في قلب شمال قطاع غزة المنكوب، يقف مستشفى كمال عدوان شاهداً مأساوياً على كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم. المرضى والجرحى يئنّون تحت وطأة الألم دون أدنى رعاية طبية، وسط انعدام الأدوية والإمدادات الأساسية، نتيجة حصار إسرائيلي خانق وحرب مستمرة منذ 5 تشرين الأول الماضي.
غياب الأطباء والأدوية: معاناة بلا حدود
يحكي أحد المرضى، وهو في الثلاثينيات من عمره، عن معاناته قائلاً: "أحتاج إلى تركيب أسياخ بلاتين في قدمي المصابة، لكنها غير متوفرة هنا. حتى وصولي إلى المستشفى كان بعربة يجرها حمار، فلا سيارات إسعاف تعمل في المنطقة."
وأضاف بصوت متعب: "الأطباء غائبون، والأدوية المسكنة التي قد تخفف آلامنا غير موجودة. نحن نعيش على المحلول الملحي فقط."
نظام صحي على وشك الانهيار
وفقاً لشهادات مواطنين داخل المستشفى، فإن أقصى ما يمكن تقديمه للمرضى والمصابين هو "المحلول الغذائي". بينما تعاني المستشفيات الرئيسة الثلاثة في المنطقة - كمال عدوان، الإندونيسي، والعودة - من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مع وجود طبيب أو اثنين فقط يحاولون التعامل مع كارثة تفوق الإمكانات.
مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية، وصف الوضع بأنه "يتفاقم سوءًا كل يوم". وأكد أن المنظومة الصحية في شمال القطاع باتت "منكوبة بالكامل"، حيث ترفض إسرائيل بشكل ممنهج السماح بدخول الوفود الطبية والإمدادات الأساسية، مما يؤدي إلى تدهور كارثي في الخدمات الصحية.
نداءات استغاثة تحت الركام بلا استجابة
يروي أبو صفية مشاهد تقشعر لها الأبدان، حيث تصل نداءات استغاثة من نساء وأطفال مدفونين تحت الركام نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر، دون أن يكون هناك أي قدرة على إنقاذهم. ويقول: "في اليوم التالي، تتوقف أصوات الاستغاثة، ونعلم أن من كان تحت الأنقاض قد استشهد. لقد تحولت منازلهم إلى قبور لهم."
شبح المجاعة والحصار المطبق
لا تتوقف المعاناة عند الجانب الصحي، إذ يخيّم شبح المجاعة على شمال قطاع غزة، حيث يمنع الحصار العسكري الإسرائيلي دخول أي إمدادات من الغذاء أو الماء أو الأدوية. وبحسب تقارير دولية، يهدف هذا الحصار إلى إجبار السكان على الهجرة القسرية تحت وطأة الجوع والقصف.
أصوات تطالب بكسر الحصار
وجهت إدارة مستشفى كمال عدوان، إلى جانب مسؤولين فلسطينيين، نداءات متكررة للمنظمات الدولية والإنسانية لإنقاذ المرضى والجرحى، لكن دون استجابة. ويؤكد الدكتور أبو صفية: "ما يحدث هنا مؤلم وكارثي. العالم يسمع نداءاتنا لكنه يظل صامتًا. نحن بحاجة ماسة إلى كسر الحصار وإدخال الوقود، الأدوية، والمساعدات الطبية."
مأساة إنسانية بانتظار التحرك
المرضى والجرحى في شمال غزة يُتركون لمصيرهم المجهول، حيث تتحول المستشفيات إلى أماكن للعجز بدلاً من العلاج. وبينما تتفاقم الأزمة، يظل السؤال قائماً: متى سيتحرك العالم لإنقاذ أرواح تُزهق يومياً بلا ذنب؟