تقرير قيود إسرائيلية تحدث أزمة مياه حادة للفلسطينيين بالضفة

ـ تجمعات فلسطينية لا تصلها المياه منذ 15 يوما ـ حكومة اشتية تتهم إسرائيل بتعطيش الشعب الفلسطيني.

منذ نحو 15 يوما، لم تصل المياه إلى منزل الفلسطيني محمد شوشة في بلدة بيرزيت شمال محافظة رام الله، ما اضطره إلى البحث عن بدائل يقول إنها "مكلفة للغاية".

وشوشة ليس الوحيد، فمع كل صيف تبرز مشكلة تزويد منازل الفلسطينيين بالمياه، جراء سيطرة إسرائيل على غالبية مصادر المياه الفلسطينية والتحكم بها، وضخها للمستوطنات.

يقول شوشة لوكالة الأناضول: "منذ 15 يوما لم تصل المياه إلى منزلي ببلدة بيرزيت، وفي أحسن الأحوال تأتي لمدة ساعة واحدة كل 17 يوما"، مشيرا إلى أن الحياة باتت غاية في التعقيد ومكلفة جدا.

وأضاف: "في كثير من الأحيان أتوجه إلى منازل أقاربي الذين يسكنون في مناطق أكثر حظا، وتتوفر لديهم مياه من أجل الاستحمام.. أحيانا نستحم بمياه الشرب المعدنية من القارورات المباعة في المتاجر".

وفي بعض الأحيان، يلجأ شوشة إلى شراء المياه عبر صهاريج خاصة بتكلفة تصل نحو 60 دولارا للصهريج يحوي 4 أمتار مكعبة ويستهلك في غضون أسبوع.

ويشير إلى مستوطنات إسرائيلية قريبة من بلدته، ويقول "في تلك المستوطنات لا تنقطع المياه، يستجمون بها ويهدرون كميات كبيرة بينما تفتقر البلدات الفلسطينية إليها".

حال شوشة ينطبق على كثيرين من الشعب الفلسطيني الذين يلجأون إلى وسائل بدائية لنقل المياه من الينابيع.

وقالت سلطة المياه الفلسطينية في بيان عبر حسابها الرسمي على فيسبوك، هذا الأسبوع، إن إسرائيل قلصت المياه المزودة والمتفق عليها للتجمعات الفلسطينية، منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي بنسبة تراوح بين 15 ـ 25 بالمئة.

ولفتت إلى أن إسرائيل تستخدم المياه أداة للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.. "إسرائيل تسيطر على 85 بالمئة من مصادر المياه في الضفة الغربية".

ووفق أحدث معطيات للجهاز المركزي للإحصاء ، فإن "حصة الفرد الفلسطيني من المياه أقل من المعدل الموصى به دوليا (100 لتر يوميا)، حيث بلغ نحو 86.3 لترا من المياه يوميا خلال عام 2021".

في المقابل، ذكر الجهاز أن الفرد الإسرائيلي يستهلك ثلاثة أضعاف الفلسطيني وتقدر حصته بنحو 300 لتر يوميا، مضيفا أن هذا المعدل يرتفع للمستوطنين إلى أكثر من 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني.

 تعطيش للشعب الفلسطيني
بدوره، اتهم رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، إسرائيل بانتهاج نظام الفصل العنصري في كافة تفاصيل الحياة، ومن بينها المياه.

وقال في كلمة خلال افتتاح الجلسة الحكومية الأسبوعية بتاريخ 28 أغسطس الماضي، إن "نظام الأبرتهايد الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية، يجعل الفلسطيني يستهلك 72 لتر مياه والإسرائيلي يستهلك 430 لتراً يوميا".

وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان سابق، قد اتهمت إسرائيل بانتهاج سياسة تعطيش الشعب الفلسطيني عبر تقليص كميات المياه المخصصة لهم.

واعتبرت أن تلك السياسة "جزء لا يتجزأ من العقوبات الجماعية الدائمة التي يفرضها الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين، وامتداد لحرب الاحتلال المفتوحة على الوجود الفلسطيني".

وأضافت أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسرق مياه الشعب الفلسطيني، وتقوم ببيعه القليل منها، بحيث تنعدم المياه أغلب أيام العام وتحديداً في فصل الصيف".

وتابعت أن "الاحتلال يشن حربا تخريبية مفضوحة على مرافق شبكات المياه الفلسطينية كافة بما في ذلك هدم الآبار والخزانات والسدود، ومنع المواطنين الفلسطينيين من حفر المزيد من الآبار بحجة ربطها بالترخيص الذي لا يأتي عادةً".

وفي الوقت ذاته، أضافت الخارجية الفلسطينية: "ينعم المستوطنون الإسرائيليون بكميات ضخمة من المياه الفلسطينية تزيد عن حاجتهم وتتوفر لهم طيلة أيام العام (...) على حساب الحق الفلسطيني في المياه الفلسطينية".

  معضلة مركبة
يقول شداد العتيلي، مسؤول ملف مفاوضات المياه في منظمة التحرير الفلسطينية، إن سيطرة إسرائيل على المياه الفلسطينية والتحكم بها يشكل العامل الأساسي في نقص كمياتها.

وأضاف لوكالة الأناضول: "تسيطر إسرائيل على غالبية مصادر المياه، كما تتحكم في تطوير المنظومة المائية، وتمنع تطويرها في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو".

وأشار: "ما يحكم قطاع المياه اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والتي تمت في حينه كمرحلة لمدة 5 سنوات، غير أنها امتدت حتى يومنا الحالي".

وتابع "الشعب الفلسطيني منذ عام 1995 تضاعف عدد سكانه وبقية كميات المياه ذاتها مع بعض الزيادات الطفيفة التي لا تتناسب مع الزيادة السكانية".

وبيّن أن السلطة الفلسطينية تشتري المياه من الشركة الإسرائيلية القطرية، حيث تم شراء 100 مليون متر مكعب من المياه في 2022، توزعت بواقع 85 مليونا للضفة الغربية و15 مليونا لقطاع غزة.

واتهم العتيلي إسرائيل بفرض عراقيل وإجراءات على قطاع المياه الفلسطيني وتطويره.

وقال إن "إسرائيل تسرق مياهنا وتبيعنا إياها بمبالغ مرتفعة وكميات غير كافية، بينما تضخ كميات ضخمة للمستوطنات خاصة في فصل الصيف".

واعتبر أن "ما تقوم به فصل عنصري بالمعنى الحقيقي، ومنافٍ للقانون الدولي الإنساني".

وختم: "في الصيف الحالي وصلت نسبة تقليص المياه للتجمعات الفلسطينية إلى 25 بالمئة، مقابل ضخ تلك الكميات للمستوطنات".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قيس أبو سمرة / الأناضول