- جهاد حرب
(1) طارق النتشة ... شكراً
أثارت مراسم احتفال طارق النتشة بعرس ابنه الكثير من النقاش في المجتمع الفلسطيني سواء في وسائط الإعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين ناقدٍ لحجم الإنفاق عليها ومؤيدٍ ومهنئٍ بفرح والد بولده. هذا النقاش بطبيعته وبتداول وسائل الإعلام لحجم السعادة في الفرح والضخامة في الإنفاق أمرٌ عاديٌ في المجتمع الفلسطيني؛ فنحن مختلفون في كل شيء حتى أنّ الشخص مختلف مع ذاته وفي ذاته.
في ظني أنّ الجمع بين البساطة في الاستقبال، والسعة في الحضور، والنظام في الترتيب وفي سير الاحتفال وخلوه من أية إشكاليات كإطلاق الرصاص، والأدب في حديث والد العريس أثناء الحفل وفي مقابلته الإذاعية عبر راديو أجيال، والفخامة في مراسم الاحتفال، أذهب ريح البهرجة في الاحتفال.
شكراً طارق على مشاركك الناس فرحتك بعرس ابنك؛ ببث جل مراسم الحفل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في استقبال المهنئين ببلدتك، وشكراً على تنظيم مهرجان الفرح الذي رسم صورة مشرقة عن فرح الفلسطينيين، شكراً طارق للعزم على الفرح الذي نحاول أن نسرق لحظاته في لُجّةَ الكرب والغم والألم الحاق بالفلسطينيين عبر الزمن.
(2) انعقاد المؤتمر الثامن لحركة فتح
أثار قرار المجلس الثوري لحركة فتح المنعقد الأسبوع الماضي بتحديد موعد انعقاد المؤتمر العام الثامن لحركة فتح النقاشَ في أوساط مؤسسات الحركة وبين الفتحاويين لناحيتين؛ الأولى القدرة على انعقاد المؤتمر في فترة وجيزة أي حوالي ثلاثة أشهر بعد تعثر عقده خلال العام الفائت بالرغم من تشكيل اللجنة التحضيرية واستنفاذ جل الإجراءات والآجال الزمنية، وهو بهذا المعنى تحدي أمام مؤسسات هذه الحركة الكبيرة والمترامية الأطراف في أصقاع العالم للعزم على مجابهة الزمن أو العقبات التي تعترض انعقاد المؤتمر العام الثامن للحركة.
أما الثانية فتتعلق بقدرة هذا المؤتمر على استنهاض مؤسسات الحركة واستعادة عافيتها، والتشبيب فيها بتولي من هم بعمر الشباب قيادتها ووقف هرمها ومنع تصادم الأجيال فيها، أو التجديد بإحداث التغيير في البنى الفكرية لهذه الحركة الذي عجز عنه المؤتمران السابقان (السادس والسابع) اللذان كُرسا لعملية انتخاب منتقاة لقيادتها دون النظر الجدّي للتطورات على الوقائع السياسية والتحولات في منهج العمل في الخمسة والثلاثين عاما الفائتة؛ إثر قرارات المجلس الوطني المنعقد في الجزائر عام 1988 وإعلان وثيقة الاستقلال والانتقال من فكرة التحرير إلى تكريس فكرة الدولة في الفكر السياسي الفلسطيني.
هذا القطع في الفكر السياسي أدّى إلى تغير؛ في أداة النضال الفلسطيني كعنصر رئيسي من منظمة التحرير الفلسطينية إلى السلطة الفلسطينية، وفي الأسلوب من الحرب الشعبية طويلة الأمد إلى الحلول السياسية القائمة على التفاوض، وفي الوسيلة من الكفاح المسلح إلى بناء مؤسسات الدولة، وفي مرجعية القيادة من الشرعية الثورية القائمة على التضحية إلى الشرعية الشعبية القائمة على الانتخاب، وفي طبيعة التحالفات من الاعتماد على قوى التحرر والشعوب إلى الدولة وطبيعة المجتمع الدولي والقوى المهيمنة في النظام الدولي إثر التحولات التي شهدتها العلاقات الدولية في الثلاثين عاماً الفارطة.
في ظني إذا ما رام الفتحاويون إعادة الانطلاق لحركتهم، ذات الأهمية البالغة في رسم الهوية الوطنية وفي الحفاظ على الكيانية الفلسطينية، أن ينظروا بعمق للتحديات الحاقة بحركتهم، وأن يوسعوا صدورهم للاختلافات، وأن يعمقوا النقاش في القضايا الفكرية، وأن يوسعوا العضوية ناحية القبول بكل المختلفين في المنهج وفي الأدوات وفي الأشخاص.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت