لم تسلم الطفلة الفلسطينية نور جربوع التي تعاني مرض السرطان من تداعيات سوء التغذية الذي يكابده سكان شمال قطاع غزة خاصة، نتيجة شح الطعام ونقص المياه جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة والحصار المشدد منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكالة الأناضول زارت نور ابنة السنوات التسع وهي على فراش المرض بمستشفى "كمال عدوان" شمال القطاع، حيث ترقد حاملة عبء المرض والجوع على كاهلها، وسط نقص الرعاية الطبية الضرورية وعدم توفر الأدوية اللازمة لعلاجها.
** المرض والحرب غيّبا بسمة نور
وسط ظروف غاية في الصعوبة، تخوض نور معركة النجاة لكي تستطيع الوقوف على أقدامها ومواصلة حياتها كسائر أطفال العالم.
وعلى مدى أشهر من عدم تناول الغذاء الصحي والخضراوات والفواكه اللازمة لتقوية مناعتها، وعدم تناولها جرعات الدواء اللازمة، تدهور وضع نور الصحي، ما اضطرها للرقود في المستشفى برفقة جدتها.
ونتيجة للمرض وسوء التغذية، أصبحت نور غير قادرة على المشي وتحريك جسدها، ما تسبب في جفاف جلدها وتيبس عظامها، الأمر الذي أدى إلى ظهورها بجسد نحيل وفقدانها للوزن الطبيعي للأطفال في مثل عمرها.
جدة نور التي ترافقها في المستشفى، تحاول أن تخفف آلام الحفيدة بكلمات هادئة وأغنيات للأطفال ترددانها معًا، لعلها تعيد البسمة التي غابت عن وجهها بفعل المرض والجوع.
وأثناء الحديث، طلبت الطفلة المريضة برفق تغيير وضعيتها من النوم للجلوس والشعور براحة أفضل، فاندفعت جدتها بحنان لنقلها من السرير إلى كرسي إسفنجي بجانبها.
وأثناء جلوسها، قدمت الجدة دمية محببة للحفيدة بغية جلب الفرح والأمل، وتخفيف معاناتها من المرض والحرب والجوع.
ووفقًا لإحصائيات صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن هناك 10 آلاف مريض سرطان في القطاع مهددون بالموت جراء تبعات نقص الدواء والغذاء بفعل الحرب الشرسة.
** الحرب فاقمت مرض نور
تقول الجدة جربوع لوكالة الأناضول: "نور تعاني مرض سرطان الدم منذ سنوات، وتم تقديم العلاج لها، حيث أجرينا لها زرع نخاع شوكي قبل 4 سنوات، وظلت بحالة جيدة لمدة سنتين".
وتضيف: "بعد سنتين، ساء وضعها الصحي وأصبح مرض آخر يهاجم جسدها، ما أدى لتيبّس في عظامها وجفاف جسدها".
ولفتت الجدة إلى أن "تداعيات الحرب ونقص الغذاء والدواء زادت من خطورة وضعها الصحي، ما دفعنا للجوء إلى المستشفى الذي يفتقر إلى العلاج والغذاء".
وأوضحت أن نور تفقد وزنها بشكل دائم وتعاني المرض ونقص الغذاء والماء، مشيرة إلى أن حفيدتها بحاجة للسفر عاجلاً خارج القطاع المحاصر الذي يفتقر إلى إمكانيات علاجها.
وقالت الجدة جربوع إن نور تشعر باليأس والإحباط جراء ما أصابها، وتحلم بأن تمشي وتلعب مثل أقرانها.
ووفقا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن عدد الوفيات جراء سوء التغذية والجفاف وصل إلى 27 فلسطينيا، بما في ذلك من الرُضّع.
والأحد، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن "الجوع في كل مكان بقطاع غزة".
وشددت الأونروا في منشور على حسابها عبر منصة إكس قبل رمضان، على أن "الوضع شمالي غزة مأساوي حيث تُمنع المساعدات البرية رغم النداءات المتكررة".
وتابعت: "مع اقتراب رمضان، فإن وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والوقف الفوري لإطلاق النار، ضروريان لإنقاذ الأرواح".
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ويحل شهر رمضان هذا العام، بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.