في جنوب قطاع غزة، تجسد معاناة فداء أبو طعيمة، الأم لثمانية أطفال، واقعًا قاسيًا لآلاف الأسر النازحة التي تعيش ظروفًا مأساوية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر. لم تتمكن أبو طعيمة من إطعام أطفالها منذ خمسة أيام، حيث ارتفع سعر ربطة الخبز إلى 60 شيقلًا، وهو مبلغ خيالي بالنسبة لها، خاصة في ظل انقطاع المساعدات الغذائية منذ أشهر.
"جوع ومعاناة بلا نهاية"
تقول أبو طعيمة، وهي تبكي: "كيف لي أن أشتري خبزًا بهذا السعر وأنا لا أملك شيئًا؟ كنا نعتمد على مساعدات الأونروا، لكنها توقفت منذ خمسة أشهر، واليوم لا نجد حتى فتات الخبز."
ومع تفاقم الأزمة، تشير تقارير محلية إلى أن ندرة الدقيق في الأسواق واحتكار بعض التجار تسببت في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الأساسية. كما يزدحم النازحون أمام "تكايا الطعام"، أملاً في الحصول على وجبة ساخنة بعد ساعات من الانتظار، وغالبًا ما يعود الكثيرون دون طعام بسبب نفاد الكميات.
"الخبز بأرقام خيالية"
إياد أبو صيام، صاحب أحد المخابز المتوقفة عن العمل، يؤكد أن ندرة الدقيق وارتفاع الأسعار أدى إلى إغلاق عشرات المخابز في القطاع، مشيرًا إلى أن سعر كيس الدقيق زنة 25 كغم تجاوز 500 شيقل. وأضاف: "الاحتلال مسؤول عن هذه الكارثة، فهو يمنع دخول الدقيق والمواد الأساسية، مما يزيد معاناة السكان."
"الحصار يغذي المجاعة"
وفق تقارير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يعاني القطاع من سياسة تجويع ممنهجة، حيث أدى الحصار الإسرائيلي إلى تدمير الاقتصاد ومنع وصول الإمدادات الغذائية والطبية. وقال عبد الحليم أبو سمرة، مدير وحدة التدريب في المركز: "الاحتلال انتقل من قتل الإنسان بالقذائف إلى قتله جوعًا وحرمانًا، وهذه جريمة إبادة بحق سكان غزة."
"دعوات لإنقاذ أرواح الأبرياء"
ناشد غسان شراب، أحد النازحين، المنظمات الدولية لتحمل مسؤولياتها تجاه الأزمة الإنسانية في غزة. وقال: "نقف في طوابير طويلة للحصول على وجبة بسيطة، ولا نجد سوى الجوع والبرد. أطفالنا يموتون جوعًا أمام أعيننا."
"ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية الكارثية"
يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى ارتفاع أسعار السلع بنسبة 359% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة الحصار ومنع دخول المساعدات. وتشمل قائمة الأسعار الجنونية كيلو البصل بـ96 شيقلًا، والدجاج بـ86 شيقلًا، وإسطوانة الغاز بـ680 شيقلًا، مما جعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة.
"كارثة إنسانية مستمرة"
منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، استشهد أكثر من 44 ألف فلسطيني وأصيب 104 آلاف آخرين، بينما لا تزال آلاف الجثث تحت الأنقاض. الحصار المشدد يمنع وصول المساعدات الإنسانية، مما يهدد حياة أكثر من مليون نازح في القطاع، ويعزز مخاوف من مجاعة شاملة.
في ظل هذه الكارثة الإنسانية، تتزايد الدعوات للمجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بدخول المساعدات، ووقف الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ومع ذلك، يبقى السكان في غزة ينتظرون حلاً ينهي معاناتهم المستمرة في مواجهة الجوع والدمار.