لم تمضِ سوى ساعة واحدة على دفن الفلسطيني يحيى حبوش طفله سهيل (10 سنوات) في قطاع غزة، حتى لحق به طفله الثاني محمد (8 سنوات).
وسبب وفاة الشقيقين واحد، وهو سوء التغذية وعدم توفر الرعاية الطبية؛ جراء حرب مدمرة تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
فعندما عاد حبوش (33 عاما) من دفن سهيل في إحدى مقابر مدينة رفح أقصى جنوبي القطاع، والتي نزح إليها مجبرا من مدينة غزة (شمال)، أخبروه على الفور بوفاة طفله الثاني محمد.
وظهر على جسدي الطفلين ضعفٌ شديد حتى برزت عظامهما جراء نقص الغذاء، وعدم توفر الرعاية الطبية، إذ كانا يعانيان من شلل دماغي منذ ولادتهما، بحسب صور لهما.
وأقام الطفلان في خيمة برفح، التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة؛ في ظل شح الغذاء والماء والدواء والرعاية الصحية وحتى النظافة العامة؛ جراء الحرب وقيود إسرائيلية.
وقبل دفن طفليه تباعًا، كما تُظهر صور، ودّعهما حبوش وهو يزرف الدموع، وسط أجواء من حزن وقهر لفقدانه سهيل ومحمد، طفليه الوحيدين.
وراثيا طفليه، قال الأب، في منشور عبر صفحته بـ"فيسبوك: "بعد ساعة من دفن ابني الشهيد سهيل، روح الروح، يلتحق ابن قلبي الثاني، محمد، شهيدا".
وحتى الساعة 21: 50 "ت.غ"، لم يصدر تعقيب من وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بخصوص وفاة الطفلين الشقيقين.
ووفق وزارة الصحة، توفي 27 فلسطينيا في غزة، بينهم أطفال؛ بسبب سوء التغذية الناتج عن الحرب الإسرائيلية على القطاع، الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، وتحاصره تل أبيب منذ 17 عاما.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في 16 مارس/ آذار الجاري، إن ثلث أطفال شمالي قطاع غزة دون العامين يعانون سوء التغذية الحاد، محذرة من أن "المجاعة تلوح في الأفق".
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية تتعارض مع القوانين الدولية، بات سكان قطاع غزة، ولا سيما محافظتي غزة والشمال بالفعل في براثن المجاعة، وسط شح شديد في الإمدادات الضرورية للحياة، لاسيما مع وجود حوالي مليوني نازح.
وتنفذ دول عربية وأجنبية إسقاطات جوية لمساعدات إنسانية على غزة، ولاسيما في شمالي القطاع، لكنها غير كافية ولا تسد الاحتياجات العاجلة للفلسطينيين، مع دعوات إلى فتح المعابر الحدودية وإغراق القطاع بالمساعدات، قبل أن تلتهم المجاعة مزيدا من سكانه.
وخلَّفت الحرب الإسرائيلية، بدعم أمريكي، على غزة، عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول تل أبيب، للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".