يلا نحكي: لما تخشى الحكومة حق المعرفة!

بقلم: جهاد حرب

جهاد حرب.jpg
  • جهاد حرب

يحتفل العالم في الثامن والعشرين من شهر أيلول من كل عام باليوم العالمي لحق المعرفة؛ أيّ اتاحة المعلومات وضمان قدرة المواطنين على الوصول إلى المعلومات أو الحصول عليها، في الأولى "الوصول إلى المعلومات" تحمل في معناها الإعلان عن المعلومات أو تمكن المواطنين من الوصول إليها سواء كان ذلك بإذن أو دونه، فيما الثانية "الحصول على المعلومات" فإنها تحمل الإذن المسبق للوصول إلى بعض المعلومات غير المعلنة أو غير المتاحة.

يعدّ حقّ المعرفة من الحقوق الأساسية للإنسان، وأداة لتفعيل حقوق أخرى تمتد وتنطلق من هذا الحقّ، فالحقّ في الحصول على المعلومات وتداولها هو أساس حرية الرأي والتعبير، كما نصت المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت عليه دولة فلسطين في العام 2014، وهي تدعو إلى "حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود". لذلك يظهر الارتباط الجوهري بين الحق في الوصول/ الحصول على المعلومات وحرية التعبير وكذلك الصحافة.

إنّ المؤسسة الرسمية محمولةٌ على تقديم المعلومات؛ أيّ الانفتاح على المواطنين من خلال تزويدهم بالمعلومات وتفسير الأفعال وتقديم المبررات لهم عن أفعال المؤسسة. وهذا الأمر ينطبق على الحكومة كما ينطبق على أيّ مسؤول آخر؛ فحجب المعلومات وعدم تفسير الأفعال يدفع بمعارضين أو منتقدين أزيد للسياسات والأفعال بسبب غياب المعلومات التي تحدد الإمكانيات ومعرفة الظروف المحيطة أو الضاغطة للقيام بهذا الأمر أو ذاك؛ فالانفتاح وتفعيل الحق بالمعرفة أو الوصول إلى المعلومات يساعد على تفهم الأطراف أو كسب المواطنين لصالح هذا القرار أو الفعل لحسن تقدير المواطن والصحفي والكاتب والناقد وحتى المعارض، ويعزز من ثقة المواطنين بالنظام السياسي وأركانه.

إنّ المقصود بالمعلومات هنا هي السجلات العامة أيّ الوثائق الخاصة بإدارة الشأن العام وصور التصرف بالمال العام، وهي لا تتعلق بالمعلومات الشخصية للمواطنين وسجلاتهم إلا في حالات استثنائية تتعلق بكبار المسؤولين حيث ينخفض مستوى الخصوصية للشخصيات العامة مقارنة بالمواطنين العاديين. وهي كذلك لا تعني نشر جميع الوثائق دفعة واحدة؛ فهناك معايير ومحددات يمكن من خلالها وضع قيود على إتاحة المعلومات أو على حق المعرفة طبعاً في حدود ضيقة وبموجب القانون ووفقا لمعايير دولية اعتمدتها الأمم المتحدة ومؤسساتها.  

مرَّ أكثر من ثمانية عشر عاماً على وضع أول مشروع قانون فلسطيني لحق المعرفة "الحق في الحصول على المعلومات" الذي أودع على جدول أعمال المجلس التشريعي في 5/4/2005، وجرت عليه نقاشات مطوّلة على مدار هذه السنوات في أروقة منظمات المجتمع المدني والحكومة. لكن الحكومات المتعاقبة تخشى إقرار هذا القانون دون تقديم مبررات لهذا الخوف وهذه الخشية.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت