لم يكن إبراهيم العمصي (45 عاماً)، أحد النازحين في خان يونس جنوب قطاع غزة، يتوقع أن تكون أسعار الأغطية والملابس، رغم كونها قديمة ومستخدمة، بهذا الغلاء الفاحش في سوق العطار بمواصي خان يونس. ذهب العمصي إلى السوق ليشتري ما يقي أسرته من برد الشتاء المقبل، خاصة مع تفاقم معاناتهم في الخيام التي بالكاد تحميهم من برد تشرين الثاني القارس.
رحلة البحث عن الدفء في خيام النازحين
مع حلول الشتاء، بدأ النازحون في مواصي خان يونس رحلة شاقة للبحث عن ملابس وأغطية تقيهم البرد، خصوصًا بعد معاناتهم مع حرارة الصيف السابقة. العمصي، الذي يعيل ستة أفراد، يقف في السوق متفقدًا بعض الأغطية القديمة، متسائلاً: "كيف يمكن أن تكون أسعار المستعمل الآن أعلى من أسعار الجديد قبل الحرب؟"
ويستذكر: "عندما نزحنا من الشمال إلى رفح، ثم إلى خان يونس، استطعنا بالكاد تدبر بعض ملابس البالة، والآن الشتاء يعود ونحن لا نملك شيئًا. استلمنا أغطية شتاء العام الماضي، واستخدمناها لترقيع الخيمة، بينما تركنا بعضها لأطفالنا."
أسواق شحيحة وأسعار قياسية
تقتصر أسواق خان يونس على ملابس وأغطية مستخدمة، يعرضها بعض المواطنين بغرض تحقيق دخل إضافي. ومع ذلك، فإن الأسعار مرتفعة، مما يزيد من معاناة النازحين الذين يبحثون عن خيارات بديلة، مثل محمد أبو دقة، الذي أشار إلى اضطراره لشراء أغطية مستخدمة بأسعار مرتفعة خوفًا من عدم توفرها لاحقًا. وأكد: "المساعدات الخيرية بطيئة ولا تصل في الوقت المناسب."
البحث تحت الركام وسد الحاجة بالأقارب
في ظل العجز عن شراء المستلزمات، يلجأ بعض النازحين إلى استخراج ما يمكن استخدامه من تحت أنقاض منازلهم. عمر أبو شاب، أحد النازحين، قال: "نكسّر الركام لإخراج ما يمكن ارتداؤه أو استخدامه من ملابس وأغطية." أما النازحون الذين فقدوا كل شيء، فيعتمدون على دعم أقاربهم الميسورين، مثل الأم خديجة الفقعاوي التي عبرت عن امتنانها لشقيقتها على تقديم الملابس والأغطية التي تحتاجها عائلتها.
مجاعة ونداءات استغاثة دولية
تزامنًا مع معاناة النازحين، حذرت منظمات دولية من خطر إعلان المجاعة رسميًا في غزة، مع استمرار الحصار العسكري المفروض منذ 5 تشرين الأول الماضي، والذي منع دخول الإمدادات الأساسية من غذاء وماء وأدوية.
في ظل هذه الظروف، يعيش النازحون صراعًا يوميًا لتأمين الحد الأدنى من الدفء في مواجهة شتاء قاسٍ يزيد من معاناتهم التي بدأت مع الحرب ولم تنتهِ بعد.