منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الشامل على الشعب الفلسطيني في السابع من أكتوبر 2023، شهدت أراضي الـ48 تصاعداً كبيراً في المضايقات والتمييز العنصري الذي يستهدف الفلسطينيين. فرضت السلطات الإسرائيلية إجراءات قمعية جديدة تهدف إلى تقييد الحريات وقمع الأصوات الداعمة للشعب الفلسطيني، مما زاد من معاناة الفلسطينيين في الداخل.
قوانين الطوارئ والاعتقالات
مع إعلان الحكومة الإسرائيلية حالة الطوارئ العامة، تم تمرير سلسلة من القوانين والتعديلات التي سهلت عمليات الاعتقال والتحقيق ضد فلسطينيي الداخل. ألغت النيابة العامة شرط موافقة النائب العام لتنفيذ الاعتقالات بتهم "التحريض"، ما سمح بتوسيع صلاحيات الاعتقال ومنع المعتقلين من لقاء محاميهم لفترات تصل إلى 90 يوماً. كما أصدرت السلطات الإسرائيلية تعليمات مشددة تمنع تنظيم المظاهرات والتجمعات السلمية في المدن والبلدات الفلسطينية.
بحسب تقرير صادر عن مركز "عدالة" بالتعاون مع هيئة الطوارئ العربية، تم توثيق 251 حالة اعتقال وتحقيق خلال الأسابيع الأولى من العدوان، كما تم تقديم 76 لائحة اتهام على خلفية التعبير عن الرأي أو المشاركة في أنشطة مناهضة للحرب.
استهداف الطلبة والناشطين
الطلاب الفلسطينيون في الجامعات الإسرائيلية كانوا أيضاً من بين المستهدفين، حيث تم تحويل أكثر من 100 طالب إلى "لجان طاعة" بسبب مشاركتهم في فعاليات مناهضة للحرب. كما تعرض العديد من الطلاب للفصل من الجامعات، وتعرضت مساكنهم لهجمات تحريضية.
في حادثة أخرى، اعتقلت الشرطة الباحثة والفنانة دلال أبو آمنة لأنها كتبت "لا غالب إلا الله" على منصات التواصل الاجتماعي. كما تعرض بروفيسور في الجامعة العبرية للتنكيل بسبب نشره بحثاً علمياً. ولم يسلم الرياضيون الفلسطينيون من الهجوم، حيث تعرض لاعب للشتم والتهديد بسبب تلاوة زوجته لآية قرآنية.
قمع حرية التعبير على الإنترنت
أوضح جلال أبو خاطر، مدير المناصرة في المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، أن الملاحقات ضد الفلسطينيين داخل أراضي الـ48 تصاعدت بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر، حيث استهدفت السلطات الإسرائيلية كل من يعبر عن دعمه لغزة أو انتقاده للحرب على وسائل التواصل الاجتماعي. وتعرض مئات الفلسطينيين للفصل من أعمالهم ومؤسساتهم التعليمية نتيجة مواقفهم السياسية.
الرقابة الذاتية و"الرعب الرقمي"
تظهر دراسة لمركز "حملة" أن الفلسطينيين في الداخل يعيشون حالة من الخوف والرقابة الذاتية على أنشطتهم الرقمية. وقد أشارت الدراسة إلى أن 70% من الشباب الفلسطيني امتنعوا عن التعبير عن آرائهم على الإنترنت خوفاً من الملاحقة أو الانتقام.
استهداف القيادات الفلسطينية
لم يقتصر القمع على الناشطين، بل طال قيادات فلسطينية بارزة داخل أراضي الـ48. ففي التاسع من نوفمبر، اعتقلت السلطات الإسرائيلية رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، وأعضاء كنيست سابقين كانوا في طريقهم للمشاركة في وقفة احتجاجية ضد الحرب. كما تم إبعاد النائبتين عايدة توما وإيمان خطيب ياسين من الكنيست وحرمانهما من أجريهما لمدة أسبوعين بسبب تصريحاتهما المناهضة للحرب.
الفلسطينيون في أراضي الـ48 "جبهة ثامنة"
في ظل حالة التحريض المتزايدة ضد كل ما هو فلسطيني، صنفت الحكومة الإسرائيلية الفلسطينيين في أراضي الـ48 كـ"جبهة ثامنة" تخوض ضدها حرباً، في ظل معاركها في غزة، الضفة الغربية، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، وإيران.
دعوات لبناء لجان طوارئ
وفي مقال له، دعا سامي أبو شحادة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، إلى بناء لجان طوارئ في كل القرى والمدن الفلسطينية في الداخل لحماية المجتمع في حال حدوث طوارئ. كما شدد على أهمية إنشاء نقابات عمالية ومهنية مستقلة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وتنظيم جمعيات حقوقية لحماية الأسرى والمعتقلين السياسيين.
الإعلام والتحريض
أبو شحادة أشار أيضاً إلى دور الإعلام الإسرائيلي في التحريض ضد الفلسطينيين، حيث تحولت قنوات التلفزيون الإسرائيلية إلى "بوق دعائي" للجيش الإسرائيلي، داعيةً إلى المزيد من القتل والدمار دون أي دعوات لحلول سياسية أو إنسانية.
تستمر معاناة الفلسطينيين في أراضي الـ48 في ظل التضييقات والتمييز العنصري المتزايد، وسط غياب الدعم الدولي الكافي لحقوقهم وكرامتهم.