بدعوة من مجلس كنائس جنوب افريقيا؛ شارك وفد من كايروس فلسطين في زيارة لجنوب افريقيا، شملت عدداً من الكاتدرائيات والكنائس والجامعات، والمؤسسات المجتمعية والثقافية الفاعلة في كل من مدينة كيب تاون وجوهانسبيرغ وبريتوريا، حيث التقى وفد كايروس مع قيادات سياسية ومجتمعية ودينية، وأكد معززاً على أواصر التضامن والترابط المشتركة مع الشعب الجنوب افريقي الذي كان قابعا لسنوات طويلة تحت براثن نظام الفصل العنصري، مستلهماً مسيرته النضالية في التحرر ومناهضة الأبهارتايد، كما أثنى وفد كايروس أيضاً على الالتزام الأخلاقي لدولة جنوب افريقيا بمناصرتها الكاملة وغير المشروطة للقضية الفلسطينية، وذهابها إلى محكمة العدل الدولية لمقاضاة اسرائيل إثر ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
تخللت الزيارة لقاءات متعددة، استهلّت بلقاء رئيس الأساقفة في كيب تاون المطران ثابو ماكجوبا، تلاها لقاءات مثمرة مع المجموعات الإسلامية واليهودية على حد سواء، والتي شجّعت بدورها على الحوار بين الأديان، إضافة إلى زيارة فريدة لمسجد جوتسڤيل، الذي اتشح بأعلام فلسطين مرحّبا باستضافة القسّ الدكتور منذر اسحق ووفد كايروس المرافق. أعربت اللقاءات بمجملها على ضرورة مضاعفة الجهود لمحاربة خطاب الكراهية والعنف والاسلاموفوبيا واللاسامية، محذرة من أهمية التصدي للصهيونية المسيحية، التي تستخدم نصوص الكتاب المقدس بصبغة استعمارية كولونيالية خدمة للمشروع الصهيوني. كما تضمنت الزيارة إجراء ندوات في كل من مركز ديزموند توتو، ومؤسسة نيلسون مانديلا، كذلك عقْد محاضرات في جامعات ستيلن بوش، ونيلسون مانديلا، بريتوريا، وجنوب افريقيا، ومشاركة الحاضرين شهادت وفد كايروس حول مظلمة فلسطين، وكيف تغدو الحياة اليومية تحت الاحتلال ونظام الأبهارتايد الذي تنتهجه اسرائيل بحق الفلسطينيين.
وعلى هامش زيارته، شارك وفد كايروس فلسطين في المؤتمر الدولي الأول لمناهضة الأبارثايد، والذي عقد في مدينة جوهانسبيرغ، والذي هدف الى تعزيز حركة التضامن العالمية من أجل فلسطين وتكثيف العمل لتفكيك سياسات الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، كما أكد المؤتمر على الدعم الدولي للنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير، فضلا عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
كما عبّر وفد كايروس فلسطين عن امتنانه وتقديره للشعب الجنوب الافريقي لالتزامه بمحاربة الظلم والاضطهاد الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، مؤكداً على مواصلة عمله من أجل السلام العادل المبني على الحقوق غير القابلة للتصرف، داعياً منظمات المجتمع المدني الأخرى التي حضرت وأصحاب الضمائر الحية لممارسة الضغوط على حكوماتكم من أجل فرض المقاطعة والعقوبات على إسرائيل، وضرورة استمرار الإجراءات العقابية السلمية حتى تفي الأخيرة بالتزاماتها في الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال ونظام الأبهارتايد على أرض فلسطين المحتلة، والإعتراف بالحق الأساسي والمساواة الكاملة لمواطنيها العرب الفلسطينيين، واحترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، حسبما نص عليه القانون الدولي.
وتعتبر المبادرة المسيحية الفلسطينية/ كايروس فلسطين حركة فلسطينية مسيحية مبنية على وثيقة (وقفة حق) التي أطلقت عام 2009، وهي كلمة الفلسطينيّين المسيحييّن للعالم حول ما يجري في فلسطين، والتي تؤكد أن المسيحيين الفلسطينيين جزءٌ لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، حيث وقع عليها العديد من المنظمات المسيحية الفلسطينية الهامة والمعترف بها تاريخيًا، وصادق عليها رؤساء الكنائس في القدس.
تمثل الوثيقة موقفا لاهوتيا وسياسيا ودينيا ووطنيا من فلسطين وممارسات الاحتلال التعسفية على أرضه، موجهينها للمجتمع الدولي، ومطالبينهم بوقفة حقّ تجاه ما يواجهه الشعب الفلسطينيّ من ظلم وتشريد ومعاناة وتمييز عنصريّ واضح منذ أكثر من سبعة عقود، تحت سمع وبصر المجتمع الدوليّ الصامت والخجول في نقده لدولة الاحتلال. تهدف الوثيقة إلى حشد مسيحيي العالم والأسرة الدولية لمناصرة القضية الفلسطينية والالتزام بكافة البنود التي تطرحها الوثيقة للضغط على الحكومات نحو إنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري على أرض فلسطين، داعية إلى السلام العادل وانهاء معاناة الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، مستندة على قيم الايمان والرجاء والمحبة.