دولة تزعم حرية الرأي والتعبير، وتدّعي أنها الديمقراطية الوحيدة في جغرافيا بقعة اخترعها الاستعمار، وزرعها لتشكل اصطلاحاً ومادة مركز “شرق المتوسط”، تلاحق طبيب أسنان من مدينة اللّد، مكان استشهاد ورفات القديس جورجيوس (الخضر)، وأرض أول مطار فلسطيني، هبطت عليه أولى طائرات الخطوط الجوية الفلسطينية.
سياسة التجويع والانتقام الشخصي
فزع الاحتلال من فكر الدكتور كمال صليبا طنوس (55 عاما)، وقناعاته التي تربى عليها، وبات يكتبها ويعبرّ عنها، فقونن احتجازه تحت ذريعة “التحريض” على مواقع التواصل الاجتماعي، محاولا كيّ وعيه وهويته كفلسطيني لا يقبل الاحتلال بالدرجة الأولى، فقرر الأخير قصاصه بالسجن محاولاً صناعة نموذج جزاء لآخرين، كما شمل العقابُ الإمعان في تدمير حياة الدكتور المهنية بالدرجة الثانية، عبر إيقافه عن مزاولة مهنة طب الأسنان التي يعتاش منها. هي “عنصرية منظمة تقف وراءها كامل المؤسسة الاسرائيلية بمنطقها وتبريرها القانوني والأخلاقي”، تماماً كما وصفها الشهيد الأسير وليد دقّة.
سنة كاملة من الاعتقال لدى الاحتلال الاسرائيلي؛ خرج بعدها د. طنوس شاهداً على سياسة التجويع المتعمّدة التي انتهجتها إدارة مصلحة السجون بحق الأسرى الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر. بملامح مختلفة تماماً عن التي كان عليها؛ فَقَدَ طنّوس ثلاثين كيلوغراماً من وزنه، وخرج ملتحياً بشعر أشيب.
في عيادة الاسنان باللد قبيل الاعتقال وقبل منعه من ممارسة مهنته
القضاء الجائر
بدأت قصة د. طنوس في العام 2020/2021، عندما اعتقل لمدة شهر ونصف في سجن مجدو، قضى بعدها ثلاثة شهور في عقوبة الحبس المنزلي، تبعتها مشقة القضاء الاسرائيلي الجائر، والذي يتلخص “بالحاكم والجلاد معاً”، وسلسلة من التأجيل المتكرر لجلسات المحاكم التي استمرت أشهر طويلة، معلّقة فيها الحياة العامة والخاصة لطنّوس، حتى نطق الحكم بـ 16 شهراً، استأنف حوله ليصبح 12 شهراً، اقتضى بعدها المثول للحكم ابتداء من 23-7-2023، قضاها د. طنوس ما بين سجنَيّ نفحة والنقب الصحراويين، جنوب فلسطين المحتلة.
بداية التصعيد الممنهج بحق الأسرى
أدلى الدكتور طنّوس بشهادته، ل ملح الأرض مستهلاً ما حدث معه في سجن نفحة: “في السابع من أكتوبر، استطعنا مشاهدة بعض ما تيسّر من أخبار، ابتداء من 8.00 وحتى 11.00 صباحا، حاولنا التنقل ما بين القنوات العبرية و(الجزيرة) والإذاعات المختلفة عبر الأثير لفهم ماهية الحدث، حتى فوجئنا بإغلاق إدارة السجن الأبواب علينا، وسحبوا منّا عنوة كافة الإنجازات التي حققتها الحركة الأسيرة خلال السنوات التي خلت، من كهربائيات، وتلفزيونات وراديوهات، ما جعلنا منقطعين تماماً عن الأخبار خارج السجن. ناهيك عن مصادرة الكتب، وأدوات الحلاقة، حتى المعالق، و”البلاطة”، وإبريق التسخين، والمونة، والملابس، إلى الحق في الخروج الى الفورة والاستحمام، كما تم تعليق زيارات الأهل/ المحاميين، وغيرها من الاستحقاقات التي حصدها الأسرى على مرّ سنين طويلة.”
“عن نفسي يومها.. أكلت هوايتين.. وحدة ع ظهري والتانية شلوط”، يصرّح طنوس.
أكمل د. طنّوس بعدها حول ازدحام السجون بفعل التنقلات التعسفية والاعتقالات الجديدة، قائلا: “باتت الغرفة التي تتسع لأربعة أسرى، مكتظة بثمانية، ينام أربعة أسرى فيها على الأرض”، تبعها تصعيد تعسّفي غير مسبوق على الأسرى، أسوة بتعليمات ما يسمى بوزير الأمن الاسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي أوعز بتطبيق سياسات انتقامية مخطط لها من جميع الأسرى، من أساليب تعذيب ممنهجة، كالضرب المتكرر أثناء العدد، والاعتداء على الأسرى مع كلاب مصلحة السجون، والمعاملة القاسية التي شملت وقف التوزيعات داخل السجون بناء على الانتماءات السياسية، وإلغاء ما يعرف ب”الدوبير” ممثل الأسرى، ومنع الأسرى من طهي طعامهم بأنفسهم أو شرائه من بقالة السجن “الكانتين”، وإنما هندسة ما يتناولوه بشحّ لتبدأ سياسة التجويع، وتخصيص رغيف خبز لأسيرَين، وانتزاع ملابسهم لتبدأ سياسة التبريد، وقطع المياه ومنع الاستحمام، لدرجة انتشرت فيها الأمراض الجلدية مثل الجرب والحكة والسكابيوس، واستكملت عليه السياسات السابقة التي لم تتوقف يوماً، كالإهمال الطبي المتعمّد، مع فرط في العقاب والحرمان، طال حتّى من حبّة (الأكامول)، التي كانت مسكّن الأسرى الوحيد من كل الأمراض.
جميع الانتهاكات المذكورة كانت تتم بشكل يومي فاضح، خلافا لما نصّت عليه المواثيق الدولية من القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الأربع، وبروتوكولها الإضافي الأول للعام 1977، والقانون الجنائي الدولي ، وبالأخص ما جاء في ديباجة نظام روما الأساسي، والمادة (7) منه، التي تعرف الجرائم ضد الإنسانية ، والمادة (8) الخاصة بجرائم الحرب.
أجبرت قوات النحشون الأسرى على إنزال رؤوسهم مُكرَهين، وسط ضرب مجنون، غير إجبارهم على الحبي على أيديهم وأرجلهم بالعراء مع إصدار أصوات عواء
تحويل الأسرى إلى رهائن
فبعدما كان النضال القانوني والمطلبيّ يتمحور حول ضرورة الاعتراف بالمكانة القانونية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كأسرى حرب ومدنيين محميين يناضلون من أجل الحرية، تتوجب معاملتهم بموجب الحماية المقررة لهم في اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، وسائر اتفاقيات حقوق الإنسان الخاصة بالمحرومين من حريتهم؛ أصبحت اسرائيل تشرعن قوانين تعسفية جديدة، تعتقل بموجبها فلسطينيي غزة إثر قانون غامض تسميه “المقاتل غير الشرعي”، كما كثفت من اعتقالاتها في الضفة حتى امتلأت السجون. بتجريد الأسرى السياسيين من كافة حقوقهم، ومما حققته الحركة الأسيرة من إنجازات ونضالات في السابق، وإسقاط الصفة الانسانية منهم؛ تحوّلهم “اسرائيل” بذلك إلى مجرد رهائن لدى مصلحة السجون، محولة قضيتهم إلى ورقة للمساومة والابتزاز السياسي، وفرض لسياسة الأمر الواقع، يفعل بهم السجان ما يشاء، دون حسيب أو رقيب، وهو الأمر الذي أكده دكتور طنّوس، “بأن جميع الأسرى باتوا رهائن لدى الاحتلال.”
النقب.. درب آلام الأسرى
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، نُقِلَ دكتور كمال مع عشرين أسير إلى سجن النقب، ولم يسمح لهم بجلب شيء غير غطاء سرير رفيع، لا يرقى لتسميته بطّانية، للاستدفاء به من برد الصحراء القارس، حيث بدأت رحلة أخرى من العذاب والإذلال التي تلذذت بها قوات “النحشون”، وهي وحدات القمع الخاصة، التي ترتدي زياً مميزاً، وتضم داخلها عسكريين ذوي أجسام ضخمة، مدربين على البطش بالأسرى، حيث كانوا يُلْزمون الأسرى على إنزال رؤوسهم مكرَهين، والمشي من قسم لآخر وسط ضرب مجنون، غير إجبارهم على الحبي على أيديهم وأرجلهم بالعراء، والعواء، واستهدافهم بالضرب على الخصيتين بجهاز فحص المعادن، وبالأخص الأسرى الصغار سناً، وبالعصي على ظهورهم.
“أسوأ ما في الأمر أصوات الصراخ التي كنا نسمعها، من ربط بالسياج، لقرشعة الأغلال، والعواء، والإمعان في الإذلال الذي يستهدف انتهاك الكرامة الانسانية للأسرى، وبالأخص أسرى غزة”. ومن الكلمات العالقة التي تصدرت المشهد حينها، الصراخ بـِ: “انزل عركبك”، “طومل”، وتلقين الأسرى بعض الجُمَل، لإجبارهم على تقديم الإذعان والطاعة للضابط الاسرائيلي، بتكرار عبارة “كين كابتين” أي نعم، أوامرك أيها الضابط، ناهيك عن سبّ الذات والنفس، وكَيْلِ الشتائم النابية التي تحط من الكرامة الإنسانية، وإعادة جماعية لـ: “نحن أبناء زنا”، “فليحيا شعب اسرائيل”.
يتذكر طنّوس المبيت على فرشات مبتلة وسط مطر غزير وبرد قارس، والسجان يركل صحن الأرز ببسطاره لكفاف خمسة أسرى فقط
قلاع النقب
مرّ سجن النقب بعدة تغيرات هندسية، قصدها المزيد من الإفراط في التحكم والسيطرة، فما بين الخيام التي كانت تفترش أرضه سابقا، إلى البركسات، إلى “القلاع” التي باتت تُطلَق على أقسامه، لتصويرها بالحصن المنيع الذي يُخضِعُ الأسرى، ويتحقق من التزامهم بأنماط سلوك مدجنة. بين قلعة (أ)، (ب)، (ج)؛ ذاق الأسرى العذاب على اختلاف غرفهم وأقسامها. يتذكر طنّوس المكوث في قسم 12، والمبيت على فرشات مبتلة وسط مطر غزير وبرد قارس. يقصّ طنّوس كيف كان السجان يركل صحن الأرز ببسطاره، محتسباً كفافه لخمسة أسرى. أما قسم 11، فقد كان مليئا بالأسرى الغزيين القادمين من مستشفى الشفاء والرنتيسي، حيث كانوا يعانوا الأمرّين.
اللاإستقرار المتعمّد
يذكر طنّوس التنقلات التعسفية المفاجئة التي كانت تجري داخل “القلاع” وغرفها المختلفة في النقب، ومدى قصديتها، إذ يدرك السجان قيمة “الاستقرار” لدى الأسرى، مستهدفاً ضربه، وزعزعته بإرباك حياة الأسرى، واضعاً إياهم سويا دون توزيع حسب الانتماء السياسي.
كنا دوماً متحدين ومنسجمين في كل شيء، مدركين أن ما يفرّقنا حقاً هو السجّان فقط. سعيدٌ بالحرية، عِشنا سويا أوقاتاً عصيبة، والتحمنا في ظروف استثنائية.”
“كنت أنظر للتنقل من زاوية أخرى تماماً، متطلعا إليه كفرصة أحظى بها للتعرف على أسرى آخرين من مناطق مختلفة، وسماع قصصهم، بل كانت فرصة حقيقية لسماع فتات الأخبار السياسية خارج السجن، وتناقل ما يحدث في بقية السجون أيضاً، خاصة بعد سحب السجان التلفاز والمذياع”. وأكمل: “يظن الاحتلال بسياسة “تخليط الأسرى” من انتماءات مختلفة أنها ستودي باللّحمة فيما بينهم، لكن هذا لم يحدث على الإطلاق، بل كنا دوماً متحدين ومنسجمين في كل شيء، مدركين أن ما يفرّقنا حقاً هو السجّان فقط. سعيدٌ بالحرية، ولكن يؤلمني حقا أن أترك خلفي جميع من التقيته في السجن من رفاق وأصدقاء، عِشنا سويا أوقاتاً عصيبة، والتحمنا في ظروف استثنائية.”
رزنامة طنّوس
بعض الأيام تشكل رزنامة فريدة في ذاكرة طنّوس، مثل 15 كانون الثاني 2024، إذ تعرّض فيه الأسرى لحفلة تنكيل عصيبة، وتفرّد السّجّان بالأخص بقسم 5 في قلعة (أ)، حيث كان يمكث عشرة أسرى في كل غرفة. أما في 22 كانون الثاني، فكان طنّوس قد انتقل إلى قسم 22 في قلعة (ج)، وفي طريقه مع بقية الأسرى، تعرضوا جميهم إلى ضرب مبرح حتى وصولهم القسم. وحول ظروف الغرف، يذكر طنّوس “أن المياه كانت شحيحة للغاية، لدرجة جعلتنا ننظّم دخولنا للحمام، وحِساب الماء بالقطّارة، لكننا تأقلمنا على ذلك مع مرور الوقت.”
كانت المياه شحيحة للغاية، لدرجة جعلتنا ننظم دخولنا للحمّام، وحساب المياه بالقطّارة
تعذيب ممنهج: فرط إشعال الكهرباء إلى الظلام الدامس ومتلازمة الطّنين المقصود
من أساليب التعذيب أيضاً، إشعال الكهرباء بڤولت قوي طوال الليل، وبعدها بأسابيع، تم إدخال الأسرى في النقيض تماما، حيث عانى الأسرى من ظلام دامس، مع إطفاء متعمّد لكافة الأضواء، ما أوقع غرف الأسرى بعتمة قاتمة، بالكاد يدخلها الضوء نهاراً، وغارقة في الظلام ليلاً. كان السجانون يستمتعون بالتحكم بالسمّاعات في تجعير يخرق طبلة الأذن، من خلال الغناء بصوت عالٍ. فداحة الصوت والزعيق المنظم خَلَقَ إزعاجاً لدى الأسرى، مصصم لمضايقتهم، ناهيك عن آلات التشويش والصّفير المختل الذي يسري في السيّالات العصبية كالطنين، الذي يَجعَلُ الإنسان يُجَعْلِكُ وجهه، ويشدّ على أذنيه من فرط الإزعاج الذهني والسّمعي.
بتجريد الأسرى السياسيين من حقوقهم، تحوّل الأسرى إلى مجرد رهائن
“طحنوهم طحن يومها”
في 11 شباط؛ انتقل طنوس مع 9 أسرى إلى غرفة رقم 11 في قسم 25 حتى 28 شباط. وقد حَدَثَ مرة في إحدى التفتيشات الدقيقة، وفي القسم المقابل، قسم 27 تحديدا، أن عثر السّجّان على راديو مخبئاً بإحكام، فجنّ جنون، وقام السّجن حينها ولم يقعد. يقول الدكتور: “قامت إدارة السجن بتجميع 60 أسير من القسم المذكور، ونكّلت بهم في العراء.. طحنوهم طحن يومها”.
التجويع والإدارة الذاتية للأسرى
“بالرغم من هذا البطش، تكاتف الأسرى من عدة انتماءات، في تشكيل إدارة ذاتية من شأنها توزيع الطعام وإدارته، رغم شحّه غير العادي، ما حسّن الوضع العام، وأشعر الجميع أنّ الاحتلال لن يقوى علينا فحسب، بل أننا غير مستسلمين لواقع الحال، وإنما ماضين في السيطرة على حيواتنا، وصناعة مستقبلنا”، يقول طنوس.
رمضان بصوت خافت ” حيّ على الصلاة.. حيّ على الفلاح”
إبان شهر رمضان الفضيل، كان طنّوس قد انتقل لقلعة (ج) قسم 26، حيث شهد منع إدارة السجن الأسرى من إقامة طقوس الصلاة، فخطبة الجمعة لم تكن مسموحة إطلاقا، بل حُصِرَت الصلوات في الغرف، وكبّر الأسرى بصوت منخفض، ما بين “حيّ على الصلاة.. وحيّ على الفلاح” بصوت خافت، وسط اجراءات تعسفية شديدة التنكيل. ليس رمضان فقط، بل مرّ عيد القيامة المجيد على طنّوس بذات الحال، حتى تاريخ 12 أيار، حيث جرى نقله مع بقية أسرى قسمه وتبديلهم مع قسم 25 عن جديد. لم يفوّت السجّان فرصة النّقل تلك دون إهانة الأسرى وضربهم، فقد أصبح الستاتس-كو الجديد المتبّع اقتران عملية نقل الأسرى بين الأقسام بحفلة ضرب وتنكيل، ما يعني أن طنّوس قد تعرّض على الأقل، وحسب عدد النقلات في النقب وحده، إلى 7 حفلات ضرب وتنكيل كبيرة، حتى موعد خروجه على الإسفلت بتاريخ 31 أيار 2024.
استقصد أحد سجّاني الشاباص ضربي بواسطة ماكنة تفتيش المعادن على خصيتيّ، ومن ثم ورفعني، وأنا مكبّل اليدين إلى الخلف، والرّجلين، ومعصوب العينين، حتى ضرب رأسي الأرض
والجدير ذكره أنّ العدد المذكور شمل حفلتي الضرب الأخيرتين اللّتين طالته وحده في ليلته الأخيرة بالسجن. يقول طنّوس: “في يومي الأخير، تعرّضت لضرب مبرح من سجّاني “الشاباص”، وهي وحدة مصلحة السجون، حيث استقصد أحدهم ضربي بواسطة ماكنة تفتيش المعادن على خصيتيّ، ومن ثم ورفعني، وأنا مكبّل اليدين إلى الخلف، والرّجلين، ومعصوب العينين، حتى ضرب رأسي الأرض. ومن ثم استُكمل الضرب مرة أخرى من وحدة “الكيتر”، المسؤولة عن نقليات الأسرى.”
آثار الاعتقال: سوء تغذية وكسر في الرّيش وإمساك مزمن
أفصح طنّوس: “أجريت فحصاً طبياً مؤخراً، حيث تبيّن في صورة الأشعة وجود كسر في ريش القفص الصدري، أعاني منه اليوم في وقت النهوض أو الاستلقاء على السرير، كما تبيّن لديّ فتاق سببه تقلص العضلات بفعل قلة الطعام وسوء التغذية، كما تسبب الأكل الناشف بحالة من الإمساك العسير والمزمن”، ويكمل: “لكنّ حالتي لا تقاس مع أحوال الأسرى الآخرين الذين حدثت معهم أمور أفظع من ذلك.”
في مدينته: اللد، بين أهله وناسه، ومُحاطاً بزوجته ليالا و بأولاده الثلاثة (جميل 28 عاماً، نضال 25 عاماً، وناصر 22 عاماً)؛ عاد طنّوس إلى منزله من جديد، فاقداً ثلاثين كيلوغراماً، لكنّه ممتلئاً “بالمزيد من الصبر” على حدّ تعبيره، والكثير من الصلابة والأمل بغد أفضل. تقع عيناه على شهادة طب الأسنان معلّقة على الحائط، وهو لا يستطيع العودة إلى المهنة بقرار اسرائيلي تعسفي، تدخّل في صلب حياته الشخصية والمهنية. يقول طنّوس: “سأضطر لانتظار عامَين حسب القرار الجائر، لكني، بالتأكيد سأستعيد عملي من جديد، وسأمضي مواصلاً المسير”.
كمال وزوجته ليالا في المنزل في اللد بعد نيل الحرية