حذر وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني أحمد مجدلاني، من أن قطاع غزة يعيش "كارثة إنسانية حقيقية"، داعيا إلى "وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فورا".
وبينما أشاد مجدلاني، في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، بدور تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان، الداعم لفلسطين بالمحافل الدولية، انتقد الولايات المتحدة واستخدامها لسلطة النقض "الفيتو" في مصادرة إرادة المجتمع الدولي وتوفير الغطاء الدبلوماسي لإسرائيل في عدوانها على غزة المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
أرقام صادمة
الوزير الفلسطيني كشف عن تفاصيل حزينة للواقع الفلسطيني في غزة.
وقال: "الوضع مأساوي للغاية، ونستطيع أن نقول إن هناك كارثة إنسانية حقيقية يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة" منذ 7 أكتوبر.
ومتحدثا بلغة الأرقام، ذكر مجدلاني، أن "عدد النازحين من شمال غزة ومدينة غزة والمحافظات الأخرى بلغ حوالي مليون و800 ألف مواطن، أي حوالي 80 بالمئة من سكان غزة".
ولفت إلى أن "عدد المباني السكانية التي دمرت (جراء العدوان الإسرائيلي على غزة) بلغ أكثر من 300 ألف منزل سكني".
وتابع: "يتجاوز عدد الشهداء والجرحى والمفقودين 110 آلاف، 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال".
وأشار إلى أنه تبين "بعد عملية مسح أولي في محافظة رفح (جنوبي قطاع غزة)، جرت مؤخرا، أن هناك 17 ألف طفل باتوا بدون عائلات".
وذكر مجدلاني، أن "البنية التحتية دمرت بالكامل في نحو 70 بالمئة" من القطاع.
وأوضح "عندما نتحدث عن بنية تحتية دُمرت بالكامل، فلا نتحدث عن شبكة المياه والطرق والكهرباء، لكن أيضا عن البنى التحتية الأخرى المتعلقة بالمستشفيات والجامعات والمساجد والكنائس".
ولفت في هذا الصدد إلى أنه "تم تدمير 3 كنائس أثرية، وأكثر من 162 مسجدا، و205 مدارس، و11 جامعة، بخلاف انهيار النظام الصحي" في القطاع.
تحذير
وانتقل الوزير الفلسطيني بحديثه إلى رفح التي تشهد تصعيدا إسرائيليًا هذه الأيام.
وقال: "يتواجد في محافظة رفح مليون و800 ألف مواطن فلسطيني في ظروف صعبة للغاية".
ولفت مجدلاني، إلى أن "حجم المساعدات التي تدخل إلى رفح لا يتجاوز 10 بالمئة من احتياجات السكان، علاوة على أن هناك إشكالية كبيرة تتعلق بالمراكز الإيوائية".
إذ يتواجد، وفق الوزير، نحو 400 ألف شخص لا يجدون مراكز إيوائية ويعيشون "في ظروف جوية صعبة للغاية".
وحذر مجدلاني، من كارثة ستحدث حال توسيع تل أبيب تصعيدها في رفح.
وقال موضحًا: "مساحة رفح حوالي 55 ألف متر مربع فيها أكتر من مليون و800 ألف مواطن بمعني آخر، في كل كيلو متر مربع ممكن يتواجد عليه 29 ألفا أو 30 ألف مواطن".
وأضاف "هذا يعني أنه اذا استهدفت عسكريا محافظة رفح سيكون هناك جرائم قتل بالجملة للمواطنين الفلسطينيين من جانب إسرائيل".
وعن التصعيد الإسرائيلي الذي بدأ برفح، بيّن الوزير الفلسطيني، أن "حكومة الاحتلال الاسرائيلي تبدو وضعت جانبا المسار السياسي الذي يدعو للتهدئة وتبادل الأسرى، واختارت الحل العسكري، وتريد أن تدفع مئات الآلاف لاجتياز الحدود مع مصر تمهيدا لاجتياح كامل محافظة رفح".
"تعطيل" المجتمع الدولي
وبشأن رؤيته للموقف الدولي إزاء العدوان على غزة، قال مجدلاني: "للأسف الشديد لا يوجد مجتمع دولي هناك فيتو أمريكي، وهو يصادر إرادة المجتمع الدولي".
وأوضح أن "الولايات المتحدة حتى هذا اليوم تدعم استمرار العدوان وتوفر الغطاء السياسي والدبلوماسي لإسرائيل، وتقدم لها مساعدات مالية وعسكرية، ولذلك المجتمع الدولي معطل".
وأكد أن "هناك ازدواجية معايير تمارسها المؤسسات الدولية والولايات المتحدة؛ ففي الوقت الذي تطبق معايير وتفرض عقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، لا تطبق على إسرائيل أي معايير، بل بالعكس تقدم لها مساعدات ودعم".
دور كبير من تركيا
وأشاد الوزير الفلسطيني بالدور التركي إزاء دعم الشعب الفلسطيني في غزة.
وقال: "نحن نثمن عاليا دور تركيا والرئيس أردوغان، على مواقفه السياسية الواضحة تجاه الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية ودوره بمنظمات مثل التعاون الإسلامي وغيرها".
وأضاف: "نقدر الدعم الإنساني الذي تقدمه تركيا في إطار المساعدات الإنسانية، وفي إطار استقبال الجرحى الفلسطيني في تركيا، وهناك تنسيق كامل بين الحكومتين، دبلوماسي وسياسي ومساعدات".
وتابع: "هناك أيضا، تنسيق جيد بين وزارتي التنمية الاجتماعية في فلسطين ونظيرتها بتركيا، والأسبوع الماضي كان لدينا لقاء مشترك، وبحثنا ترتيبات بشأن مساعدات الأطفال الفلسطينيين المصابين في تركيا".
أولويات
وطالب الوزير الفلسطيني، المجتمع الدولي بخطوة ذات أولوية قصوى تجاه غزة، قائلا: "قبل كل شيء ندعو المجتمع الدولي لاتخاذ ما يلزم لوقف العدوان على شعبنا".
كما دعا إلى "تأمين الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وليس كما يريد (رئيس وزراء إسرائيل) نتنياهو، من فرض نظام أمني في القطاع".
وشدد مجدلاني، على أهمية "فتح الطريق لتطبيق الحل السياسي، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وخارطة طريق لإنهاء الاحتلال".
وأكد أن "هذه الحرب بكل ما حملته من مآسي وصعوبات يجب أن تفتح المجال لانتهاء الاحتلال وإعلان الدولة الفلسطينية".
وختم حديثه مؤكدا على أولويات تلك المرحلة بالقول: "قبل كل شيء يجب وقف العدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات في ظل فرض إسرائيل حصارا غير أخلاقي وقانوني".
وأضاف الوزير الفلسطيني: "يجب وقف سياسة التهجير القسري، وبعدها نبدأ بمسار سياسي محدد وملموس وهذه الأولويات بالنسبة لنا".
ومنذ 7 أكتوبر، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية"، لأول مرة منذ تأسيسها.