام المأزق إياه: حركة فتح التي تتمسك برؤيتها الاستراتيجية، رغم فشلها في شق الطريق أمام إنجاز الحقوق الوطنية؛ وحركة حماس التي تتمسك بمواقفها السياسية الإنتقائية واقتراحاتها الإجرائية. ومع أن وفد حركة فتح أبدى مرونة بقبوله التخلي عن موضوعة «المقاومة الشعبية السلمية» لصالح «المقاومة الشعبية»، أو «المقاومة الشعبية الشاملة»، فلم يكن هذا كافياً لتجاوز الإستعصاء.

■ وعليه لم يكن بالإمكان التوصل إلى صياغة بين ختامي يرسم آلية تضعنا على طريق التقدم نحو إدراك الأهداف المتوخاة من عقد إجتماع الأمناء العامين: إستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة إعتماد إستراتيجية مواجهة فعّالة لدحر الإحتلال، الخ..

من هنا، بات المخرج من هذا الفشل هو اللجوء إلى تلاوة «بيان رئاسي ختامي» يدعو إلى تشكيل لجنة متابعة من الذين حضروا إجتماع الأمناء العامين لاستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة التي جرت مناقشتها في إجتماع 30/7، على أن ينعقد لقاء قريب للأمناء العامين في ضوء ما تصل إليه لجنة المتابعة من إتفاقات وتوصيات (راجع البيان الختامي في الملحق 5)

■■■

وأخيراً: في تقييم أعمال لقاء العلمين، لا بد من التسليم بـ «عدم النجاح»، كون الإجتماع لم يلتقِ على بيان ختامي، أسوة بما حصل في عدد من جولات الحوار الوطني: الجزائر – 11.. 13/10/2022، موسكو- 11.. 13/2/2019، الخ.. علماً أن الخروج ببيان لا يعني الإلتزام بتطبيقه، أو حتى الشروع بذلك، كما كان الحال في معظم الأحيان؛ ومع ذلك ثمة ما يمكن البناء عليه، في حال شروع «لجنة المتابعة» بأعمالها، وهذا ما ينبغي التركيز عليه – بشكل رئيسي - في الفترة القادمة

20/8/2023

 

 

   إجتماع الأمناء العامين

    العلمين، 30/7/2023

 

 

 

وثائـق

 

 

 

 

1- بيان الإجتماع القيادي الفلسطيني - 3/7/2023

2- بيان إجتماع الأمناء العامين - 3/9/2020

3- مشروع البيان الختامي المقترح من الجبهة الديمقراطية

4- البيان الرئاسي الختامي - 30/7/2023

5- كلمة الجبهة الديمقراطية - 30/7/2023

             

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1- البيان الصادر عن الإجتماع القيادي الفلسطيني

رام الله، 2023/7/3

 

[ مقياس الحكم على نوعية قرارات الإجتماعات القيادية الفلسطينية هو مدى إلتزامها بقرارات الدورة 23 للمجلس الوطني- 2018، والدورات المتعاقبة للمجلس المركزي، بدءاً من الدورة 27-2015 وحتى الدورة 31-2022، التي قررت بوضوح فك الإرتباط باتفاقات أوسلو باتخاذها لعدد من القرارات نذكر منها: «إنهاء المرحلة الإنتقالية التي نصَّت عليها الإتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما إنطوت عليه من إلتزامات + تعليق الإعتراف بدولة إسرائيل إلى حين إعترافها بدولة فلسطين على حدود 4/6/1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان + وقف التنسيق الأمني + الخ...».

إذا إستثنينا البند الأول في بيان 3/7 الذي يدعو الأمناء العامين لاجتماع طاريء، فإن البنود الـ 17 الأخرى تتوزع بين ما لا تلتزم به السلطة أصلاً (وقف التنسيق الأمني – وقف جميع الإتصالات واللقاء مع الجانب الإسرائيلي – تفاهمات العقبة وشرم الشيخ لم تعد قائمة – تقنين العلاقة مع الإدارة الأميركية..)، وبين ما يتحرك تحت سقف أدنى من قرارات المجلسين الوطني والمركزي، الخ.. أما دعوة الأجهزة الأمنية لتأخذ دورها للدفاع عن الشعب، فليست أكثر من تغطية لموقف، أو لدور مازال ينتظر التنفيذ، وفيما يلي نص البيان:]

في ضوء آخر التطورات الجارية، والاعتداء الوحشي اليوم، على مخيم ومدينة جنين، والاعتداءات على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين، وأعمال الحرق الهمجي في ترمسعيا وأم صفا وعوريف، وقبلها في حوارة وغيرها من المواقع، وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، والانتهاكات المتواصلة من سلطة الاحتلال والمتطرفين للمسجد الأقصى، وما اتخذته حكومة الاحتلال من قرارات حول تسريع الاستيطان وإجراءات التمييز العنصري والتضييق الاقتصادي، والتحلل من التزاماتها بموجب الاتفاقيات الموقعة، وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وفي ضوء عدم الاستجابة الدولية لردع إسرائيل وتوفير الحماية لأبناء شعبنا، فإننا، وإذ نوجه التحية لأهلنا الأبطال في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية، الذين يتصدون بصدورهم العارية لجيش الاحتلال وإرهاب المستوطنين، نقرر ما يلي:

1- دعوة الأمناء العامين لاجتماع طاريء، للاتفاق على رؤية وطنية شاملة وتوحيد الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له.

2- وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي.

3- الاستمرار في وقف التنسيق الأمني.

4- استمرار اللجان الشعبية في الدفاع عن المدن والقرى والمخيمات، وعلى جميع الأجهزة والهيئات الفلسطينية أخذ دورها في مهمة الدفاع عن الشعب الفلسطيني.

5- تؤكد القيادة الفلسطينية على حق شعبنا في الدفاع عن نفسه، وأن مهمة السلطة بمؤسساتها المختلفة هي حماية الشعب الفلسطيني، ووضع جميع إمكاناتها لهذا الغرض، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته في هذا المجال، مع التأكيد على الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي.

6- في ظل عدم الالتزام الإسرائيلي بتفاهمات العقبة وشرم الشيخ- تعلن القيادة أن هذه التفاهمات لم يعد لها جدوى ولم تعد قائمة.

7- التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، والالتزام بالشرعية الدولية، ومواصلة العمل من أجل نيل دولة فلسطين عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وحصولها على مزيدٍ من الاعترافات الدولية بها.

8- التوجه الفوري لمجلس الأمن الدولي، لتنفيذ القرار 2334 وقرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ووقف الإجراءات أحادية الجانب، وفرض العقوبات على دولة الاحتلال.

9- دعوة المحكمة الجنائية الدولية للتعجيل في البت في القضايا المحالة إليها.

10- دعوة العائلات الفلسطينية لرفع قضايا أمام محكمة الجنايات الدولية (ICC) ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي لما قامت به من مجازر وقتل بحق أبنائها المدنيين الأبرياء.

11- المطالبة بوقف عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بسبب عدم التزامها بتنفيذ القرارات 181، 194.

12- رفع قضايا على دولة الاحتلال لما ارتكبته من جرائم تتحمل مسؤوليتها خلال فترة احتلالها.

13- رفع قضايا ضد إسرائيل، لما ارتكبته من مذابح وتدمير قرى وتهجير الشعب الفلسطيني في فترة النكبة.

14- الدعوة الفورية لقدوم لجنة التحقيق الدولية المستمرة في مجلس حقوق الإنسان، للتحقيق وإحالة مخرجاتها بشأن مسؤولية الاحتلال عن هذه المجازر وأعمال الإرهاب للمحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن.

15- استكمال الانضمام إلى بقية المنظمات الأممية والدولية.

16- رفع قضايا ضد أمريكا وبريطانيا بسبب وعد بلفور وطلب الاعتراف والاعتذار والتعويض.

17- تقنين العلاقة مع الإدارة الأميركية.

18- التحرك على المستويات العربية والإسلامية والدولية من أجل دعم الموقف الفلسطيني

 

رام الله، 3/7/2023

2- نص البيان الصادر عن إجتماع الأمناء العامين

رام الله + بيروت في 3/9/2020

 

[■ إتخذ إجتماع الأمناء العامين بين رام الله وبيروت قرارين فائقي الأهمية، لو طبقا لشكلا منصة إنطلاق متينة للجهد الرامي لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الجامع لكل مكونات الحركة الوطنية على قاعدة  برنامجية توافقية واضحة المعالم:

القرار الأول، قضى بـ «تشكيل لجنة تقدم رؤية إستراتيجية لتحقيق إنهاء الإنقسام والمصالحة والمشاركة في إطار م.ت.ف خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، لتقديم توصياتها للجلسة المرتقبة للمجلس المركزي وبمشاركة الأمناء العامين كي نضمن مشاركة الجميع تحت مظلة الوحدة الوطنية الفلسطينية».

القرار الثاني، نَصَّ على «تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفر اللجنة التنفيذية لها جميع الإحتياجات اللازمة لاستمرارها». لاحظ: الكلام يدور حول «المقاومة الشعبية الشاملة»، وليس «المقاومة الشعبية السلمية»، ويحدد مرجعية للجنة الوطنية الموحدة لقيادة هذه المقاومة، تتمثل باللجنة التنفيذية.

بالمقابل، لم يُدرج بيان 3/9 مسألة الإنتخابات العامة إلى جانب القرارين التنفيذيين الآنف ذكرهما: «اللجنة الوطنية الموحدة لقيادة الإنتفاضة الشعبية الشاملة» + «اللجنة الوطنية» المعنية ببلورة «الرؤية الاستراتيجية الوطنية لإنهاء الإنقسام»، بل إكتفى البيان بالإشارة مرة واحدة إلى الإنتخابات في سياق التأكيد المبدئي على «ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة...»، ولم يتطرق البتة إلى إجرائها.

من هنا، المفاجأة التي تسبب بها إتفاق حركتي فتح وحماس في إسطنبول في 23/9 (أي بعد 3 أسابيع على إجتماع 3/9) على إعتماد مسار آخر لاستعادة الوحدة الداخلية أحل آلية الإنتخابات العامة بدلاً من آلية 3/9 التنفيذية القائمة على تلازم إنجاز البرنامج الإستراتيجي مع تشكيل القيادة الميدانية الموحدة. وكان أن قادت آلية اسطنبول- 23/9 ومحورها إجراء الإنتخابات العامة، وبعد أن نحَّت جانباً آلية 3/9، إلى «اللاشيء» في ضوء قرار القيادة الرسمية إلغاء هذه الإنتخابات، لاعتبارات واهية، سبق أن توقفنا أمامها مراراً.

وفيما يلي نص بيان 3/9/2020، الذي ما زلنا نعتبره أساساً صالحاً لمعالجة أوضاع الأزمة الداخلية، التي مازال يتحبط فيها نظامنا السياسي:]

في هذه اللحظات المصيرية من تاريخ شعبنا، والتي تتعرض فيها قضيتنا المركزية لمخاطر التآمر والتصفية ومحاولات اختزالها في حلول معيشية، وتجريدنا من حقنا في تقرير مصيرنا، وإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، والقدس المحتلة عاصمتها، كما نَصَّت عليه وثيقة الوفاق الوطني، وحل قضية اللاجئين وحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها على أساس القرار 194، تأتي المؤامرات والمخططات التي تقوم بها حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية الحالية، من خلال صفقة القرن ومخططات الضم، وتمرير التطبيع الذي رفضه شعبنا بأكمله، وآخرها الاتفاق الثلاثي الأميركي- الإماراتي- الإسرائيلي.

وفي هذا الاجتماع التاريخي المنعقد اليوم، ينطلق الفعل الفلسطيني على قلب رجلٍ واحد تحت مظلة م.ت.ف، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، بمبادرة شجاعة ومسؤولية وطنية عالية من الأخ الرئيس أبو مازن، رئيس دولة فلسطين، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمناء العامين للفصائل، للشروع في جهدٍ وطني مبارك يستجيب للرغبة الوطنية الصادقة، وينسجم مع أهدافنا ومبادئنا ومنطلقاتنا التي تحتم علينا الترجمة الحقيقية لإنهاء الانقسام، وإنجاز المصالحة، وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية.

إن الشعب الفلسطيني بمكوناته كافة، وفي مقدمتها القيادة الفلسطينية المجتمعة اليوم برئاسة الأخ الرئيس أبو مازن، تؤكد رفضها المطلق لجميع المشاريع الهادفة إلى تصفية قضيتنا الوطنية، وتجاوز حقوقنا المشروعة، كما تؤكد رفضها لأي مساسٍ بالقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية. وتدين كل مظاهر التطبيع مع الاحتلال، وتعتبر ذلك طعنةً في ظهر الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وتدعو القيادة الفلسطينية شعوبنا وأحرار العالم للتصدي بكل ما أوتوا من قوة لهذه المخططات.

كما وناقش إجتماع الأمناء العامين قواعد الاشتباك مع الاحتلال، بما في ذلك تفعيل العاملين الإقليمي والدولي لمواجهة تلك المخططات، وتوافق المجتمعون على وسائل وآليات النضال لمواجهة الاحتلال على أرضنا المحتلة، بما في ذلك ما كفلته المواثيق الدولية من حق الشعوب في مقاومة الاحتلال.

ونحن كفلسطينيين نرى أن من حقنا ممارسة الأساليب النضالية المشروعة كافة، وفي هذه المرحلة نتوافق على تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية كخيار أنسب للمرحلة، دفاعاً عن حقوقنا المشروعة لمواجهة الاحتلال.

ومن أجل تحقيق أهدافنا الاستراتيجية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، يتوجب علينا الإسراع في إنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية.

وفي هذا السياق، وكشعب واحد وموحد، نعيش في وطنٍ حرٍ واحد، توافقنا على ضرورة أن نعيش في ظل نظام سياسي ديمقراطي واحد، وسلطة واحدة، وقانون واحد، في إطار من التعددية السياسية والفكرية، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة، وفق التمثيل النسبي الكامل في دولةٍ وفق المعايير الدولية.

كما نؤكد على إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس، ونؤكد هنا بأنه لا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة.

ولإدراكنا بوجوب توحيد الموقف على الرغم من وجود التباينات في الرأي حول بعض القضايا، فقد قررنا تشكيل لجنة من شخصيات وطنية وازنة، تحظى بثقتنا جميعا، تقدم رؤية استراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام والمصالحة والشراكة في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، لتقديم توصياتها للجلسة المرتقبة للمجلس المركزي الفلسطيني وبمشاركة الأمناء العامين فيها كي نضمن مشاركة الجميع تحت مظلة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

كما توافقنا على تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفر اللجنة التنفيذية لها جميع الاحتياجات اللازمة لاستمرارها.

تحية إكبار وإجلال لأهلنا الصامدين الصابرين في القدس المحتلة، وفي مخيمات اللجوء في كل مكان، ونحيي بكل التقدير والاحترام عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، ونقول لهم إن الفجر قريب.

وفي الختام نعبر عن تضامننا العميق مع الشعب اللبناني الشقيق في محنته الحالية، ونعرب عن شكرنا وتقديرنا لاستضافة لبنان لهذا الاجتماع التاريخي الوطني الوحدوي الفلسطيني والهام لشعبنا الفلسطيني

 

رام الله + بيروت، 3/9/2020

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

3- مشروع البيان المقترح على اجتماع الأمناء العامين([1])

العلمين، 30/7/2023

 

بدعوة من الأخ الرئيس أبو مازن، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دولة فلسطين، وبضيافة كريمة من الشقيقة مصر، إنعقد بالعلمين في 30/7/2023 إجتماع للأمناء العامين لفصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، للتباحث في الأوضاع التي تمر بها قضيتنا الوطنية في ظل ظروف شديدة التعقيد، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

توقف الأمناء العامون أمام ما تشهده أراضي دولتنا الفلسطينية المحتلة، من أعمال عدوانية ومجازر، على يد إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال والاستعمار الاستيطاني، بقيادة حكومة الثلاثي الفاشي، في إطار إستراتيجية معلنة لـ«حسم» الصراع مع شعبنا، عبر ضم كافة الأراضي المحتلة بعدوان حزيران (يونيو) 67، تنفيذاً للمشروع الصهيوني بإقامة «دولة إسرائيل الكبرى» من البحر إلى النهر، وترحيل أقصى ما يمكن من أبناء شعبنا، باعتماد كل أساليب البطش والعدوان، والقتل والتدمير، والعبث بالمقدسات وتدنيسها، وتدمير قطاعنا الزراعي، وتهجير عائلاتنا، ومصادرة أملاكها وهدم منازلها، وإغراق القدس والضفة الغربية بآلاف المستوطنين، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وشطب الأساس المادي لقيام دولتنا الفلسطينية المستقلة.

وفي الإطار نفسه، لا تكف الولايات المتحدة عن إطلاق وعودها الزائفة لشعبنا بحل سياسي لقضيتنا، يقوم على ما يسمى بـ«حل الدولتين»، بينما هي توفر كل أشكال الإسناد والدعم للمشروع الإسرائيلي الاستعماري، وتغطي على جرائم الاحتلال بالإدعاء بما يسمى حق إسرائيل المزعوم بالدفاع عن نفسها.

بالمقابل، أشاد الأمناء العامون بصمود شعبنا وثباته، وتمسكه بكامل حقوقه الوطنية المشروعة، ومقاومته الباسلة للإحتلال وعصابات المستوطنين، واستعداده العالي للتضحية في سبيل الدفاع عن أرضه وصون كرامته الوطنية، ومواصلة النضال دون كلل أو ملل، إلى أن تتحقق أهدافه الوطنية الكبرى، في تقرير المصير، وقيام دولته المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 1967، وعودة أبنائه اللاجئين بموجب القرار الأممي 194 إلى ديارهم وممتلكاتهم، والخلاص من الاحتلال والاستيطان، وتحرير مقدساتنا الوطنية من قبضة المشروع الصهيوني.

ضمن هذه الأجواء، ناقش اجتماع الأمناء العامين قواعد الإشتباك مع الاحتلال، بما في ذلك تفعيل العاملين الإقليمي والدولي، وتوافق المجتمعون على وسائل وآليات النضال لمواجهة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني على أرضنا المقدسة، إنسجاماً مع ما كفلته المواثيق الدولية من حق الشعوب المشروع في مقاومة الغاصب المحتل. وعليه، يرى شعبنا أن من حقه ممارسة الأساليب النضالية المشروعة كافة، وفي هذا الإطار نؤكد على أهمية تطوير وتفعيل المقاومة الشاملة دفاعاً عن حقوقنا المشروعة لمواجهة الاحتلال والإستعمار الاستيطاني

■■■

وفي جو مفعم بالإحساس بالمسؤولية الوطنية، وإدراكاً منهم لطبيعة المرحلة وما تلقيه على عاتق شعبنا وقيادته من أعباء نضالية كبرى، توافق الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية على التالي:

1- التأكيد على المكانة الشرعية، السياسية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تقود نضاله من أجل إنجاز حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف، الحقوق الملزمة في إطار شرعة حقوق الإنسان، ومنظومة الشرعية الدولية وقراراتها، التي تجدد م.ت.ف تأكيد إلتزامها بها، كموجه وهدف لنضالاتها من أجل إنتزاع حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بأسره على ترابه الوطني.

2- ضرورة الارتقاء إلى مستوى التحديات التي تواجه قضيتنا الوطنية، الأمر الذي يتطلب التأكيد على ضرورة الشروع في تطبيق قرارات المجلس الوطني في دورته الـ23، وقرارات الدورات المتعاقبة للمجلس المركزي منذ الدورة الـ27- 2015 وحتى الدورة الـ31- 2022، بما يعني أن الفترة الإنتقالية التي نصّت عليها الإتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما إنطوت عليه من إلتزامات، لم تعد قائمة، فضلاً عن تعليق الإعتراف بدولة إسرائيل إلى حين إعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية، ووقف الاستيطان، وإطلاق سراح أسرانا الأبطال.

3- بسط سيادة دولة فلسطين وولايتها القضائية على أرضها في الضفة الغربية، بما فيها القدس العاصمة، وقطاع غزة حتى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، واجتراح صيغة دستورية تستلهم إعلان الاستقلال – 1988، وتستند في الوقت نفسه إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 19/67 – 2012، الذي إعترف بدولة فلسطين ومنحها العضوية المراقبة في المنظمة الدولية، على أن يجري إقرار هذه الصيغة من قبل المجلس المركزي، في اجتماع يعقده بمشاركة الأمناء العامين.

4- إطلاق استراتيجية وطنية كفاحية، تقوم على المقاومة الشعبية الشاملة بكل أشكالها وأساليبها، وأدواتها، لمواجهة الاحتلال في كافة الميادين، وساحات النضال، وبما يقدم مرة أخرى، قضية شعبنا باعتبارها قضية تحرر وطني في مواجهة الاستعمار الاستيطاني، وسياسات التمييز العنصري والتطهير العرقي، ومن أجل حقوقه الوطنية المشروعة كاملة وغير منقوصة، وصون كرامته الوطنية، في دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

5- تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية الشاملة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي القلب منها القدس، وتوسيع المشاركة بها لتشمل جميع القوى الفلسطينية، بما في ذلك حركتا حماس والجهاد، ترسم التكتيكات اليومية لمقاومتنا الباسلة، على أن توفر لها اللجنة التنفيذية لـ م. ت. ف جميع الاحتياجات اللازمة، وبما يضمن إستمرارها وتصعيدها.

6- تشكيل لجنة متابعة عليا، تضم عناصر قيادية مقررة، يقع على عاتقها وضع الأجندات والآليات، لمتابعة تطبيق الإتفاقات الخاصة بتجاوز الإنقسام واستعادة الوحدة الداخلية، كما ولإنجاز وتنفيذ ما تم ويتم التوافق عليه، بالتعاون والتنسيق مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وسائر الهيئات الفلسطينية المعنية.

7- يؤكد الأمناء العامون على الحق المطلق في حرية القول والتعبير والاجتماع لكافة المواطنين في إطار التعددية السياسية، ما يستوجب صون الحريات الديمقراطية للجميع، مع التشديد على وقف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية سياسية

■■■

في الختام يتوجه الأمناء العامون بتحيات التقدير النضالية إلى شعبنا الصامد، في خندق النضال ضد الاحتلال والاستيطان والضم، مجددين العهد على مواصلة الطريق حتى تحرير كل شبر من أرضنا المحتلة.

ويتوجه الأمناء العامون بتحية الإجلال والإكبار، إلى أرواح شهداء شعبنا الأبرار، الذين أناروا لنا طريق النصر بدمائهم الغالية، مؤكدين حرصنا على صون الدماء الزكية والتضحيات الغالية في معركتنا الوطنية.

كما يتوجهون إلى أسرانا الأبطال: إن شمس الحرية، قادمة لا ريب، وأن قبضات شعبنا سوف تحطم قضبان الزنازين والسجون، وتطهير أرضنا من دنسها.

تحية إلى أحرار العالم الواقفين بجانب الشعب الفلسطيني في نضاله العادل، من أجل حقوقه الوطنية، وإلى شعوب أمتنا العربية والإسلامية في دعمها لصمود شعبنا ونضاله

 

العلمين، 30/7/2023

 

 

 

 

 

 

4- نص البيان الرئاسي الختامي

العلمين، 30/7/2023

«إسمحوا لي في نهاية اجتماعنا هذا أن أتوجه باسمنا جميعاً وباسمي شخصياً إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وإلى مصر الشقيقة بعميق الشكر والامتنان على اللفتة الكريمة باستضافة هذا الاجتماع، وحرص فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن تكلل جهودنا المشتركة بالنجاح، على طريق إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وأتوجه بالشكر لجميع الدول الشقيقة والصديقة الجزائر، السعودية، قطر، الأردن، تركيا، روسيا والصين، على ما بذلوه من جهود في هذا الأمر.

 كما أتوجه بالشكر لكم جميعاً، لجميع الوفود المشاركة، على ما بذلتموه من جهد إيجابي للوصول إلى اتفاق وطني شامل، يعيد إلى قضيتنا ما تستحق من اعتبار.

أيتها الأخوات والإخوة،

إنني أعتبر اجتماع اليوم للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، خطوة أولى وهامة لاستكمال حوارنا، الذي نرجو أن يحقق الأهداف المرجوة في أقرب وقت ممكن.

ولذلك فإنني أدعوكم لتشكيل لجنة منكم تقوم باستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة التي جرى مناقشتها اليوم، بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وأطلب من هذه اللجنة الشروع في العمل فوراً لإنجاز مهمتها والعودة إلينا بما تصل إليه من اتفاقات أو توصيات.

وآمل أن يكون لنا لقاء آخر قريب على أرض الشقيقة جمهورية مصر العربية، لنعلن إلى شعبنا إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية»

 

العلمين، 30/7/2023

 

 

 

 

 

 

 

5- كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

30/7/2023

[ بداية، دعا فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى مراجعة قواعد الإشتباك مع الإحتلال الإسرائيلي، وبما يتناسب والتغييرات الكبرى التي نشهدها على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، سيما ما طرأ على وضع الحكم في إسرائيل بعد مجيء الحكومة الجديدة، وتبني نواتها الصلبة ما أسمته بـ «استراتيجية الحسم» مع الشعب الفلسطيني من خلال العمل الحثيث على توفير شروط ضم الضفة الغربية في إطار إقامة دولة «إسرائيل الكبرى».

وتابع فهد سليمان: وبما أن لقاءنا اليوم ينعقد بطموح «الإتفاق على رؤية وطنية شاملة وتوحيد الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له»، فإن خير ما نبدأ به مساهمتنا هو التذكير بالأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها وحدتنا الداخلية والتي نفترض أنها تتمثل بامتلاك تعريف موحد، وبأقل ما يمكن من هامش الإجتهاد الخاص، لمفاهيم أساس تعكسها مصطلحات الكيانية، المقاومة الشعبية، الإنفكاك عن أوسلو والحريات الديمقراطية. وفيما يلي أهم ما ورد في كلمة الجبهة الديمقراطية:]

(1)

في المفاهيم الأساس

التي تقوم عليها الوحدة الداخلية

أولاً- الكيانية الفلسطينية المستقلة

المكانة القانونية والسياسية لـ م.ت.ف باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي الأساس الذي يقوم عليه إعتراف العالم بحق تقرير المصير لشعبنا؛ المساس بهذه المكانة لا يعني أقل من تشريع الأبواب للمساس بهذا الحق، فلا اعتراف بحق تقرير المصير للشعب، إلا بوحدانية تمثيله القانوني والسياسي. وهذه الأمور هي من مسلمات القانون الدولي والعلاقات الدولية، بل هي جزء لا يتجزأ من الإرث الإنساني والتاريخي، الذي أقام صرح تلك الكيانات السياسية في عالمنا المعاصر، المرتكزة على القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان.

في هذا الإطار، فإن الدولة المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 هي التعبير الملموس لهذا الحق. ولولا هذا التعبير المحدد للكيان السياسي المنشود، حدوداً وعاصمة، لما كان الإعتراف عربياً ودولياً بوحدانية التمثيل للمنظمة. ومن هنا الكلام عن الكيانية الفلسطينية المستقلة بركنيها المتلازمين، كتوأمين سياميين: المنظمة بمكانتها، والدولة بحدودها وعاصمتها، وأي محاولة للفصل بين الأمرين، ما هو إلا عبث يقفز عن المسار التاريخي والنضال المكلف الذي أنتج معادلة الكيانية بركنيها، وبعلاقتها المكينة مع منظومة الشرعية الدولية، التي تقيم هذه المعادلة بثبات خلف جدرانها تتغذى على نسغها، محمية من تطاول إسرائيل عليها في سعيها الدائب لفرض الحلول التصفوية للحقوق الوطنية لشعبنا، في المحافل الدولية.

منظومة الشرعية الدولية تقوم على مؤسسات تصدر عنها توصيات وقرارات، ومنها ما يتصل بقضيتنا الوطنية على غرار القرار الأممي الرقم 194-11/12/1948، الذي يكفل حق العودة إلى الديار والممتلكات للاجئين الذين هجروا من أرضهم منذ العام 1948، والذي بدونه لا تكتمل معادلة تحصيل الحقوق الوطنية في المدى التاريخي المرئي.

لقد جاءت هذه القرارات – بغالبيتها الساحقة – منصفة لحقوقنا، أما تلك التي تخرج عن هذا السياق على شاكلة القرار الأممي الرقم 273-11/5/1949 القاضي بقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، إذ يتطلب «تطبيق إسرائيل للقرارين 181 و 194»، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن، فهو يفسح في المجال أمامنا لمطاولة إسرائيل بالقانون ومقاضاتها على أساسه، ما يترتب عليه خوض معركة مفتوحة للطعن بشرعية وقانونية الكيان في المؤسسة الدولية.

إن الكيانية الفلسطينية المسوّرة بقرارات الشرعية الدولية، تمثل إنجازاً وطنياً فائق الأهمية والفعالية في آن معاً؛ وهي – أي الكيانية - جزء رئيسي فاعل في تشكيل وإدارة ميزان القوى بيننا وبين العدو المحتل الغاصب، الذي لن يُحسم لصالح شعبنا إلا بتضافر جميع عناصر القوة، وفي مقدمتها بناء القوة الذاتية القادرة على استنزاف الإحتلال ليلاً نهاراً.

إن الكيانية الفلسطينية بركنيها، والجدار الحامي لقرارات الشرعية الدولية، لا تنجز وحدها الحقوق الوطنية، وبالمقابل، فإن هذه الحقوق لن تشق طريقها بمعزل عن هذه الكيانية والسعي الدائم لدعمها بكل عناصر القوة الناجمة عن تقدم عملية تدويل قضيتنا الوطنية، التي تتكامل فيها 3 أبعاد:

1- توسيع دائرة الإعتراف دولياً بالحقوق الوطنية لشعبنا، وبأوسع إعتراف ممكن بدولة فلسطين بحدودها وعاصمتها، بما فيه إنتزاع العضوية العاملة لدولة فلسطين من الأمم المتحدة، واستمرار العمل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الإحتلال.

2- التوقيع على مزيد من الإتفاقيات الدولية وتوسيع المشاركة في المؤسسات الدولية والوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، ومنها – على سبيل المثال - منظمة حماية الملكية الفكرية، ومنظمة التنمية الصناعية الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الخ...

3- اللجوء إلى أدوات القانون الدولي من أجل محاسبة إسرائيل على إنتهاكاتها، وجرائم الحرب التي ترتكبها، وإمعانها في سياسة الأبارتهايد، وصولاً إلى توسيع دائرة المقاطعة – B.D.S بمختلف صيغها وأشكالها.

وعليه، علينا الحرص على صون هذه الكيانية، ونرعاها بحدقات الأعين، فهي من ثوابت العمل الوطني، وليست ملكاً لجهة دون غيرها، بل هي ملك للشعب بأسره، بذل في سبيل تحقيقها أغلى التضحيات، ومنها نستمد قوة وعزماً في النضال من أجل النصر المبين.

ومن هذا الموقع، الذي يدرك القيمة الوطنية العليا للكيانية، علينا إبعاد الكيانية الفلسطينية، بكل مكوناتها، عن حقل التجاذب السياسي، بكل التباينات التي ينطوي عليها، فالخلل الفادح – على سبيل المثال - الناجم عن النقص في الحضور الفصائلي – وبالتالي الجماهيري والسياسي – في مؤسسات م.ت.ف، لا يُحل من خلال تعليق التسليم بما تمثله الكيانية بالمكونات الآنف ذكرها على شروط بعينها، حتى لو كانت محقة وعادلة، بل تُحل من خلال عملية سياسية هادفة تُصوب الخلل السياسي البنيوي في المؤسسة، لجهة تمامية التمثيل، إن بالتوافق أو الإنتخابات بالتمثيل النسبي، أو بالآليتين معاً.

ثانياً- المقاومة الشعبية

هي التعبير الأرقى للحركة الجماهيرية المناهضة للاحتلال بجميع أشكال المواجهة المتاحة، وليس من حق مراكز القرار الفوقية، أكانت سلطوية أم حزبية، لا بل ليس بمقدورها أصلاً أن تقرر سمة ما، أو أسلوباً بعينه لهذه الحركة، سلمية أم عنفية، أم غير ذلك... علماً أن المقاومة الشعبية ليست وحدها صاحبة القرار في تعيين سمتها أو اختيار أسلوبها، فالطرف الآخر الذي تتوجه ضده هو الذي يحسم أيضاً بذلك، تبعاً للطريقة التي يأخذ بها في التعامل مع هذه الظاهرة، ومنسوب القمع الذي يلجأ لاستخدامه.

كونها حركة جماهيرية، فإن المقاومة الشعبية ديمقراطية بالأصالة، دون أن يعني ذلك بالطبع، أنها حركة عفوية لا تتأثر بدور القوى المنظمة الناشطة في صفوفها، بل هي تتأثر به في واقع الحال، إنما بقدر ما تستجيب القوى المنظمة لما يمور في عمق الحركة الجماهيرية.

وفي كل الأحوال، فإنه من غير الممكن حصر المقاومة الشعبية بأسلوب دون غيره، فهي تتحرك ذاتياً على قوس واسع يمتد من المظاهرة أمام الـ «محسوم»، أو بؤرة الاستيطان، مروراً بتنظيم فرق الحراسة والحماية الذاتية المسلحة بالعصا والحجارة والمدية وبندقية الصيد..، وصولاً إلى العصيان المدني.

المقاومة الشعبية تبني نفسها بنفسها، وتطور أساليب المواجهة باستخلاص الدروس الواجبة من تجربتها،.. وفي كل هذا، فهي تتقيد بدقة بقواعد الإشتباك التي لا تُصَعِّد سوية المواجهة، إلا بقدر ما تتيحه نسبة القوى.

إن المقاومة الشعبية هي حق ديمقراطي للشعب، وحده يتحكم بآلياتها وأساليبها بالشكل الذي يراه مناسباً إنطلاقاً من إدراكه لخصوصية الوضع في المكان، وطبيعة المرحلة التي يجتازها؛ وأية محاولة أو الدعوة لتحديد مسبق يقرر سمة المقاومة الشعبية وأساليبها، بديلاً عن إرادة الجمهور وخياراته، ما هي إلا إنتهاك لأبسط حقوق الجمهور الديمقراطية، وتسلط بيروقراطي على إرادته، تسلط لا يلتقي البتة مع متطلبات حرية الشعب بممارسة حقه في تقرير مصيره بحرية على أرضه.

وبالنتيجة، فإن المقاومة الشعبية بما يترتب عليها من نتائج تؤثر على مناحي الصراع، هي سلاح بيد الدبلوماسية الفلسطينية تعزز مكانتها، وتقويها، إذا ما أجادت إستثمارها. وهي بكل تأكيد لا تشكل عبئاً على هذه الدبلوماسية، إلا إذا تراءى لها أنه سيكون بوسعها «إستئناسها»، الأمر الذي لم يعد بالإمكان أن يحصل بعد أن شبّت المقاومة عن طوقها.

ثالثاً- الإنفكاك عن أوسلو

على خلفية موقف فلسطيني شعبي ضاغط في كل مكان، لم يعد موضوع الإنفكاك عن أوسلو بحاجة إلى مزيد من النقاش، بعد أن حددت الدورات المتعاقبة للمجلسين الوطني والمركزي بوضوح تمام الخطوات التي ينبغي القيام بها تحت أحكام وقف العمل بالمرحلة الإنتقالية، كما نصَّت عليها الإتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، واعتبار أنها لم تعد قائمة. وعليه، بات الموضوع حالياً بيد اللجنة التنفيذية لوضع الجدولة التطبيقية المتدرجة لهذه القرارات باعتماد الآليات الأكثر جدوى وفعالية، ما يتطلب توفر إرادة سياسية لم تعبر عن وجودها حتى الآن.

رابعاً- الحريات الديمقراطية

الحريات الديمقراطية (العامة) ليست مكرمة سلطوية، وقبل أن تكون مكسباً للحركة الجماهيرية تنتزعه من الحاكم بنضالاتها، إذا إضطرت لذلك، فهي تعبير عن حق طبيعي للمواطن الذي يقيم علاقة تعاقدية مع الحاكم ترتكز على موافقة المواطن على منح السلطة لهذا الحاكم، إنما بشرط إلتزام الأخير بحماية الحريات العامة، التي إذا لم تُحمَ فمن حق الناس التخلص من الحكم القائم والمجيء بغيره.

هذا ما ينبغي التذكير به، ونحن بصدد معالجة ظاهرة الإعتقال السياسي، التي تفشت على نحو مقلق في الفترة الأخيرة، وغيرها من إجراءات وضع القيود على الحريات العامة، ليس باعتبارها من الحقوق الأساس فحسب للمواطن والمجتمع في آن، بل لأنها أيضاً من شروط المواجهة الناجعة مع الإحتلال، فمن يناضل من أجل حرية الوطن، يجب أن يتمتع بداية بحرية المواطن

(2)

في أهمية الحوار الوطني،

ومداواة كبواته بمزيد من الحوار

كنا نتمنى أن يتكامل الحضور، وأن يكون معنا الإخوة والرفاق الذين زادهم الغياب، حضوراً. نحن نحترم رأيهم، ومن باب أولى قرارهم، علماً أن غيابهم لا يُلغي، بل يؤكد حقهم في إبداء رأيهم بالشكل الذي يرونه مناسباً، سواء بما تعيشه قضيتنا الوطنية من أوضاع، أو باختيار الأسلوب الذي يرونه مناسباً لأداء واجبهم الوطني، وبما يكرس التعددية السياسية وحرية الرأي.   

إذ نتمنى أن يكتمل اللقاء القادم باكتمال الحضور، نرى أن هذا الطموح المشروع، إنما يتطلب توفير الشروط وإزالة العقبات التي مازالت تعكر صفو جو العلاقات الوطنية، من خلال وقف الإعتقال السياسي والإعتقال على خلفية العمل المسلح ضد العدو، ما يترتب عليه في المقام الأول إطلاق سراح المعتقلين على خلفية هذا العمل، وضمان الحق في الإنتماء السياسي وحرية إبداء الرأي، مع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني المطلق في إختيار أساليب النضال التي يراها مناسبة لدحر الإحتلال، وتفكيك الاستيطان.

إذ نؤكد على ضرورة إعتماد الحوار في دورات منتظمة للوصول إلى توافقات وتفاهمات تؤدي إلى استعادة وحدتنا الداخلية في إطار منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، فعلينا أن نبرز إمتلاكنا من الوسائل التشريعية والأدوات والآليات التنظيمية ما يسمح لنا بمواصلة نضالنا على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، وبالأشكال المناسبة لتحقيق أهدافنا، الأمر الذي يدعونا لتشكيل لجنة متابعة عليا، تنبثق عن هذا الإجتماع، تكون ملزمة بقراراتها، وتعمل على اعتماد الخطوات الضرورية من أجل تنفيذ ما يُتفق عليه.

وأخيراً: «لا تسلني عن الإجتماعات التي لم تنجح، بل عن ذلك الإجتماع الذي سَيُحقق المُراد»                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        

 

30/7/2023

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

([1]) كان من المفترض أن يقدم هذا المشروع إلى «لجنة صياغة البيان الختامي» التي تنبثق عادة عن أعمال الإجتماع. وإذ تعذر تشكيل هذه اللجنة لتباعد المواقف السياسية، إنتفت الحاجة إلى توزيع مشروع البيان المقترح من الجبهة اليمقراطية.

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - المكتب السياسي - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين