حرم الصيّادين من دخول البحر

الرصيف البحري يحوّل ساحل غزّة ثكنة عسكرية

688240.jpeg

منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الأميركية الشروع بإقامة الرصيف المائي العائم على شاطئ مدينة غزة، قبل نحو خمسة أشهر، حوّلت سلطات الاحتلال المنطقة البحرية الممتدة من الحدود الشمالية لقطاع غزة وحتى موقع إقامة الميناء جنوب مدينة غزة، إلى ثكنة عسكرية تضم عشرات الزوارق والقطع الحربية من مختلف الأحجام والأنواع، تجوب المياه وتنفذ عمليات ملاحقة واستهدافات لكل جسم متحرك داخل البحر وعلى الشاطئ.

وحوّل هذا النشاط العسكري المكثف في المساحة البحرية التي يبلغ طولها نحو تسعة كيلو مترات، حياة المواطنين والعاملين والصيادين إلى جحيم لا يطاق بسبب إطلاق النار والقذائف المتواصل على كل الأجسام المتحركة داخل المياه وعلى اليابسة.

ولعل إطلاق الاحتلال قذائف وإصابة عدد من المصطافين، أول من أمس، على شاطئ بلدة جباليا النزلة هو واحد من هذه الهجمات التي لم تتوقف ولو للحظة واحدة.

وسرعان ما تزداد شراسة هذه الهجمات، التي تترافق مع تقدم واضح وملحوظ للقطع البحرية باتجاه الشاطئ، عندما تقترب إحدى السفن التجارية أو العسكرية الأميركية من حرم الرصيف الذي أعيد استئناف العمل فيه، أول من أمس، بعد تعطل لأكثر من عشرة أيام.

ومنذ الشروع بإقامة هذا الرصيف، الذي يواجه القائمون عليه صعوبات هائلة في تثبيته، دفع عشرات المواطنين حياتهم ثمناً، كما أصيب المئات بسبب هجمات الاحتلال المتكررة والمتواصلة على الشاطئ والصيادين.

وتركّز قوات الاحتلال هجماتها على ميناء الصيادين المدمر، الذي يبعد عن الرصيف العائم نحو ثلاثة كيلو مترات إلى الجنوب، حيث تتعمد قصفه بشكل يومي لإبعاد المواطنين والصيادين عنه، لاسيما أنه أصبح في الأيام والأسابيع الأخيرة ملاذاً وحيداً للنازحين والمدمرة بيوتهم للاستحمام وغسل ملابسهم وأدوات المطبخ، في ظل شح المياه العذبة وتلك التي تأتي البلدية.

فبعد أن شهد شاطئ البحر وحرم الميناء إقبالاً ملحوظاً من المواطنين بسبب ارتفاع درجات الحرارة مطلع حزيران الجاري، عادت أعداد هؤلاء للتراجع بشكل واضح بسبب خطورة الأوضاع الأمنية والعسكرية، كما ذكر المواطن مهنا خليل، الذي نجا من الموت بأعجوبة عندما استهدفته زوارق الاحتلال بعدة قذائف خلال تواجده على الشاطئ برفقة أربعة من أصدقائه، أصيب اثنان منهم بجروح بالغة الخطورة.

وقال خليل لـ"الأيام" إنه لن يعود إلى شاطئ البحر مرة أخرى بعد هذه الحادثة التي كادت تودي بحياته.

وعكس تراجع أعداد الصيادين العاملين في هذا الشريط البحري الضيق المخاطر العالية التي تواجههم، كما أوضح الصياد محمد الهسي، الذي أكد أن زوارق الاحتلال صعّدت منذ عدة أيام هجماتها على الصيادين.

وأشار الهسي إلى أن الاحتلال بات يستهدف جميع الصيادين الذين يدخلون إلى البحر بمن فيهم الذين ينزلون سباحة دون مراكب صيد.

ولفت إلى أنه قرر الاستنكاف عن العمل لحين تحسن الأوضاع الأمنية والعسكرية، مؤكداً أن إقامة الرصيف البحري، بحجة إنزال المساعدات لسكان قطاع غزة، أسهم في تصاعد وتيرة اعتداءات الاحتلال، كما زاد من عدد الزوارق والقطع الحربية الإسرائيلية التي تجوب المنطقة البحرية وفي مناطق قريبة جداً من الشاطئ.

وبيّن أن الزوارق أصبحت تلاحق الصيادين في المياه الضحلة ما يهدد سلامتهم والأعداد القليلة من المصطافين على الشاطئ.

ويشكك المواطنون بجدوى الرصيف البحري الذي أعلن عن إقامته بهدف توصيل المساعدات لسكان قطاع غزة المحاصرين وبشكل خاص سكان منطقة شمال القطاع، التي أقيم في طرفها الجنوبي، حيث لم يشعر حتى اللحظة هؤلاء السكان بأي تحسن على أوضاعهم المعيشية، ولم يخفف من حدة المجاعة المميتة التي تعصف بهم منذ الشهر الثاني للعدوان الإسرائيلي على غزة.

وتعثر عمل الرصيف أكثر من مرة، واضطر القائمون عليه إلى سحب أجزاء منه، بل سحبه كاملاً في مرات عدة إلى ميناء أسدود العسكري الإسرائيلي، على بعد 50 كيلو متراً من أجل إصلاحه ثم إعادة تركيبه، وسط تشكيك دولي متصاعد بجدواه وقدرته على العمل.

وينظر المواطنون والفصائل بريبة إلى الميناء بعد أن استخدمه جيش الاحتلال في مجزرة النصيرات الأخيرة، التي تمكن خلالها من تحرير أربعة أسرى تم إخراجهم من القطاع عبر مروحية عسكرية انطلقت في حرم الرصيف، حسبما أعلنت الفصائل.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة